ما حكم سماع الموسيقى

ما حكم سماع الموسيقى

المعازف والغناء

يوجد بعض الخلط بين تعريف الغناء والمعازف، وذلك لعدم وجود اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما أنّ بعض أهل العلم يُطلقون لفظ المعازف على الغناء، وهذا قول ابن حجر -رحمه الله-، ولأنَّ الغناء دائمًا يأتي مصاحبًا للعزف والموسيقى، ولذلك فقد أصبح يُطلق عليها الأغنية في العصر الحديث، أما ما خلى من الموسيقى فيُسمى الأناشيد، وإنَّ المعازف تختلف بلفظها عن الموسيقى، فالمعازف كلمة عربية تُقصد بها الآلات التي تُستخدم للعزف، أمّا الموسيقى فكلمة يونانية يُقصد بها فنون العزف على آلات الطرب، وفي الاصطلاح يُقصد بالموسيقى الفنّ الذي يبحث في الأنغام وتأليفها، وما يناسبها من الآلات الموسيقية، أمّا عن الغناء فهو رفع الصوت والترنّم، كما أنّ له العديد من الأنواع فمنه غناء الركبان الذي يخص المسافرين في سفرهم، ومن أنواعه الحُداء وهو خاص برعاة الإبل، ويتبعه ما يغنّيه الحجيج من شوقهم إلى مكة، وما يُطلقه الشعراء في الحرب لإثارة الحماسة، وهو من الغناء المشروع، أما عن المعازف فبيان حكمها في مقالنا هذا[١].


حكم سماع الموسيقى

بدايةً لا بدَّ من التنويه إلى أن من الأمور التي اختلطت على عامة حكم المسلمين في هذا الوقت كثرة التحليل والتحريم التي لا تستند إلا على الهوى ورغبات النفس الخاصة، وهذا ما حدّثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال (لتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عروةً عروةً، فكلَّما انتقضتْ عروةٌ، تشبث الناسُ بالتي تليها، فأوَّلُهُنَّ نقضًا الحكمُ، وأخِرُهُنَّ الصلاةُ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والحاصل أن التحليل والتحريم من عُرى الإسلام الحنيف، إذ إن التحليل والتحريم خاصان بربّ العالمين وحده، وما يصدر عن مشايخ الدين لا بد أن يُبنى على هذا الأساس، ومن أفتى حسب هواه فقد تعدى بذلك حدود الله[٢].


أمَّا عن حكم الموسيقى في الإسلام فهي محرّمة بإجماع عُلماء الفقه الإسلامي، بما في ذلك الشافعية والمالكية والحنبلية والإمام أحمد، وقد استدلوا بذلك على الكثير من النصوص الشرعية، فمن القرآن الكريم قوله تعالى {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: 64]، إذ يقول مجاهد والضّحاك بأنه المزامير والغناء، إذ إنها من السُبل التي يتخذها إبليس لغواية البشر، كما قال تعالى أيضًا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]، وعن هذه الآية فإن لهو الحديث يُقصَد به الغناء وهذا قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وجابر بن عبد الله، كما رُوي هذا القول عن العديد من العلماء مثل سعيد بن جبير، وابن عمر، وفي ذلك أيضًا ما جاء في كتاب الله، إذ يقول تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 59- 61]، وفي هذه يقول ابن عبّاس وأنتم سامدون تُعني وأنتم تُغنّون، وفي اللغة العربية اسْمُد لنا؛ أيْ: غَنِّ لنا[٢].


أما عن تحريمه في السنة النبوية الشريفة فقد وردت العديد من الأحاديث الصحيحة التي تُقرنه بالخمر والزنا، وفيها من الوعيد الشيء العظيم، وفيما يأتي بعض الأحاديث الصحيحة التي تدل على تحريمه[٢]:

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ، ولَيَنْزِلَنَّ أقْوامٌ إلى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عليهم بسارِحَةٍ لهمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفقِيرَ - لِحاجَةٍ فيَقولونَ: ارْجِعْ إلَيْنا غَدًا، فيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، ويَضَعُ العَلَمَ، ويَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وخَنازِيرَ إلى يَومِ القِيامَةِ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لَيَشْرَبَنَّ ناسٌ من أُمَّتِي الخمرَ يُسَمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعْزَفُ على رؤُوسِهِم بالمعازِفِ والْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللهُ بهمُ الأرضَ ويجعلُ منهم قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ) [إغاثة اللهفان| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في هذِهِ الأمَّةِ خَسفٌ ومَسخٌ وقَذفٌ، فقالَ رجلٌ منَ المسلِمينَ: يا رسولَ اللَّهِ، ومتَى ذاكَ؟ قالَ: إذا ظَهَرتِ القِيانُ والمعازِفُ وشُرِبَتِ الخمورُ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • رُوي عن ابن عمر رضي الله عنه (كُنَّا مع ابنِ عُمَرَ، فسَمِعَ صوتَ مِزمارِ راعٍ، فذكَرَ نحوَه (أي نحوَ حديثِ: سَمِعَ ابنُ عُمَرَ مِزْمارًا)، قال: فوَضَعَ إِصبَعَيهِ على أُذُنَيهِ، ونَأَى عن الطَّريقِ، وقال لي: يا نافِعُ، هل تَسمَعُ شيئًا؟ قال: فقُلتُ: لا، قال: فرَفَعَ إِصبَعَيهِ من أُذُنَيهِ، وقال: كُنتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسَمِعَ مِثلَ هذا، فصَنَعَ مِثلَ هذا) [تخريج سنن أبي داود| خلاصة حكم المحدث: حسن].


كيفية التخلص من سماع الموسيقى

عند التفكير بالكيفية التي يجب على المسلم أن يتبعها للتخلص من الأغاني وسماعها، فلا بد من النظر إلى عواقب هذه المعصية، فهي تورث النفاق في القلب، وهي من أسباب القلق والأحزان، علاوةً على ذلك فالغناء يبعد القلب عن سماع القرآن الكريم، وبه يقسو القلب فلا يتأثر بالنصح والإرشاد إلى طريق الدين القويم، إضافةً لذلك توجد العديد من الطرق التي يمكن من خلالها التخلّص من هذه الآفة، نذكر منها ما يأتي[٣]:

  • التوبة النصوح عن هذا الذنب الكبير، والعزم على الإقلاع عنه وعدم العودة إليه، والندم على ما فات من سماعه.
  • الاستغفار الدائم في مختلف الأوقات، فالاستغفار يمحو الذنوب، ويجبر التقصير.
  • ذكر الله الدائم في سائر أحوال المسلم، إذ إن الذكر يُبعد الشيطان عن المسلم.
  • سماع القرآن الكريم، والتركيز على القرّاء أصحاب الصوت الجميل، خاصةً آخر الليل وأول النهار، فالقرآن يُثبت القلب ويبعد عنه حب الموسيقى والغناء.
  • ملازمة مجالس العلم وأهل التقوى والإيمان، فمجالستهم تُورث الخشوع والسكينة في قلب المسلم.
  • التأمل في زهد الصحابة والتابعين ومداومتهم على الطاعات والعبادات، وبعدهم عن اللهو والمآثم.
  • محاسبة النفس على ما أضاع من الأوقات في اللهو والغناء، والتي كان من الممكن أن تورث الحسرة يوم القيامة.
  • طلب الهداية، والمداومة على الدعاء وطلب الهداية من الله تعالى، والاستعانة به سبحانه في كافة الأمور.


المراجع

  1. "الفرق بين الغناء والمعازف وحكم كلٍّ منهما"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "أقوال العلماء في حكم الموسيقى والغناء"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.
  3. "كيف تتخلص من سماع الأغاني"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :