كيف تكون طبيبا ناجحا

الطبيب الناجح

لا يوجد شك في أنّ إتقان المعرفة الطبية والمهارات الجراحية أمرٌ ضروري للغاية لممارسة الطب، لكن هذا لا يكفي ليكون الطبيب ناجحًا، ومع اختلاف تعريف الطبيب الناجح إلّا أنه من الممكن القول بأنّه الطّبيب المجتهد صاحب العلم السليم والمتجدد، والمتقن للمهارات الفنيّة الطبية، والقادر على توفير الرعاية الطبيّة والعاطفية التي يتوقعها المريض، مع مراعاة اختلاف نظرة كلّ مريض للطبيب الذي يراه مناسبًا^[١].

مميزات مهنة الطبيب

إنّ مهنة الطب هي المهنة الأكثر ضرورةً في الحياة البشرية، إذ يرتبط وجودها ارتباطًا وثيقًا باستمرار الحياة، ودوام الصحة والنشاط والقوة، ليتمكّن الإنسان من متابعة حياته بصورة طبيعية دون أمراض، أو أوجاع. كما وتُعدّ مهنة الطّب واحدةً من المِهن الحساسة للغاية، وتتميز عن غيرها من المهن بالميزات التالية^[٢]:

• أكثر المهن إنسانيةً على الإطلاق، فالطبيب لا يتعامل مع المريض على أنّه زبون أو مجرد مورد للمال كما يتعامل أصحاب العمل والموظفون مع وظائفهم، بل هي مهنة يجب أن يحكمها الحلم والتعاطف مع حالة المريض ووضعه الصحي لكي يشعر بالاطمئنان والتفاؤل.
• مهنة حساسة، إذ يتعامل الطبيبُ مع أرواح البشر، ويهبها الحياة بعد ضياع الأمل بإذن الله تعالى.
• تحتاج هذه المهنة لكثيرٍ من المتطلبات الكبيرة، انطلاقًا من توفر الذكاء في الشخص الذي يريد أن يكون طبيبًا مميزًا، ومرورًا بالعمل الجاد والدؤوب، والاجتهاد في التحصيل الأكاديمي، والممارسة العملية والمتابعة للمستجدات، وامتلاك الشجاعة والصبر وروح التضحية، وانتهاءً بتوفر الحافز والدافع لدخول هذا المجال الإنسانيّ الحساس.
• لا يُعتمد فيها على المؤهل الجامعي فقط، فمقياس تميّز الطبيب بتفوقه الدراسيّ في الجامعة أو حصوله على الشهادة لا تجعل منه طبيبًا مؤثرًا يستحق ممارسة هذه المهنة بل يجب أن يكمل كافة المتطلبات الأخرى.
• تتأثر بتفاوت رضا المرضى ، فحين يُطرح السؤال على عامة الناس حول مواصفات طبيبهم المفضل، تتفاوت الآراء، فمنهم من يفضل طبيبًا يافعًا متحمسًا للعمل والبحث والتعاون، ومنهم من يريد طبيبًا كبيرًا في السن قد زاول المهنة منذ زمن طويل ويتمتّع بالخبرة.

صفات الطبيب الناجح

من الصفات الواجب توفرها في الطبيب ليعد طبيبًا ناجحًا ما يلي:

• احترام المرضى: ويكون ذلك باختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والمادية والتعليمية، وبغض النظر عن أعراقهم وأديانهم وطوائفهم وحتى ألوانهم وأشكالهم مهما كانت حالتهم الصحية، واحترام خصوصيتهم وسريّة كل ما يتعلق بأوضاعهم الصحيّة^[٣].
• دعم المرضى: والدّعم يكون معنويًا وماديًّا، فعلى الطبيب ألّا يبخل على المريض ولا على أهله بالمواساة وبعث الأمل و تقديم يد العون ليتمكّنوا من تجاوز الحالة المرضية خاصّةً في حالة الأمراض المزمنة والتي يطول علاجها^[٣].
• الحرص على تقديم العلاج الأنسب: وذلك عن طريق الدقّة في التشخيص والبحث ودراسة الحالة باهتمام وبإلمامٍ كافٍ.^[٣]
• تقبّل رغبة المريض في انتقاء واحد من خيارات العلاج المتوفرة: فلا يحبب أن يفرض الطبيب ما يراه هو مناسبًا للمريض إن كانت توجد خيارات عديدة ورغبة المريض تخالف رغبته^[٣].
• محادثة المرضى بتهذيب حتى في حالة عدم استجابتهم للتعليمات: إن المريض شخص يعاني ويتألم، وهذا يتطلب من الطبيب أخذ عدم تقبله أحيانًا للالتزام بالتعليمات في عين الاعتبار والتفهم^[٣].
• تقديم المعلومات الوافية: على الطبيب قبل البدء بالعلاج تقديم صورة متكاملة حول الحالة الصحية للمريض، إذ من حقّه أن يعرف تفاصيل مرضه وخطة علاجه^[٣].
• التعاون: وهذا يكون على أكثر من مستوى، إذ يتوجب على الطبيب التعاون مع زملائه و طاقم التمريض وكل العاملين في مؤسسة الرعاية الصحيّة، كما عليه أن يتعاون مع المريض وذويه، ومع كل من يحتاج للمساعدة في سير علاج المرضى^[٣].
• الاطّلاع: ويكون بمعرفة كل ما يستجد في عالم الطّب وفقًا لاختصاص الطبيب^[٣].
• تقبّل فكرة احتمالية موت المريض: على الطبيب حين يستنفد كلّ وسائل العلاج أن يسلّم بفكرة الموت، وأن لا تكون ردة فعله أن يشعر باليأس أو الفشل، بل عليه أن يمهّد للمريض وذويه حقيقة الأمر ويساعدهم في الاستعداد لذلك^[٣].
• الاحتراف: فالطب مهمة لا مجال للخطأ فيها، ويعد الاحتراف أمرًا أساسيًّا في ممارستها، وهو أساس ثقة المريض والطبيب، ويكتسب الطبيب الاحتراف في الطب من خلال المواقف والسلوكيات والخصائص في ممارسة المهنة^[١].
• الشغف بممارسة الطب: إذ يستطيع المريض أن يشعر بحماس الطبيب وعاطفته في عمله، ويعدها إحدى سمات الأطباء الجيدين، فالمرضى قادرون على الشعور بما إذا كان الأطباء يُحبّون عملهم، أم يؤدّون واجبهم كعمل فقط، وينجذب المرضى إلى أولئك الأطباء الذين يكرّسون حياتهم لتحسين حياة الآخرين وقضاء ساعات طويلة في المعالجة، أو في البحث عن سبل العلاج^[١].
• إتقان مهارات التواصل: يجب على الطبيب إظهار مهارات التعامل مع الآخرين والتواصل الإيجابي لأنها تؤدي إلى التبادل الفعال في المعلومات والتعاون مع المرضى وأسرهم والمهنيين الصحيين. وتواصل الطبيب يكون مع أكثر من جهة وهي:^[١]
  • التواصل بفعالية مع المرضى وعائلاتهم.
  • التواصل بفعالية مع الأطباء وغيرهم من المهنيين الصحيين والجهات ذات الصلة بالرعاية الصحية.
• الهدوء: فممارسة مهنة الطب ليست ممتعةً على الدوام، وغالبًا ما يتعرض فيها الطبيب لكثير من الضغوطات أثناء العمل، ولذا عليه أن يكرس نفسه على الهدوء وضبط الأعصاب مهما كانت الأجواء من حوله مزعجةً^[١].
• التعاطف: وهو صفة أساسية في التعامل مع المرضى وفي ذلك آراء هامة منها^[٤]:
  • يقول الدكتور جون ساوندرز الحاصل على درجة الدكتوراة في الطب، والرئيس السابق للجنة القضايا الأخلاقية في الطب في الكلية الملكية للأطباء في لندن- المملكة المتحدة أنّ على الطبيب التحلّي بالتعاطف وامتلاك القدرة على التماهي مع معاناة شخص آخر، ومحاولة وضع نفسه في مكانه والشعور بمعاناته.
  • يقول الدكتور سوندرز بأنّ ممارسة التعاطف عنصر أساسي في الرعاية الطبية الجيدة في العديد من المواقف، ويتطلب التعامل على أساس أخلاقي أولًا ثم طبي، ويقول أن التعاطف ليس شعورًا غريزيًا بل هو صفة ممكن تطويرها في أي شخص كان.
• الشجاعة: يقول نيلسون مانديلا: "الشجاعة لا تكون في عدم الخوف ، بل بالانتصار عليه"، وفي الطب تُعرّف الشجاعة بالشجاعة الأخلاقية، ويمكن تعريف الشجاعة الأخلاقية على أنّها: الاستعداد الطوعيّ للدّفاع عن معتقدات الفرد الأخلاقية والعمل من أجلها على الرغم من العوائق الممكنة، حتى الوصول للهدف النبيل، وهذه الشجاعة ضرورية لمصلحة المريض، فعلى سبيل المثال، قد يُواجه الأطباء مواقف تتطلب شجاعة أخلاقية كتوفير الرعاية لمريض يحمل مرضًا مُعدٍ، أو مقابلة مريض يمرّ بظرف نفسيّ صعب، أو التعامل مع زميل غير متمكّن وضعيف، أوالكشف عن خطأ طبي^[٤].
• طلب رضا الله والثواب منه: على الطبيب الذي يبحث عن التميز أن يجعل مخافة الله سبحانه وتعالى ورضاه نُصب عينيه، وأن يجعل الهدف الأساسي من عمله هو مساعدة الناس وعلاجهم ورضا الله سبحانه وتعالى، قبل طلب المال والمكانة الاجتماعية^[٥].
• التواضع مع الناس: الطبيب المتميز لا يتكبر على المرضى بحجة الدرجات العلمية التي حصل عليها، أو بحجة الوضع الاجتماعي الذي يعيشه، بل يتعامل بكل تواضع مع من حوله، لأن الغرور سيُبعد الناس عنه، وبالتالي سيتراجع أداؤه الوظيفي ولن يزوره أحد من المرضى^[٥].
• استمرارية التعلم: على الطبيب عدم الانقطاع عن تعلم ما هو مستجد في عالم الطب، بحجة أنّه صاحب خبرة طويلة، ويمارس المهنة منذ سنين، فالطب مهنة متجددة، وفيها كثيرمن التحديثات كأنواع الأدوية والأجهزة الطبية، والأدوات المختلفة والمعدات، وبمعرفتها يطوّر الطبيب من طرق علاجه التقليدية ويستخدم كل ما هو جديد ومفيد^[١].
• التحلّي بالروح الجميلة والتفاؤل: الطبيب المرح يشجع المريض على الالتزام بالحضور لعيادته، وتقبل العلاج والشعور بالبهجة حين يلتقيه ويتحدث معه، فيزيد هذا من طمأنينة المريض وتفاؤله بالشفاء^[٥].
• تحمل المسؤولية: الطبيب الناجح لا يترك مهامه لغيره أو يؤجلها، بل يلتزم بقراراته ومسؤولياته ويجعل عمله أولى الأولويات^[٥].
• الصّبر: يتحمل الطبيب الناجح ساعات العمل الطويلة بالصبر والتحمّل، و يكرر بكل رحابة صدر التشخيص وإعادة الفحص، كما يتحمل ردود فعل المريض وأهله، ويقدّر سوء حالتهم النفسية ويتقبلها^[٥].
• استخدام أحدث المعدات والأجهزة: على الطبيب الذي يرغب في النجاح أن يطوّر من معداته، لأنها ستجعل التشخيص أكثر دقّةً ووصف العلاج أكثر صحةً وتزيد من فرص الشفاء^[١].
• المرونة في الأجر: الطبيب المتميز لا يجعل الحصول على المال هو أهم أهدافه، بل يتعاطف مع المريض غير المقتدر ويساعده ويعالجه بأقل التكاليف، لأن مهنته مهنة إنسانية قائمة على الرحمة، وأن يطلب أجره من الله عزّ وجلّ^[٥].
• الوضوح والمباشرة: الطبيب الناجح يتحدث بجديّة وبلغة واضحة وبطريقة مباشرة، كما يأخذ ملاحظات المريض على محمل الجد، ويتشارك معه الآراء^[٦].
• الثقة بالنفس: وهذه ميزة مهمة في الطبيب، لأن الطبيب الواثق من نفسه، سيمنح المريض ثقته به أيضًا.^[٦]

المراجع

1. ^ ^{أ ب ت ث ج ح خ} Andreas.K.Lauer,Dariah.A.Lauer (7-7-2017), "The good doctor: more than medical knowledge & surgical skill"، amegroups, Retrieved 4-11-2019. Edited.
2. ↑ Malvinder Parmar (1-10-2002), "What's a good doctor and how do you make one? ABC of being a good doctor"، researchgate, Retrieved 4-11-2019. Edited.
3. ^ ^{أ ب ت ث ج ح خ د ذ} Carlos A Rizo (28-9-2002), "What's a good doctor and how do you make one?"، ncbi, Retrieved 4-11-2019. Edited.
4. ^ ^{أ ب} John Murphy (11-11-2018), "Do you have the 10 qualities that make a good doctor?"، mdlinx, Retrieved 3-11-2019. Edited.
5. ^ ^{أ ب ت ث ج ح} Thalia A. Arawi (1-11-2010), "The Muslim Physician and the Ethics of Medicine"، ncbi, Retrieved 3-11-2019. Edited.
6. ^ ^{أ ب} Miranda Hitti (9-3-2006), "7 Key Traits of the Ideal Doctor"، webmd, Retrieved 4-11-2019. Edited.