هل يجوز سماع صوت المرأة

هل يجوز سماع صوت المرأة

صوت المرأة في الإسلام

مما لا شك فيه أن الإسلام كَرّمَ المرأة ورفع مكانتها، واهتم بحمايتها وضَمِنَ لها حقوقها، فالقرآن الكريم والسنة النبوية يحثّان على معاملة المرأة بعطف ورفق وعدل، ولكن حتى يومنا هذا يوجد من بيننا من يقول بأن المرأة كلها عورة أو أن صوتها بالمُجمل عورة، ليكون الرد على هؤلاء بأن هناك إجماعًا واتفاقًا بأن صوت المرأة ليس بالعورة التي يجب سترها، لكن حدد الشّرع ضوابط لصوتها ولحديثها مع الأجانب[١][٢].


فقال العلماء بأن صوت المرأة ليس بعورة، ولا يوجد في الكتاب والسنة ما يدل على أن صوت المرأة عورة في جميع الأحوال، فقد كانت النساء يسألن الرسول عليه الصلاة والسلام عن الأمور التي تخص دينهن وبحضور الصحابة الكرام فلم ينهاهن الرسول عن ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ، وأَكْثِرنَ منَ الاستغفارِ، فإنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ، فقالتِ امرأةٌ منهنَّ جَزِلةٌ: وما لَنا يا رسولَ اللَّهِ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثرنَ اللَّعنَ، وتَكْفُرنَ العَشيرَ) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما كانت النساء يُكلمن الصحابة في الاستفسار عن أمور الدين وقضاء حوائجهن، وكان الصحابة أيضًا يُلقون السلام على المرأة العجوز وتَرُدهُ عليهم، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بنَا إلى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، كما كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَزُورُهَا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


هذا يدل أنه لا مانع على المرأة من مخاطبة الرجال بوجود حاجة لذلك كالتسوق، والتشكي، على أن يكون كلامها طبيعيًا يخلو من الريبة والفتنة، كما وجب عليها في حال مخاطبتها للرجال الأجانب أن يكون بقدر حاجتها فلا تتكلم في الأمور الجانبية أو تدخل في التفاصيل أو تتحدث معهم في الأمور الخاصة وأن تضحك معهم[٣].


هل يجوز سماع صوت المرأة؟

  • صوت المرأة ليس بعورة، والأدلة على ذلك واضحة أبرزها[٤][٢]:
    • قول الله عز وجل مخاطبًا نساء الرسول عليه الصلاة والسلام: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] وهذا دليل أن صوت المرأة ليس بعورة بشرط ألا يكون فيه خضوع أو قول منكر، ومن الجدير بالذكر بأن الخضوع المنهي عنه يشمل القول المنطوق والمكتوب، مثل الرسائل المكتوبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
    • ما سار عليه أهل الإسلام، إذ ما زالت النساء حتى يومنا هذا يتحدثن مع الرجال لتعلم القرآن وتعليمه، وفي العلم والتعليم، وفي والاستفسار عن الفتاوى، ورواية الحديث النبوي الشريف، وفي المعاملات، والمبايعات، والشهادات، والمُحاكمات، فلم يُنكر ذلك أحد من علماء المسلمين.
  • يصبح صوت المرأة عورةً إذا خضعت به كأن تتحدث بصوت به تغنج وتنغيم وتمطيط وتليين، ومثال ذلك ما نراه على شاشات التلفاز من امتهان المرأة في تقديم الإعلانات التجارية[٤]. وورد عن بعض نساء المؤمنين أنهن كن يضعن أيديهن على أفواههن عند الحاجة لمخاطبة الرجال؛ وذلك حتى لا تظهر رقة أصواتهن من غير أن يقصدن ذلك، كما حث بعض الفقهاء النساء على تغليظ أصواتهن عند الرد على من طرق بابهن.
  • سماع صوت المرأة من قِبل الرجال الأجانب لا يجوز إلا إذا كانت الحاجة تقضي ذلك ويكون الحديث من وراء حجاب، ومن الأدلة على صحة ذلك[٤]:
    • ما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]، ويُقصد بالمتاع الحاجة من الأثاث وغيره.
    • ما ورد في السنة النبوية في حديث الرسول: (إذا نابَكم في صلاتِكم شيءٌ فليُسبِّحِ الرِّجالُ ولتُصفِّقِ النِّساءُ)[صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه]، فقال بعض أهل العلم وذلك تحاشيًا للافتتان بصوتها من قِبل الرجال السامعون.
  • في حال الخشية من وقوع الفتنة من سماع صوت المرأة وكلامها، فيُحرم الاستماع إليه[٤].


أما فيما يتعلق برفعكِ لصوتك بالدعاء أثناء الطواف بالكعبة المُشرفة، فالأفضل أن تُخفضي صوتكِ؛ لأن صوتكِ قد تكون به رقة، من المُمكن أن يفتتن به بعض الرجال، فالأفضل لكِ السر بصوتكِ، ويجوز لكِ التحدث مع النَاس من حولكِ بصوت عادي، ولكن لا تُخضعي صوتكِ للحد الذي من الممكن أن يتسبب بطمع بعض النّاس بكِ[٥].


هل يجوز سماع الرجل لتلاوة القرآن من المرأة؟

في البداية لا يجوز للمرأة مخالطة الرجال الأجانب سواء في العمل أو في مقاعد الدراسة، تحسبًا لوقوع الفتن والمفاسد، وكما ذكرنا فيما تقدم بأن صوت ليس بعورة، أما فيما يخص سماع الرجل صوتها عند تلاوتها للقرآن الكريم فيشترط لصحتها أن تكون القراءة قراءةً عاديةً ليس فيها تلحين أو ترقيق للصوت، وهذا جائز إن كانت توجد حاجة تدعو لهذه القراءة أمام الرجال، أما أن تتلو المرأة القرآن بتغنٍ وتلحين وتحسين للصوت فهذا لا يجوز تجنبًا لوقوع الفتنة.


مما جاء في الموسوعة الفقهية أن مصدر الأصوات هو الإنسان، ويكون هذا الصوت إما غير موزون ولا مُطرب، وإما يكون مُطربًا، فإن كان غير مطرب فإنه يكون إما لرجل وإما لامرأة، فإن كان هذا الصوت لرجل فلا تحريم في الاستماع إليه، أما إذا كان الصوت لامرأة وكان السامع يتلذذ عند سماعه، أو خشي على نفسه من الافتتان به، حُرم عليه الاستمرار بسماعه، أما في حال عدم شعور المُستمع بالتلذذ أو أنه لم يخف من الفتنة فلا بأس عليه من سماع هذا الصوت، إذ كان الصحابة يستمعون لأصوات النساء عند الحديث معهن، كما يُحرم على المرأة تنغيم صوتها وتلحينه وتنعيمه.


وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما هو حُكم تحسين الصوت عند تلاوة القرآن للطالبات عند المُدرس في الكلية مع أنها غير مُجبرة على ذلك؟ فأجاب: أنه لا يجب على الطالبة أن تُحسن صوتها وتلحنه عند تلاوتها للقرآن الكريم خوفًا من وقوع الفتنة، وعليها الاكتفاء بقراءة القرآن قراءةً عاديةً وسليمةً[٦].


من حياتكِ لكِ

ليس عليكِ إثم إذا رفعتِ صوتكِ من غير تُعمدكِ لذلك أي عن طريق الخطأ؛ لأن الإثم يتحقق إذا وقع قصدًا، قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ، والنسيانَ، وما اسْتُكرِهوا عليه) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٧].


المراجع

  1. هاني علي عبدالعزيز أبو العلا (1_12_2013)، "مكانة المرأة في الإسلام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "هل ما تزال المرأة كلها عورة؟"، islamonline، 27_7_2015، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  3. خالد بن سعود البليهد، "فهم خاطئ لمسألة صوت المرأة ليس بعورة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث د. سعد بن مطر العتيبي، "سماع الرجل لتلاوة المرأة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  5. "حكم رفع المرأة صوتها بالدعاء أثناء الطواف"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  6. "حكم قراءة المرأة للقرآن أمام الرجال الأجانب"، islamqa، 18_3_2010، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.
  7. "حكم رفع المرأة صوتها عمدا"، islamweb، 14_3_2010، اطّلع عليه بتاريخ 20_6_2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :