الشورى والديمقراطية
كثيرًا ما نسمع مصطلح الديمقراطية في عصرنا هذا في مختلف السياقات والمحافل، سواءً كان تغنيًّا بوجودها في المجتمعات المتحضرة أو مطالبة به في الدول المتراجعة، وقد يرتبط مفهوم الديمقراطية بمفهوم الشورى الذي وُجد قبل آلاف السنين، فالشورى تعرف على أنّها اتخاذ رأي من عدة آراء واستخراج رأي بعد التحاور بين الأشخاص أو المجموعات، وهي بدورها طريقة وآلية في صنع القرار، أما الديمقراطية فهي أيضًا وسيلة لصنع القرار ولكنها تعرف على أنها حكم الشعب للشعب[١].
الفرق بين الديمقراطية والشورى
على الرغم من أن الشورى والديمقراطية وسيلتان لصنع القرار واتخاذ الرأي، إلا أنّه يوجد بعض الفروق الرئيسية بينهما، ونذكر بعضها كالآتي[٢]:
- فرق الرؤى؛ فالشورى مصطلح إسلامي ذُكر في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وهو نابع من إيمان الإنسان بأمر الله واستخلافه له ويؤمن بأنّ الشورى تكون في العناصر الثلاثة: الشريعة والأمة والدولة، وكذلك ذُكرت كلمة الشورى في القرآن في مواطن مشابهة، أما الديمقراطية فإنّ مصدرها الإنسان ووهي من تدبيره الخاص.
- فرق الاستخلاف؛ فالشورى تنتمي لدين استخلاف الله للإنسان في الأرض، وعليه فإنّ أمرها يضمن مصلحة الفرد والمجتمع والدولة والدين، وذلك لتحقيق المعنى الحقيقي للاستخلاف والإصلاح والإعمار في الأرض، أما الديمقراطية فتنتمي للإنسان فقط، ولا يقيدها منهج ولا شرع، والإنسان فيها سيد الكون وحريته تخرج من مصلحته، وقد تتوافق فيه المصلحة مع المصلحة العامة، ولكنه غير مقيد بمعنى الاستخلاف.
- فرق مصدر قوانين الحكم؛ فالشورى التي ترجع للقرآن والتي ذُكرت فيه تتقيد به وبقوانينه، فالدولة الإسلامية التي تحكم بالشورى تكون الخيارات فيها بما لا يتعارض مع القرآن، والذي هو في الأصل أساس المصلحة العامة والفردية؛ لذلك يكون التشاور بين أصحاب العلم والقرآن والعقلاء وأصحاب الخبرة، أما الديمقراطية فترجع لقوانين وضعها الإنسان بحكم أنه سيد نفسه وقراره، بما يناسب المجتمع والمصلحة، ولكنها تعتمد على العدد بغض النظر عن صاحب الأمر والقرار وأهليته من عدمها، ويجب الانتباه إلى أنّ الشورى بمفهومها هي جزء من الديمقراطية، ولا تتعارض في مفهومها مع مبدأ حرية الإنسان، ولكنها محددة بما يضمن المصلحة العامة للفرد والأمة والدين.
أهمية الشورى في الإسلام
إنّ للشورى أهمية كبيرة في الدين الإسلامي، كما وجدت سورة في القرآن باسم الشورى وقد قال الله تعالى فيها:(وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى:38]، وتكمن أهمية الشورى بأنها تحقق لصاحبها الرأي السديد من العقلاء، وتقطع الحيرة، وتضمّ العقول إلى بعضها لترجيح أعقلها وأكثرها صلاحًا وأفضلها، سواء كان المستشير فردًا أمة أو دولة، كما أنّها تزيل ضرر العجلة والتسرّع والتهور في الاختيار، فالناس مختلفون في نظراتهم للأمور والقضايا المختلفة، وهذا كله مما يحقق صلاح المجتمع، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر الناس مشورة لأصحابه، وقد تشاوروا في أمرهم كثيرًا من بعده لأنهم كانوا في أحوج أوقاتهم للرأي السديد بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام[٣].
المراجع
- ↑ "الشورى والديمقراطية"، مركز الحضارة للدراسات والبعوث، اطّلع عليه بتاريخ 7-4-2019.
- ↑ "جدلية الشورى والديمقراطية"، مدونات الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 7-4-2019.
- ↑ "أهمية الشورى"، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 7-4-2019.