خطبة عن تحويل القبلة

خطبة عن تحويل القبلة

خطبة عن تحويل القبلة والحكمة من ذلك

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد[١]:

إخوة الإسلام، بعد أن فرض الله الصلاة كانت القبلة إلى المسجد الأقصى، وعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، كانت لا تزال القبلة إلى هناك، وبقيت القبلة كذلك حوالي 17 شهرًا، وثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما: (صَلَّى قِبلَ بَيتِ المَقدِسِ ستَّةَ عَشَرَ، أو سبعةَ عَشَرَ شَهرًا، وكان يُعجِبُه أنْ تكونَ قِبلتُه قِبلَ البَيتِ، وأنَّه صَلَّى أوَّلَ صَلاةٍ صَلَّاها، صَلاةَ العَصرِ)[٢]، بعد أن أمره الله سبحانه باستقبال الكعبة: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)[٣].

إخوة الإيمان إنَّ من أهم الحكم المستنتجة من تحويل القبلة هي أنَّ المسلمين عندما يأتيهم أمر الله يقبلونه ويُسلِّمون به، وإن لم تظهر لهم حكمته سريعًا، ففي قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ)[٤]، ومن الدروس أيضًا أنَّ الله تعالى لا ينسخ حكمًا إلا ليُشرِّع حكمًا أفضل منه أو في مستواه، قال تبارك وتعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)[٥].

أيها الإخوة المسلمون إنَّه سبحانه وتعالى لا يُشرِّع أمرًا إلا لحكمة بالغة، وإن لم تكن معلومةً لنا في الوقت الحاضر، إلا أنَّه سبحانه يعلم الغيب كلَّه، قال تعالى: (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[٦].

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.


خطبة عن تحويل القبلة وموقف المنافقين واليهود

الحمد لله وحده لا شريك له، الذي جعل حبَّه أعظم الهبات وأشرف المكاسب، وتنزّه عن المعايب والنقائص، والصلاة والسلام على نبينا محمد وأصحابه الغر الميامين أما بعد[٧]:

إخوة الإيمان، بعد أن تحوَّلت القبلة إلى الكعبة المشرفة ظنَّ اليهود والمنافقون بالرسول صلى الله عليه وسلم الظنون، وتساءلوا عن مصير المسلمين الذين ماتوا عندما كانت القبلة إلى المسجد الأقصى هل ستكون صلاتهم مقبولة أم لا، وكأنَّهم اعتقدوا أنَّ الصلاة إلى المسجد الأقصى كانت من اجتهادات الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، دون أن يوحي الله إليه، ولهذا اعتقدوا أنَّ مصير المتوفين من المسلمين قبل تحويل القبلة هو العقاب، ولم تظهر تلك الفئة في مجتمع المسلمين إلا عند المِحن عندما تبلغ القلوب الحناجر وتزيغ الأبصار، فيبدؤون في التشكيك في الثوابت.

أيها الإخوة المسلمون بعد تحويل القبلة تساءل اليهود عن محمد صلى الله عليه وسلم لماذا يعيب دينهم ويتبع قبلتهم، وظنُّوا أنَّه عندما اتبع قبلتهم سيتبع دينهم، أما المشركون فإنَّهم شكَّكوا في ملَّته عليه الصلاة والسلام، واعتقدوا أنَّه لا يتبع ملَّة إبراهيم عليه السلام، كما شكَّكوا بأنَّ القبلة الأولى كانت خاطئة بالأصل، ومصير المسلمين الذين ماتوا غير محمود؛ ففي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)[٨]، وفي آية أخرى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[٩].

إخوة الإسلام، إنَّ الله تعالى لم يترك المشكِّكين من الكفار والمنافقين وشأنهم، بل فنَّد قولهم، وأظهر براءة نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لأنَّه تعالى يعلم ما كان وما سيكون، وأول ردٍّ عليهم أنَّه تعالى نعتهم بالسفه: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ)[٩]، وأنّهم ناقصوا العقل والعلم، أو ممّن ليس لديهم عقل أصلًا، كما أنَّ الله بيَّن في كتابه العزيز أنَّ أهل الكتاب لن يتبعوا القبلة أبدًا: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ)[١٠].

والحمد لله العزيز الحكيم العليم، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين، المبعوث رحمة للعالمين.


خطبة عن تحويل القبلة والدورس المستفادة من ذلك

الحمد لله الذي خلق الكون والمخلوقات بقدرته، ومَنَّ على عباده بطاعته، وخذل منهم من شاء بحكمته، وسبحانه الغني عن كل شيء، والجميع مفتقر إليه، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه صلاةً وسلامًا متلازمين إلى يوم القيامة، أما بعد[١١]:

إخوتي في الله إنَّ تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة يُثبت نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الله سبحانه أخبر عمَّا سيقوله اليهود والمشركون عند تحويلها وهذا أمر غيبي، ويدلُّ على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام، ومن هذه الأدلة قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[١٢].

إخوة الإيمان إنَّ من الدروس المستفادة من تحويل القبلة أنَّ المسلم ينقاد مطلقًا لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه تعالى يعلم علم اليقين، ويعلم المسلم أنَّ الله لا يأمره أو ينهاه عن شيء إلا لمصلحته في الدنيا والآخرة، والصحابة رضوان الله عليهم، سرعان ما توجَّهوا للصلاة إلى الكعبة عندما نزل الأمر من الله، وهو بمثابة اختبار لهم: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)[١٣].

إخوة الإسلام إنَّ من الدلالات الواضحة من تحويل القبلة هي أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرغب بمخالفة اليهود والنصارى، والحرص على أن تكون قبلة المسلمين هي قبلة إبراهيم عليه السلام، في أول بيت وضع للناس، كما أنَّ تحويل القبلة جعل الاهتمام يتوجَّه إلى مكة لتمهيد فتحها على يد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال تعالى: (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[١٤].

والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.


المراجع

  1. "لماذا تمّ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.
  2. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:18496، صحيح.
  3. سورة البقرة، آية:144
  4. سورة الأحزاب، آية:36
  5. سورة البقرة، آية:106
  6. سورة الممتحنة، آية:10
  7. الشيخ أحمد أبو عيد (11/1/2016)، "خطبة عن تحويل القبلة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية:60
  9. ^ أ ب سورة البقرة، آية:142
  10. سورة البقرة، آية:145
  11. "تحويل القِبْلة دروس وعبر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية:142
  13. سورة البقرة، آية:143
  14. سورة البقرة، آية:150

فيديو ذو صلة :