مراحل النمو
عملية النمو لا تتم عشوائيًّا، فهي عملية منظمة تحكمها قوانين ومبادئ نمائية، حيث تمتاز كل مرحلة من مراحل النمو بخصائص ومتطلبات خاصة بها، وهي مراحل متداخلة ولا يوجد فواصل وحدود بينها، ويمر بها جميع البشر باختلاف موقعهم الجغرافي والزماني.
جميع الأفراد يمرون بنفس تسلسل المراحل، ولكنهم يتفاوتون من حيث العمر في دخولهم بمرحلة ما وخرجوهم منها، وذلك لأن العوامل الوراثية والبيئية تعلب دورًا مهمًا بمراحل النّمو، مثال ذلك في المناطق ذات المناخ الحار يكون سن البلوغ تقريبًا ما بين 9-11 سنة، أما المناطق ذات المناخ البارد يكن تقريبًا ما بين 11-13 سنة.
وللنمو مظاهر مختلفة، كالمظاهر النفسية، والجسمية، والحركية، والانفعالية، واللغوية، والاجتماعية، وهذه المظاهر يؤثر كل منهما بالآخر سلبًا أو إيجابًا.
النمو النّفسي
لايقتصر النمو النفسي على مظاهره النمائية فقط، بل يعتمد على النمو المعرفي، والنمو الأخلاقي، والنمو الاجتماعي، النمو الجنسي، فكلها سلسلة مترابطة لا يستطيع الفرد التخلي عن حلقة من حلقاتها، لأنها تمثل مقولة العقل السليم في الجسم السليم، فالعقل والجسد والنفس وحدة واحدة لا تتجزأ.
ومن أشهر من تحّدث عن النمو النفسي وتطور الشخصية سيجموند فرويد ومراحله السيكوجنسية، حيث تعتمد مراحل النمو النفسي على مبدأ اللّذة التي يحققها الطفل في مراحل حياته المختلفة، وعدم إشباعها يؤدي إلى التثبيت ويسبب خللًا في البنية الشّخصية للفرد، وأما إريك إريسكون ربط خبرات التعلم الاجتماعي بمكونات الشخصية، بعكس فرويد الذي ربط النظام العضوي والبيولوجي بها.
مراحل النمو النفسي
- تعلم الثقة مقابل عدم الثقة: من عمر 1-2 سنة، التي تعتمد على توفير المتطلبات البدائية للطفل من غذاء وحب، حتى يثق بالبيئة المحيطة به، ليشعر بالأمان والاستقرار.
- تعلم الاستقلالية مقابل الشعور بالخجل والشك: 2-4 سنة، تعتمد في قدرة الطفل على التحكم بالبيئة المحيطة به، وذلك بسيطرته على عملية الإخراج والاعتناء بذاته، فيحتاج إلى التشجيع والتدريب والإشراف من قِبل والديه، وإذا تمّ حرمان الطفل من متطلبات هذه المرحلة فإنه سيقع في شراك فخ الخجل.
- تعلم المبادرة مقابل الإحساس بالذنب: من عمر 4-6 سنة، الإحساس بالمسؤولية الذاتية، وتكوين الضمير، واستطاعة الطفل أن يُميّز بين الصواب والخطأ، وقدرته على التخطيط ومواجهة المشاكل، وشدة العقاب والتأديب للطفل سيولد لديه الشعور بالذنب الدائم.
- تعلم الجهد مقابل الشعور بالنقص: من عمر 7-12 سنة، يتعلم الطفل المهارات اللازمة للمشاركة في الأنشطة اليومية، وتعلم العطاء والتحصيل العلمي والنجاح، التي تساعده على التفاعل الاجتماعي، والفشل في تعليم الطفل مهارات الحياة اللازمة سيشعره بالدونية والنقص.
- تعلم الهوية مقابل الإحساس بغموض الهوية: من عمر 13-20 سنة، "مرحلة المراهقة"، حيث تمتاز بالتغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية، فيسعى المراهق لإثبات هويته الجندرية، فهو بحاجة إلى إشراف وتوجيه من المحيطين به من أهل ومعلمين، ومساعدته على تبني وتنظيم قدراته وميوله، وعند عدم توجيه المراهق إلى الطريق الصحيح سينتج عن ذلك عدم استقرار لهويته الجندرية.
- تعلم الألفة مقابل الشعور بالعزلة: من عمر 20-35 سنة، سعي الفرد لإيجاد شريك الحياة المناسب والوظيفة، لأنهما تحققان الاستقرار النفسي له، والسّعي إلى تكوين الصداقات طويلة الأمد.
- تعلم الإنتاجية مقابل الشعور باستغراق الذات: من عمر35- إلى سن التقاعد، قدرة الفرد على الإنتاج والإبداع في جميع أصعدة حياته العائلية والمهنية والاجتماعية، وفشله بدوره التربوي أوالعملي سيؤدي إلى انغماسه في أنانيته.
- تعلم التكامل مقابل الإحساس باليأس: تأتي بعد مرحلة التقاعد، وهي التركيزعلى النجاح في إنجاز المراحل السابقة التي تعزز الفرد، وتشعره بالثقة والاعتزاز بما قام به في مراحل حياته .
فالنمو النفسي السليم يُنمّي ويطوّر الجوانب النفسية والاجتماعية، ويطّور شخصية الفرد ويساعده على التّكيف النفسي والاجتماعي السليم، ولا يتوقف النمو على الجانب النفسي الاجتماعي بل هناك نموًّا معرفيًا وأخلاقيًا وانفعاليًا يساعد الفرد على العيش بسعادة واستقرار واطمئنان.