محتويات
هل توجد فوائد لسورة مريم للرزق؟
إنّ تخصيص سور قرآنيّة أو آيات مُحدّدة لعلاج مرض أو مشكلة أو أزمة مُعيّنة يُعدّ من البدع المُحدثة؛ إذ لم يرد بذلك دليل، قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: "ومن البدع التخصيص بلا دليل، بقراءة آية، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل"، وهكذا فإنّ قراءة القرآن الكريم وتدبّر معانيه من أفضل ما يتقرّب به العبد من ربّه عز وجل إلى جانب دعاء الله تعالى واللجوء إليه وطلب التوفيق وسعة الرزق منه سبحانه وتعالى، فتلك تقع ضمن أنواع العبادات المشروعة التي لا يشوبها اللبس والشك.
وقراءة سورة مُحدّدة من القرآن بغية التوسّع في الرزق وغيره بدعة لم تثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولًا أو فعلًا، ولم تثبت أيضًا عن الصحابة الكرام ولا أئمة السّلف الصالح رحمهم الله؛ إذ ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ)[١].
وخلاصة ما سبق أنّ من أراد الحياة الطيّبة في الدنيا والآخر عليه بقراءة القرآن الكريم بتدبّر وبتطبيق ما ورد فيه، قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى*وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[٢]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[٣][٤].
ما هي فضائل سورة مريم؟
فيما يلي أبزر الفوائد لقراءة سورة مريم[٥][٦]:
- عن أُمِّ سَلَمةَ -في شَأْنِ هِجرَتِهم إلى بِلادِ النَّجاشيِّ: قال النَّجاشيُّ (مخاطبًا جعفر بن أبي طالب): ما هذا الدِّينُ؟ قالوا: أيُّها الملِكُ، كنَّا قَومًا على الشِّركِ؛ نَعبُدُ الأوْثانَ، ونَأكُلُ المَيْتةَ، ونُسيءُ الجِوارَ، ونَستحِلُّ المَحارمَ والدِّماءَ، فبعَثَ اللهُ إلينا نَبيًّا مِن أنفُسِنا، نَعرِفُ وَفاءَه وصِدقَه وأمانَتَه، فدَعانا إلى أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحدَه، ونَصِلَ الرَّحِمَ، ونُحسِنَ الجِوارَ، ونُصلِّيَ، ونَصومَ. قال: فهل معكم شيءٌ ممَّا جاء به؟ -وقد دَعا أساقِفَتَه، فأمَرَهم، فنشَروا المَصاحفَ حَولَه- فقال لهم جَعفَرٌ: نعمْ، فقرَأ عليهم صَدرًا مِن سورةِ {كهيعص}. فبَكى -واللهِ- النَّجاشيُّ، حتى أخضَلَ لِحيَتَه، وبكَتْ أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحفَهم، ثُمَّ قال: إنَّ هذا الكَلامَ ليَخرُجُ مِن المِشكاةِ التي جاء بها موسى، انطَلِقوا راشدينَ، لا واللهِ، لا أرُدُّهم عليكم، ولا أنعَمُكم عَينًا. فخرَجا مِن عندِه، فقال عَمرٌو: لآتيَنَّه غَدًا بما أستأصِلُ به خَضراءَهم، فذكَرَ له ما يقولونَ في عيسى[٧].
- إنّ لقراءة القرآن الكريم بأكمله وجميع سوره آثار عامّة على البيت وأهله؛ إذ بقرائته تحل البركة وتُطرد الشياطين ويزداد الرزق والطمأنينة والسكينة، كما أنّ قراءة القرآن تُبعد الضيق عن أهل البيت.
سبب نزول سورة مريم
فيما يلي بيان لسبب نزول بعض آيات سورة مريم[٨]:
- سبب نزول آية: {وَما نَتَنَزَّلُ إِلّا بِأَمرِ رَبِّكَ}: عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا جِبْرِيلُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ ممَّا تَزُورُنا، فَنَزَلَتْ: {وَما نَتَنَزَّلُ إلَّا بأَمْرِ رَبِّكَ له ما بيْنَ أيْدِينا وما خَلْفَنا} [مريم: 64] إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ: كانَ هذا الجَوابَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)[٩][١٠].
- سبب نزول الآية: {أَفَرَأَيتَ الَّذي كَفَرَ بِآَياتِنا}: عن خباب بن الأرت أنّه قال: (كانَ لي علَى العَاصِ بنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فأتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقالَ لِي: لَنْ أَقْضِيَكَ حتَّى تَكْفُرَ بمُحَمَّدٍ، قالَ: فَقُلتُ له: إنِّي لَنْ أَكْفُرَ بمُحَمَّدٍ حتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قالَ: وإنِّي لَمَبْعُوثٌ مِن بَعْدِ المَوْتِ؟ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إذَا رَجَعْتُ إلى مَالٍ وَوَلَدٍ. قالَ وَكِيعٌ: كَذَا قالَ الأعْمَشُ، قالَ: فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بآيَاتِنَا} وَقالَ: {لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} إلى قَوْلِهِ: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا}.وفي حَديثِ جَرِيرٍ قالَ: كُنْتُ قَيْنًا، في الجَاهِلِيَّةِ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بنِ وَائِلٍ، عَمَلًا فأتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ)[١١][١٢].
سبب تسمية سورة مريم بهذا الاسم
سُمّيت سورة مريم بهذا الاسم نسبةً إلى مريم عليها السلام أم نبي الله عيسى عليه السلام تخليدًا لتلك المعجزة التي حدثت بولود النبي عيسى عليه السلام بلا أب وإنطاقه وهو طفل صغير في المهد، وسورة مريم إحدى السور المكية التي نزلت على الرسول الكريم في مكة المكرمة ما عدا الآيتين 58 و71 اللتان نزلتا في المدينة المنورة، وهي السورة 19 من حيث الترتيب في القرآن الكريم، وعدد آياتها 98 آية ونزلت بعد سورة فاطر وابتدأت السورة بكلمة كهيعص وتُقرأ حرفًا حرفًا[٥].
المواضيع التي تحدثت عنها سورة مريم
تضمّنت سورة مريم عددًا من المواضيع المهمة، ومنها ما يلي[١٣]:
- قصة نبي الله زكريا: عرضت السورة قصص بعض الأنبياء؛ إذ أشارت في بدايتها إلى قصة سيدنا زكريا -عليه السلام- الذي أصابه الكبر وكانت امرأته عاقر، فدعا ربّه طالبًا منه أنْ يرزقه الابن البار، فاستجاب له ربه عزّ وجل وبشّره بيحيى عليه السلام.
- قصة مريم العذراء عليها السلام: أشارت الآيات الكريمة إلى قصّة مريم عليها السلام التي أنجبت سيدنا عيسى عليه السلام دون أب تأكيدًا لعظمة الخالق عزّ وجل وإعجازه في خلقه.
- قصة إبراهيم عليه السلام: أشارت السورة الكريمة فيما بعد إلى قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع أبيه، ثم أثنت على رُسل الله تعالى، ومنهم: هارون واسماعيل وإدريس ونوح عليهم السلام إثباتًا لوحدة الرسالة والدعوة إلى الله تعالى.
- شبهات المكذبين بالبعث والنشور: أشارت الآيات الكريمة عن بعض شبهات المكذبين بالبعث والنشور وردّت على تلك الشبهات بالبراهين والأدلة، كما اختُتمت السورة ببيان مآل السعداء والأشقياء من العباد بدءًا من الآية: {وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً}[١٤] إلى قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}[١٥].
- حذّرت الآيات من إضاعة الصلاة واتّباع الشهوات، كما أنّها رغّبت بالتوبة وأنّ جزائهم الجنّة.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1718 ، 1718 .
- ↑ سورة طه، آية:123-124
- ↑ سورة النحل، آية:97
- ↑ "رسائل مكذوبة ، في خصائص سور القرآن الكريم "، الإسلام سؤال وجواب، 5/7/2015، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب "سورة مَرْيَم 19/114"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "ما هي السور القرآنية التي تزيد تلاوتها الرزق ؟"، مركز الإشعاع الإسلامي، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن أبو بكر بن عبدالرحمن، الصفحة أو الرقم:1/216، صحيح.
- ↑ "سورة مريم"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:64
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7455، صحيح .
- ↑ سورة مريم، آية:77
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن خباب بن الأرت، الصفحة أو الرقم:2795، صحيح.
- ↑ "سورة مريـم"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:66
- ↑ سورة مريم، آية:98