فوائد سورة المعارج

فوائد سورة المعارج

القرآن الكريم

تُعَدُّ قراءة القرآن الكريم من أهم الأعمال التي يَتَقربُ بها العبد إلى ربه، وبقراءة القرآن يفوز المرءُ برِضا الله تعالى ورحمته، وتُعد قراءة القرآن من أهم صفات المؤمن الصادق، فمن ثمار قراءة العبد للقرآن: النجاة من التشبيه الذي ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (إنَّ الذي ليسَ في جوفِهِ شيءٌ من القرآنْ كالبيتِ الخَرِبِ) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومن ثمارها أيضًا أن فيها الخير الكثير الذي يُحسد عليهِ العبد، وفيها البَركة في الدُنيا والآخرة، وقد وصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين يتلون القرآن الكريم بأنهم أهلُ الله، ومن أهم ثمار قراءة القرآن الكريم أنها تنزل السكينة على قلب المسلم وتُدخله في رحمة الله وحفظ الملائكة، وبها يَذْكُرُ الله العبد فيمن عنده، وهذا شرفٌ كبير للمؤمن بأن يذكره الله، ومن ثمار قراءة القرآن الكريم أيضًا أن العبد يحصل على عشر حسنات مُقابل كل حرف يقرأه من كتاب الله، وتكون شفيعةً لقارئها يوم القيامة؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وبها يصل المؤمن إلى الدرجات العالية في الجنَّة يوم القيامة[١].


فوائد سورة المعارج

عُرفت سورة المعارج في كُتب السنَّة وفي بعض كتب الأحاديث وكتب التفسير باسم سأل سائل، وكُتبت بهذا الاسم أيضًا في بعض المصاحف المخطوطة بالخط الكوفي وخط القيروان والتي تعود إلى القرن الخامس، وعُرفت أيضًا بسورة الواقع، إذ إنّ هذه الأسماء الثلاث مأخوذة من كلمات وردت في بداية السورة، وهذه السورة مَكيَّة باستثناء الآية التالية في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} [المعارج: 24] فهي مدنية، وتأتي سورة المعارج في الترتيب الثامن والسبعين من القرآن الكريم بعد سورة الحاقة وقبل سورة النبأ[٢].

ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فوائد أو فضل خاص لقراءة سورة المعارج، وتكون فائدة قراءة هذه السورة فائدة عامة مَثلُها في ذلك مَثَلُ أيِّ سورة في القرآن الكريم، ويكون في هذه القِراءة الأجر والثواب العظيم الذي لا يعلمه إلا الله، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه عبدالله بن مسعود: (مَن قرَأَ حَرفًا من كتابِ اللهِ، فله به حَسَنةٌ، والحَسَنةُ بعَشْرِ أمثالِها، لا أقولُ: {الم} حرفٌ، ولكنْ ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ) [تخريج زاد المعاد| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومن فوائدها ما يتعلق بالالتزام بالأعمال التي حثَّت عليها السورة، والابتعاد عن الاعمال التي حذَّرَت منها، والاتصاف بأخلاق المؤمن التي حَثَّ عليها الدين الاسلاميّ[٣].


مقاصد سورة المعارج

يوجد العديد من مقاصد سورة المعارج، ومنها ما يلي[٤]:

  • تَستخدم سورة المعارج أسلوبًا مميزًا في عرض المشاهد، فهي تذكر ادّعاءات الكُفَّار وتَرد عليها بالحُجة الواضحة، كما تحدثت السورة عن موضوعٍ واحد بَيَّنته في بداية السورة، ثم أوردت شَرحًا وافيًا عنه في وسط السورة ثم ردت على المقدمة في خاتمة السورة، ويَدور موضوع السورة حول العذاب، إذ بدأت السورة بالحديث المباشر عن هذا الموضوع؛ قال تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1]، فتسأل الآية الكريمة سؤالًا وتُجيب عنه فورًا باختصار، وفي ذلك دلالةٌ على أنّ المَسؤول عنه وهو عذاب واقعٌ لا محالة، ثم تذكر السورة أن هذا العذاب من الله جلَّ وعَلا.
  • تَذكر السورة بعد ذلك المَعارج التي ينالها المُقرَّبُون ويُحرَم منها المُكذبون، ثم يطلب الله تعالى في هذه السورة من رسوله الكريم الصبر على ادعاءات الكُفَّار ومواساة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن العذاب قريب لهؤلاء المُكذبين، ثم يأتي وصف دقيق لأهوال يوم القيامة التي يُكذِّبُ بها المكذبون، ففي هذا اليوم لا يبقى شيءٌ في الدنيا على حاله؛ فتتغير السماء والأرض، وتصبح الجبال القاسية كالصوف الليّن، ولا يَقتصر التغيير على الجمادات، بل يصل إلى النفوس، ولا يَهتمُّ أحدٌ في هذا اليوم إلا بسلامته وَحده، ويكون مستعدًا للتخلي عن كلِّ شيءٍ مقابل ذلك، ثم يأتي بعد هذا اليوم المُخيف والحساب العظيم عذابٌ أليم في نار جهنَّمَ ينزع اللحم والجلد عن الجسم، وتدعو هذه النار المُنكرين الذين كذبوا الأنبياء، والفرق كبير بين هذه الدعوى والدعوى التي دعاهم إليها الأنبياء في الحياة الدنيا.
  • يذكر الله تعالى بعض الصفات التي يُخلق الإنسان ويفطر عليها، وأن من أنواع العذاب الذي سيلقاه الكافر العذاب النَفسي، وكيف له أن يصبر في ذلك اليوم المهول، ثم يذكر الله تعالى الطريقة المناسبة للصمود في هذا اليوم؛ وهي المحافظة على الصلاة، والتَصَدُّق بالأموال، والإيمان باليوم الآخر، والالتزام بما أمر الله به، ثم يتساءل الله تعالى عن حال الكُفَّار الذين يَتَكَتَّلُوْن مع بعضهم في الإعراض عن الحق ثم بعد ذلك يطمعون بدخول الجَنَّة، ويُنكر الله تعالى عليهم ذلك؛ فالجنَّة لمن عَمِل صالحًا في الدنيا، ويذكر الله تعالى أنه قادرٌ على أن يُبَدِّل هؤلاء الأقوام بأقوامٍ أحسن منهم، ثم يخاطب الله تعالى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويُهوِّن عليه من جِهَةٍ، ومن جِهَةٍ أُخرى يُهدد ويتوعد الكُفَّار بأن مصيرهم سيكون سيئًا يوم القيامة.
  • تأتي خاتمة السورة لتبين باختصار واضح ما سيحصل يوم القيامة؛ قال تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [المعارج: 43-44]، والفرق كبير بين الكافر الذي يخرج مسرعًا لِيَلقى مَصيرهُ الذي كان يسأل عنه ويَسْتَعجِلَه.


الدروس المستفادة من سورة المعارج

تُوجد العديد من الدروس والعبر المُستفادة من قراءة سورة المعارج، ومنها ما يلي[٥]:

  • تَعَرُّضْ الرسول -صلى الله عليه وسلم- للإيذاء والسُخْرية والتَكذيب من المُشركين، وصَبرِه على أذاهم في سبيل إكمال الدعوة إلى الله تعالى، مما يعطي درسًا في وجوب الصبر على أعداء الدين.
  • ذِكر طبيعة الإنسان التي خلق عليها وأنَّه يفزع ويخاف عندما يتعرَّض للألم، ويُصبح بَخيلا متكبرًا متعاليًا عندما يملك المال الكثير أو الصحة القويَّة ويَنسى أن يَشكر صاحب الفضل في ذلك وهو الله تعالى، إذ إنّ من واجب العبد المسلم أن يُقاوم هذه الفطرة ويعمل كما أمرته التعاليم الإسلامية ويشكر الله.
  • يَختلف المؤمن عن غيره في أنه لا يجزع ولا يخاف عند الشدائد بل يصبر على ما أصابه، ولا يَتَكبَّر على الناس إذا ما أصبح عنده من المال أو القوة، ويَكون لله شكورًا وينفق مِمَّا أعطاه الله تعالى.


المراجع

  1. زياد محمد العمري، "فضل قراءة القرآن"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  2. "سورة المعارج"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  3. "فضل قراءة القرآن وتعلمه"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  4. سيد ولد عيسى (27-1-2015)، ""المعارج": موضوع واحد!"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  5. أ. د. عبدالحليم عويس (15-11-2017 )، "تفسير سورة المعارج للأطفال"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :