مقال اجتماعي عن الفقر

مقال اجتماعي عن الفقر

تعريف مفهوم الفقر

يُعرّف الفقر على أنّه حالة اقتصادية يعاني فيها الأفراد من شح أو نقص في بعض السلع الضرورية لحياة الإنسان مثل المال والمستلزمات المادية، ويشمل الفقر النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية[١].


نسبة انتشار الفقر عالميًا

يعيش 11% من سكان العالم في فقر مدقع[٢]، لذا كان الحد منه أوّل أهداف التنمية المستدامة في العالم منذ 25 عامًا، ولكن حاليًّا تواجه الجهود الساعية لإنهائه أسوء تراجع لها منذ حوالي 33 عامًا؛ فمن المتوقع أنْ يرتفع معدّل الفقر عالميًّا في عام 2020 للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عامًا، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي ولّدتها جائحة كورونا (COVID-19)، والتي أدّت إلى زيادة معدل البطالة وتغيير المناخ، وبالتالي تم عرقلة الجهود الرامية للحد منه، فقد أُجبر العديد من الأفراد الذين تغلّبوا بصعوبة على الفقر إلى العودة إليه بسبب آثار جائحة كورونا.


وحسْب التقدير الأولي لعام 2020 آثار جائحة كورونا وضعت ما بين 115-88 ملايين شخص إضافي في خانة الفقر، وبهذا يصل مجموع الأشخاص الفقراء 729-703 مليون شخص، كما قدّرت أبحاث جديدة أنّ تغيّر المناخ الناجم بسبب جائحة كورونا سيضع 132-68 شخصًا في دائرة خط الفقر بحلول عام 2030، ما يضع الاقتصاد العالمي تحت تأثير كارثة اقتصادية عالمية ستستمر في التوسع دون إيجاد ردة فعل عالمية مناسبة لها، فآثار الوباء وتداعياته الاقتصادية والقتال المسلح وتغير المناخ كلها عوامل ستؤدي إلى خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة جدًّا في المستقبل[٣].


أسباب الفقر

مع الأسف لا يوجد حل جذري وسحري للتخلّص من الفقر في العالم، ولكن إذا أردنا أنْ نحد منه ينبغي علينا أولًا معرفة أسبابه، وفيما يلي سنأتي على ذكر أبرزها[٢]:


انعدام الأمن المائي والغذائي

يفتقد أكثر من ملياري شخص وجود مياه نظيفة، في حين يعاني أكثر من 800 مليون شخص من الجوع، وإذا لم يحصل الفرد على كفايته من الطعام والماء فإنّه لن يمتلك الطاقة والقدرة على العمل، ناهيك عن أن نقص الماء والغذاء سبب الإصابة بالعديد من الأمراض مثل الإسهال، وعلى الرغم من إمكانية توفر بعض مصادر المياه النظيفة، إلا أنه وبسبب وقوعها بعيدًا عن المناطق الريفية الفقيرة، تضطر النساء إلى قضاء الكثير من الوقت يوميًّا في المشي لمسافات طويلة لإحضار الماء، وقت يمكن أنْ يُستغل في العمل أو التعلم للحصول على وظيفة لائقة.


البطالة

عدم القدرة على تأمين عمل لكسب المال يمثل أحد أسباب الفقر خاصةً في المناطق الريفية والدول النامية، كما تؤدي قلة مساحات الأراضي المنتجة بسبب الصراعات أو تغيّر المناخ، أو الزيادة السكانية، أو الاستغلال الخاطئ للموارد، مثل المعادن والأسماك إلى التقليل من فرص العمل التقليدية، وبالتالي المعاناة من الفقر.


النزاعات العنيفة

يمكن للصراعات العنيفة أنْ تؤدي إلى الفقر؛ إذ أنّها تدمّر البنية التحتية وتُجبر الأفراد على الهروب وترك ممتلكاتهم أو بيعها، وفي معظم حالات النزاعات المسلّحة تتحمل النساء الجزء الأكبر من مسؤولية أسرهن، ومن الشائع أن تصبح المرأة هي المعيل لأفراد أسرتها في ظل هذه الظروف، وقد تواجه صعوبة في إيجاد فرصة عمل بأجر جيد، ما يجعل أسرتها عرضة للمعاناة من الفقر.


عدم المساواة

تتعدّد أشكال عدم المساواة في العالم كعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى الأنظمة الطبقية والانتماءات القبلية، وبغض النظر عن شكل عدم المساواة فإنّها تؤدي في النهاية عدم تساوي فرص الحصول على عمل يحمي الأسر من الفقر.


ضعف التعليم

يعيش غالبية الأشخاص غير المتعلمين في فقر مدقع، وقد تمنع الأسر أطفالها من الذهاب إلى المدرسة لعدة أسباب، منها عدم قدرتها تأمين التكاليف الدراسية أو رافض فكرة تعليم الفتيات، ولأنّ التعليم يوفر فرص العمل والموارد والمهارات اللازمة لجعل الأسرة في مأمن من الفقر، ومن البديهي انتشار الفقر في المناطق التي تفتقر إلى التعليم.


التغيرات المناخية

تؤدي التغيرات المناخية مثل الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة إلى الفقر بالفعل، فالعديد من سكان الدول الفقيرة يعتمدون على الزراعة والصيد للأكل وكسب عيشهم، وهم يخزّنون ما يكفيهم من الغذاء حتى الموسم القادم فقط، وليس لديهم أي احتياطات إضافية، وعندما تحل الكوارث الطبيعية فإنّ الملايين من الأشخاص سيصبحون من دون طعام، ما يضعهم في حالة فقر تفوق سابقتها.


محدودية قدرة الحكومة

تؤمن العديد من حكومات العالم فقرائها بالرعاية الصحية والمساعدات الغذائية، لكن قد لا تستطيع حكومات أخرى تأمين مواطنيها بهذه الاحتياجات الأساسية، نظرًا لعدم قدرتها تحقيق الأمن الاقتصادي لبلادها، الأمر الذي يوقع العديد من الأسر في الفقر.


أنواع الفقر

يُقسّم الفقر على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إلى عدّة أنواع، وهي كما يأتي[١]:

  • الفقر المدقع: هو الفقر الذي يندر فيه وجود الطعام الأساسي والماء النظيف والمأوى والصحة والتعليم، ويعيش الأشخاص الذين يعانون منه في كفاح مستمر من أجل تأمين قوت يومهم، كما أنّهم يعانون من نسب وفاة كبيرة بين الأطفال بسبب الملاريا والكوليرا وسوء التغذية، والأمراض المرتبطة بتلوث الماء.
  • الفقر النسبي: يُنظر لهذا النوع من الفقر من منظور اجتماعي، وهو يعني مستوى معيشة الفرد مقارنةً بالمعايير الاقتصادية التي يعيش فيها الأفراد المحيطين، وبالتالي فهو مقياس لعدم المساواة في دخل الأسرة، فمثلًا قد يُنظر لأسرة ما بأنها فقيرة إذا كانت لا تستطيع تأمين تكاليف الإجازات أو شراء الهدايا لأطفالها في العيد.
  • الفقر الظرفي: هو نوع مؤقت من الفقر يحدث نتيجة وقوع حدث طارئ، مثل الكوارث الطبيعية أو الإصابة بمشاكل صحية حادة.
  • الفقر المُتوارَث: هو الفقر الذي تورّثه الأسر والأفراد من جيل إلى آخر، وهذا النوع يصعب التخلص منه، لأنّه يفرض نفسه على الأفراد.
  • الفقر الريفي: يحدث هذا النوع من في المناطق الريفية التي يقل عدد قاطنيها عن 50,000 شخص، بسبب ندرة فرص العمل والخدمات وعدم توفر مستوى تعليمي جيد، ويميل الأفراد في هذه القرى غالبًا للعمل في الزراعة والأعمال البسيطة الأخرى المتاحة حولهم.
  • الفقر الحضري: هو الفقر الذي يحدث في المناطق الحضرية التي يزيد عدد قاطنيها عن 50,000 شخص، ويواجه سكانها العديد من التحديات، منها قلة الحصول على التعليم والخدمات الصحية وعدم توفّر السكن والخدمات المناسبة، وتكون بيئتهم عنيفة وغير صحية بسبب الازدحامات، كما تفتقر هذه المناطق إلى آليات الحماية الاجتماعية.


حلول للقضاء على مشكلة الفقر

إنّ القضاء على الفقر ليس هيّن لكنّه ليس مستحيل، ويوجد بعض الحلول للتخلّص منه أهمّها ما يأتي[٤]:

  • تحقيق المساواة: يجب تمكين جميع فئات المجتمع من المشاركة في عملية صنع القرار في مجتمعاتهم للقضاء على مشكلة الفقر.
  • تنمية القدرة على الصمود أمام الظروف الطارئة: بما أنّ الكوارث الطبيعية والصراعات من أسباب الفقر، فإنّه يجب على الدول أنْ تأخذ احتياطاتها في سبيل مواجهة المخاطر الطارئة قبل تفاقمها، من خلال التعليم العلاجي وتأمين اللقاحات أثناء الوباء، وتنمية القدرة على الصمود والتعافي من الكوارث الطبيعية، وتأمين الغذاء والمأوى والصحة للأفراد المتضرّرين.
  • زيادة فرص الحصول على التعليم: يمكن خفض معدل الفقر العالمي لأكثر من النصف من خلال زيادة فرص الحصول على التعليم، وتطوير المهارات والقدرات التعليمية.
  • تحسين الأمن الغذائي والمائي: توفير الغذاء الكافي والصحي والمياه النظيفة للأفراد سيساعد كثيرًا في مكافحة الفقر.
  • إنهاء الحروب والصراعات: يساعد القضاء على الحروب والنزاعات في تحويل الميزانيات المخصّصة لها في توفير الخدمات العامة للمجتمعات الفقيرة.
  • إيجاد فرص عمل للقادرين عليه: خلق فرص عمل بأجور جيدة أفضل وسيلة للخروج من الفقر، وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف يجب إعادة بناء البنية التحتية وتنمية مصادر الطاقة المتجددة، والقيام بالمزيد من الاستثمارات التي من شأنها خلق المزيد من فرص العمل التي من شأنها تعزيز الاقتصاد الوطني[٥].


المراجع

  1. ^ أ ب GAURAV KUMAR (11/4/2018), "What is Poverty and its types?", jagranjosh, Retrieved 13/3/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Kristin Myers (3/5/2018), "The top 9 causes of global poverty", reliefweb, Retrieved 13/3/2021. Edited.
  3. "Poverty", worldbank, 7/10/2020, Retrieved 13/3/2021. Edited.
  4. "SOLUTIONS TO POVERTY TO GET US TO 2030", concernusa, 24/2/2020, Retrieved 13/3/2021. Edited.
  5. Rebecca Vallas, Melissa Boteach (17/9/2014), "The Top 10 Solutions to Cut Poverty and Grow the Middle Class", americanprogress, Retrieved 13/3/2021. Edited.

فيديو ذو صلة :