هل اهل القبور يتزاورون

الموت

إن الموت هو المصيبة العظمى في هذه الدنيا فهو عملية الانتقال من الدنيا إلى أول منازل الآخرة ولعل الكثير من الناس قد انشغل في كيفية الموت ونسي العبرة منه، وقد اجتمع أهل العلم الدنيوي والديني أن الموت وعالم الأموات عالم غيبي لا نعلم عنه إلّا ظاهرًا من القول، فقد ثبت عن النبي الكريم أن الميت تعاد له روحه في القبر ويسأل، ولكن لا أحد غير الله يعلم كيف يكون ذلك، ثم ذكر لنا عليه السلام أن الأموات يسمعون ويشعرون ويتزاورون وفي هذا المقال سنسلط الضوء على بعض ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر.[١]


هل أهل القبور يتزاورون

ذكر جمعٌ كبير من أهل العلم العديد من الدلائل على تزاور أهل القبور فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه النسائي ويصححه الألباني في كتاب السلسلة الصحيحة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنْ الأَرْضِ فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا. فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ ـكساء من شعرـ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ فَيَقُولُونَ مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ)، وفي ذلك يقول ابن تيمية وقد أورد الحديث الوارد عن أبي أيوب الأنصاري وغيره من السلف ورواه أبو حاتم فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم : "إن الميت إذا عرج بروحه تلقته الأرواح يسألونه عن الأحياء فيقول بعضهم لبعض: دعوه حتى يستريح، فيقولون له: ما فعل فلان؟ فيقول: عمِل عمَل صلاح، فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يقدم عليكم؟ فيقولون: لا ، فيقولون: ذُهب به إلى الهاوية"، لذا يظهر لنا جليًّا أن الموتى يتزاورون ويتحدثون في الأحوال المختلفة وعن أهل الدنيا وما فعلوا فقد كان أبو الدرداء رضي الله عنه وهو صحابي جليل يقول "اللهم إنى أعوذ بك أن أعمل عملًا أخزى به عند عبد الله بن رواحة" وفي هذا مزيدٌ من التأكيد على تزاور أهل القبور وعلمهم بأحوالنا، وأما الاستقرار والسعة في المنازل فهي حسب أعمالهم فالمنازل العليا منازل المقربين ثم تليها منازل أهل اليمين ثم حسب الأعمال تقسّم درجاتهم وفيما قد يتساءل البعض عن تقارب المقابر أو تباعدها فمن أهل العلم من قال أن لا فرق بين تباعدها وتقاربها فهم يتزاورون في عالم البرزخ فقد يكون قبران متلاسقين أحدهما في الجنة والآخر في النار فلا يجتمعان أبدًا هذا والله أعلى وأعلم.[٢]


أحوال الموتى في قبورهم

الكثير منا يتساءل هل يسمعني الميت عندما أزور قبره؟ وفي هذا المجال يجب علينا عدم الانصياع لكل حديث يقال بل يجب الأخذ بالأحاديث الصحيحة فقط فقد ورد عن الرسول عليه السلام عن حال الميت «إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا» [رواه الشيخان] بالإضافة لذلك فقد ورد في الصحيحين أن النبي بعد غزوة بدر بثلاثة أيام قام مخاطبًا قتلى المشركين «يا أبا جهل بن هشامٍ، يا أمية بن خلَفٍ، يا عُتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا»، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، كيف يسمعوا، وأنى يجيبوا، وقد جيَّفوا؟ قال: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا»، ثم أمر بهم فسحبوا، فأُلْقوا في قليب بدرٍ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الأمر بعد ما ذكر من النصوص الواردة في السنة الشريفة وقد أسلفنا ذكرها أن الميت يسمع كلام الأحياء وأحوالهم، وعلى أي حال فهذه العلوم لا تنفع ولا تضرّ ويجب أن نشغل أنفسنا بما ينفعنا في الآخرة والدنيا عوضًا عن الخوض في أمور الغيب التي لا طائل منها.[٣]


المراجع

  1. "ضرورة تصديق المسلم لأمور الغيب وبيان حال الموتى في قبورهم"، binbaz، 2-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2019. بتصرّف.
  2. "هل يزور أو يشعر أو يرى الأموات بعضهم بعضا في القبور ؟"، islamqa، 2-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2019. بتصرّف.
  3. "هل يشعر الأموات بنا؟"، islamway، 2-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :