محتويات
مفهوم التربية لغة
بالنظر في معاجم اللغة العربية، نجد أنّ مفهوم التربية لغة يرجع إلى أصلين وهما[١][٢]:
- التربية من ربا يربو رباءً وربوًا، وتحته تندرج عدة معاني:
- الزيادة والنماء: مأخذوة من الفعل رَبا، وهي الزيادة والنماء المتوازن بين الجسم والعقل، فعندما يتزود العقل بأنواع المعرفة المختلفة، وألوان الثقافة، عندها يتغذى العقل، وتكبر مدركاته، فيزكو وينمو، ولا يمكن أن ينمو العقل بلا نمو الجسم السليم، وذلك بتغذيته ورعايته صحيًا، ليترعرع بعافية جيدة، فيتحمَّل تكاليف الحياة، وما يتبعها، وقد نما عقله، وتربىَّ جسمه، وصفت نفسه، وزكت روحُه.
- نشأ وترعرع: يُقال ربي فلان في بني فلان أي نشأ فيهم، وهي الرعاية والعناية بالأطفال في السنوات الأولى، بفرعيها؛ وهما الرعاية الجسمية، والرعاية الخُلقية المتمثلة في تربية الطفل لإكسابه أساسيات قواعد السلوك ومعايير الجماعة التي ينتمي إليها.
- التغذية: يُقال ربيته أي غذوته وهو لكل ما ينمى كالزرع والولد، وهي تغذية الجسم بكل ما يحتاج إليه من مأكل ومشرب، وتربيته بالأخلاق والمفاهيم، وكل ما يحتاجه الإنسان لمساعدته على الخوض في غمار الحياة، وحتى يصبح قويًا على تحمل تكاليف الحياة ومشقاتها، فتغذية الإنسان والوصول به إلى الكمال هو المعنى للتربية، ويقصد بهذا المفهوم كلّ شيء يُغذي الإنسان جسمًا وعقلًا وروحًا وإحساسًا ووجدانًا وعاطفةً.
- التربية اسم مشتق من ربّ يربّ ، ويندرج تحته عدة معاني منها:
- الملك والقيام عليه وتدبير أموره.
- الإصلاح والإتمام.
- الحفظ والرعاية.
- السياسة وتولي الأمر.
- الجمع والزيادة.
مفهوم التربية اصطلاحًا
مفهوم التربية اصطلاحًا هوعملية نمو واكتساب للخبرة، واستخراج ما لدى الفرد من قدرات كامنة وتنميته خُلقيًا وعقليًا، لإحداث تغيير مرغوب فيه في سلوك الفرد خاصة وفي المجتمع عامة، بواسطة تفاعل الفرد مع البيئة المحيطة به من أفراد وكائنات حية وغيرها[٣].
فيما يلي تعريف لأقسام التربية في مختلف المجالات:
التربية الوطنية
وهي التربية الموجهة للفرد لتعزيز قيمةالمواطنة، وهي السلوكيات التي تدل على المواطن الصالح، وتعني أيضًا تزويد الطالب بالقيم والمبادئ والاتجاهات الحسنة وتربيته ليصبح مواطنًا صالحًا في سلوكه وأخلاقه، وتزويده بالقدر الكافي من المعرفة التي تُمكّنه من تحمل مسؤولية خدمة دينه ووطنه ومجتمعه[٤].
التربية الاجتماعية
التربية الاجتماعية توصف بأنّها واحدة من أنواع التربية الإسلامية، فمن تعاريف التربية الاجتماعية[٥]:
- هي الطريقة التي بواسطتها يتعلم الفرد طريقة عيش مجتمع وجماعة ما، بما يتضمن قواعد هذه الجماعة وسلوكياتها، وكل ما يحتاجه ليتكيف مع تلك المجموعة أو الجماعة.
- هي تعلم الفرد طرق التفاعل الاجتماعي، بتعلم أدواره الاجتماعية، ويستطيع الفرد تمثل واكتساب المعايير الاجتماعية التي تحددها هذه الأدوار.
- هي العملية التربوية التي يخضع لها الفرد ليصبح واعيًا ومستجيبًا للمؤثرات الاجتماعية المختلفة، وما تطلبه هذه المؤثرات من واجبات وما تشمله من ضغوطات، وفيها مراعاة لمصلحة الجماعة وسحق لفردية الفرد.
- هي عملية نمو الطفل من كونه متمركز حول ذاته ليشبع حاجاته الفسيولوجية ومعتمد على غيره، إلى أن يصبح فرد ناضج مدرك لمعنى المسؤولية الاجتماعية ويدرك طريقة تحملها، ومن خلالها يستطيع الفرد ضبط انفعالاته والتحكم في حاجاته بما يتلاءم مع المعايير الاجتماعية.
التربية الإسلامية
تؤخذ التربية الإسلامية من معاني الربّ والربّاني والربوبية والطاعة والتعليم والتنشئة والنصيحة، إذًا فالتربية الإسلامية هي التي تساعد المسلم على الارتقاء في مراتب الإيمان؛ لتحقيق الهدف من إنزال القرآن وإرسال الرسل، وغايتها إصلاح شامل لجميع مناحي الحياة التربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعقلية والنفسية والروحية، وقال البيضاوي في تعريف التربية "تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا"[٦].
مفهوم التربية في العصور القديمة
لقد تطور الفكر التربوي ومر بمراحل وأزمنة وعصور، اختلف فيها مفهوم التربية وتطورت الوسائل والأهداف مع تعقيدات الحياة، وسنستعرض فيما يلي مفهوم التربية في العصور القديمة[٧]:
التربية في المجتمعات البدائية
تميزت التربية في المجتمعات البدائية ببساطة أهدافها، وبساطة الوسائل المستخدمة فيها وقلة متطلباتها، نظرًا لطبيعة الحياة البدائية غير المعقدة، والتي تهتم بتعليم الفرد كيفية توفير الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب وكساء ومأوى، وكانت السمة البارزة فيها هي التقليد والمحاكاة للآخرين أي أن تصرفاتهم متشابهة يتدرب عليها الشخص ويتّبعها، إذ كان الناشئ يقلد عادات مجتمعه وطراز حياته تقليدًا عبوديًا خالصًا، ولم يكن في المجتمعات البدائية أي مؤسسات أو مدارس تنقل هذا التراث التربوي، بل كان يتولى التربية بشكل أساسي الوالدان أو الأقارب، وفي أواخر هذه المرحلة كان يقوم بها شيخ القبيلة أو الكاهن[٨].
التربية في حضارة وادي الرافدين
إذ أُسّست أول مدرسة في العالم في بلاد ما بين النهرين، ثم أصبح التعليم في هذه الحضارة نظاميًا مع ازدياد المدارس، وكانت المدارس تهتم بشتى العلوم، كالاقتصاد والإدارة وعلوم الجغرافيا والحيوان والنبات واللاهوت وعلم اللغة والآداب، وقد شمل نظام التعليم المرأة، وكان للمعلم مكانته الاجتماعية المرموقة أعلى من الكاتب والضابط، كل هذا يدل على أنّ التربية في حضارة وادي الرافدين كانت تهتم بالتعليم.
التربية في حضارة وادي النيل
أولى المصريون القدامي اهتمامًا كبيرًا بالتربية؛ اذ كانوا يرون أنّ المعرفة وسيلة لبلوغ الثروة والمجد، ونظرًا لطبيعة الحياة المعقدة، بنت الحضارة المصرية نظام تعليمي مدرسي راقي، حيث فتحت المدارس أبوابها للتلاميذ ليكتسبوا جميع ما تحتاج إليه الحضارة المصرية من تكنولوجيا وخبرات ثقافية وصناعية، وقد أخضع الكهنة لنفوذهم الحرف والفنون والكثير من الأنشطة الأخرى في الدولة، ولم تكن الحرف هذه والفنون في المدارس متاحة لكل شخص يريد تعلمها، فمن خصائص التربية المصرية القديمة أنّها تربية صارمة وكانت مقنصرة على القلة، كما كانت خاضعة للسيطرة من قبل الدولة وطبقة الكهنة.
التربية في العصور اليونانية
امتازت التربية في اليونان بأنّها وُجّهت لفئات قليلة من المجتمع، أي ما يعرف بالتربية الأرستقراطية، وساعدت التربية هذه الفئة المنتقية على التفكير والإبداع، ممّا بعث روح التجديد في المجتمع، وفسح المجال للشخصية لتنمو في الجوانب السياسية والعلمية والخلقية والفنية، إذ أنّ الغاية من العملية التربوية عندهم هي وصول الشخص لحياة جميلة وسعيدة، وذلك عن طريق وصوله إلى الكمالين العقلي والجسمي معًا.
ما أهمية التربية للفرد والمجتمع؟
تعود التربية السليمة بنتائج على الفرد والمجتمع، وتظهر أهميتها في[٩]:
- بناء الأفكار الدافعة للفرد لإحداث تغيرات تسهم في تقدم المجتمع، فالتربية الصحيحة تحرر الإنسان ممّا يجعله قادرًا على إطلاق مواهبه وقدراته.
- إكساب الأفراد المبادئ والقيم الفكرية والقومية والإنسانية التي تساهم مع التطور العلمي والتقني في نهضة سريعة للحياة الاجتماعية وبناء الحضارات.
- بناء شخصية الفرد وتنمية مواهبه وقدراته.
- تعلّم وسائل التربية المختلفة الفرد طرائق التفكير ومهارات التفكير الإبداعي، والتي تُساعده في تقديم الحلول لمشاكل المجتمع المختلفة وتطوير المؤسسات، وتجعل الفرد يفكر بشمولية، ممّا يعني أنّ الفرد على قدر من الوعي بالمجتمع ومشكلاته.
7 نصائح مهمة لتربية ناجحة
من النصائح المهمة لتربية ناجحة[١٠]:
- العناية بتربية الأفراد على الأخلاق والتي تُساعد في بناء فرد سليم العقل ومستقيم في سلوكياته من الصغر، وعدم انتظار سن معينة للتربية، فالتربية تبدأ من أول يوم للطفل في الحياة.
- التركيز على غرس الآداب الإسلامية، وتعويد الفرد عليها حتى تصبح جزء من شخصيته وحياته.
- إحاطة الفرد ببيئة سليمة، ويشمل ذلك الأصدقاء، فصحبة الأخيار تربّي الخير في نفوس من يصاحبهم، واختيار المدارس المناسبة لتساعده في التوجه إلى الخير.
- اتفاق الأبوين على المنهج التربوي الذي سيسلكانه مع أولادهم، وأن يحرصا على التعاون فيما بينهم، فعدم وضوح المنهج لدى أحد الأبوين ينتج عنه خلل في التربية.
- تخصيص وقت يجلس فيه الأبوين مع أولادهم ليسمعون منهم ويتبادلون أطراف الحديث.
- توجيه الآباء الأبناء إلى شخص يكون قدوة لهم، ومن المهم أن يكون الآباء قدوة صالحة لأولادهم، وأسوة حسنة لهم في الأقوال والأفعال والأخلاق؛ لأن كل ما يقال أو يفعل أمام الطفل، إنّما هو من تربيته.
- غرس الأهداف العالية في الأبناء ليسعوا بكل جهدهم لتحقيقها، وهذا يشغل أوقات الأبناء مما يبعدهم عن الأشياء الغير مرغوبة ويجعل لجهودهم معنى.
المراجع
- ↑ بلغيث بن أحمد بن عبد الله الغانمي، منهج التربية الاجتماعية في ضوء القرآن وتطبيقاته من خلال البيئة المدرسية، صفحة 25-26. بتصرّف.
- ↑ كيندة حامد التركاوي (7/11/2015)، " مفهوم التربية لغة واصطلاحا"، شبكة الألوكة الاجتماعية، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
- ↑ بلغيث بن أحمد بن عيد الله الغانمي، مفهوم التربية الاجتماعية في ضوء القران الكريم وتطبيقاته من خلال البيئة المدرسية، صفحة 28. بتصرّف.
- ↑ د. قاسم بلشان التميمي (17/2/2017)، "مفهوم التربية الوطنية في الفكر العربي الإسلامي"، النور، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
- ↑ بلغيث بن أحمد بن عبد الله الغانمي، منهج التربية الاجتماعية في ضوء الكتاب قرآن الكريم وتطبيقاته من خلال البيئة المدرسية، صفحة 30-31. بتصرّف.
- ↑ بلغيث بن أحمد بن عبد الله الغانمي، منهج التربية الاجتماعية في ضوء القرآن الكريم وتطبيقاته من خلال البيئة المدرسية، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ وفية جبار محمد هاشم الياسري (21/12/2016)، "الاصول التاريخية للتربية :"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد كاظم منتوب الحمداني (16/3/2020)، "ماهية التربية"، كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2021. بتصرّف.
- ↑ انوار محمود علي، دور التربية في التغير الاجتماعي، صفحة 9-19. بتصرّف.
- ↑ ناصر بن سليمان (13/9/2006)، " مئة نصيحة في التربية الناجحة"، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2021. بتصرّف.