التربية مفهومها وأهميتها وأهدافها

التربية مفهومها وأهميتها وأهدافها

ماذا نعني بمفهوم التربية؟

فيما يأتي نُبيّن معنى مفهوم التربية لغةً واصطلاحًا وفي علم الفلسفة:

مفهوم التربية لغة

التربية اسم مشتق من الرَّب، والرّب في اللغة مسمّىً يُطلق على السيد والمالك والمربّي والمُنعم والقيّم، ولا يُطلق اسم الرب غير مضاف إلّا على الله عزّ وجل، وإذا أُطلق على غيره فينبغي أنْ يقال ربُّ كذا، وعندما يُقال إنَّ فلان له رب أي أنّ لديه مسؤول عنه يراعيه ويحفظه كما يربّي الرجل ولده مثلًا، وتُستخدم التربية أيضًا بمعنى علو المنزلة والتهذيب[١].

مفهوم التربية اصطلاحًا

يختلف تعريف مفهوم التربية اصطلاحًا باختلاف المبادئ الفلسفية التي تتّبعها المجتمعات الإنسانية في تدريب أجيالها وغرس قِيمها ومعتقداتها فيهم، كما يختلف تعريف مفهوم التربية باختلاف وجهات النظر حول العملية التربوية ووسائلها وطرقها، لذلك فإنّ للتربية عدّة تعاريف وأبرزها ما يأتي[١]:

  1. التربية تعني: إنشاء الشيء بالتدريج حتى إيصاله إلى حد الكمال.
  2. التربية تعني: تغذية جسم الإنسان بكل ما يحتاج إليه من مشرب ومأكل وعقل وإحساس وعاطفة ووجدان وروح، حتى إيصاله إلى حد التمام.
  3. التربية تعني: الرعاية والاهتمام بالإنسان منذ مراحل عمره الأولى، وتشمل الرعاية هنا الاهتمام بالجانب الجسمي والخُلقي، لغرس قيم ومبادئ البيئة التي يعيش فيها الطفل.

مفهوم التربية في علم الفلسفة

تُوجد العديد من النظريّات الفلسفية التي تشرح مفهوم التربية في علم الفلسفة، ومن أبرزها ما يأتي[٢]:

  1. التربية الاستبدادية: وتعني هذه النظرية أنّ الوالد هو القائد المُطلق للأسرة، والذي يتّخذ القرارات لوحده دون الاستماع إلى رأي طفله.
  2. التربية المتسامحة: وتعني هذه النظرية توفير الوالدين للطفل احتياجاته مع وضع حدود له، وبيان أسباب العقوبات لتشجيع الطفل على الاستقلالية وتنمية تفكيره.
  3. التربية التشاركيّة: وتعني هذه النظرية مشاركة الطفل ب3 أنشطة أساسية وهي لباسه ونومه والرضاعة الطبيعية وطعامه واللذان تكونان عند طلبه وليس وفقًا لحاجته أو بناءً على جدول زمني، ومن خلال هذه النظرية الفلسفية سيكبر الطفل في جو من الأمان العاطفي، وسيتمتّع بتقدير أعلى لذاته عند انفصاله عن والديه، ولكن تحتاج هذه الطريقة إلى بذل الأم للكثير من المجهود والصبر.
  4. التربية الحرة: وتعني هذه النظرية إعطاء الطفل كامل حريته واستقلاليته في اتخاذ القرارات التي تتعلّق به.
  5. التربية شديدة المراقبة: وهي تفترض أنّ الطفل ضعيف ويجب حمايته من جميع الأخطار المحيطة به، وفيها يُبقي الأبوان طفلهما تحت رقابتهما الشديدة طوال الوقت.
  6. التربية الديمقراطية: ويقوم هذا النمط من التربية على الحب والترابط بين الطفل ووالديه، ومحافظة الأبوين على علاقة الصداقة مع طفلهما.
  7. التربية البطيئة: وتتبنّى هذه النظرية في التربية فكرة لعب الطفل في الطبيعة، والتي تمثّل أفضل مكان للتعليم والاكتشاف، وفي هذا النمط التربوي يستبعد الأبوين فكرة لعب طفلهما بالألعاب الإلكترونية لأنّها لا تشجّعه على الاستكشاف، وسمّي هذا النمط بالبطيء نظرًا لأنّ الأبوين يبالغان فيه في ترك الطفل يمارس أنشطته من خلال اللعب المكثّف والبطيء في الطبيعة.


أهمية التربية

للتربية أهميّة كبيرة في حياة الطفل، وتندرج عدة نقاط تحت هذه الأهمية، ومنها ما يأتي[٣]:


تعليم الطفل إدارة الغضب

إنّ من أهمية التربية تعليم الطفل كيفية السيطرة على انفعالاته في حال شعوره بالتوتر والغضب، فإذا كان أحد الوالدين يعاني من عدم السيطرة على مشاعره عند الغضب، أو يعاني من مشكلة التقلّبات مزاجية باستمرار، فإنّ ذلك سينعكس سلبًا على سلوك الطفل، ففي حال واجه مواقف صعبةً فسينسحب ويتهرّب منها، أو سيقلّد والده ويستخدم الغضب وسيلةً للتعبير عن مشاعره داخل وخارج المنزل.

تعليم الطفل القواعد والمبادئ السلوكية السليمة

يعدُّ تعليم الطفل القواعد والمبادئ السلوكية الصحيحة من أهم فوائد التربية، لذلك على الأبوين تعليم طفلهما قواعد الصواب والخطأ، ليستطيع الحكم على الأمور بطريقة سليمة، وعليهما التأكد من اتّباع طفلهما للقواعد السليمة حتى في حال عدم وجود رقابة عليه أيضًا، وهذا الأمر سيساعده على إدارة سلوكه ومعرفة حدوده.

تعليم الطفل الصدق

ليكون صادقًا في جميع أمور حياته حتى في التعبير عن مشاعره، وعلى الوالدين أنْ يكونا قدوةً لطفلهم في التحلّي بخلق الصدق دائمًا، علمًا أنّه لا يمكن تحقيق جميع النقاط المذكورة أعلاه ما لم يعرف الأبوين ما يجب قوله وفعله لمساعدة طفلهم في أن يصبح شخصًا مسؤولًا وأخلاقيًّا ومحبوبًا، وهذا الأمر يحتاج إلى الكثير من التفكير والمثابرة والصبر والتفهُّم لتحقيق ذلك.


أهداف التربية

يتأثّر الأطفال مباشرةً بنمط التربية التي نشؤوا عليها، ولتكون التربية سليمةً يجب أنْ يكون لها أهداف محدّدة، ومن هذه الأهداف ما يأتي[٤]:

تعليم الطفل المهارات الحياتية الأساسية

تهدف التربية إلى تعليم الطفل مهارات الحياة الأساسية مثل ربط أربطة حذائه، والقيام بواجباته المدرسية، وتعليمه كيفية التعامل مع الآخرين، وتعليم الطفل المهارات الأساسية سيمهّد الطريق له لمرحلة البلوغ، لذلك يجب على الأبوين السماح لطفلهم بتجربة فعل الأشياء بنفسه حتى لو أخطأ في المرة أو المرات الأولى، حتى يطوّر الطفل مهاراته الحياتية التي سيحتاجها عندما يكبر.

تشجع الطفل على التعاطف واحترام الآخرين

تهدف التربية أيضًا إلى تعليم الطفل إظهار التعاطف والاحترام اتجاه الآخرين، وهذا يعني أنْ يكون الطفل قادرًا على احترام الاختلافات بينه وبين غيره مهما كان نوعها، من دون التقليل من شأن أي شخص، فجميع البشر سواسية ولا يوجد تفاضل بينهم.

غرس صفة القناعة في نفس الطفل

من أهداف التربية غرس صفة القناعة لدى الطفل، والتركيز على ما يملكه لا على ما لا يملكه في الأشياء الصغيرة والكبيرة، وهذا لا يعني عدم الترفيه عن الطفل وإسعاده من وقت إلى آخر.

مساعدة الطفل على استكشاف مواهبه وتنميتها

وذلك بتشجيع الطفل على ممارسة هواياته وأعماله التي يحبّها ومساعدته في تنميتها، إلى جانب عدم ربط فائدة أعماله وهواياته بالمال.

إنشاء طفل لديه الدافعية لفعل الصواب

إنّ القيام بالأفعال الصائبة لا يعني اتّباع الطفل للقواعد الموضوعة من قِبل أبويه فقط، بل يعني قدرته على اتّخاذ القرارات الصحيحة التي لا يمكن تحديدها ضمن هذه القواعد في حال تعرّضه لأي موقف عليه أنْ يتّخذ فيه القرار بنفسه أيضًا.

تنشئة الطفل على حب ​​التعلم

تهدف التربية إلى تنشئة الطفل على حب التعلّم، ولذلك فإنَّ على الأبوين تعزيز فضول طفلهما في الاكتشاف لا سيما في مرحلة الطفولة المبكّرة.

تعريف الطفل على العالم الخارجي

من الأهداف الأخرى للتربية هو عدم إبقاء الطفل في محيط بيئته الضيقة فقط لئلا يكون تفكيره محدودًا، لذلك فإنّ على الأبوين توسيع دائرة معرفة طفلهما بالعالم الخارجي من خلال إخراجه إليه، وتعريفه على الثقافات والأشخاص والبيئات المختلفة بعدّة طرق.


أساسيات التربية

تقوم التربية على العديد من المبادئ الأساسية التي يجب عليكِ مراعاتها لتحقيق أهداف التربية السليمة، ومن هذه المبادئ الأساسية ما يأتي[٥]:

  1. كوني قدوةً حسنةً لطفلكِ في سلوكيّاتكِ وأقوالكِ، فالطفل سيتعلّم ممّا يراه أمامه من أفعال وما يسمعه من أقوال.
  2. لا تدلّلي طفلكِ بإفرط كبير، فإظهار الكثير من الحب والعاطفة للطف والتساهل مع أخطائه وتلبية جميع طلباته سيفسده، بل ويجعل منه شخص غير مسؤول.
  3. شاركي طفلكِ في نشاطاته وواجباته، وهذا يعني أنْ تعيدي التفكير في ترتيب أولويّاتكِ، وأنْ تقدّمي بعض التضحية لتخصيص وقتٍ كافٍ لطفلكِ.
  4. طوّري من أسلوب التربية مع نمو طفلكِ لتُناسب المرحلة العمرية التي يمر بها، فلكل مرحلة عمرية متطلّبات وطريقة تعامل مختلفة عن المرحلة العمرية السابقة للطفل.
  5. عزّزي استقلالية طفلكِ، فهذا الأمر يشجّعه على تحمّل المسؤولية وينمّي فيه حس التوجيه الذاتي، ليكون شخصًا ناجحًا في حياته في المستقبل، ولكن يجب أنْ تضعي حدودًا لهذه الاستقلالية، حتى لا توصلي طفلكِ لمرحلة التمرّد والعناد.
  6. كوني حازمةً، فإذا كانت القواعد والحدود الخاصة بكِ تتغيّر من يوم لآخر، أو إذا لم تطبّقيها على طفلكِ باستمرار، فستُجبرين على تحمُّل سوء سلوكه، فكلّما زاد حزمكِ وزادت سلطتكِ على أساس الحكمة لا القوة، قلَّ ارتكاب طفلكِ للأخطاء.
  7. تجنّبي اتّباع أسلوب العنف في التربية، فلا يجوز أن تضربي طفلكِ تحت أي ظرف من الظروف، فالأطفال الذين يتعرّضون للضرب أو الصفع هم أكثر عرضةً للتشاجر مع الأطفال الآخرين، وقد يصبح طفلكِ متنمّرًا ويلجأ إلى العنف لحل مشاكله مع الآخرين.


نصائح لتربية الأبناء تربية صحيحة نفسيًا وجسديًا

تُعدّ تربية الأطفال إحدى أصعب المهام في العالم، لذا نُقدّم لكِ بعض النصائح لتربية الأبناء تربيةً صحيحةً نفسيًّا وجسديًّا، ومنها ما يأتي[٦][٧]:

  1. عزّزي من احترام طفلكِ لذاته؛ فالطفل يبدأ بتنمية ثقته بنفسه من خلال ما يراه في عيون والديه اتّجاهه، فهو يحلّل نبرة صوتكِ ولغة جسدكِ وجميع تعبيراتكِ، وتؤثر كلماتكِ وأفعالكِ على تطوير تقديره لذاته أكثر من أي شيء آخر، لذلك امدحي إنجازاته حتى لو كانت بسيطةً، فهذا سيشعره بالفخر، وتجنّبي التعليقات السلبية أو مقارنة طفلكِ بغيره.
  2. كوني على تواصل دائم مع أطفالكِ؛ فلا يمكن أنْ تتوقّعي من الطفل أنْ يفعل كل ما تطلبينه منه من دون أي اعتراض فقط لأنّكِ أمّه، فالأطفال يحتاجون إلى تبريرات بقدْر ما يحتاجها البالغين، لذلك عليكِ التواصل مع طفلكِ، وشرح الدوافع وراء التحلّي بالقيم والمبادئ، لتُفسحي له المجال بالفهم والتعلُّم بطريقة أفضل.
  3. كوني مرنةً ومستعدةً لتعديل أسلوب التربية الخاص بكِ إنْ لزم الأمر؛ فإن شعرت بالإحباط والاستياء من سلوك طفلكِ السيء، فمن الأفضل إعادة النظر في أسلوب تربيتكِ له، إذ سيساعدكِ ذلك في قراءة مواضيع تتناول هذه المشكلة، أو التحدُّث مع أمهات أخريات أو مع مختص في سلوك الأطفال، أمّا عندما يصبح ابنكِ مراهقًا فعليكِ منحه المزيد من الاستقلالية، مع الاستمرار في توجيهه وتشجيعه والإشراف عليه.
  4. تعاملي مع طفلكِ بمحبة ولطف؛ كونك المسؤولة عن تربيتهم وتوجيههم، وينبغي أنْ تكون طريقتكِ في التعامل معهم لطيفةً ومُحبّبةً لينعكس ذلك على طاعتهم لكِ، وعندما تريدين معاقبة طفلكِ تجنّبي انتقاده بطريقة جارحة أو إلقاء اللوم عليه باستمرار، بل أشعريه بأنّكِ تتوقّعين منه الأفضل في المرات القادمة.
  5. قدّمي لطفلكِ الأطعمة الصحية؛ فالتغذية السليمة ضرورية في كل مراحل عمره، إذ يحتاج جسمه إلى العناصر الغذائية للبقاء بصحة جيدة، كما أنّ تربية الطفل على اتّباع عادات الطعام الصحي قد يساعده على تطبيقها طوال حياته، لذلك احرصي على تقديم الطعام الصحي الغني بالعناصر المفيدة لجسم طفلكِ، ولا تسمحي له بتناول الحلويات والوجبات السريعة.


المراجع

  1. ^ أ ب كيندة حامد التركاوي (7/11/2015)، "مفهوم التربية لغةً واصطلاحا"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2021. بتصرّف.
  2. Heather Gibbs Flett ,Whitney Moss (3/7/2012), "A Cheat Sheet of Parenting Philosophies and Trends", nymetroparents, Retrieved 20/2/2021. Edited.
  3. Dr. Josh Eudowe (23/4/2017), "The Importance of Good Parenting Skills", ibhwestport, Retrieved 20/2/2021. Edited.
  4. Nina Garcia (30/8/2020), "8 Remarkable Parenting Goals Every Mom Should Have", sleepingshouldbeeasy, Retrieved 20/2/2021. Edited.
  5. Melissa Conrad (10/9/2020), "Facts you should know about healthy parenting", medicinenet, Retrieved 20/2/2021. Edited.
  6. "Nine Steps to More Effective Parenting", kidshealth, Retrieved 20/2/2021. Edited.
  7. "The Importance of Child Nutrition", mana, Retrieved 20/2/2021. Edited.

فيديو ذو صلة :