شرح سورة الكهف باختصار

شرح سورة الكهف باختصار

سورة الكهف

سورة الكهف من السور المكية التي أُنزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة، وتقع سورة الكهف في منتصف القرآن الكريم، وهي السورة الثامنة عشرة في ترتيب المصحف، وقد وردت تسميتها بهذا الاسم في سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسبب تسميتها هو ذكر الكهف الذي أوى له الفتية؛ والكهف شق كبير في الجبل، أما إن كان ضيقًا فيسمى بالغار، وسورة الكهف كباقي السور المكية تحدثت عن أسس العقيدة الإسلامية، كما أن فيها ذكرًا لمظاهر قدرة الله تعالى، وقد وردت عدة أحاديث في فضل هذه السورة الكريمة، ومنها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من حفظ عشرَ آياتٍ من أوَّلِ سورةِ الكهفِ عُصِم من فتنةِ الدَّجَّالِ) [صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والوقاية من الفتن مطلب عظيم يسعى كل مسلم إليه، وفي هذا المقال شرح لهذه السورة العظيمة وذكر لبعض فضائلها[١].


شرح مختصر لسورة الكهف

تحدثت سورة الكهف عن عدة مواضيع مهمة، كما أنها احتوت عددًا من قصص العظة والعبرة، وفيها ذكر لليوم الآخر ولقاء الله تعالى، ومصير المؤمنين والكافرين، وفيما يلي حديث عن بعض موضوعات السورة[٢]:

  • بدأت السورة بحمد الله تعالى وذكر منته على عباده بإنزال القرآن الكريم، كما أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بأنه قيم، ومعنى ذلك أن هذا الكتاب يقيم حدًا فاصلًا بين الحق والباطل، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} [الكهف: 1-2]، كما أن بداية السورة تتلاقى مع موضوعات نهاية السورة في الحديث عن الثواب والعقاب، وتتحدث عن وحدانية الله تعالى، ففي بداية السورة قال تعالى: {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [الكهف: 4]، وفي نهاية السورة قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
  • تحدثت سورة الكهف عن البعث، وهو آية من آيات الله تعالى ويجب الإيمان به، وقد ذكر الله تعالى البعث في آيتين من سورة الكهف، قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} [الكهف: 21]، وقال تعالى في آية أخرى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]، كما جاء ذكر البعث في قصة صاحب الجنتين، قال تعالى: { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف: 36].
  • ذكر الله تعالى في سورة الكهف عداوة الشيطان للإنسان، وحذّر سبحانه من اتباع سبيل الشيطان، كما أن الله تعالى ذكر مصير أولياء الشيطان في الآخرة، قال تعالى: { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: 56].
  • ذكر الله تعالى قصة موسى -عليه السلام والعبد الصالح، وفي الأحداث التي وقعت في القصة بعض الأدلة الكونية على قدرة الله تعالى، ومن آمن بها سيؤمن بأحداث الساعة ويوم القيامة.
  • ذكر الله تعالى قصة ذي القرنين، وهو عبد صالح آتاه الله القوة ومكن له في الأرض، فلجأ له قوم لينجيهم من المفسدين، فصار يبني سدًا عظيمًا جعله الله تعالى رحمة للناس، ويبقى هذا السد إلى ما شاء الله، حتى إذا جاء وعد الآخرة جعله الله دكًا.
  • توعد الله تعالى الكافرين في نهاية السورة، فقال سبحانه: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} [الكهف: 102]، كما أن الله تعالى ذكر حال المؤمنين وثوابهم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: 107-108].


عِبَر من قصة أصحاب الكهف

ذكر الله تعالى في سورة الكهف قصة الفتية الذين آوو إلى الكهف هربًا من المفسدين والظالمين، وفي هذه القصة العجيبة تظهر قدرة الله تعالى ومعجزة من معجزاته، وتوجد عِبَر كثيرة في هذه القصة، منها[٣]:

  • أن من يأوي إلى الله تعالى فإنه يأوي إلى ركن شديد، والله تعالى يدبر أمره، فلما آوى الفتية الصالحون إلى الكهف حتى لا يفتنهم الظالمون عن دينهم؛ أحسن الله إليهم فأنامهم مدة طويلة وحماهم من ظلم قومهم.
  • الرحلة في طلب العلم النافع الذي يُبتغى به وجه الله تعالى، والأدب في طلبه، وإنزال العلماء منازلهم، فمن أشكل عليه أمر عليه أن يسأل فيه من هو أعلم منه.
  • استدل العلماء على جواز الشركة، وجواز التوكيل في البيع والشراء عبر قصة أصحاب الكهف الذين أرسلوا واحدًا منهم ليأتي لهم بالطعام والشراب، قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19]، كما أنه دليل على جواز اختيار الطيبات من الأطعمة.
  • الحرص على الدين والابتعاد عن مواطن الفتن، فهؤلاء الفتية لما خشوا أن يردهم الظالمين عن دينهم؛ آثروا ترك وطنهم على أن يفتنوا في دينهم.
  • عدم الإكثار من الأسئلة في الأشياء التي لا أهمية لها، كما لا يجب أن يسأل من ليس له علم في الشيء المسؤول عنه، ومنه قول الله تعالى: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 22].


فضل قراءة سورة الكهف

ورد في صحيح السنة فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وحكم قراءتها يوم الجمعة مستحب كما ورد ذلك عند الشافعية والحنفية والحنابلة، والسنّة أن تقرأ كاملة، أما قراءة بضع آيات منها فلا يحصل منه الفضل الوارد في الحديث النبوي الشريف، وقد ذكر العلماء أن وقت قراءة سورة الكهف يبدأ من فجر الجمعة إلى غروب الشمس، أما قراءتها في ليلة الجمعة ففي السند ضعف، ويجوز للمسلم قراءتها على أجزاء يعني أن يقرأ بضع آيات في الصباح ثم يكمل ما تبقى في وقت آخر من نهار الجمعة، فيحصل له الأجر بإذن الله وينال الفضل الوارد في الحديث، فلا شرط في قراءتها بجلسة واحدة[٤].


المراجع

  1. "مقاصد سورة الكهف"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  2. "مقاصد سورة الكهف"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  3. "مختصر قصة أهل الكهف"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  4. "فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :