كيف تحتوين زوجك عاطفيًّا؟

كيف تحتوين زوجك عاطفيًّا؟

الدعم العاطفي

العواطف والمشاعر هي اللبنة الأساسية لأي علاقة إنسانية مهما كان نوعها، والدعم العاطفي هو مكون مهم في العلاقات، وهو عامل وقائي وضروري للصحة النفسية، وقد لوحظ أن فرص الوفاة تزداد للأشخاص كلما قل تعرضهم للدعم العاطفي الذي يحتاجونه، فالأشخاص المفتقرون للدعم العاطفي، يكونون عادة عرضة لكثير من الأمور السيئة كالشعور بالضعف والضيق المتكرر، وحالات الاضطراب العقلي، ونوبات الاكتئاب، وحالات القلق والتوتر وقلة النوم والألم النفسي والجسدي بأشكاله المختلفة.

والدعم العاطفي يمكن أن يحصل عليه الإنسان من مصادر مختلفة، سواء أفراد العائلة، أو الأصدقاء أو المعارف المقربين، أو حتى زملاء العمل، فكل من هم أعضاء في مجتمع واحد ولديهم تجربة معيشية مشتركة يمكنهم أن يوفروا لبعضهم البعض الدعم العاطفي والاجتماعي الذي يحتاجونه، إذ يعد الدعم العاطفي أمرًا مهمًا جدًا لتحقيق الأهداف والحفاظ على السلوكيات الضرورية التي تلزم الأفراد والمجتمعات منها محاربة الأمراض المزمنة واتباع أنماط الحياة الصحية الضرورية لاستمرار الحياة بشكلها الصحيح، والملفت للنظر أن كثيرًا ممن يفتقدون العاطفة والدعم في حياتهم نظرًا لوحدتهم الاجتماعية، يلجؤون لاقتناء الحيوانات المنزلية الأليفة لتعويض هذا النقص العاطفي الذي يعانون منه.

وتقديم الدعم العاطفي للآخرين يشغل علماء النفس كثيرًا، وجرت بشأنه الكثير من الأبحاث، فالبعض يرى أن تقديم الدعم العاطفي يكون من خلال توفير الرعاية والتعاطف للآخرين، والبعض يرى أن الدعم العاطفي الحقيقي يكون بالتشجيع والاستماع لما يعانيه الآخر أو ما يريد التعبير عنه، والتفكير معه وإشعاره بالطمأنينة والحب والثقة طوال الوقت، كما يرى باحثون أيضًا أنه تفاعلات والتزام متبادل بين طرفين، واللافت للنظر أن الأبحاث فيما يتعلق بالدعم العاطفي جاءت بنتائج بينت وجود افتقار أو شح في الدعم العاطفي بالنسبة للذكور أكثر من الإناث، كما لوحظ أن الكبار في السن ما فوق ال75 عامًا هم الأكثر شكوى من افتقارهم للدعم العاطفي، ولعل المشكلة الحقيقية في الافتقار للدعم العاطفي تتمثل بعدم قدرة الأشخاص على إدراك هذا العوز أو الحاجة إلى الدعم العاطفي، فالكثيرين يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم لأسباب مختلفة[١].


ما هي أهمية الدعم العاطفي؟

يحتاج الإنسان منا في حياته إلى أشكال كثيرة من الدعم، سواء كان هذا الدعم دعم ماديًا، أو صحيًا أو بدنيًا، أو وظيفيًا وأكاديميًا، فالإنسان دائمًا بحاجة لأخيه الإنسان، وبحاجة لدعمه من وقت لآخر، لهذا فمن الضروري أن يصنع الإنسان من حوله منظومة متكاملة من العلاقات والأشخاص الذين يمكنهم أن يكونوا له عونًا وقت الحاجة، فهذا سيخفف عنه الضغط والأوقات العصيبة التي يمر بها.

البشر بطبيعتهم كائنات مترابطة، تعيش في مجتمعات مصغرة داخل مجتمعات كبيرة، وهذا يعني بالضرورة أن الناس بحاجة لبعضها البعض، وربما يعتقد البعض أنهم قادرون على العيش بمفردهم، وأنهم لن يكونوا بحاجة أي مساعدة من أي شخص مهما كان، ولكن هؤلاء غالبًا وفي وقت من حياتهم يكتشفون أنهم لم يكونوا على حق، فالدعم والمساندة والتشجيع من قبل الآخرين حاجة ضرورية، حتى لو بقيت في إطار الدعم والمساندة النفسية والعاطفية.

تتمثل الأهمية الحقيقية والجوهرية للدعم العاطفي بشعور الشخص بالحب أو الرغبة أو القرب من شخص ما، فعندما يشعر الإنسان أنه محبوب لشخصه، وليس لأي منفعة يرجوها منه الآخر، يعطيه هذا شعور قوي بالأمان وراحة البال، ولكن في حال لم يحصل على هذا الدعم العاطفي، ولم يشعر بمثل هذه المشاعر، فإنه سيصاب بالاكتئاب والغضب والتوتر والقلق، والكثير من الآلام النفسية الأخرى التي ستنعكس على كل جوانب حياته بعد ذلك، حتى على صحته البدنية، كما أن الافتقار إلى الدعم العاطفي ينجم عنه الكثير من الخطر على المستوى الشخصي والمجتمعي كما ذكرنا في البداية، فكثير ممن يفتقرون إلى الدعم العاطفي، يلجؤون إلى الرذائل من أجل تعويض ما يعانيه من نقص، فيُدمنون المخدرات والكحول، أو حتى الغضب غير المبرر بهدف تفريغ ما لديهم من ألم وعوز وحاجة.

المشكلة لدى البعض تكمن في شعورهم الدائم بأنهم ليسوا أهلًا للحب أو الشعور بالدعم العاطفي ممن حولهم، لما ظنوه من سوء في أنفسهم، وبالمقابل هناك أيضًا اشخاص محاطين بالكثير من الناس، الأقارب والأصدقاء والعلاقات، ومع ذلك لا يدركون أنهم فعلًا بحاجة إلى الدعم العاطفي، ولهذا نجد الكثير من الأزواج والزوجات يشعرون بغياب الدعم العاطفي من بعضهم البعض. ومن الجدير بالذكر أن المشكلة الحقيقية تبدأ من الطفولة، فكثير ممن يعانون من افتقاد الدعم العاطفي أو النفسي، بدأت المشكلة معهم منذ الصِغر، وفي مراحل الطفولة المبكرة، فالطفل الذي لا يحصل على العواطف الكافية والحب الذي يحتاجه من والديه وممن حوله، سيكبر على العوز والحاجة العاطفية، والتي حتمًا ستؤثر بشكل سلبي على حياته، وفي الغالب تستمر معه عندما يكبر، لأنه لن يكون قاردًا على معرفة احتياجاته العاطفية أو طلبها من الآخرين[٢].


9 خطوات تساعدكِ في احتواء زوجكِ عاطفيًّا

من المؤكد أنك تتساءلين دومًا عن الطرق التي يمكن أن تجعل علاقتك بزوجك قوية وحيوية وفي تجدد دائم، والجواب ببساطة أن الحل في مجمله يتمثل في الدعم العاطفي، إذ تقدمين لزوجك الدعم العاطفي الذي يحتاجه، وأتحصلي منه على الدعم نفسه أيضًا، وبعد البحث والاستماع للخبراء، وُجد أنه توجد تسع خطوات رئيسية يمكنك القيام بها من أجل احتواء زوجك عاطفيًا وتقديم الدعم العاطفي الذي يحتاجه، لتبقى علاقتكِ به في أفضل أحوالها، وهذه الخطوات يمكن تلخيصها على النحو التالي[٣]:

  • استمعي له بقوة، فعندما تستمعين له أثناء الحديث، أشعريه بأنك منجذبة جدًا لما يقول، وأوصلي له رسائل مفادها أنكِ مهتمة جدًا لمعرفة ما يدور في ذهن زوجك، وما هو الشيء الذي يتوق إليه، وما هو الشيء الذي يحب أن يفعله، والأهم من هذا أن تنتبهي جيدًا له وهو يتحدث وتشعريه بهذا بلغة العيون والاتصال البصري.
  • فكِّري في زوجك واجعليه أول أولوياتك، واسأليه: "ما المطعم الذي ترغب في أن نتناول فيه الغذاء؟"، وتذكري فيما إذا كان هناك نشاط طلب منك القيام به، فكلما شعر أنك تفكرين في رغباته واحتياجاته سيشعره هذا بالحب والدعم العاطفي، ولا ضير أبدًا في أن تجعلي احتياجات زوجك قبل احتياجاتك، فهذا هو الحب في أسمى معانيه وصوره.
  • اضحكي معه دائمًا، فالضحك يشعر الإنسان بالراحة والمتعة في كثير من الأحيان، فمثلًا احكي له نكتة قرأتِها هنا، أو خبرًا مضحكًا سمعته هناك، واجعلي الفكاهة دائمًا حاضرة في حديثك معه، وحاولي حتى أن تبحثي عنها في الأحداث القاسية وغير المرحة، ذلك لأن الضحك من شأنه أن يخلق مع الآخر علاقة عميقة جدًا وقوية تكسر كل الحواجز، فلا يمكن أن يضحك الإنسان مع شخص يكرهه أو يشعر بالغضب منه أو لا يبادله الحب.
  • انتبهي له دائمًا، في كل ما يقول ويفعل، فالروتين اليومي والتعود يجعلانك تنشغلين برغباتك والأمور التي تهمك، وتركزين عليها بشكل أكبر، لكن حاولي قدر الإمكان الانتباه له جسديًا وعاطفيًا، فالألفة والاعتياد قد تولد داخلك عدم اكتراث أو ربما احتقار غير مقصود، وحاولي قدر الإمكان أن تجعلي هدفك معرفة شيء جديد عن زوجك، سواء في شخصيته أو سلوكه أو حتى شكله، هذا الأمر سيدهشك ويشعرك أنك لم تكوني تعرفي الكثير عنه، فضلًا عن أنك ستشعرين بالحب الكبير تجاهه.
  • قدمي له المساعدة بشكل متكرر، وقومي دائمًا بعرض مساعدتك عليه، أيًا كانت الأعمال التي يمكنك القيام بها، كأن تقومي بترتيب مكتبه عنه، أو أنه يحتاج السيارة في زيارة رسمية وليس لديه وقت لتنظيفها، فافعلي ذلك عنه، المهم أن تكوني دائمًا سندًا له، هذا سيشعره بالدعم النفسي منكِ.
  • أخبريه دائمًا أنكِ في عونه، وأنك تشكلين معه فريقًا واحدًا، يمكنه اللجوء لكِ متى شاء، وكرري العبارات التي تدل على ذلك، كأن تقولي له "نحن فريق واحد، يمكنك الاعتماد علي"، ولا ضير في أن تقوليها أمام الآخرين أيضًا، هذا سيجعل صورتك رائعة كزوجة مثالية، ولن تسمحي لأي شخص بأن يحتل مكانتك لديه.
  • تداركي الأمر إذا شعرت أنكِ مقصرة في كونكِ داعمة لزوجك عاطفيًا، وقد يكون من الصعب عليك الاعتراف بهذا التقصير، ولكن لتصويب الأخطاء يجب علينا الاعتراف بها، فيمكنك أن تخبريه أنك تدركين تقصيرك تجاهه في الأمر، وسيتفهم حرصك حتمًا وسيكون سعيدًا به.
  • اعتذري عن أخطائك عندما تشعرين أنك ارتكبت خطأ ما، أو في حال شعرت أنك جرحتِ زوجك بالقول أو بالفعل، فلا بأس في أن تقولي له: "نعم عزيزي، أنت على حق، أنا مخطئة، أنا آسفة."، رغم بساطة هذه الكلمات، إلا أنها حقيقية جدًا، وتجعل العلاقة بينكما نظيفة خالية من أي شوائب فالاعتذار ينظف الأجواء من المشاحنات، ويصفي القلوب.
  • كوني صادقة معه، فمن المهم جدًا أن تكوني صادقة مع زوجك، وأن تكوني حريصة كل الحرص على طريقة كلامك معه، وحاولي إيصال مشاعرك له بطريقة صادقة لتصبح علاقتكما أجمل وأفضل.


كيف تعرفين أن علاقتكِ الزوجية خالية من الدعم العاطفي؟

وجود الدعم النفسي والعاطفي في العلاقة الزوجية أمر ضروري لاستمرارها، ولذلك عليكِ أن تتأكدي من وجوده فيها، أو أنكِ بحاجة لتجدديه والعمل على إيجاده، وهذا يحتاج منكِ إلى أن تدرسي الأمر من ناحيتك أنتِ ومن ناحية زوجك أيضًا، وتوجد بعض الإشارات والعلامات التي يمكنك من خلالها معرفة هذا، و ونذكر منها ما يلي[٤]:

  • شح المشاعر، سواء من ناحيتك أنتِ أو من ناحية زوجك، ففي حال شعرت أنه يقلل من ردات الفعل الصادرة عنه، أو أنها تنم عن كونه غير مقدر لما تشعرين به أو ما تقولينه، كأن يستجيب معك وهو يقلب في هاتفه الخلوي، أو من وراء الجريدة، وقد تصدر هذه التصرفات منكِ أنتِ أيضًا دون أن تنتبهي لها.
  • التصرفات الجسدية، فالسلوك الجسدي الذي يصدر من زوجك يمكن أن يدل على وجود الدعم العاطفي أو غيابه، ففي حال لم تشعري بالدفء والحب في عناقه، أو أنكِ لا تشعرين بالحب الحقيقي خلال العلاقة الحميمية، وأنه يفعل كل هذه الأمور لأنها واجبات عليه لا أكثر، فهذا فيه إشارة أنه ربما لن يكون قادرًا على إشعارك بالتحسن إذا شعرت بالإحباط، والأمر نفسه في حال كنتِ أنتِ كذلك في تعاملك معه.
  • تجنب الجدال والنقاش، ففي حال كان زوجك بتجنب النقاش المطول معك أو الجدال في الأمور المختلفة، فإنه من الصعب أن يكون الداعم الأول لكِ لتصلي إلى أفضل ما تتمنيه لنفسك، وكذلك الأمر بالنسبة لكِ، في حال شعرتِ أنك غير مهتمة بمناقشته والحديث المطول معه، ربما هو أيضًا يشعر بغياب الدعم النفسي في العلاقة.
  • افتقاد الافتخار والاعتزاز، ففي حال افتقدت شعور الفخر ورأيت الاعتزاز في عينيه بما تصنعين من أمور، حتى لو كانت بسيطة، فهذا الأمر يدق ناقوس الخطر بشأن غياب الدعم العاطفي والنفسي في العلاقة، ولا تنسي أن تراقبي نفسك من هذه الناحية أيضًا.
  • الكسل وغياب الحيوية في الحياة الزوجية، ففي حال شعرتِ أنه يفتقد الحماس ولا يشعرك به أيضًا، أو أنه يقضي معظم وقته أمام التلفاز فإن الأمر يشير إلى أنه ربما لن يكون داعمًا نفسيًا وعاطفيًا جيدًا عند الحاجة لذلك.
  • التعامل السيئ مع مشاكلك، فتشعرين دائمًا أنه يحاول التقليل من شأن الأحزان التي تشعرين بها، أو الصعوبات التي تمرين بها خلال حياتك اليومية، ويشعرك بالاستياء، فهذا أمر سيئ للغاية ويشير بشكل واضح لغياب الدعم العاطفي في علاقتكما، شريطة ألا تكوني شخصًا متذمرًا وكثير الشكوى من أبسط الأشياء.
  • غيابه وتذمره من بكائك، فالبكاء من الأمور الضرورية في حياة المرأة لتفريغ المشاعر السلبية التي تشعر بها من وقت لآخر، لكن في حال كانت ردة فعله دائمًا سيئة، وكلما رآكِ تبكين تذمر وانهال عليكِ باللوم والانتقاد، ففي هذا إشارة إلى أنه لن يكون أبدًا داعمًا عاطفيًا جيدًا لك.
  • غياب الحماس تجاه الأشياء التي تحبينها، ففي حال كان غير متحمس للأمور التي تسعدك، أو الأشياء التي تفرحين بشرائها أو تحقيقها بالعمل، وتجدين منه ردات فعل باردة، ربما كانت هذا إشارة إلى افتقارك للدعم العاطفي من قِبل زوجك.
  • مقارنة نفسه بك دومًا، ففي أي نقاش أو جدال تشكين به من أمر ما، فقد يبدو في البداية مستمعًا لك، ولكنه قد يرد بطريقة غريبة تضايقك، يبدأ بها بالتحدث عن نفسه، والأمور التي يستاء منها أيضًا، وهذه إشارة مهمة إلى غياب الدعم العاطفي في علاقتك معه.
  • النسيان المستمر لما تقولينه له، ففي حال شعرت في أنه يتظاهر أثناء حديثك بالتركيز والانتباه لكل ما تقوليه له، لكن بعد حين ينسى كل ما قلتِ، ربما في هذا إشارة إلى أنه لا يأبه كثيرًا بما تقولين، ولا يمكنه أن يكون داعمًا نفسيًّا وعاطفيًّا مناسبًا لكِ.


المراجع

  1. "What do we mean by “emotional support”?", peersforprogress, Retrieved 14-07-2020. Edited.
  2. "How Important is Emotional Support for People", floridaindependent, Retrieved 14-07-2020. Edited.
  3. "9 Steps to Becoming a Supportive Partner", aterriblehusband, Retrieved 14-07-2020. Edited.
  4. "10 Subtle Signs Your Relationship Lacks Emotional Support", bolde, Retrieved 14-07-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :