حديث شريف عن بر الوالدين قصير جدا

حديث شريف عن بر الوالدين قصير جدا

بر الوالدين

تعني كلمة البر الإحسان والخير والعطاء، والبر اسم جامع لجميع معاني الخير، والبَرُّ اسم مِن أسماء الله الحسنى ويعني المُحسن إلى عباده، ويُعرف بر الوالدين بأنه الإحسانُ إلى الوالدين بالقول والفعل؛ تقرُّبًا إلى الله تعالى، إذ إنّ بر الوالدين وصية رب العالمين للإنسان، لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت:8]، وقرن الله بر الوالدين بعبادته في كثير من الآيات كقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36]، وفسّر الإمام ابن كثير ربط الله سبحانه وتعالى عبادته بالإحسان إلى الوالدين؛ بأن الوالدين سبب وجود الإنسان؛ فالوالد بالإنفاق والوالدة بالإشفاق، كما أن بر الوالدين من صفات الأنبياء كنبي الله يحيى عليه السلام إذ وصفه الله بالبر في قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا} [مريم:13]، كما حثّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام في الكثير من الأحاديث على البر والإحسان للوالدين، كما سنذكر في هذا المقال لاحقًا[١].


أحاديث شريفة عن بر الوالدين

أولى الإسلام الوالدين اهتمامًا عظيمًا؛ إذ جعل طاعتهما وبرّهما والإحسان إليهما وملاطفتهما وإظهار الحب والاحترام لهما من أفضل العبادات التي يمكن التقرب بها إلى الله تعالى، كما نهى أيضًا عن عقوقهما ولو بكلمة صغيرة مثل أُف، إذ شدّد على الأمر في كثير من المواضع في القرآن والسنة النبوية، ونذكر هنا بعض الأحاديث الصحيحة التي تُوجب بر الوالدين وتحثّ عليه، ومنها[٢][٣]:

  • عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي.) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا.) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ.) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هو فيها كاذِبٌ.) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ.) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


صور بر الوالدين

تُوجد العديد من الأمور والأفعال التي يُمكن للمسلم تحقيق بر الوالدين بها في حياتهما وبعد مماتهما، إذ إنّ بر الوالدين من سُبل الفلاح في الدنيا والآخرة، ونذكر هنا صورًا عديدة لبر الوالدين والإحسان لهما، ومنها[٤][٢]:

  • التحدث إليهما بخضوع واحترام وتذلل، فمهما علت مكانة الإنسان العلمية والمجتمعية، فإنه لا يعلو على والديه، فلولاهما لما كان له وجود، ولولا تعبهما وسهرهما على راحته وتوفير ما يحتاجه لما وصل إلى ما هو عليه من علم وثقافة ومركز اجتماعي ومادي، لقوله تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا} [الإسراء:23-24].
  • الكلام الجميل طوال الوقت معهما، فالوالدان عندما يكبران يحبان أن يسمعا من حين لآخر كلمات الشكر من الأبناء، ليشعرا أنهما أديّا رسالتهما وواجبهما على أكمل وجه.
  • الدعم المالي لهما، فلا يجوز أن يبخل الشخص على والديه بالمال أو أن يتركهما محتاجَيْن، بل يجب أن يقدم لهما كل ما في وسعه دون أن يضطرا لطلب ذلك، وعدم التمنن عليهما بذلك.
  • التأدّب مع الناس وعدم سبّهم فمن سبّ الناس سبّوه، فعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [مِنَ الكَبائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ والِدَيْهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ] [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • الحافظ على سمعة الوالدين وشرفهما ومالهما وعدم أخذ شيئًا منهما دون إذن.
  • التودد لهما وتقبيل رأسهما وأيديهما من حين لآخر، وتعليم ذلك للأولاد وتبيين مكانة الأجداد وأهميتهما في الأسرة.
  • الاستئذان قبل الدخول عليهما؛ إذ يُمكن أن يُكونا في وضع لا يرغبان بأن يطلع عليه أحد.
  • السرعة في الإجابة على ندائهما، وعدم تأجيله في حال سماعه أبدًا بغض النظر أكان الشخص مشغولًا أم لا.
  • الإصلاح بين الوالدين في حال اختلافهما؛ إذ يُمكن ذلك بتقريب وجهات النظر بينهما وتبيين نية كل منهما.
  • عدم إزعاجهما في حال نومهما بإصدار أي نوع من أنواع الضجة والفوضى.
  • عدم التجادل أو المشجارة أمامهما وعدم جلب المشكلات لهما سواء أكانت مشاكل بيتية أو زوجيّة.
  • إكرام الوالدين وتأدية حقوقهما، وتقديم حقّ الأم على الأب، إذ إنّ الجنة تحت أقدام الأمهات.
  • القيام على خدمة ضيوفهما، ومراقبة نظراتهما في حال احتاجا لشيء ما.
  • عدم تقديم طاعة الزوجة والأبناء على طاعة الوالدين وبرهما.
  • مشاورتهما وطلب النصيحة منهما وتقديم رأيهما في جميع الأمور الحياتية.
  • عدم الجلوس في مكان أعلى من مكان جلوسهما، وعدم المشي أمامهما.
  • الإكثار من زيارتهما، أو الاتصال بهما في حال الانشغال عنهما وعدم القدرة على الزيارة، والإكثار من تقديم الهدايا لهما.
  • إكرامهما في الطعام والشراب واللباس، وعدم تناول الطعام قبلهما.


بر الوالدين بعد وفاتهما

نظرًا إلى أنّ برّ الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لم يقتصرها الإسلام على حياتهما فقط، بل إن البر يستمر حتى بعد موتهما، فمن الممكن أن يبرّ المرء والديه بالدعاء لهما، والاستغفار عنهما، وقضاء دينهما، وبرّ أصدقائهما والإحسان إلى أقربائهما، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تُرفعُ للميِّتِ بعد موتهِ درجتُهُ فيقولُ أي ربِّ أيُّ شيءٍ هذه فيقالُ لولدِكَ استغفَرَ لك) [المصدر: صحيح الأدب المفرد| خلاصة حكم المحدث: حسن الإسناد]، كما قال أيضًا: ( إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما توجد العديد من العبادات التي يمكن للمرء أن يصل بها والديه بعد موتهما، هذا والله اعلم.[٥]


بعض مظاهر عقوق الوالدين

رغم الحق العظيم والفضل الكبير الذي يُدينه الأبناء لآبائهم إلا أن بعض الأبناء يضيعون هذا الحق وينسون الفضل، وفيما يلي سنذكر بعض مظاهر العقوق من الأبناء تجاه الوالدين[٦]:

  • إهمال زيارتهما أو السؤال عنهما وعدم الاطمئنان عليهما.
  • التسبب في شتم الوالدين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِن أكْبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ والِدَيْهِ قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • النظر لأحدهما نظرة ازدراء أو حقد في حالة الغضب، أو عدم النهوض من المجلس عند دخول الوالدين إلى المكان، أو التكبر عن تقبيل يديهما.
  • التخلي عنهما والبراءة منهما.
  • تفضيل الزوجة على الأم والأب، ويزداد الأمر سوءًا إذا كانت الزوجة أنانية تحاول بشتى الطرق إبعاد الابن عن والديه، أو تمنعه من استقبالهما في المنزل.
  • قول أو فعل ما يُدخل على قلبهما الحزن أو يتسبب في بكائهما، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يبايعه فقال: (جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال جِئتُ أُبَايِعُك علَى الهِجرةِ وتركتُ أبويَّ يبكِيانِ فقال: ارجِع إليهِما فأضْحِكْهُما كما أبكيْتَهُما) [صحيح الترغيب| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • إدخال المنكرات أو فعلها أمام أعينهم مثل: شتم الإله أو شرب الخمر أو مشاهدة الأفلام الخليعة المنافية للأدب والأخلاق في حضورهم.


فضائل بر الوالدين

يُقصد ببر الوالدين الإحسان لهما بالأقوال والأفعال حبًا وتقربا من الله عز وجل، وفيما يلي سنعدد أبرز فضائل بر الوالدين[٧][٨]:

  • بر الوالدين سبب في استجابة الدعاء.
  • بر الوالدين سبب في حصول بركة العمر وسعة الرزق.
  • بر الوالدين من صفات الأنبياء.
  • بر الوالدين وصية رب العالمين، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [سورة النساء: 36].
  • بر الوالدين سبب من أسباب مغفرة الذنوب.
  • بر الوالدين سبب في حصول الابن البار بوالديه على بر أبنائه جزاء بره بوالديه، فالجزاء من جنس العمل.


ما يعينكِ على بر الوالدين

فيما يلي بعض الأمور التي ستساعدكِ على البر بوالديكِ[٧]:

  • تذكّري فضل والديكِ، فهما من تعبا لأجلكِ وسهرا على راحتكِ وعملا على تأمين جميع احتياجاتكِ.
  • استعيني بالله تعالى، فمن استعان بالله ما خاب، والتزمي بشرعه، وذلك ليعينكِ الله على البر بوالديكِ.
  • اقرئي سير البارين بآبائهم والعاقين لهم، فقراءة سيرة البارين تدفع المسلم على بر والديه، وقراءة سير العاقين ومعرفة ما حصل لهم جزاء عقوقهم تنفر المسلم وتجعله يتجنب العقوق.
  • احرصي على معرفة فضل البر وعاقبة العقوق، فإدراك المرء فضائل البر بالوالدين وعواقب عقوقهما أكبر دافع له لإعانته على البر.


المراجع

  1. الشيخ صلاح نجيب الدق [13-5-2016]، "فضائل بر الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد بن فنخور العبدلي، "بــر الوالدين"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
  3. أ.د. راغب السرجاني [12-5-2010]، "حقوق الوالدين في الإسلام"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
  4. عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله، "بر الوالدين"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
  5. "بر الوالدين بعد وفاتهما"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  6. عبدالله بن راضي المعيدي (1ـ11ـ2005)، "بر الوالدين"، almoslim، اطّلع عليه بتاريخ 16ـ12ـ2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب الشيخ صلاح نجيب الدق (13ـ5ـ2016)، "فضائل بر الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 16ـ12ـ2019. بتصرّف.
  8. محمد شندي الراوي، "أبَواكَ أبَواكَ برَّهُما وأحسن إليهما"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 16ـ12ـ2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :