محتويات
مبدأ الفصل بين السلطات
يمكن تعريف مبدأ الفصل بين السلطات بأنه تلك العملية الجوهرية التي تتبعها الدول بالفصل بين الوظائف التي تؤديها كل سلطة سواءً كان ذلك شكليًّا أو عضويًّا، وبمعنى أدّق فإن المصطلح يشار به إلى عملية منح كل عضو مستقل وظيفة من وظائف الدولة وتكليفه بها، وبناءً على ما تقدّم؛ فإن الدولة الواحدة في هذا السياق تضم جهازًا متخصصًا بالقضاء وآخر بالتنفيذ وثالث بالتشريع، بحيث يؤدي كل من هذه الأجهزة وظيفته دون التدخل بالآخر وعدم الخروج من الإطار الذي وُضِع به.
وتشير المعلومات إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات يرتكز ارتكازًا أساسيًّا على ركيزتين؛ هما عدم وضع الوظائف جميعها تحت إمرةِ هيئة واحدة، والثانية ضرورة توزيع الوظائف على ثلاثةِ أقسامٍ رئيسية، وهي: الوظيفة التشريعية والقضائية والتنفيذية، بحيث تتخذ كل منها وظيفة محددة لها؛ فتتمثل وظيفة الجهاز التشريعي بسن القواعد والقوانين ووضعها لغاياتِ تنظيم الأنشطة المُمَارسَة داخل نطاق البلاد، بينما تأتي الوظيفة التنفيذية لتطبق ما جاءت به الجهة التشريعية وضمان خضوع الأفراد والأجهزة في الدولة لهذه القواعد، وفي حال ضبط خارجين عن القانون؛ فسيحالون إلى الجهة القضائية لإيقاع العقوبة المناسبة بهم وفض النزاعات بين الأفراد.[١]
أهمية الفصل بين السلطات
يحظى مبدأ الفصل بين السلطات بأهمية بالغة جدًّا في الدول، وتتمثل بما يلي[٢]:
- مبدأ رئيسي تعتمد عليه الأنظمة الغربية في تطبيق الديمقراطية، وذلك لاعتباره جوهرًا لها.
- التساوي بالأهمية مع مبدأ سيادة الشعب والأمة.
- القضاء على فكرة المركزية في الحكم، إذ ساهم ذلك بتوزيع الوظائف وإزالة طابع الاحتكار عنها.
- وسيلة فعالة في القضاءِ على الظلم والطغيان والمحاباة والاستبداد.
- ترسيخ جذور مفاهيم الحريات والحقوق ودولة القانون.
- سهولة التطبيق في مختلف أنحاء العالم تبعًا للأصول السياسية التي تفضي إلى غرس الاحترام تجاه كل سلطة منفصلة عن الأخرى.
- الحفاظ على الحرية السياسية وسريانها.
- تسهيل تحقيق مصالح الدولة وتيسيرها بكل بساطة.
- صون الحريات والحقوق الفردية داخل حدود الدولة وإزالة قيود الاستبداد والطغيان.
نشأة الفصل بين السلطات
تشير المعلومات إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات يعود ظهوره للمرةِ الأولى إلى العصور القديمة، وتحديدًا تلك التي شهدت انتشارًا للفلسفة الإغريقية في عهدِ أرسطو وأفلاطون، فقد تمكن كل منهم من منح هذا المصطلح مفهومًا سياسيًّا خاصًّا به، ثم بدأ الفصل بين السلطات بالاقترانِ بشدة بالمفكر مونتيسكيو في العصر الحديث؛ إذ جاء بأفكار مستحدثة حول ذلك وصاغها بأسلوبٍ سلس، ومنذ تلك اللحظة فقد بدأ العمل بناءً على انقسام الدولة إلى ثلاثة أنواع من السلطة، وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية.[٣]
أما مبدأ فصل السلطات في العصر الحديث، فقد شهد تطورًا ملحوظًا عقب استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1776م، إذ بدأت السلطات الأمريكية بإنشاءِ نظام سياسي قائم أساسًا على الفصل بين السلطات، وقد دخل حيز التنفيذ رسميًّا في عام 1789م بعد أن أقره الدستور الأمريكي عام 1787م، وقد كان الأسلوب متأثرًا بفكر مونتسكيو ولوك تأثرًا كبيرًا، وقد نشأت علاقة فريدة من نوعها بين السلطات الأمريكية الثلاث عن بقية المراحل الأخرى، وجاء ذلك على هامشِ الرؤية الفلسفية المعتمدة على هذه السلطات وطريقة تنفيذها للنصوص الدستورية.[٤]
الفصل بين السلطات في الإسلام
يعد الإسلام رائدًا في تطبيق الديمقراطية؛ إذ جاء بأدق التفاصيل لغاياتِ تحقيقها وسيادتها في مختلفِ أرجاء الكرة الأرضية، وبناءً عليه فإن الإسلام سبّاق في تنظيم العلاقات البشرية التي لم يترك بندًا من بنودها إلا وقد جاء بما ينظمها سواء كان ذلك على الصعيد الفردي أو الدولة أو غيرها؛ ومن ذلك فإن مبدأ الفصل بين السلطات قد اتخذ حيزًا هامًّا في تنظيم أمور الدولة في الإسلام، هذا ويتخذ مبدأ الفصل بين السلطات في الإسلام مكانةً مرموقةً جدًّا، إذ أكد الفقهاء على أن الدولة الإسلامية عمومًا تتخذ داخل حدودها عدة سلطات، وهي على النحو الآتي[٥]:
- السلطة التشريعية، تقع مسؤولية التشريع على الإمام أو الرئيس بالاعتمادِ على النصوص الواردة في الكتاب والسنة، كما يستعين بأهل الرأي والشورى للقيامِ بذلك وفقًا للنظام الإسلامي وتطبيقًا لمبدأ الشورى.
- السلطة القضائية، تُناط مسؤولية فض الخلافات وتطبيق العقوبات وإقامة العدل والصلح في المجتمعات بالقضاء وأهله.
- السلطة التنفيذية، تأتي السلطة التنفيذية لغايات تطبيق النصوص التشريعية التي أصدرتها السلطة التشريعية، ويكون ذلك بواسطة مجلس الوزراء أو رئيس الدولة، ومن الجديرِ بالذكرِ أن دور السلطة التنفيذية يتمثل بضمان تطبيق القانون في المجتمع وبين الأفراد على أكمل وجه.
- السلطة المالية وسلطة التقويم وسلطة المراقبة، تعد هذه السلطات مسؤولة عن اختصاصاتٍ محددة بواسطة مجلس الشورى لتنفيذها على أكمل وجه، وتحقيق التكاملية بين جميع السلطات في الدولة.
المراجع
- ↑ تغريد عبد القادر المنقحة (26-10-2015)، "مفهوم مبدأ الفصل بين السلطات ومزاياه "، المرجع الإلكتروني للمعلوماتية، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "مبدأ الفصل بين السلطات وتأثيره على النظم الديمقراطية"، المركز الديمقراطي العربي، 3-1-2017، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
- ↑ المحامي علي صالح القضاة (17-5-2019)، "مقاربة منهجية بين مبدأ الفصل بين السلطات ومجالس المحافظات.. هل ثمة فرصة؟"، jo 24، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد عبد الهادي صاوي (18-10-2018)، "حالة مبدأ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الأمريكي في ظل إدارة ترامب"، المركز العربي للبحوث والدراسات، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سالم البهنساوي (8-11-2007)، "الإسلام والفصل بين السلطات"، مداد، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.