علاج سوء الظن بالله

علاج سوء الظن بالله

كيف يمكن علاج سوء الظن بالله؟

لا شكَّ أنَّ من أكبر أسباب سوء الظن بالله عز وجل هو عدم المعرفة الصحيحة لعلم الشريعة الإسلاميَّة، فالجهل بالعلم الصحيح للشريعة يقود الإنسان إلى سوء الظن بالله وعدم الرضا بالقضاء والقدر، ولذلك لا بُدَّ للمسلم أن يتعلَّم علم الشريعة الصحيح الذي يُعينه على حسن الظن بالله، وكذلك لا بُدَّ أن يُدرك أنَّه ما من إنسان خلقه الله إلا ويعاني من الابتلاءات والهموم، وأنَّ الدنيا جُبلت على الكدر.


وليعلم المسلم أنَّ المصائب والابتلاءات التي تصيب المسلمين الصابرين المحتسبين تختلف عن التي تصيب الكافرين أو المسلمين الجازعين القانطين من رحمة الله، فالذي يصبر ويحتسب ويرضى بقدر الله؛ يرضى الله عنه ويكتب له الأجر، وأمَّا الذي يسخط ويجزع فلا أجر له، وكلَّما كانت الهموم والابتلاءات للمسلم كثيرة كانت محبة الله له كبيرة، لذلك فإن الأنبياء -عليهم السلام- هم أكثر النَّاس بلاءً، وحتى يتحقق إيمان النَّاس لا بُدَّ من الابتلاءات والفتن، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.[١]


وإذا كان المسلم يدعو أثناء مصيبته دون أن يجد استجابة لدعائه؛ فإنَّ الله عز وجل جعل للدعاء ثلاث حالات؛ فإمَّا أن يُستجاب الدعاء بعينه في الدنيا، وإمَّا أن يُخبِّئه الله للمسلم يوم القيامة، وإمَّا أن يصرف عنه بالدعاء شر وبلاء، وإنَّ السعادة الحقيقيَّة تكون بالإيمان والتسليم لما جرت به المقادير، فإذا أصابت المؤمن سرَّاء شكر، وإن أصابته ضرَّاء صبر، ولذلك على المؤمن أن يثق بالله أنَّه لن يخذله، لأنَّه سبحانه لطيف بعباده ويختار لهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.[٢]


علامات سوء الظن بالله والفرق بينه وبين الوسوسة

إنَّ لسوء الظن بالله علامات وإشارات تظهر على العبد وبها يُعرف أنَّه مسيء الظن بربِّه، ومن هذه العلامات: استبعاد العبد أن ينصر الله عباده المؤمنين، وتوقّعه الهزيمة دائما في شؤون حياتهم، واليأس والقنوط من رحمة الله تعالى،[٣] وفقد الثّقة به، وعدم التسليم لحكمه وقضائه،[٤] وأمَّا الفرق بين سوء الظن وبين الوسوسة والخاطر فإنَّ سوء الظن هو اعتقاد القلب وميله نحو الشيء السيء، والوسوسة هي حديث النفس وشكوكه، والإنسان معفو عنه في الشك والوسوسة وأمَّا سوء الظن فهو حرام.[٥]


هل سوء الظن بالله كفر؟

إنَّ سوء الظن إذا كان بالله عز وجل وبالرسول عليه الصلاة والسلام وبالعلماء الربَّانيين فإنَّه يُعدُّ من أعظم الكبائر، فعن ابن مسعود رضي الله عنه: (الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، والأمن من مكر الله)،[٦] ويلحق به سوء الظن برسول الله عليه الصلاة والسلام وبالصحابة الكرام والعلماء المخلصين، وأمَّا سوء الظن بعامة الناس فإنَّه محرَّم، ومن يفعله آثم، لأنَّ قلوب العباد بيد الله ولا يعلم ما فيها إلا الله.[٥]


وقال سبحانه وتعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}،[٧] فلا يجوز سوء الظن بالمسلمين، ولا يجوز اتهام نواياهم ومقاصدهم، فالله وحده المُطَّلع عليهم، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والظنَّ؛ فإن الظنَّ أكذبُ الحديث، ولا تجسَّسوا ولا تحسَّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا).[٨][٥]


كيف يمكن تقوية اليقين بالله تعالى؟

حتى يقوِّي المؤمن يقينه بالله لا بُدَّ له من الاستعانة بعدَّة أمور، ومنها ما يأتي:[٩]

  • الإكثار من التفكر في خلق الله عز وجل.
  • قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته الكريمة.
  • التعرف على سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
  • معرفة أحوال الصالحين ومجالستهم، وقراءة قصص الأنبياء.
  • قراءة الكتب التي تهتم بالعلم الكوني.
  • ترك الجلوس مع الذين يشكّكون في وجود الله.
  • الإكثارمن الدعاء.


خلاصة المقال: سوء الظنّ بالله من أعظم الكبائر، ويُعرف بعدّة علامات أهمّها: فقد الثقة بالله ورحمته، وعدم التسليم لقضائه وقدره، وعلى الإنسان أن يستعين بالأسباب التي تقوّي اليقين عنده بالله -تعالى-، كالدعاء، وتدبر القرآن، والتفكّر في عظمة الله ورحمته وقدرته، والتعرّف عليه، إلى غير ذلك من الأسباب.



المراجع

  1. سورة العنكبوت، آية:2
  2. د. أحمد المحمدي (19/5/2011)، "أعاني من سوء الظن بالله!!"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  3. "علامة سوء الظن والفرق بينه وبين الوسوسة وكيفية التوبة منه"، إسلام ويب، 4/12/2010، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  4. "الترهيب من سوء الظن بالله"، إسلام ويب، 11/4/2012، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت طه بافضل (22/8/2016)، "سوء الظن"، الالوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  6. رواه الطبري، في تفسير الطبري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:8/243.
  7. سورة الحجرات، آية:12
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2563، صحيح.
  9. أنس الغنام (6/5/2019)، "كيف تقوي يقينك بالله عز وجل؟"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :