محتويات
الموسيقى
الاستماع للموسيقى يتعدّى التمتع باللحظة الحالية؛ لأنه يؤثر مباشرةً على نتائج هرموناتنا وأدائنا المعرفي، فلقد ثبت أن الموسيقى تساعد على تحسين الصحة النفسية للناس وتعزيز الصحة البدنية، فعلى سبيل المثال يمكن أن تساعد دروس الموسيقى في رفع معدل ذكائنا وإبقاء عقولنا أكثر صفاءً، خاصة مع تقدمنا في السن، كما أظهرت الأبحاث أن الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يقلل من القلق وضغط الدم والألم فضلًا عن تحسين نوعية النوم والمزاج واليقظة الذهنية والذاكرة[١].
الموسيقى الهادئة
يمكن أن يكون للموسيقى تأثير عميق على الجسم كتأثيرها على العواطف، فالموسيقى السّريعة يمكن أن تجعل الشخص يشعر بمزيد من اليقظة والتركيز، والموسيقى المتفائلة يمكن أن تجعله يشعر بمزيد من التفاؤل و الإيجابية، أما الموسيقى البطيئة فتُهدئ العقل وتساعد على استرخاء العضلات، ممّا يجعله يشعر بتفريغ ضغوطات اليوم، لذلك فالموسيقى فعالة للاسترخاء وإدارة الإجهاد، وقد يحتاج الشخص إلى تخصيص 45 دقيقةً على الأقل للاستماع إلى الموسيقى الهادئة في وضع مريح، إذ يشير الباحثون إلى أنّ الاستماع إلى الموسيقى قادر على تغيير أداء الدماغ بالطريقة نفسها التي يعمل بها الدواء، كما أشاروا إلى أن الموسيقى سهلة الوصول من قبل الجميع مما يجعلها أداة سهلة لتخفيف الضغط.
من المثير للدهشة أن تكون الآلات الوترية الأمريكية والهندية، والبراميل والفلوت فعالة في منح العقل الراحة والاسترخاء، حتى إن عُزف عليها بصوتٍ عالٍ، ومن جهةٍ أخرى قد تكون أصوات المطر والرعد وأصوات الطبيعة مريحة جدًا خاصةً عند مزجها مع الموسيقى الأخرى، مثل موسيقى الجاز الخفيفة والموسيقى الكلاسيكية والموسيقى الهادئة، ويتأثر نوع الموسيقى الذي يقلل من الإجهاد باختيار الشخص المُستمع؛ فيجب أولًا أن تعجبه الموسيقى المشغلة، ثم عليه الاسترخاء؛ فإجبار الشخص نفسه على الاستماع إلى موسيقى الاسترخاء التي لا تعجبه يمكن أن تخلق التوتر بدلًا من منح الراحة[٢].
فوائد الاستماع الى الموسيقى
فيما يلي بعض الفوائد المثبتة علميًا، والتي توضح لماذا يجب علينا الاستماع إلى الموسيقى كثيرًا[٣]:
- تجعلنا أكثر سعادة: تثبت الأبحاث أنه عندما يستمع الشخص إلى الموسيقى التي يحبها يطلق عقله الدوبامين، وهو ناقل عصبي يُشعر الشخص بالرضا، فقد حقن عالم الأعصاب في جامعة ماكجيل ثمانية من عشاق الموسيقى بمادة مشعة ترتبط بمستقبلات الدوبامين بعد الاستماع إلى موسيقاهم المفضلة، وأظهر الفحص أنه أطلقت كميات كبيرة من الدوبامين، مما تسبب في شعور المشاركين بيولوجيًا بالسعادة والإثارة والفرح.
- تعزز الأداء: سجل المتسابقون في سباق الجري الذين استمعوا إلى موسيقى تحفيزية أول 800 مترًا من سباقهم وقتًا أسرع من أولئك الذين ركضوا دونها.
- تقلل من التوتر وتحسن الصحة: الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يقلل من مستويات هرمون الإجهاد الكورتيزول؛ مما يعيق آثار الإجهاد المزمن، وهذا مهم لأن الإجهاد يسبب 60% من جميع أمراضنا، كما أظهرت دراسة أن أجهزة المناعة لدى الناس قد تعززت عندما شاركوا بنشاط في صنع الموسيقى عبر العزف على مختلف الآلات الإيقاعية والغناء.
- تساعد على النوم بشكل أفضل: أظهرت دراسة أن الطلاب الذين استمعوا إلى الموسيقى الكلاسيكية المريحة لمدة 45 دقيقةً قبل النوم ينامون أفضل بكثير من أولئك الذين ينامون مع كتاب مسموع أو لا يستمعون إلى أي شيء.
- تقلل من الاكتئاب: يعاني أكثر من 350 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من الاكتئاب، كما يعاني 90٪ منهم من الأرق، ووجدت أبحاث عن النوم أن أعراض الاكتئاب انخفضت إلى حد كبير مع أولئك الذين استمعوا إلى الموسيقى الكلاسيكية قبل النوم.
- تقوي التعلم والذاكرة: وجد الباحثون أن الموسيقى يمكن أن تساعد على التعلّم واسترجاع المعلومات بشكل أفضل.
- تحسّن المزاج أثناء القيادة: وفقًا لدراسة في هولندا، وُجِد إن الموسيقى يمكن أن تؤثر إيجابيًا على الحالة المزاجية أثناء القيادة، ثم تؤدي إلى قيادة أكثر أمانًا مما لو كان الشخص لا يستمع إلى أي شيء على الإطلاق.
- تريح المرضى قبل وبعد الجراحة: وجد الباحثون أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة قبل الجراحة يقلل من القلق، كما أظهرت دراسات أخرى أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أثناء الراحة في الفراش بعد العمليات الجراحية يزيد من الاسترخاء.
- تقلل الألم: وجدت الأبحاث أن العلاج بالموسيقى قلّل من الألم أكثر من العلاجات المعتادة في مرضى السرطان، كما أظهرت أبحاث أخرى أن الموسيقى يمكن أن تقلل من الألم لدى مرضى العناية المركزة ومرضى رعاية المسنين، لكن الاختيار يجب أن يكون إما مقطوعات كلاسيكية أو موسيقى تأملية أو أغاني يختارها المريض.
- تساعد مرضى الزهايمر على التذكر: تساعد بعض المنظمات الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر وغيره من الخرف المرتبط بالعمر على تذكّر من هم عبر جعلهم يستمعون إلى أغانيهم المفضلة، لأن الموسيقى تؤثر على العديد من مناطق الدماغ، فهي تحفّز المسارات التي قد لا تزال بصحة جيدة.
توجد العديد من الفوائد للموسيقى؛ فقد أصبحت لغة عالمية فعالة يمكن عبرها توصيل المشاعر الإنسانية الأساسية بغض النظر عن ثقافة المستمع وخلفيته العرقية، فقد وجدت بعض الدراسات أن الاستماع للموسيقى يمكن أن يعزز الحالة المزاجية، ويحُدُّ من الاكتئاب، ويخفض مستوى الهرمونات المرتبطة بالإجهاد لدى كبار السن الذين يعانون من التدهور المعرفي، وقارنت هذه الدراسات بين فوائد الموسيقى وفوائد التأمل، وهي ممارسة رائجة لها فوائدها في مجال الصحة العقلية، ووجدت أن العمليتين كلتيهما مرتبطتان بتحسينات كبيرة في المزاج ونوعية النوم، فيُعد التأمل والاستماع للموسيقى أدوات قوية لتحسين الصحة العامة، لكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون الصمت أفضل من الاستماع العشوائي، فتُظهر بعض البيانات المدروسة أنّ الموسيقى الخاطئة يمكن أن تعزز الإجهاد أو غيره من الحالات الذهنية غير المفيدة، فالموسيقى يمكن أن تعزز المشاعر السلبية، مثل الغضب أو العدوان أو الحزن بالطريقة نفسها التي يمكن بها أن نتصدّى لهذه المشاعر[٤].
العلاج بالموسيقى
لتطوير اتصال أعمق بين الموسيقى والصحة ظهر ما يسمّى بالعلاج بالموسيقى، والذي يركّز على استخدام الموسيقى لتحسين نتائج المرضى، إذ يبدأ العلاج بالموسيقى بتعاون المعالجين مع أشخاص يتطلعون إلى مساعدة أنفسهم على الشعور بمزيد من الاكتمال أو التفاؤل، أو لاكتشاف أجزاء من أنفسهم ليسوا على علم بها، وذلك باستخدام الموسيقى، كما يمكن أن يأخذ العلاج بالموسيقى أشكالًا متعددة، أحدها هو الصور الموجهة في الموسيقى، إذ يساعد أخصائي العلاج الشخص على اكتشاف نقاط القوة أو التحديات التي يواجهها عبر الاستماع إلى الموسيقى التي يختارها المريض، وقد تتضمن أشكال العلاج بالموسيقى الغناء أو العزف على الآلات، فالطريقة التي يصنع بها كل منا الموسيقى يمكن أن تكشف عن شيء يمكن أن يعمل معه المعالج، مثلا قد يلعب شخص ما طبلًا في وتيرة واحدة أو ديناميكية واحدة، وقد يُفسّر ذلك بصعوبة في المرونة في المجالات الأخرى من حياته[٤].
الموسيقى والإنتاجية في العمل
الاستماع إلى الموسيقى أثناء العمل أو الدراسة أمر شائع بالتأكيد، ولكن الأبحاث المتعلقة بالموسيقى والإنتاجية حالة ليست واضحة تمامًا، فعلى سبيل المثال يوُضح تأثير موزارت أن الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية يمكن أن يزيد معدل الذكاء، ومع ذلك في التسعينيات اكتشف الباحثون أن التأثير كان يعمل فقط على التفكير المكاني على وجه التحديد، وليس على الذكاء عمومًا، كما توجد نظريات تدافع عن فكرة كون الموسيقى إلهاء للأشخاص الذين يقومون بعمليات حسابية عقلية خاصة وغيرها من المهام التي تتطلب الاحتفاظ بالمعلومات بالترتيب الصحيح على المدى القصير في [[مفهوم الذاكرة في الفلسفة|الذاكرة]، واستنادًا إلى بعض الحجج المنطقية والمعقولة في الآونة الأخيرة؛ دافع الباحثون عن فرضية أن كل هذا يتوقف على ثلاثة أشياء أساسية: طبيعة الموسيقى، وطبيعة المهمة، وشخصية المستخدم، وتشير الأبحاث إلى أن العلاقة بين الموسيقى وأداء المهام ليست علاقة واحدة تناسب الجميع؛ إذ لا يبدو أن الموسيقى تُضعف الأداء أو تزيد منه على قدم المساواة للجميع[٥].
المراجع
- ↑ Rebecca Taylor (2017-6-29), "8 Benefits of Listening to Music"، kent-teach, Retrieved 2019-11-30. Edited.
- ↑ "Releasing stress through the power of music", unr, Retrieved 2019-12-17. Edited.
- ↑ Dr. Michelle Millis Chappel (2019-6-27), "Scientists Find 15 Amazing Benefits Of Listening To Music"، lifehack, Retrieved 2019-11-30. Edited.
- ^ أ ب MARKHAM HEID (2018-4-26), "You Asked: Is Listening to Music Good For Your Health?"، time, Retrieved 2019-11-30. Edited.
- ↑ Daria Krauzo, "Should You Listen to Music While You Work?"، medium, Retrieved 2019-11-30. Edited.