الفرق بين القومية والوطنية

القومية

تعرف القومية في اللغة أنها مصدر صناعي من القوم، وفي الاصطلاح هي مذهب فكري يؤمن بأن الانتماء لا يكون إلا للقوم، فالقومية بمفهوم مبسط تعني انتساب الفرد إلى كيان أكبر ألا وهو القوم أي مجموعة من البشر، إذ يربط بين أفراد القوم رباط محدد يعزز من أواصر تلاحمهم كالعرق أو الدين أو الهوية الثقافية، ومما سبق نستنتج أن العلاقة بين الفرد والامتداد الجغرافي الذي يتواجد فيه علاقة غير مباشرة، فهو غير معني بالأرض ولكنه معني بالقوم الذي ينتمي إليهم ويتواجد على الأرض، فإذا ما ارتحل القوم إلى مكان آخر رحيلًا مؤقتًا أو دائمًا يبقى الرابط بين أفراد القوم قائمًا، وعرف العالمان الشرقي والغربي العديد من الأمثلة على التحركات القومية، كتحركات التتار والمغول والعرب والقوط والقبائل الجرمانية وغيرها الكثير من القوميات التي استطاعت الحفاظ على تماسكها رغم استبدال موطنها، وهنا يجدر بنا التفريق بين مصطلحين هامين، ألا وهما الوطن والموطن، فالوطن لفظة تستخدم عندما تكون علاقة الفرد مباشرة مع الامتداد الجغرافي الذي يتواجد عليه، في حين تستخدم لفظة الموطن عندما تكون علاقة الفرد غير مباشرة مع الامتداد الجغرافي الذي يتواجد فيه[١][٢].


الوطنية

تعرف الوطنية في اللغة أنها مصدر صناعي من الوطن، وفي الاصطلاح هي مذهب فكري يؤمن بأن الانتماء لا يكون إلا للوطن، فالوطنية أقرب ما تكون لشعور وهمي بوجود ارتباط بين الفرد والامتداد الجغرافي الذي يتواجد عليه بكل ما يحتويه من بشر ومعالم جغرافية، فالرابط الرئيسي بين أفراد الوطن الواحد هي منظومة العلاقات القائمة على أساس الملكية المشتركة لوطنهم، وتكون ملكية الفرد للوطن على أساس ممارسة حقه في تلك الملكية بما لا يعيق ممارسة باقي الأفراد لحقوق ملكيتهم، وهو ما يلخص بقاعدة: (تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات)، ومن الجدير بالذكر أن أي خلل يحدث أثناء تطبيق تلك القاعدة يعني وجود خلل في بناء الوطن نفسه[١][٢].


الفرق بين القومية والوطنية

حب الوطن يؤدي إلى حب كل ما يحتويه الوطن كأهل الوطن، وعلى الرغم من تقارب مفهومي الوطنية والقومية في بعض البلدان لدرجة تؤدي إلى اعتقاد الكثيرين بأن القومية والوطنية كلمتان مترادفتان، لكن وكما أوضحنا سابقًا فإن المعنى اللغوي والاصطلاحي للمفهومين يظهر الفرق الحقيقي بينهما، ويظهر هذا الفرق واضحًا جليًّا بين الشعب الوطني والشعب القومي، فالشخصية القومية تختلف كثيرًا عن الشخصية الوطنية، لذا سنحاول فيما يلي عقد مقارنة لإظهار تلك الفروق بين شخص قومي وآخر وطني[٣]:

  • السيادة: يشعر القومي أن شعبه يستحق السيادة التي تمنحه حق الزعامة والقيادة لباقي الشعوب، حتى وإن تطلب منه الأمر الاعتداء اعتداءً سافرًا على بلدان أخرى، فبنظره أن مكانة شعبه تحتل المرتبة العليا وسيادتها هي الأقوى، أما الوطني فتميل مشاعره نحو التعايش والاحترام أكثر من استخدام مبدأ القوة والعنف تجاه البلدان الأخرى، إذ إنه يطبق قاعدة الوطنية على من سواه من الناس، فبالنسبة إليه الناس سواسية ولا فضل لأحدهم على الآخر ولا لجنسية على الأخرى.
  • الأهمية: من وجهة نظر القومي لا أهمية لأي شخص دون هوية قومية تحدد جنسيته وحدوده الخاصة، الأمر الذي يجعل القومي لا يعترف بالعلاقات الودية طويلة الأمد مع بلدان وأمم مختلفة، وفي أي علاقة تخوضها بلده لا يرى إلا مصلحتها، عبر عقد مقارنة بين ميزات تلك العلاقة وعيوبها، في حين يرى الوطني أن القيم الاجتماعية والثقافية تفوق أهميتها أهمية المكان الذي أتى منه الفرد، فتراه يجد أن سعي بلده نحو إقامة علاقات صديقة مع البلدان والأمم الأخرى من أهم أساسيات التعايش، فالوطني لا يخشى تكوين الصداقات والعلاقات أيًّا كان منشؤها.
  • الأخطاء: يستطيع القومي تبرير الأخطاء المرتكبة من قبل بلاده أيًّا كانت، حتى وإن كانت تلك الأخطاء تصل حد خوض حروب دموية ضد دول أخرى، فهو يرى أن بلاده تمتلك السيادة الكافية التي تخولها لارتكاب أي فعل كان دون أن تخضع للمحاسبة من أي جهة كانت، أما الوطني فيشعر بالخزي للأخطاء التي ترتكبها بلاده، كما أنه يمتلك رحابة صدر تجعله يستمع لناقدي بلاده ليتعلم شيئًا جديدًا عنها من منظور مختلف.


التشابه بين القومية والوطنية

تشترك القومية والوطنية في أن كليهما شعور متنامٍ لدى الفرد بضرورة الانتماء إلى كيان أكبر من ذاته، وتجدر الإشارة إلى أن كلًّا من الممارسة الحياتية والوعي النظري يلعب دورًا هامًّا في ترسيخ هذا الشعور في الإنسان ليتسق مع واقع الحياة الإنسانية التي يحياها، الأمر الذي يجنبه الشعور بالوحدة والعزلة اللاتي تخالف طبيعته البشرية المحبة للتكاتف والتعايش[١].

المراجع

  1. ^ أ ب ت كمال غبريال (2008/2/11)، "بين الوطنية والقومية"، إيلاف، اطّلع عليه بتاريخ 2019/6/27. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "القومية والوطنية"، سفر الحوالي، اطّلع عليه بتاريخ 2019/6/27. بتصرّف.
  3. "هل أنت وطني أم قومي؟"، نون بوست، 2016/6/23، اطّلع عليه بتاريخ 2019/6/27. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :