مفهوم فلسفة التربية

مفهوم فلسفة التربية

مفهوم فلسفة التربية

فلسفة التربية أو فلسلفة التعليم هي فرع من فروع الفلسفة التطبيقية أو العملية، والتي تعنى بطبيعة التعليم وأهدافه والمشاكل الفلسفية الناتجة من ممارسة كل من التعليم النظري والتعليم التطبيقي، ونظرًا لكونها موجودة في كل مكان في المجتمعات البشرية وعبرها، فإنها تتميز بتنوع مظاهرها الاجتماعية والفردية وعمق تأثيرها، فهي تشمل القضايا الأخلاقية والفلسفة الاجتماعية والسياسية ونظرية المعرفة وما وراء الطبيعة وفلسفة العقل واللغة، بالإضافة إلى مجالات الفلسفة الأخرى[١]، ومما سبق نجد أن فلسفة التربية تتضمن جانبين رئيسيين، هما[٢]:

  • الجانب النظري: الذي يهتم بالمتعلم، أي الفرد بحد ذاته من جهة وبالفرد بوصفه جزءًا من المجتمع من جهة أخرى، فهو يحتاج إلى فهم المجتمع والعالم المحيط به ليؤثر فيه ويتأثر به، وهذا الفهم يُساعد العقل الإنساني على فحص الأفكار والسياسات التربوية ومدى توافقها مع الأفكار الأخرى من خلال عمليات التربية والتعليم.
  • الجانب العملي: الذي يهتم بتحديد أهداف وغايات التربية ويسعى إلى تحقيقها، كما يُهيئ الوسائل التي تُساعده على تحقيقها، وهذه الوسائل والتطبيقات العملية تُساعد جميع أطراف العملية التربوية على اتخاذ القرارات أو فهم المبادئ والأسس التي تقوم عليها عملية التربية.


اتجاهات الفلسفة في التربية الحديثة

تنقسم اتجاهات الفلسفة في التربية الحديثة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي على النحو التالي[٣]:


الاتجاه الطبيعي

هو اتجاه فلسفي احتل مكانة بارزة في تاريخ الفلسفة على مر العصور، ويعتمد على عنصر واحد من عناصر الطبيعة أو على جميع عناصرها، كما يُفسر التغيرات التي تطرأ على الظواهر الطبيعية، بالإضافة إلى التنوع في العالم الطبيعي والاجتماعي والأخلاقي، فقد بنيت الفلسفة الطبيعية على حقيقة واحدة وهي الطبيعة، كما تؤمن بأن الإنسان جزء من هذه الطبيعة، وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن تلخيص الاتجاه الطبيعي في فلسفة التربية بإيمانها أنّ الطفل يولد بقدرات فطرية تُمكنه من النمو نموًا طبيعيًا دون تدخل المجتمع، لكن حياة الطفل وتكيفه خلال مراحل عمره الأولى داخل حدود الطبيعة والتعرف على ثوابتها وعقابها، كفيلٌ بتزويده بالخبرة الحسية والعقلية المطلوبة منه، لكن أولًا يجب أن يكون له أساس قوي يبني عليه تفرده من جهة وإنسانيته في المجتمع من جهة أخرى.


لطالما نفت الفلسفة الطبيعية كل ما هو روحاني يتفوق على الطبيعة والعقل الإنساني، إلى أن تم مزجها مع الديانات السماوية، كما هو الحال عند بن طفيل وجان جاك روسو، وفيما يلي توضيح بسيط لفلسفتهما التربوية:


  • الاتجاه الطبيعي في فلسفة ابن طفيل التربوية:

ألّف ابن طفيل قصة (حي ابن يقظان) والتي هي عبارة عن رسالة توضح مفهوم التربية من وجهة نظر فلسفية، والتي كشفت العديد من الدوافع والأفكار الجديدة في عالم الفلسفة التربوية، نذكر منها ما يلي:

  1. توفير تجربة جديدة ومغايرة لكل قواعد الحياة والتربية.
  2. خلق إطار تربوي جديد يتعارض مع كل ما اعتاد عليه الناس في عصر ابن طفيل في الحياة والتربية.
  3. ذكر إيجابيات الحياة والتربية اللاتي تتسم بالبهجة والسرور.


  • الاتجاه الطبيعي في فلسفة جان جاك روسو التربوية:

تقوم حركة الطبيعة لدى جان جاك روسو على مبدأين رئيسيين، وهما:

  1. النفس الإنسانية خيرة لذا يجب إعطاء الطفل الحرية الكاملة لفعل ما يريد، إذ باعتقاد روسو أنّ الطفل يقوم بأفعاله بوازع داخلي هدفه إثبات طبيعة نفسه وأنّها خيرة ونقية.
  2. الحاضر أصل تطور المستقبل لذا يجب أن يكون الهدف الأسمى من التربية هو الاهتمام بالحاضر لا المستقبل، لأن الحاضر هي البيئة التي ينمو بها المستقبل، وحال المستقبل من حال الحاضر، فإذا كان الحاضر طيبًا فلا بد من أن يكون المستقبل طيبًا.


ومن الجدير بالذكر أن روسو بنى نظرته إلى الإنسان على أربعة ثوابت، ألا وهي هدف العملية التربوية وطبيعة الإنسان الخيرة وقدرة الإنسان على الوصول إلى الكمال والمعرفة التي تناسب عمر الإنسان ومراحل حياته المختلفة.


الاتجاه البراغماتي

ظهر هذا الاتجاه الذي يسمى أيضًا باسم الاتجاه الوظيفي والتجريبي والوسيلي على يد الفيلسوف تشارلز بيرس، ويؤمن الاتجاه البراغماتي بالتجربة اعتمادًا على جانب الإنسان الحسي، كما يهتم بالوسائل والأدوات التي تُستخدم للمعرفة والوظائف التي تؤديها، إذ تُستخدم تلك الوسائل والأدوات كحجج يجري التوصل باستخدامها إلى نتائج مؤقتة، ومن الجدير بالذكر أن هذا الاتجاه تعتقد بأنّ الأفكار تصبح إيجابية ونافعة عندما يجري استخدامها لربط خبرات الإنسان من أجل إنتاج سلوك ناجح في الحياة، وقد بنيت الفلسفة البراغماتية على مجموعة من المبادئ الرئيسية، ألا وهي:

  1. التغير المستمر وهو جوهر الحقيقة.
  2. القيم نسبية.
  3. الطبيعة الاجتماعية والبيولوجية للإنسان.
  4. الديمقراطية هي نهج الحياة.
  5. الذكاء قيم في خلق السلوك الإنساني.


تهدف التربية البراغماتية إلى تعليم الفرد طرق التفكير والتكيف في مجتمع مستمر التغير، لذا يحث هذا الاتجاه المؤسسات التعليمية على تنمية خبرات الطلبة ومهاراتهم لضمان سعادتهم، بالإضافة إلى الاهتمام بصحة الطلبة ومهاراتهم المهنية والاجتماعية وهواياتهم، وتدريسهم طريقة التعامل مع المشكلات بكفاءة.


الاتجاه التكويني

هو أحد فروع علم النفس والذي يسمى علم النفس التكويني (psychology Genetic) والنشوء والتكوين (Genesis or Genèse)، هو العلم الذي يهتم بدراسة طبيعة نشأة وتكوين الظواهر النفسية من خلال تتبع أصل ومراحل تطورها، بالإضافة إلى متابعة نهايتها من خلال دراسة الدور الذي تلعبه الوراثة في تحديد البناء النفسي والوظائف النفسية للفرد، تجدر الإشارة إلى أن مؤسس الاتجاه التكويني في علم النفس هو العالم النفسي (جان بياجيه)، الذي استطاع تقديم الكثيرللتربية، فقام بتجديد طرقها ووسائلها، ودعا العاملين في قطاع التربية إلى الاهتمام والتركيز على التطور العقلي والانفعالي لدى المتعلم بتنشيط عقله ليكتسب المعرفة.


أهمية فلسفة التربية

تتضح أهمية الفلسفة التربوية من خلال ما يلي[٤]:

  1. تُساعد في فهم واستيعاب العملية التربوية الأمر الذي يسهل من عملية تطويرها.
  2. تساهم في خلق اتجاهات جديدة تحسن النمو التربوي.
  3. تلعب دورًا مهمًا في تنظيم وترتيب الفكر التربوي بصفته أحد فروع الفلسفة التجريبية.
  4. تحسن فهم العملية التعليمية من خلال تعميق مفاهيمها.
  5. تُوضح المفاهيم والافتراضات التي تقوم عليها النظريات التربوية وتزيل اللبس عنها.
  6. تشرح طبيعة العلاقة بين العلم التربوي ومظاهر الحياة، كما تُسهل التعرّف عليها.


المراجع

  1. "Philosophy of Education", plato.stanford, 7/10/2018, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  2. د مصطفى محمد رجب، فلسفة التربية: المفهوم والأهمية، صفحة 2. بتصرّف.
  3. عبدالحكيم كرام، محـاضـرات في فلـسفة التربـية، صفحة 20-43. بتصرّف.
  4. راقية عباس خضير (31/10/2018)، "اهميه فلسفة التربية"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :