محتويات
هل تشمل رحمة الله تعالى الكافر؟
إنّ رحمة الله المختصّة بالدّنيا هي رحمة عامّة شاملةٌ لجميع المخلوقات ومن ذلك الكفّار؛ فلا يوجد مخلوق في الدّنيا إلا وقد بلغته رحمة الله تعالى وغمره الله بفضله وإحسانه، وأمّا رحمة الله الخاصّة لا تكون إلّا للمؤمنين، إذ يوفقهم الله إلى الهداية ويرزقهم سعادة الدنيا الآخرة بدخولهم الجنة، فالكفّار لا تعمُّهم رحمة الله في الآخرة ولن يدخلوا الجنة إن أصرّوا على كفرهم، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: 156][١].
أحاديث عن رحمة الله
أحاديث عن عظمة رحمة الله
ورد في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تُبيّن عظمة رحمة الله، وفيما يأتي بعضها[٢]:
- روى عمر بن الخطاب قال: أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- كان في بعضِ مغازيهِ فبينما هم يسيرونَ إذ أخذوا فرخَ طائرٍ فأقبلَ أحدُ أبويهِ حتَّى سقطَ في أيدي الذين أخذوا الفرخَ فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلّم-: (ألا تَعجبونَ إلى هذا الطائرِ أُخِذَ فرخُهُ فأقبل حتَّى سقطَ في أيديهم فواللهِ للهُ أرحمُ بخلقِهِ من هذا الطيرِ بفَرخِهِ) [المصدر: شرح ثلاثيات المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
- وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّه قال: قُدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَبي، فإذا امرأة من السَّبي تَبتغي، إذا وجدَت صبيًّا في السَّبي أخذَته فألصقَته ببطنها وأرضعَته، فقال لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه المرأة طارحَةً ولدَها في النَّار؟)، قلنا: لا والله وهي تقدِر على أن لا تطرَحَه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (للهُ أَرحم بعباده من هذه بولدها)[المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ لله مائة رحمة، أنزل منها رَحمةً واحدة بين الجنِّ والإنس والبهائم والهوام، فبِها يتعاطفون، وبها يتراحَمون، وبها تعطف الوحشُ على ولدها، وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمة يَرحم بها عبادَه يوم القيامة)[المصدر: صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لمَّا قضى الله الخلقَ كتب كتابًا، فهو عنده فوق عرشه: إنَّ رحمتي سبقَت غضبي)[المصدر: مختصر العلو| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
أحاديث عن مغفرة الله للمذنبين
وفيما يأتي بعضًا من الأحاديث التي تُبين مغفرة الله للمذنبين[٢]:
- ومن رحمته جلَّ وعلا بعباده يوم القيامة ما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: (إنَّ الله يُدني المُؤمن فيضعُ عليه كنفه ويستُرُه، فيقولُ: أتعرفُ ذنبَ كذا؟ أتعرفُ ذنب كذا؟ فيقولُ: نعم أي رب، حتى إذا قرَّره بذُنُوبه ورأى في نفسه أنَّه هلك، قال: سترتُها عليك في الدُّنيا، وأنا أغفرُها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأمَّا الكافرُ والمُنافقُون، فيقولُ الأشهادُ: هؤلاء الذين كذَبوا على ربِّهم، ألَا لعنةُ الله على الظَّالمين)[المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- وعن أبو طويل شطب الممدود قال: أنَّه أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أرأيتَ من عمِل الذُّنوبَ كلَّها، ولم يترُكْ منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترُكْ حاجةً ولا داجةً إلَّا أتاها، فهل لذلك من توبةٍ؟ قال: (فهل أسلمتَ ؟) قال: أمَّا أنا فأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّك رسولُ اللهِ. قال: (تفعلُ الخيراتِ، وتتركُ السَّيِّئاتِ، فيجعلُهنَّ اللهُ لك خيراتٍ كلَّهنَّ). قال: وغدَراتي وفجَراتي ؟ قال: (نعم). قال: اللهُ أكبرُ، فما زال يُكبِّرُ حتَّى تَوارَى. [المصدر: الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد قوي].
- وعند مسلم عن جندب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث أنَّ رجلاً قال: (والله لا يَغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ ألاَّ أغفر لفلان؟ فإنِّي قد غفرتُ لفلان وأحبطتُ عملَك)[المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
أحاديث رحمة الله في ستر الذنوب وغفرانها
ومن رحمة الله ستر الذّنوب في الدنيا وغفرانها في الآخرة، وفيما يأتي بعض الأحاديث التي تُبين هذه الرحمة[٣]:
- عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)[المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (كل بني آدم خطاء وخير الخطَّائين التوَّابون)[المصدر: الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن أبي هريرة: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (يقول الله - عز وجل -: أنا عِندَ ظن عبدي بي، وأنا معه حينَ يَذكُرُني، فإنْ ذكَرَني في نَفْسِه ذَكَرتُه في نَفْسي، وإنْ ذكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُه في مَلأٍ خَيرٍ منهم، وإنِ اقتَرَبَ إليَّ شِبرًا اقتَرَبتُ إليه ذِراعًا، وإنِ اقتَرَبَ إليَّ ذِراعًا اقتَرَبتُ إليه باعًا، وإنْ أتاني يَمشي أتَيتُه هَروَلةً) [المصدر: العلو| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (توبوا إلى اللهِ فإني أتوبُ إليه في كلِّ يومٍ مائةَ مرة) [المصدر: النوافح العطرة| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
قصص عن رحمة الله بخلقه
- قصة رجلًا كاد يقتله العطش فنزل بئرًا فشرب منه، فلما خرج وجد كلبًا كان يلهث من العطش فسقاه، فرحمه الله برحمته للكلب وغفر له، وذلك ما روي عَنْ أبي هريرة أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ اشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَوَجَدَ بئْرًا، فَنَزَلَ فيها فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ الرَّجُلُ لقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ ماءً، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ حتَّى رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وإنَّ لنا في هذِه البَهائِمِ لأَجْرًا؟ فقالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٤].
- وقصّة المرأة التي لم تجد غير تمرة واحدة، فرحمت طفلتيها وشقت التمرة بينهما ولم تأكل منها، كما في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخلت عليّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا فأخبرته فقال: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار)[المصدر: صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٥].
سبل تحقيق رحمة الله تعالى
عليكِ السعي والاجتهاد لنيل رحمة الله تعالى، إذ لا سعادة ولا فلاح في الدنيا والآخرة إلّا بنيل رحمته، ومن الأسباب التي توصلكِ لرحمة الله؛ الرأفة بغيركِ من المخلوقات فالجزاء من جنس العمل، وعليكِ طاعة الله ورسوله واتباع كتابه والعمل به، واستغفاره عن كل ذنوبكِ بترك كل ما نهاكِ الله عنه، والإحسان في كل شيء في حياتكِ، قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56]، بالإضافة إلى دعاء الله باسمه الرحمن الرحيم للفوز برحمته تعالى[٥].
المراجع
- ↑ "رحمة الله العامة تشمل الكافر بخلاف رحمته الخاصة"، إسلام ويب، 2013-12-05، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ أحمد أبو عيد (2015-11-04)، "سعة رحمة الله بعباده"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ↑ ماجد شاهين، "سعة رحمة الله تعالى بعبادة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ↑ " من حديث بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشربَ"، الإسلام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد بن عبدالله الشايع (2014-06-02)، "أسباب نيل رحمة الله"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.