صحة حديث من غسل واغتسل
اتفقَّ العلماء على أنَّ هذا الحديث المشهور لا بأس به من حيث إسناده ولا طعن برجاله، وهو يحثُّ على التبكير عند الذهاب إلى صلاة الجمعة، والحرص على القرب من الإمام، والإنصات للخطبة، إذ جاء في هذا المعنى أحاديث عديدة دلَّت على استحباب التبكير إلى صلاة الجمعة والاغتسال لها والدنوِّ من الإمام والإصغاء له كذلك، فعن أوس بن أبي أوس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(من غسَّل يومَ الجمعةِ واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركبْ، ودنا من الإمام، واستمع، وأنصت، ولم يَلْغُ، كان له بكلِّ خطوةٍ يخطوها من بيتِه إلى المسجدِ، عملُ سَنَةٍ، أجرُ صيامِها وقيامِها) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح][١][٢].
شرح حديث من غسل واغتسل
بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- من خلال الحديث الشريف بعض الأمور والسنن التي يستحب أن يقوم بها المؤمن قبل ذهابه لصلاة الجمعة، ومنها[٣]:
- الاغتسال؛ وهو غسل الرأس والجسد أي بمعنى التطهُّر، ثمَّ الوضوء، وقد فسَّر كثير من العلماء ذلك بأنَّه يقصد به إتيان الرجل زوجته قبل الخروج، فيغتسل هو ويكون سببًا في اغتسالها أيضًا، واستدلّوا على ذلك بتكرار الرسول للفظ مرتين؛ مرةً بتشديد ومرةً بتخفيف (غسَّل واغتسل).
- التكبير إلى الصلاة؛ إذ أمر النبي بالذهاب إلى الصلاة أول وقتها والوصول قبل موعد الخطبة.
- الذهاب مشيًا وليس ركوبًا على دابّة أو غيره؛ فذكر النبي -عليه السلام- بأن القادر من المسلمين على الذهاب إلى المسجد ماشيًا، بدلًا من أن يذهب راكبًا لا سيما في حال قُرب المسجد من بيته أو قدرته على المشي أصلًا ففي هذا أجر أكبر له ما لم يؤثر هذا الأمر على الصحة؛ فالدّين دين يسر وليس دين صعوبة ومشقة.
- الجلوس قريبًا من الإمام؛ وبهذا العمل العظيم أنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثه، وفي ذلك إشارة إلى وصول المصلي مبكِّرًا إلى الصلاة ورغبته القوية بأن يبقى بقرب الإمام؛ ليستفيد من علمه بإصغاء وتركيز أكبر، دون أن ينشغل بلغو أو غيره مما يلهيه عن الخطبة.
- بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- لعظيم الأجر الذي ينتظر المؤمن الملتزم بهذه الأمور؛ إذ يُعادل أجر من قضى سنةً كاملةً معتكفًا لا يفعل شيئًا فيها سوى الصلاة والصيام، وهذا أكبر دليل على مضاعفة الله لثواب أعمال العباد.
أعمال أخرى مُضاعَفة الأجر
يحرص المسلم على عمل الخير، لينال الأجر العظيم، ومن هذه الأعمال ما يأتي[٤]:
- صلة الرحم: قال -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- حُسن الخلق: قال -صلى الله عليه وسلم-: (صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: حسن].
- صلاة الجماعة مع الإمام: قال -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- صلاة الضحى: قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومعنى سُلامى أي: مِفصل من مفاصل الإنسان، وهي ثلاثمائةٍ وستون مفصلًا.
المراجع
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
- ↑ "درجة حديث: من غسل واغتسل وبكر وابتكر"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
- ↑ أبو أنس الطائفي، "أعظم حديث في فضائل الأعمال"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ↑ سليمان بن صالح الخراشي، "الأعمال المضاعفة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.