صحة حديث لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا

صحة حديث لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا

صحة حديث لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا

لا صحة لحديث لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا، فقد وردت بعض الأحاديث المُنتشرة غير الصحيحة والضعيفة، ومنها هذا الحديث، فقد روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنّه قال: (لا تَتمارَضوا، فتَمرَضوا، ولا تَحفِروا قُبورَكُم، فَتموتوا) [السلسلة الضعيفة| خلاصة حكم المحدث: منكر]، ونقله الألباني في السلسة الضعيفة، فهو حديث مُنكر، ويُقصد بالتمارض؛ التظاهر بالمرض رغم سلامة المتظاهر منه وتمتعه بالصحة الجيّدة[١].


حكم التظاهر بالمرض للتخلّص من دوام العمل

التظاهر بصفة معُيّنة بحدّ ذاته لا يُعدّ كذبًا، وكذلك الأمر بالنسبة للمرض؛ فالتظاهر بالمرض لا يُعدّ كذبًا، والسبب في ذلك أنّه لا يُوجد توضيح وإخبار مباشر بشيء ما ليُوصف بالكذب أو الصدق، فقد عَرّف علماء المسلمين الكذب على أنّه إخبار الآخرين بشيء ما غير صحيح وبخلاف ما هو عليه، عامدًا متعمدًا رغم المعرفة والعلم بحقيقة الأمر، وأمّا لو كان التظاهر بالمرض للتخلّص من العمل وبوجود عقد عمل مُحدد بمدّة مُعيّنة، فيُعدّ هذا تحايلًا، ولا يجوز التحايل على صاحب العمل بالمرض من أجل إفساد العقد المُبرم فيما بينهما قبل نهايته، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالوفاء بالعقود والالتزام بها، وورد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، ولكن لو لم يكن فيما بينهما عقد مُحدد بمدّة مُعيّنة، وكان العمل بينهما قائمًا على نظام المياومة أو المشاهرة، فلا حرج بإفساد العقد وفسخه[٢].


قد يلجأ بعض العمال أو الموظفين للتظاهر بالمرض أمام أصحاب ومدراء العمل من خلال الحصول على إجازات مرضيّة مُزيّفة للتغيّب عن العمل، والتقصير في أدائه، أو عدم إتمامه كما هو مطلوب وإهماله، وهذا غير جائز، بسبب لجوء المدعي للكذب لادّعاء المرض، وأخذ إجازة مرضيّة، واستلام مُستحقاته الماليّة عن تلك الفترة رغم أنّّ تظاهره بالمرض كاذبًا، وقد يُلاحظ أيضًا أنه يحاول تجنّب اطّلاع الآخرين على ذلك، لأنّه يشعر في قرارة نفسه بالإثم والخطأ[٣].


حكم التظاهر بالمرض لجذب اهتمام الناس

إنّ حكم التظاهر بالمرض على الأصدقاء والعائلة والمقربين لطلب الاهتمام والسؤال عنه غير جائز شرعًا؛ فالتمارض وادّعاء المرض أحد أنواع الكذب، والكذب في الأصل حرام شرعًا، إلّا لحالات خاصة أو حاجة ضروريّة، والكذب لطلب الاهتمام من الآخرين ليس بتلك الضرورة التي تستدعي تظاهر الشخص بالمرض، والأفضل محاولة تقديم النصحية لمن يفعل ذلك، وتذكيره بأنّ ما يفعله حرام، ولكن قد يكون هذا الشخص يُعاني من بعض الأمراض النفسيّة التي تجعله يلجأ للكذب طلبًا للاهتمام، فالأولى مراجعة الطبيب النفسي لتلقي العلاج[٤].


هل يجوز أن يتمنّى الإنسان المرض؟

نهى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت، أو الدعاء به على النفس، والدليل على ذلك ما ورد في الصحيحين من أحاديث، فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: (لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ مِن ضُرٍّ أصابَهُ، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي ما كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، بل أمر بطلب العافيّة والصحة دائمًا؛ فالمرض يمنع الشخص من فعل الخير، ويُنهك قوة الجسد، وقد يكون صعبًا وقاسيًا على صاحبه، فلا يستطيع الصبر عليه وبالتالي يقوده للسخط من قدر الله، لذلك يجب البعد عن تمني المرض أو الموت للنفس، والأفضل الاهتمام بالأمور النافعة، وتمني دوام الصحة والعافيّة، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (أيُّها النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح] [٥][٦].


المراجع

  1. "حديث لا تمارضوا فتمرضوا"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11. بتصرّف.
  2. "حكم التمارض للتخلص من العمل"، إسلام ويب، 2012-06-05، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11.
  3. "الأعذار الطبية الكاذبة التي يقدمها الطلبة والموظفون"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11. بتصرّف.
  4. "حكم ادّعاء الشخص المرض لجذب اهتمام الأصدقاء"، إسلام ويب، 2016-05-17، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11. بتصرّف.
  5. "حكم تمني المسلم الموت لمرض أصابه"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11. بتصرّف.
  6. "هل يجوز تمني المرض"، إسلام ويب، 2006-04-17، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-11. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :