خطبة دينية قصيرة جدا عن بر الوالدين

خطبة دينية قصيرة جدا عن بر الوالدين

الخطبة

تعرَّف الخطبة بأنَّها نوع من أنواع الفنون الموجهة للجمهور، وتعد الخطبة من الفنون النثريَّة، وفيها يتوجه الخطيب نحو فئة معينة من الناس، وذلك ليحدثهم، ويتحاور معهم في العديد من الأمور المتنوعة والمختلفة والتي تختلف مواضيعها باختلاف المُناسبة التي تُلقى فيه الخطبة، وأمّا بالنسبة لأهم مواضيع الخطبة فقد تكون سياسية أو اجتماعيّة أو دينيّة، والهدف الرئيسي من وراء إلقاء الخطبة هو إقناع المُتلقين بمجموعة من الأفكار المطروحة والمقاصد التي تُساهم في تطوير معتقداتهم وتوسيع مدارك الفهم عند المستمع وتزويده بمعلومات يحتاجها في حياته، وذلك من خلال سرد الكلام وإرفاقه بالكثير من الأدلة والشواهد والبراهين سواء أكانت من الكتب أم من الأحاديث النبويَّة أم من القرآن الكريم، والتي تثبت بدورها صحة ما ورد في الخطبة من أفكار ومعلومات، وتثبت مصداقية الخطيب، وتساعد على تعزيز أساس الخطبة، وتثبيتها في عقل المتلقي مما يساهم في تحقيق الغاية المقصودة من الخطبة [١].


خطبة دينية قصيرة جدًّا عن بر الوالدين

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، فالحمد لله العفو الغفور، والعليم بذات الصدور، فإنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، أمَّا بعد، أيُّها الناس إنَّ الله عز وجل جعل من أكبر الواجبات على المسلم وأعظمها بر الوالدين، وقد قرنه الله عز وجل بحقه، فقد ورد في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36]، ولعظمة برّهما فقد أوصى الله سبحانه وتعالى المسلم بمصاحبتهما، والإحسان إليهما حتى وإن كانا على دين باطل وغير دين الله سبحانه وتعالى، كما أوصى بطاعتهم دائمًا إلّا أن يأمراه بمعصية الله عزّ وجل، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل قرن شُكره تعالى بشكر الوالدين، لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14-15]، فيصاحبها بالمعروف ويُطيعهما في كل الأمور ما عدا طاعتهما على معصية الله سبحانه وتعالى[٢].


محور الخطبة

عباد الله، إنَّ من أهم صفات الرسل عليهم الصلاة السلام والتي خصَّهم الله تعالى بها في القرآن الكريم هي بر الوالدين، وجعل أفضل الأعمال بعد الصلاة المفروضة بر الوالدين لعظيم أجره، وقد جعلها أيضًا أفضل من الجهاد، فقد ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: ( سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِها قالَ: قُلتُ ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ) [صحيح مسلم: خلاصة حكم المحدث : صحيح]، وأيضًا ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث : صحيح] [٣].


والمراد ببر الوالدين هو معاملتهما بإحسان سواء كان بالعمل أو القول، وخفض الصوت عند التكلُّم معهما، والحرص على التواصل المُستمر معهما، وتجنُّب مقاطعتهما مهما كانت الأسباب، والمداومة على تقديم الخدمة التي يحتاجونها، وكذلك معاملتهما برفق ولين، وجبر خواطرهما بالكلمة الطيبة والحسنة والتي تسر بالهما، وطلب الرضا منهما في كل وقت وحين، فرضاهما من رضا الله عز وجل [٢].


وإنَّ بر الوالدين بعد وفاتهما يكون بالدعاء لهما والترحُّم عليهما وصلة رحمهما، والمسلم يحرص دائمًا على بر والديه بأبسط الأمور وأصغرها، فيزور معارفهما وأصدقاءهما باستمرار، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تُرغِّب ببر الوالدين وتحث عليه، وكذلك تُحذّر من العقوق، ومنها قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23-24]، وفي هذه الآية الكريمة يأمر الله عز وجل بعبادته وتوحيده، ويأمر أيضًا ببر الوالدين والإحسان إليهما، وبالتكلّم إليهما بالكلام الطيّب والحسن، ونهى عن إزعاجهما والتأفف في وجهيهما، وخاصة إذا كانا في حال الكِبر لأنهما في هذا العمر يحتاجان إلى مزيد من العناية والرعاية، فقد ورد في قوله سبحانه وتعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الاسراء:23] [٢].


ولا يقتصر بر الوالدين على الأمور المعنويّة، بل يشمل ذلك الأمور الماديّة من خلال النفقة عليهما وتقديم الأمور التي يحتاجونها وخاصةً إذا كانا بحاجة للنفقة والولد قادر على ذلك، بالإضافة إلى وجوب في التواضع معهما والتذلل لهما، فقد ورد في قوله سبحانه وتعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء:24] [٣]، وفي هذه الآية ذكر الله سبحانه وتعالى صفة الشبه بين بر الوالدين وحنو الطير على فراخه؛ إذ يُخفض الطير جناحه لفراخه لشدة خوفه وحنوه وحرصه عليهم، وبعدها أمر الله بأفضل طاعة يمكن أن يؤديها الإنسان لوالديه، وهي الدعاء لهما جزاءً وتقديرًا لما قدموه له في صغره [٣].

الخاتمة

أيُّها الناس، إنَّ بر الوالدين دَين يجب على المسلم أن يفي به لوالديه عند بلوغه، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل: من يا رسول الله قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما، أو كليهما فلم يدخل الجنة) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومن آثار بر الوالدين، والتي يراها الإنسان في حياته هي: البركة في العمر، والسعة في الرزق، والتوفيق للطاعات، فهي من أعظم العبادات[٣]، ومن أقوال لقمان الحكيم لابنه: "يا بني، إنَّ بر الوالدين باب من أبواب الجنة، إن رضيا عنك مضيتَ إلى الجنة، وإن سخِطا حُجِبت" [٤].


ولتعلموا عباد الله أنَّ بر الوالدين لا ينقطع بموتهما بل هو يتصل بهما بعد الموت، وذلك بالدعاء لهما وبالتصدق عنهما وصلة رحمهما والاستغفار لهما، فهذا من عظيم البر الذي يقدمه الولد الصالح لوالديه، أيُّها الشباب الصالح عليكم بطاعة الله وبر والديكم، وإياكم أن تقدموا مصلحتكم الخاصة على رضاهم، فهذه هي الخسارة، لأنهم أحق الناس بحسن الصحبة، فاحرص يا عبد الله على حسن صحبة والديك، ولا تفرّط في رضاهما، فإن رضيا رضي الله عنك ووفقك للطاعات والخير[٢].


إياكم ثم إياكم وعقوق الوالدين، فإنّه من الكبائر بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [النساء:36]، فقد يختلق السبتب العديد من الأسباب غير المقنعة والتي لن تكون أبدًا مقنعة وتجعل الأبناء يعقّون والديهم ومنها ضعف الوازع الديني والإيمان عند الأبناء.[٥]


المراجع

  1. "الخطابة وخصائصها وأنواعها"، haroonalhalabi blogspot، 14-3-2014، اطّلع عليه بتاريخ 1-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي (15-1-2018)، "خطبة مختصرة عن بر الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-10-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "خطبة:بر الوالدين"، almosleh، 26-8-2013، اطّلع عليه بتاريخ 1-10-2019. بتصرّف.
  4. الشيخ صلاح نجيب الدق (13-5-2016)، "فضائل بر الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-10-2019. بتصرّف.
  5. "خطبة (عقوق الوالدين)"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 1-10-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :