ما حكم دعاء الاستفتاح

ما حكم دعاء الاستفتاح

الصلاة

إنّ الصلاة لها أهميةٌ عظيمة في الدين الإسلامي، فقد أمر ربّ العزة بالمحافظة عليها في جميع الأحوال، من سفرٍ وحضر، وصحةٍ ومرض، وأمنٍ وخوف، حتى أنّ الله أمر بالمحافظة عليها أثناء القتال، يقول تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿٢٣٨﴾ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 238-239]، ولم يقف الأمر عند هذا فحسب، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بتعليمها للصبية بل وضربهم عليها، يقول عليه الصلاة والسلام (مروا أولادَكم بالصلاةِ لسبعٍ واضربوهم عليها لعشرٍ وفرِّقوا بينهم في المضاجعِ) [المصدر: مجموع فتاوى ابن باز| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما أنها العبادة الوحيدة التي فرضها الله تعالى على عباده في السماء، وهذا إن دل فإنما يدل على أهميتها البالغة في حياة المسلم، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضّح لنا كيفيتها وأركانها وواجباتها وسننها، بما في ذلك ما يُشرع من دعاء الاستفتاح، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال.[١]


ما حكم دعاء الاستفتاح

يُعد دعاء الاستفتاح من السنن المستحبة في الصلاة، فمن صلى ولم يقرأ دعاء الاستفتاح فلا شيء في ذلك، وإن صلاته صحيحة بإجماع العلماء، ودعاء الاستفتاح هو أن يقول المصلي: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ)، ومكانه في الصلاة بعد أن يُكبر المصلي تكبيرة الإحرام، كما تجدر الإشارة إلى أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر هذا الدعاء فقط في الاستفتاح للصلاة، بل وردت عنه عليه الصلاة والسلام أدعية عديدة يمكن للمسلم أن يستفتح بها صلاته، والحاصل من هذا الأمر أن دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة.[٢]


صيغ دعاء الاستفتاح

لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الألفاظ لدعاء الاستفتاح للصلاة، وفيما يأتي بعضها:[٣]

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً -قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً- فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن أم المؤمنين عائشةَ قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا استفتحَ الصَّلاةَ قالَ سبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ وتبارَكَ اسمُكَ وتعالى جَدُّكَ ولا إلَهَ غيرَكَ) [المصدر: صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • روى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، عَن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ كانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ المكتوبَةِ قالَ: (وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطرَ السَّماواتِ والأرضَ حَنيفًا مُسلمًا وما أَنا منَ المشرِكينَ، إنَّ صلاتي، ونسُكي، ومَحيايَ، ومماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ، لا شريكَ لَهُ، وبذلِكَ أمرتُ وأَنا مِنَ المسلمينَ، اللَّهمَّ أنتَ الملكُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ أنتَ ربِّي، وأَنا عبدُكَ، ظلَمتُ نفسي، واعترَفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، واهدني لأحسَنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسَنِها إلَّا أنتَ، واصرِف عنِّي سيِّئَها لا يصرفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ، لبَّيكَ وسعديكَ والخيرُ كلُّهُ في يديكَ، والشَّرُّ ليسَ إليكَ، أَنا بِكَ وإليكَ، تبارَكْتَ وتعالَيتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ) [المصدر: تحفة المحتاج| خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن كما اشترط على نفسه في المقدمة].
  • عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: (سَألتُ عائشةَ بأيِّ شيءٍ كانَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يفتَتحُ صلاتَهُ إذا قامَ منَ اللَّيلِ؟ قالَت: كانَ إذا قامَ منَ اللَّيلِ يفتتِحُ صلاتَهُ اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ، اهدني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ أنتَ تَهْدي مَن تشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ) [المصدر: صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • عن عبد الله بن عباس قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، أنْتَ الحَقُّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن أنس بن مالك قال: (أنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ قالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكَلِمَاتِ؟ فأرَمَّ القَوْمُ، فَقالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بهَا؟ فإنَّه لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُهَا، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن عبد الله بن عمرو قال: (بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن عاصم بن حميد قال: (سألتُ عائشةَ ماذا كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يفتتحُ بِهِ قيامَ اللَّيلِ قالت لقد سألتني عن شيءٍ ما سألني عنْهُ أحدٌ قبلَكَ كانَ يُكبِّرُ عشرًا ويحمدُ عشرًا ويسبِّحُ عشرًا ويستغفرُ عشرًا ويقولُ اللَّهمَّ اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ويتعوَّذُ من ضيقِ المقامِ يومَ القيامةِ) [المصدر: صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

ويُشار إلى أنّ بعض هذه الصيغ جاءت عامةً في بعضها، وفي البعض الآخر جاءت خاصةً بقيام الليل، وهي الصيغ الطويلة منها، لذا فمن الأفضل أن يتبع المسلم فيها سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يقرأها المصلي في قيام الليل، هذا والله أعلى وأعلم.


المراجع

  1. "الصلاة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
  2. "حكم دعاء الاستفتاح في أول الصلاة"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
  3. "الصيغ الواردة في دعاء الاستفتاح"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :