حديث عن كبار السن

حديث عن كبار السن

مكانة كبار السن في الإسلام

مرحلة الشيخوخة هي إحدى مراحل العمر التي لا بدّ من أن يمرّ بها كلّ إنسان على وجه الأرض، ولا يخلو مجتمع من المجتمعات من فئة المسنين، وهي سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه، فلا بد من أن يأتي الجيل بعد الجيل، فمنهم من يقدم في حياته التضحيات ويتعرض لأحوال الفقر والحاجة، ومنهم من يفتتن بالغنى والثراء، ومنهم من يمرض ويصبح عاجزًا، وعليه ليس من الوفاء للأجيال التي تليهم أن يتركوهم أو يهملوهم دون العناية بهم وإعطائهم حقهم في ذلك، لا سيما أن الأمر نفسه سينطبق على هذه الأجيال لاحقًا، فالأمر ليس مجاملة لهم بقدر ما هو واجب شرعي لما جاء به ديننا الحنيف وأمر به لحفظ مكانتهم، فالإسلام قدرهم ودعا لإكرامهم وحمايتهم؛ ففي الأنظمة الحديثة المهتمة في رعاية المسنين توجد العديد من الأساليب والطرق لحمايتهم ورعايتهم بلا شك، ولكن الدين الإسلام قد سبقها في ذلك منذ أكثر من 1440 عامًا، إذ يحظى المسنون فيه بالتقدير والاحترام والرعاية، فكبار السن في المجتمعات الإسلامية سعداء، في حين نجدهم في المجتمعات الأخرى تعساء ويعيشون في وحدة قاتله رغم رعايتهم وحمايتهم، إلا أن الأمر في الإسلام وتعاليمه يختلف في جوهره وأسلوبه [١].


الأحاديث الواردة في السنة النبوية الشريفة عن كبار السن

كان الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- السباق في هذا الأمر؛ إذ إن غاية الإسلام في هذا الأمر آتية من مبدأ سامي لا يميز بين هذه الفئة من الناس لاعتبارات الجنس أو اللون أو الدين، فالأمر لا يقتصر على فئة محددة دون الأخرى، وفيما يأتي الأحاديث التي تناولت كبار السن وقدرهم في المجتمع نوردها كالآتي [٢][٣]:

  • روى أنس بن مالك في حديث حسن عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: [ما أكرمَ شابٌّ شيخًا لِسِنِّه،ِ إلا قَيَّضَ اللهُ منْ يُكْرِمُهُ عندَ سِنِّهِ]،[٤]، وفي الحديث مناشدة للشباب لرعاية المسنين وإكرامهم.
  • روى أبو موسى الأشعري عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: [إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ، وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ ولا الجافي عنهُ، وإِكْرامَ ذي السُّلطانِ المُقسطِ]،[٥]، وفي الحديث بيان إلى أن إكرام المسنين من إكرام الله.
  • روى عبد الله بن عباس وأنس بن مالك عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:[ليس منا من لم يرحمْ صغيرَنا، ويُوَقِّرْ كبيرَنا]،[٦]، وفي الحديث دلالة على أن من لا يوقر الكبير لا يعد من المسلمين.
  • روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- أنه قال: [يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ علَى الكَبِيرِ، والمارُّ علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ]،[٧]، وفي الحديث إشارة لتوقير الكبير واحترام المسن.
  • روى عبد الله بن عمر عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:[ إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ ورَقُها، وإنَّها مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي ما هي؟ فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَوادِي. قالَ عبدُ اللهِ: ووَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قالوا: حَدِّثْنا ما هي؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ فقالَ: هي النَّخْلَةُ. قالَ: فَذَكَرْتُ ذلكَ لِعُمَرَ، قالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هي النَّخْلَةُ، أحَبُّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا]،[٨] فالحديث فيه من المعاني الكثيرة كتوقير الكبير واحترامه.
  • روى عبد الله بن يسر عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: [أنَّ أعرابيًّا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ مَن خيرُ النَّاسِ؟ قالَ: مَن طالَ عمرُهُ، وحَسُنَ عملُهُ][٩]، إذ إن في الحديث مكانة لخيرَ الناس الذي يطول عمره، ويحسُن عمله.


مراتب حقوق كبار السن ومظاهرها

قال بعض العلماء في مسألة حقوق كبار السن، إذ إن للدكتور عبد الرزاق البدر مقولة رائعة تفيد بمراتب الحقوق الواجبة لكبار السن؛ نصها: "ثم إن هذا الحق يعظم ويكبر من جهة ما احتف به؛ فإذا كان قريبًا فله حق القرابة مع حق كبر السن، وإذا كان جارًا، فإضافة إلى حقه في كبر سنه فله حق الجوار، وإذا كان مسلمًا، فله مع حق كبر السن حق الإسلام، وإذا كان الكبير أبًا أو جدًّا فالحق أعظم، بل إذا كان المسن غير مسلم فله حق كبر السن؛ إذ إن الشريعة جاءت بحفظ حق الكبير، حتى مع غير المسلمين، فلربما تكون رعايتك لحقه سببًا لدخوله في هذا الدِّين في مراحل حياته الأخيرة"، كما أن من مظاهر رعاية كبار السن؛ رعاية الوالدين، وفي حديث صحيح رواه أنس بن مالك: [جاء أبو بكرٍ بأبي قُحافةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ فتحِ مكَّةَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي بكرٍ: ( لو أقرَرْتَ الشَّيخَ في بيتِه لَأتَيْناه ) تكرِمةً لأبي بكرٍ قال: فأسلَم ورأسُه ولحيتُه كالثَّغامةِ بيضاءَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( غيِّروهما وجنِّبوه السَّوادَ )][١٠][٣].


رحمة الله في كبار السن

جاءت الأحكام الشرعية وبينت مبدأ التخفيف عن صاحب الحرج، ومنهم المسن، فخفف عنهم في الكفارات والفروض؛ إذ ورد في القرآن الكريم قصة خولة بنت ثعلبة وزوجها الشيخ المسن في سورة المجادلة، إذ وقع زوجها في جريمة الظهار، فنزلت الآيات للتخفيف وفرض الكفارات، إذ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[١١]، كما أتى التخفيف لكبار السن في الفرائض، إذ رخص لهم الإفطار في رمضان، والصلاة جالسًا أو راقدًا، وقد عنف الرسول -عليه الصلاة والسلام- معاذ بن جبل لما أطال في الصلاة فقال: [يا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ -أَوْ أَفَاتِنٌ- ثَلَاثَ مِرَارٍ: فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، والشَّمْسِ وضُحَاهَا، واللَّيْلِ إذَا يَغْشَى، فإنَّه يُصَلِّي ورَاءَكَ الكَبِيرُ والضَّعِيفُ وذُو الحَاجَةِ][١٢]، وفي الحج رخص لهم إرسال من يحج عنهم، ففي الحديث الذي رواه الفضل بن عباس بن عبد المطلب: [أنَّ امْرَأَةً مِن خَثْعَمَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبِي شيخٌ كَبِيرٌ، عليه فَرِيضَةُ اللهِ في الحَجِّ، وَهو لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ علَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَحُجِّي عنْه][١٣][١٤].


المراجع

  1. محمد حامد الناصر (8-11-2007)، "مكانة المسنين في الإسلام"، midad، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019.
  2. محمد مسعد ياقوت، "رحمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمسنين"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019.
  3. ^ أ ب رفيع الدين حنيف القاسمي (6-2-2017)، "حقوق كبار السن في الإسلام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019.
  4. رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 7812 ، حسن.
  5. رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 1/89، لا ينزل عن درجة الحسن وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما.
  6. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك وعبدالله بن عمرو بن العاص وابن عباس، الصفحة أو الرقم: 5445 ، صحيح .
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6234 ، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2811 ، صحيح.
  9. رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن بسر، الصفحة أو الرقم: 2329 ، صحيح .
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5472 ، أخرجه في صحيحه.
  11. سورة المجادلة ، آية: 3-4.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 705 ، أورده في صحيحه.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن الفضل بن العباس بن عبدالمطلب، الصفحة أو الرقم: 1335 ، صحيح.
  14. محمد مسعد ياقوت، "رحمة الرسول بالمسنين"، archive، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019.

فيديو ذو صلة :