كيفية تحليل نص تاريخي

كيفية تحليل نص تاريخي

كيفية تحليل نص تاريخي

توجد أنواع مختلفة للنصوص التاريخية، وهي المستندات المكتوبة، أو اللوحات، أو النُّصُب التذكارية، أو الخرائط، أو الصور الفوتوغرافية، أو الجداول الإحصائية، أو الأفلام، أو مقاطع الفيديو، وأيّ شيء يُعرِّف بالماضي يُعدّ نصًّا تاريخيًّا، ويجب تحليله وفق خطوات مُتّفق عليها بين جميع الدراسين، ولا يُشترطُ فيها التسلسل، وهي[١][٢][٣]:

السياق التاريخي للنص

هنا يُوضّح المحلل التاريخي مميزات الحِقْبَة التي كُتِب فيها النص، ويوضّحها كتابيًّا عن طريق بعض الصيغ، مثلًا عليه أن يُؤرّخ النص للقرن كذا، أو مطلع القرن كذا، بالإضافة إلى توضيح مميزات الحِقْبَة الزمنية، ضمن الفقْرة أو في شكل نِقَاط مستقلّة، ويمكن تحليل العناوين والفقرات الرئيسة للنص، ومضمون المقدمة والخاتمة؛ لتحديد ميّزات المدّة المواكبة للنص، ولا يغفل عن المكان أو الموقع الجغرافي والمجتمع المحيط بتلك المدة، وبذلك يمكن اختصار هذه النقطة بثلاث محاور أساسية هي معرفة: الزمان، والمكان، والمجتمع الذي كُتِب بها النص التاريخي[٣].

التعريف بالمؤلف

لا بدّ من معرفة مؤلّف النص؛ لأنّ تحليله سيختلف من وظيفة لأخرى، مثلًا إذا كتبه مُؤرّخ البلاط سيختلف عن كتابة المُؤرّخ الهاوي، كما ويوجد المُؤرّخ الأكاديمي، فمعرفة حياة المؤلف تكشف أسباب اهتمامه بالواقعة والكتابة عنها، ولا بدّ من معرفة اتجاه المؤلف الفكري والفلسفي والسياسي؛ لأنّها مهمّة في معرفة ما يؤثّر على المؤلف، وبذلك على كتابته للأحداث.

شرح المصطلحات

لا بدّ أن يعرف مُحلّل النصوص التاريخية اللغة التي يترجم عنها؛ ليتمكّن من تحليل العبارات بدقّة، ولا يعتمد على الترجمة الحرفية، ويكون ذلك أيضًا بتحديد المغزى التاريخي للمصطلح أو العبارة في تلك المدّة التي كُتِب بها النص، فتوظيف المخزون المعرفي لمعاني المصطلحات يساعد كثيرا في فهم وتحليل النص التاريخي بدقةٍ أكبر.

طبيعة النص

تحمِل النصوص التاريخية مواضيع كثيرة، وتحمل أبعادًا لانتماء النص والوقائع التي يُصوّرها وبالزمن الذي كتبت به، مثل أن يكون النص التاريخي: سياسيًا، أو اقتصاديًا، أو ثقافيًّا، أو دينيًّا، أو عسكريًّا، وبهذا تحديد فئة النص وتصنيفها وتحديد كيف سيؤثر ذلك على مصداقية وأصالة النص التاريخي.

الفكرة الرئيسية والعناوين الفرعية

يجب أن تكون الفكرة الرئيسة متّفقة مع محتوى النص العام، بينما تشير العناوين الفرعية إلى الأفكار الرئيسة في كلّ فقْرة على حدا، وينبغي أن تكون العناوين موجزة بشدّة، وتُركّز على الفكرة العامة فقط، وعند تحديد الأفكار الأساسية يجب ذكرها في بداية ونهاية الفقْرة التي تتضمّن الفكرة، مع وضع عناوين فرعية أخرى؛ للتحكّم أكثر في فهم النصوص وتقسيمها.

تحليل وشرح النص

يشرح المُحلّل الفقرات التي تندرج تحت العناوين الفرعية، ويوضّح الأفكار الرئيسة والثانوية بالتفصيل، بالاستعانة بالمعلومات التي يمتلكها، التي جمعها عن الحِقْبَة الزمنية والمكانية للنص، وتحليل النص يكون ليس فقط بتلخيص، فبالإضافة لذلك يجب تحليل مدى اتساق ومنطق النص، وتحليل الأفكار يسلط عليها النص والأفكار التي البين السطور التي قد يرمي لها المؤلف، ومن ناحية أخرى التقيد بالنص وعدم الخروج عن الأفكار الرئيسة له.

شرح الأبعاد

تُشرَح الأبعاد للنص التاريخي بأسلوب موضوعي من دون حماسة بطولية أو خطابة عاطفية؛ لأنّها تحرّف النص، وتزيِّف التاريخ، ولن يكون التحليل موضوعيًّا بل شخصيًّا، وهذا لا يخدم التاريخ في شيء.

الالتزام بالنص

لتجنّب الخروج عن الفكرة الرئيسية للنص؛ ممّا يفقده قيمته التاريخية، ولا ينبغي أن يفصح الدارس عن رأيه إلّا بعد أن يشرح جميع مكونات النص؛ أي أنّ المحلل مسؤول عن الأحكام التي يصدرها للنص التاريخي بعد أن يقدّم جميع التحليلات بأسلوب علمي ونزيه، ويبتعد عن شرح أيِّ شيء مشكوك فيه، أو الاعتماد عليه.

التقييم والاستنتاج

بعد أن ينتهي المحلل من شرح النص، لا بدّ أن يوضّح جميع استنتاجاته التي توصل لها، إما على شكل نِقَاط، أو في فِقْرة مستقلة، ومقارنة النتائج بالأحداث المعاصرة، والغرض منها بثّ روح مختلفة في النص، وربطه بالواقع الحالي، لتحليل جذور المشاكل التي يعانيها العالم الآن، مما يسهّل حلّها، ويزيد من استقرار العالم.


قواعد مهمة عند تحليل نص تاريخي

من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها عند تحليل النصوص التاريخية، ما يأتي[١]:

  1. عدم الإفراط في اللغة والأحكام، بالإضافة إلى تجنُّب التعليقات عديمة المعنى، مثل (هذا النص مثير للاهتمام جدًّا)، بل يجب تحديد سبب أهميته؛ لأنّ هذا يجعل التحليل ممتعًا ومنطقيًّا.
  2. الابتعاد عن الألفاظ الشخصية، مثل أنا أعتقد، وبرأيي الشخصي وما إلى ذلك ويفضل استخدام المبني للمجهول.
  3. توثيق الاستشهاد في كلّ المستند، وإعطاء أرقام للفقرات، وتثبيت الاستشهاد في كلّ مرة يُستخدم فيها.
  4. عند الاعتماد على أي مصدر أجنبي أو موقع ويب أجنبي، يجب أن يصنّف في صفحة ببليوغرافيا منفصلة (الكلمات التي دخلت إلى العربية من لغات أخرى).
  5. على صفحة الغلاف يشير المؤلّف إلى اسمه، وتاريخ تقديم التحليل، وعنوان النص التاريخي، وعنوانه.


عوامل تساعد على تحليل نص تاريخي

إنّ إنجاز خطوات تحليل النص التاريخي عند معالجة أي وثيقة تاريخية، لا يمكن إلا بواسطة عوامل مساعدة؛ لأنّه لا فائدة من الوثيقة التاريخية إذا لم تكن مفهومة ورموزها مفكّكة، ومترجمة بطريقة بسيطة تبيّن جوانبها المخفية، ومن النقاط المهمة في تحليل النص التاريخي ما يأتي[٢]:

  1. الإلمام بالفترة المراد دراستها: أن يكون لدى المُحلّل رصيد كافٍ من المعلومات؛ لمساعدته في رصد الحقائق، وتحليلها تحليلًا موضوعيًّا ونزيهًا، ولا يتحقّق ذلك إلّا بقراءة عميقة للتاريخ.
  2. التمكن من النص: وتعني القدرة على التحليل واستخراج المعلومات ومقارنة الأحداث والتركيز في التحليل من دون الاعتماد على الوصف أو السرد الأدبي.
  3. الإلمام باللغة جيّدًا؛ ليتمكن من فهم سياق الجمل، من دون أن يترجمها حرفيًّا.
  4. المعرفة بعلم الآثار والحفريات؛ لأنّها مرتبطة جدًّا بدراسة التاريخ.
  5. معرفة الحروف القديمة؛ للتمكّن من قراءة النقوش والمخطوطات التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين وفهمها.
  6. معرفة المدارس الأدبية: ليتمكن المحلّل من  معرفة المراحل التي مرّت بها، والوقوف عند أهدافها نظرًا للصلة بين التاريخ والأدب، في كثير من الحالات، سواءً لدراسة النصوص النثرية أم الشعرية.


ما أهمية تحليل النصوص التاريخية؟

يُقدّم تحليل النصوص التاريخية المميزات الآتية[٢]:

  1. أكبر أهمية لتحليل النص التاريخي هي أنّه وسيلة لمعرفة الأحداث التاريخية والاستفادة من الماضي في بناء المستقبل.
  2. اكتساب معارف مجهولة، وتدعيم وتعميق الفهم الحالي للمعارف المُكتسبة.
  3. الاعتياد على التحليل الموضوعي في تفسير الأحداث التاريخية.
  4. التعرف على كيفية حدوث التاريخ وحوادثه عبر أزمان مختلفة، وهذا لا يمكن ملاحظته إلا بدراسة معمّقة لحيثيات الماضي.
  5. توليد الرغبة بالقيام ببعض الأعمال المفيدة للمجتمع، وتخلصه من معتقداته الخاطئة المتكررة.
  6. التعرف على الوسائل التي استعملت قديمًا، التي عادة ما تكون مجهولة في العصر الحالي، ولفهمها يجب تحليلها في السياق الذي وجدت به، وليس حَسَبَ السياقات الحالية.
  7. نقل التفكير من التصديق السريع إلى التدقيق قبل تصديق أيّ معلومة، والأخذ بمبدأ النسبية والشك والانسياق وراء الأفكار الرنانة من دون تحليل أو تمحيص.


المراجع

  1. ^ أ ب "Analyzing an Historical Document", faculty.marianopolis, Retrieved 2/2/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Critical studies of historical writings", cte.univ-setif2, Retrieved 2/2/2021. Edited.
  3. ^ أ ب الأستاذ قصباوي، جوانب منهجية في مادة االجتماعيات، صفحة 1. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :