ما هي أيام التشريق؟
أيام التشريق هي: اليوم الحادي عَشَر، والثاني عَشَر، والثالث عَشر مِن شهرِ ذي الحجة، وسميت بأيام التشريق، لأن الناس يُشَرِّقُون فيها للّحم، أي ينشرونه في الشمس، لييبس، حتى لا يتعفن إذا ادخروه، وقد جاء في فضلها في القرآن الكريم، والسنة الشريفة، فقد قال سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ} [البقرة: 203]، والأيام المعدودات: هي أيام التشريق، برأي أكثر العلماء، في حديثه صلى الله عليه سلم: (إني كنتُ نهيتُكم عن لحومِ الأضاحي فوقَ ثلاثٍ، كيما تسعَكم، فقد جاء اللهُ عز وجل بالخيرِ، فكُلوا وتصدَّقوا وادَّخِروا، وإنَّ هذه الأيامَ أيامُ أكلٍ وشربٍ، وذكرٍ للهِ عز وجل) [صحيح النسائي | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وذكر الله يكون فيها بعد الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها، ويُشرع إلى آخر أيام التشريق برأي جمهور العلماء، وذُكره بالتسمية والتَكبيرِ عندَ الذبح، فوقت ذبح الأضاحي يمتدُّ إلى آخر أيام التشريق، فالمشروع في الأكل والشرب أن يُسمي المسلم باسم الله في أوله، ويحمده في آخره، وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا) [صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وذكره عندَ رمي الجمار بالتكبير في أيام التشريق، وهذا خاص بالحجاج.
والإكثار من ذِكر الله عزّ وجلّ مستحبٌ في هذه الأيام على الإطلاق، وقد كان عُمر رضي الله عَنه يُكبّر بمنًى في قبته، فيسمعه الناس فيُكبرون فترتج منًى تكبيرًا، ويقول الله سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ* وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:200-201]، والدعاء كلّه مستحب فيها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام أيام التشريق، كما جاء في رواية والدة مسعود بن الحكم الزرقي: (لَكأنَّي أنظرُ إلى عليٍّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه على بغلةٍ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ البيضاءَ حتى قام إلى شِعبِ الأنصارِ وهو يقولُ يا معشرَ المُسلمين إنها ليست بأيامِ صومٍ إنها أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكرٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ)[شرح معاني الآثار| خلاصة حكم المحدث : صحيح][١][٢].
هل يجوز صيام أيام التشريق؟
ذهب أكثر العلماء إلى أنّه لا يصحُّ صيام أيام التشريق لا تطوعًا ولا فرضًا إلا للمتمتع أو القارن إذا لم يجدا الهدي، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن صوم أيام التشريق، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بعثَ عبدَ اللَّهِ بنَ حذافةَ يطوفُ في منًى: (لا تصوموا هذِهِ الأيَّامَ، فإنَّها أيَّامُ أَكْلٍ وشُربٍ، وذِكْرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ) [عمدة التفسير | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ]، وعن أبي مُرَّةَ مَوْلى أُمِّ هانئٍ أنَّه دخَلَ مع عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو على أبيهِ عَمرِو بنِ العاصِ، فقرَّبَ إليهما طعامًا، فقال: (كُلْ، قال: إنِّي صائمٌ، قال عَمرو: كُلْ، فهذه الأيامُ التي كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأمُرُنا بفِطرِها، ويَنْهى عن صيامِها، قال مالكٌ: وهي أيامُ التشريقِ) [تخريج المسند | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين]، وعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: (أمرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن أُناديَ أيامَ مِنًى أنها أيامُ أكلٍ وشرب وبِعالٍ فلا صومَ فيها يعني أيامَ التشريقِ) [شرح معاني الآثار | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وعَنْ عَائِشَةَ وَعبدلله ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالا: (لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ) [صحيح البخاري |خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد أجاز بعض أهل العلم صيامه قضاءً عن رمضان، والصحيح عدم جوازه.
وقال ابن قُدامَة رَحمه الله: "ولا يحلُّ صيامها تطوعًا، في قول أكثر أهل العلم، وعن ابن الزبير أنّه كان يصومها، وروي نحو ذلك عن ابن عمر والأسود بن يزيد، وعن أبي طلحة أنه كان لا يفطر إلا يوميّ العيدين، والظاهر أن هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها، ولو بلغهم لم يعدوه إلى غيره" وصومها للفرض، فيه روايتان: الأولى: لا يجوز؛ لأنّه منهيّ عن صومها، فأشبهت يومي العيد، والثانية: يصحُّ صومها للفرض؛ لما روي عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم في الحديث الصحيح بجواز صوم المتمتع إذا عدم الهدي، ويقاس عليه كل مفروض، ويقول الإمام ابن باز رحمه الله : "لا يجوز صيام اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لا تطوعًا ولا فرضًا، لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها ولم يرخص في ذلك لأحد إلا لمن لم يجد هدي التمتع فمن لم يقدر على الهدي في الحج، له رخصة صيام أيام التشريق والأصل ألّا تُصام ولا يجب صومها، إلا لمن عجز عن الهدي، فله أن يصوم الثلاثة الأيام خاصة، وسبعة إذا رجع إلى أهله"، وقال الشيخ ابن عثيمين :"لا يجوز صومها، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده، ثم يواصل صومه" وعلى ذلك فمن صامها قضاءً لما فاته من رمضان، فلا يجزئه ذلك، وعليه القضاء مرة أخرى.[٢][٣]
من حياتكِ لكِ
إليكِ ما يتوجب عليكِ فعله في أيام التشريق إذا كنتِ في الحج[٤]:
أيامُ التشريق ثلاثة أيام بعد يوم العيد لمن تأخر، ويومان بعده لمن تعجل، وهي: اليوم الحادي عشَر، والثاني عشَر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، وعليكِ فيها البقاء في مِنًى، والمبيت فيها ليالي أَيامِ التشريق، وهذا واجب من واجبات الحج، وعليكِ رمي الجمار، بعدَ الزّوَالِ يومي الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجّل، واليوم الثالث عشر لمن تأخر، أما رَميُ الجمار الثلاث فيكون برمي الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى بالترتيب، وكل جمرةٍ بسبع حصيات متعاقبات، واحدة تلو الأخرى، وعليكِ التكبير مع كل حصاة، وذبح الهدي إن كان عليكِ هدي، أو أردتِ التطوع بذبح هدي، فيذبح في أيام التشريق الثلاثة.
المراجع
- ↑ فريق الإسلام سؤال وجواب (11/2/2003)، "أيام التشريق"، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2020 بتصرّف.
- ^ أ ب فريق الإسلام سؤال وجواب (17/1/2005)، "حكم صيام أيام التشريق"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2020. بتصرّف.
- ↑ الامام بن باز، "حكم صيام أيام التشريق"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2020. بتصرّف.
- ↑ صالح بن فوزان الفوزان (1/12/2006)، "أيام التشريق، وما يفعل فيها رابط المادة: http://iswy.co/e3igm"، ar.islamway، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2020. بتصرّف.