مفهوم الفكر السياسي

مفهوم الفكر السياسي

مفهوم الفكر السياسي

يعد الفكر السياسي أو الفلسفة السياسية[١] فرع من فروع الفلسفة الذي يهتم بالمفاهيم والحجج التي تتضمَّن الرأي السياسي، والمشكلة المركزية للفكر السياسي هي كيفية نشر أو تقييد الجمهور بالسلطة؛ للحفاظ عليها على قيد الحياة، إضافة إلى تعزيز جودة الحياة البشرية، وهي مشروطة بالبيئة ونطاق وقيود العقل، وتعكس إجابات الفلاسفة المهتمين بالسياسة، الذين تعاقبوا على المشكلات الدائمة والسائدة في عصرهم.


يتميَّز الفكر السياسي بدراسة التنظيم السياسي والإداري نظريًّا ومعياريًّا، أي أنَّ المفكر السياسي لا يهتم كثيرًا بكيفية التوصل إلى القرارات، عبر أنظمة التصويت المختلفة، بالتالي يختلف الفكر السياسي عن العلوم السياسية، والتي تتميَّز بأنَّها علم تجريبي ووصفي، ومع ذلك لا يعدُّ الفكر السياسي مجرَّد تكهنات غير عملية، بل إنَّه مهم جدًّا للعمل السياسي، وكانت له نتائج حاسمة وفعالة في العمل السياسي[٢].


ما هي مصادر الفكر السياسي؟

المصادر الرئيسية لمعرفة الفكر السياسي هي[٣]:

  • كتابات الفلاسفة السياسيين، الذين هدفوا إلى وضع الفكر السياسي لعصرهم بطريقة منهجية، وهم قائمة طويلة، منهم أفلاطون، وجون راولز، ولم تقتصر كتابات هؤلاء الفلاسفة على تلخيص فكر الذين سبقوهم والذين عاصروهم، بل حدَّدت في كثير من الأحيان خطوطًا نظرية جديدة ضمنت الالتزام العام بدراساتهم فيما بعد.
  • اعتماد الفلاسفة السياسين اللاحقين لم يكن على كتابات الفلاسفة السياسيين القدماء، إذ كانوا كثيرًا ما ينحرفون إلى منظور جديد، إمّا أن يكون قريبًا من مؤسساتهم، أو لأنَّهم تأثَّروا كثيرًا بالدراسات السابقة وانحازوا لتقديم صورة لهم، أي أنَّ تاريخ الدين والعلم والنظرية
  • الاقتصادية والأخلاق يساهم في تشكيل الفكر السياسي، كما أنَّه يعتمد على خطابات وكتابات الرجال أصحاب المناصب العليا في الحكومة، أو الذين مارسوا قدرًا من التأثير في الرأي العام.
  • الوثائق الرسمية تعدُّ مصدر مهمًّا للفكر السياسي، ومنها الدساتير المكتوبة، والقوانين والمراسيم، وقرارات المحاكم، والمواثيق، وتقارير الإدارات، والمعاهدات، والمراسلات الدبلوماسية، وأوراق الدولة، وما إلى ذلك.
  • اكتساب الرأي العام مكانة بارزة في العصر الحديث، أدى إلى أن أصبحت الصحف والمجلات، والمنشورات، والنشرات وما شابهها مصدرًا قيّمًا للفكر السياسي.


تطور الفكر السياسي

مرَّ الفكر السياسي بالعديد من المراحل إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم، وفيما يأتي شرح لأبرز المراحل التي مرَّ بها قديمًا وحديثًا[٢]:


تطور الفكر السياسي قديمًا

مع أنَّ الحضارات في العصور القديمة في مصر، وبلاد ما بين النهرين والصين كانت عظيمة، إلا أنَّ هناك القليل ممّا وصل من التكهنات السياسية منهم، مثلًا:

  • اهتمام شريعة حمورابي أساسًا بالنظام والتجارة والري.
  • تركيز الفكر السياسي في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد على كيفية البقاء تحت سلطة تعسفية.
  • تركيز كونفوشيوس على استقرار المجتمع والسلوك.
  • المجتمع في أوروبا كان مُستبدًّا، والحاكم مدعوم بعقوبات دينية، والتعسفية والسلطة المحافظة مقبولة عمومًا.
  • تشكيك الفلاسفة السياسيين في اليونان القديمة في أساس الحكومة والغرض منها، ولم يميِّزوا بين التكهنات السياسية والعلوم السياسية التجريبية، لكنَّهم أول من أسَّس مفردات الفكر السياسي الغربي.
  • حاول أفلاطون إيجاد حلول للظلم السياسي السائد في كتابه (الجمهورية)، وهو أول محاولة فلسفية أوروبية لإضفاء الصفة الأخلاقية على الحياة السياسية.
  • حلل أرسطو المجتمع ووصف علاجًا لمشاكله، واعتبر السلوك السياسي فرعًا من فروع علم الأحياء والأخلاق، واهتم بالتوازن وليس بمثالية أفلاطون.
  • عدّ شيشرون أنَّ القوانين موجودة لجعل حياة الناس أفضل.
  • عدّ أوغسطين أنَّ وظيفة الحكومة هي المحافظة على النظام في عالم شرير في جوهره.


تطور الفكر السياسي المعاصر

سيطرت السياسة الأوروبية على العالم بأسره في القرن التاسع عشر، وأوجدت إنتاجية جديدة تقوم على الاكتفاء الذاتي الذي يمكن للجميع أن يشتركوا فيه، وكانت قائمة على ما يلي:

  • عدم تحقُّق سيادة القانون في الدول المتقدمة سياسيًّا.
  • بقاء الدول والإمبراطوريات المسلحة بالأسلحة الثقيلة في وضع الحرب.
  • تجاهل الجميع المثل الكلاسيكية العليا ومُثُل العصور الوسطى من فترة طويلة.
  • انتشار الرأسمالية وتفاقم الصراعات الطبقية داخل الدول.
  • تراجع الاعتقاد الديني وتقوّض التضامن التقليدي.
  • عندما اندلعت حرب أوروبية عامة عام 1914م، احتشدت الشعوب خلف حكوماتها، على عكس ما كان يريده الثوار.
  • ظهور نزاع عالمي ثاني، عندما فشلت القوى المنتصرة في أن تعزّز النظام العالمي عبر عصبة الأمم.
  • تطوُّر الأسلحة في الحرب العالمية الثانية إلى مدمرة للغاية وهدَّدت الحياة في كل مكان.
  • استمرار الماركسية في إلهام المذاهب الثورية بالإضافة إلى التحليلات السياسية والثقافية الرصينة، والتي اعتمد بعضها على رؤىً مستعارة من نظريات التحليل النفسي.
  • استمرار الليبرالية في التطوُّر؛ للردِّ على الانتقادات التحررية والمجتمعية.
  • بدء فلاسفة ما بعد الحداثة مثل ميشيل فوكو في البحث عن إمكانية وجود قيم سياسية صحيحة موضوعيًّا ومؤسسات سياسية محايدة بالفعل.
  • ظهور النسوية بسبب جدال بعض الفلاسفة النسويين بأنَّ هيمنة الرجال التاريخية على النساء في المجالين السياسي والاقتصادي تعكس الطبيعة القمعية للعلاقات بين الجنسين.


الفكر السياسي الإسلامي

المفكرون السياسيون المسلمون قلائل جدًّا، وحاولوا القول دائمًا بأنَّ الإسلام متوافق مع الحداثة والديمقراطية، إضافة إلى أنَّه كان بالفعل البداية الأساسية للتنوير الحديث، لكنَّ نظرية الديمقراطية الإسلامية لم تظهر بعد، وهناك العديد من المداخل التي يمكن تحليل الفكر السياسي الإسلامي من خلالها، فقد بدأ العالم الإسلامي بعد الاستقلال من الاستعمار يبحث عن نماذج أصلية لأنظمته السياسية المستقلة حديثًا، وكان هناك خياران، الأول تقليد الغرب المعاصر، والثاني إعادة إنتاج الهياكل السياسية والقانونية التي سبقت الفترة الاستعمارية، والدول العربية اختارت هذا المسار، بينما اختارت تركيا المسار العلماني، واختارت باكستان نظامًا يخلط بين المفهومين.

جميع الأفكار السياسية حاليًّا مدعومة من رجال الدين والقانونيين والناشطين، وليس من قبل السياسيين، وجميعهم متفقون أنَّ الإسلام والديمقراطية متوافقان؛ لأنَّ الشورى موجودة منذ ظهور الدولة الإسلامية، كما تعامل رجال الدين مع الفكر السياسي بطريقة شاملة ومنهجية[٤]:.

  1. "Introduction to Western Political Thought", learn.saylor, Retrieved 14/4/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Richard J. Arneson , "Political philosophy", britannica, Retrieved 14/4/2021. Edited.
  3. puja mondal, "Main Sources of Knowledge of Political Theory", yourarticlelibrary, Retrieved 14/4/2021. Edited.
  4. M.A. Muqtedar Khan, "Three Dimensions of the Emerging Political Philosophy of Islam", routledgehandbooks, Retrieved 14/4/2021. Edited.

فيديو ذو صلة :