الفرق بين المساواة والعدل

المساواة والعدل

لقد تعرض الإنسان منذ بداية الخلق لعدد من المخاطر والصراعات والنزاعات التي حفزت لديه غريزة البقاء، وربما تعدى الأمر مجرد بقائه فيها لأن يتجاوز مساحاته الشخصية إلى التعدي على حدود الإنسان الآخر ونقل الصراع إليه؛ لذا كانت الحاجة ملحّةً لأن يُحفظ حق الإنسان بشتى الطرق، وقبل أن تظهر جمعيات حقوق الإنسان وحرياته في العصور المتحضرة، والتي تسعى لضمان حصول الإنسان على حقوقه، كانت الأديان على اختلافها ولعل أهمها الدين الإسلامي، من الوسائل التي دعت إلى احترام الإنسان وعدم الانتقاص من حقوقه، وعدم صمته عن مظلمة تصيبه وتصيب غيره، ومن أهم المفاهيم المتعلقة بالحقوق، مفهومي العدل والمساواة، وهما من المفاهيم المتلاصقة، والتي يعتقد البعض بأن لا فرق بينهما، فهل يوجد فرق بينهما حقًّا؟


الفرق بين العدل والمساواة

قد يبدو للوهلة الأولى أنّ كلمة العدل تطابق كلمة المساواة في المفهوم، ولكنّ ذلك ليس صحيحًا دائمًا؛ فالعدل يعني إعطاء كل ذي حقٍ حقه، وعدم انتقاص شيء من ذلك، أما المساواة فليست بالضرورة أن تكون عدلًا، فهي تعني منح الأفراد المتكافئين حقوقهم في المجالات المختلفة دون تمييز بينهم، وفي هذا المفهوم قد يتطابقان، لكن قد يكونان على خلاف؛ فمثلًا منح الأفراد الحقوق نفسها على اختلاف طبيعتهم وظروفهم وأحوالهم قد يكون ظلمًا لبعضهم، ومن أمثلة ذلك المساواة بين الرجل والمرأة؛ فالمرأة والرجل مختلفان في طبيعتهما الجسدية والنفسية لذلك تكون المساواة بينهم بالأعمال والمعاملة ظلمًا لهما، أيضًا عندما تأخذ الدولة ضريبةً تأخذها بطريقة مختلف اعتمادًا على دخلهم وطبقاتهم؛ ولو كان مقدار ما تأخذه منهما متساويًا، لكان ظلمًا لأصحاب الدخل المحدود، ومن الأمثلة على ذلك أيضًا الميراث في الإسلام؛ فالرجل يأخذ ثلثين والمرأة ثلث، وذلك لأنّ الرجل موكلٌ إليه الإنفاق على عكس المرأة التي يُجبر الرجل على نفقتها؛ وهذا عدلٌ، أما لو ترك الأمر للمساواة لتساوت حصصهما وذلك ظلم للرجل، ويبقى الفرق بين المساواة والعدل أمر نسبي يتبع للمسألة المناط الأمر إليها[١]. [٢]

الإسلام دين العدل قبل المساواة

بناءً على ما تبين من فرق بين المساواة والعدل، يتضح جليًّا أنّ الإسلام دين عدل بالدرجة الأولى، ودين مساواة إذا كانت المساواة تفضي للعدل، وهذا يتبين في جميع الأحكام والقوانين التي شرعها القرآن وبينها للناس ليأخذوا بها، ويؤسسوا بها دولة الإسلام، وقد جاء في القرآن الكريم حول مفهومي العدل والمساواة آيات تدلل على ذلك، كقوله تعالى عن العدل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]. وقوله تعالى كدليل المساواة: (..وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات:13]، أما عن دلالة أنّ المساواة لا تعني عدلًا دائمًا فقد كانت في قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لاَ يَسْتَوُونَ)[السجدة: 18]، وقوله سبحانه: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى) [آل عمران: 36]، والله تعالى أجلّ وأعلم[٣].


المراجع

  1. ريهام عبد الناصر، "الفرق بين العدل والمساواة"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-12. بتصرّف.
  2. عصام القيسي، "العدل أم المساواة "لعبة اللغة""، مدونات الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-12. بتصرّف.
  3. "الإسلام دين العدل لا المساواة"، طريق الإسلام، 29-11-2014، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :