حديث نبوي شريف يدعو الى عدم الاسراف

حديث نبوي شريف يدعو الى عدم الاسراف

الإسراف

الإسراف هي كلمة مأخوذة من الفعل المجرد سَرَفَ الذي يعني مجاوزة الحد في كل الأفعال، وفي الاصطلاح فإن الإسراف يعني تجاوز الحدود الطبيعية في الأمور، وقد أكد رب العالمين على ضرورة تجنّب الإسراف بقوله: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، ويشتمل الإسراف على الكثير من مجالات الحياة البشرية، كإنفاق الأموال وتبديدها بالطرق غير الضرورية، إذ إن هذا التصرّف يحرم مستحقيها من الانتفاع بها، نظرًا إلى أن الدين الإسلامي يعامل المجتمع المسلم على أنه جسدٌ واحد، فالفقير له حقٌ في مال الغني، إذ يقول تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7]، كما أن المال يُعد العصب الرئيسي في قوة الأمة، وتماسكها وتطورها، وحماية كافة أطيافها، بما في ذلك الفقراء والمحتاجين، ولعل الإسراف من الأمور التي تسبب ضعف الأمة، وتخلفها عن ركب الحضارة والتطور، وحرمان التنمية الاقتصادية من عجلة التسارع والتضخم، ولذلك فقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي نهى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراف بمختلف أشكاله، وفي هذا المقال سنذكر بعض تلك الأحاديث.[١]


حديث نبوي عن الإسراف

إن الإسراف من الأمور التي ذمّها الدين الإسلامي الحنيف، وشدد في النهي عنها، وهذا النهي يشمل جميع أنواع الإسراف من مالٍ وطعامٍ ولباسٍ، ولا شكّ في أن الإسراف أيضًا يشمل الذنوب والمعاصي وفي ذلك يقول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام حذّر من الإسراف في العديد من الأحاديث الشريفة، وفيما يأتي ندرج بعضًا منها:[٢][٣]

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلوا وتصدَّقوا، والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيَلةٍ) [المصدر: صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملَأَ آدَميٌّ وِعاءً شرًّا من بطنِهِ، بحسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمنَ صُلبَهُ، فإنْ كان لا محالةَ، فثُلُثٌ لطعامِهِ، وثُلُثٌ لشرابِهِ، وثُلُثٌ لنَفَسِهِ) [المصدر: تخريج رياض الصالحين| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسَةِ أمْدادٍ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( جاءَ أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يسألُهُ عنِ الوُضوءِ؟ فأراهُ الوُضوءَ ثلاثًا، ثمَّ قالَ: هكَذا الوُضوءُ فمَن زادَ علَى هذا فقَد أساءَ وتعدَّى، وظلمَ) [المصدر: صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح].
  • روت خولة بنت قيس الأنصارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه لا تزولُ قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يسألَ عن عمُرِه فيمَ أفناه، وعن علمِه فيمَ فعَل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيمَ أنفقَه، وعن جسمِه فيمَ أبلاه) [ المصدر: مجموع فتاوى ابن باز| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • روى عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ) [المصدر: مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].

مما سبق من أحاديث نبوية شريفة يتضح لنا جليًّا أن الإسراف من الأعمال التي تورث صاحبها الندامة في الدّارين، إذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على تجنّب الإسراف حتى في الوضوء، بل وعدّ من زاد عن ثلاث معتديًا وظالمًا، كما يندرج تحت هذا الأمر ما يكون في الولائم الكبيرة، وحفلات الزواج، وحتى طعام المنزل الذي يُذهب به إلى مكبات القمامة، لذا فالواجب على المسلمين أن يتجنبوا هذا الأمر لما له من خطرٍ على الفرد المسلم، ومن بعد ذلك المجتمع بأكمله، كما يجب أن توجّه هذه النفقات الزائدة والتي لا ضرورة لها، إلى جيوب الفقراء، والمحتاجين، لعلها تصوّب شيئًا من أوضاعهم المعيشية، مما يحقق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي.


آثار الإسراف

إن للإسراف آثارًا ضارةً، وعواقب سيئة، سواء أكان ذلك على الفرد أم المجتمع، وفيما يأتي بعض تلك الآثار:[١]

  • علَّة البدن: تكمن علّة الإسراف في البدن على أنه محكوم بالقوانين، والوظائف والإلهية، فإذا تجاوز المرء تلك القوانين بالزيادة أو النقص، فمن الممكن أن يصاب الجسد بالعلل التي تُقعده عن تأدية الواجبات المنوطة به على وجهها المطلوب.
  • قسوة القلب: إن الجوع والشعور بالحاجة إلى الطعام يسبب رقة القلب، وعلى الوجه النقيض من ذلك فإن كثرة الطعام، والشبع الزائد يورث في القلب القسوة والغفلة، مما يؤدي بصاحبه إلى البعد عن الطاعات والعبادات.
  • خمول الفكر: من الآثار المترتبة على الإسراف، إصابة الفكر بالخمول، فإذا امتلأ البطن بالطعام نامت الفطنة على إثر ذلك، إذ إن الإسراف في الطعام له ارتباط وثيق بالخمول الفكري، والجسدي للإنسان.
  • تحريك دواعي الشر والإثم: من آثار الإسراف توليد طاقة ضخمة في الجسد تتحرك على إثرها الغرائز والشهوات، والتي يمكن أن تدفع بصاحبها لارتكاب المحرمات والمنكرات.
  • قلّة الصبر: إن المسرف على نفسه، يعيش في حياةٍ رغيدة، وعيش مرفّه، فإذا أصابته بعض المحن والشدائد لم يتمالك نفسه بالصبر عليها وتجاوزها.
  • الأنانية وحب الذات: من الآثار التي تترتب على الإسراف، أن المسرف لا يعبأ لحاجات الآخرين، والوقوف إلى جانبهم في الشدائد والمحن، فالإسراف يُنسي الغني الفقراء، مما يساهم في إيقاع الضرر بالمجتمع الإسلامي بأكمله.
  • العقاب الإلهي: إن من أشد الآثار المترتبة على الإسراف أن الله تعالى سيحاسب المسرف على إسرافه، وفي ذلك يقول الله تعالى {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [الكوثر: 8].


المراجع

  1. ^ أ ب "كلوا واشربوا ولا تسرفوا"، almoslim، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  2. "النهي عن الإسراف"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  3. "هل ورد حديث بخصوص الإسراف في الماء ؟"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :