أثر الصيام في سلوك الفرد والمجتمع

أثر الصيام في سلوك الفرد والمجتمع

كيف تؤثر العبادات في حياتنا؟

معنى العبادة هو الخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى، والعبادة هي الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه، وقال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56-58]، وللعبادة في الإسلام مكانة عظيمة وأهمية كبيرة، وتوجد أنواع عديدة لها ومن هذه الأنواع الدعاء والاستعانة والاستغاثة بالله ومنها الخوف منه سبحانه وتعظيمه ومنها الصلاة والصيام والحج والزكاة ولهذه العبادات آثار حسنة على حياة الناس والمجتمعات منها أن الصلاة تنهى مقيمها عن الفحشاء والمنكر فقد قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45]، والصوم يعين على التقوى، كما تطهر الزكاة نفوس الأغنياء من الشح والبخل وتطهر نفوس الفقراء من الغل والحسد كما تبين الآية الكريمة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحفظ الأفراد والمجتمعات من العقائد الفاسدة والسلوكيات الخاطئة، أي إن للعبادات آثارًا عاجلة في هذه الدنيا كالتزكية وحماية الأفراد ونشر الخير والمحبة بينهم وآثار آجلة يلقاها الإنسان عند الوقوف بين يدي الله للحساب[١].


كيف يؤثر الصيام في سلوك الفرد؟

كتب الله سبحانه وتعالى الصيام على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما كتبه على الأمم السابقة، وجعله من أهم أسس دين الإسلام فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] ومن سنة الله سبحانه وتعالى أنه جعل في تشريعاته وأوامره ما يصلح حال الفرد في الدنيا والآخرة فمن فضائل الصيام الأخروية أن جعل للصائمين بابًا في الجنة يسمى باب الريّان وجعل الصيام مكفرًا للذنوب والخطايا، قال صلى الله عليه وسلم: الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنِّي منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفعْنِي فيهِ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعْنِي فيهِ، فيُشَفَّعَانِ [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (قال الله عزّ وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


ومن الآثار الحسنة للصيام التي تعود على الفرد أنه يقوي من صحته ويزيد من قوته فهو يريح المعدة والجهاز الهضمي ويجنب الصائم أمراض التخمة والإفراط في السمنة والآثار المترتبة عليها، كما يمنع شهوته أن تطغى على عقله فإنها إن طغت عليه تطفئ الكثير من الصفات الحميدة فيه كالعفة والكرم والحياء والقناعة، فالصيام مدرسة تربوية تسمو بأخلاق الإنسان وتقيه الآثام في الدنيا وتجعله يعيش في أرقى درجات الصفاء والإخلاص لله سبحانه وتعالى وفيه تربية أيضًا على قوة الإرادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصِّيامُ جنَّةٌ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والمسلم في شهر رمضان يشعر أن بابًا كبيرًا للتوبة قد فتح، وأن رمضان فرصته للعودة إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة والأعمال الحسنة[٢][٣].


كيف يؤثر الصيام على المجتمع؟

إنّ فائدة الصيام العظيمة التي تعود على المجتمع تكمن بالمحبة والتماسك اللذين ينشآن نتيجة له، فالأغنياء من المسلمين تتضح لهم مشاعر الفقراء وحاجتهم عندما يمرون بما يمر به الفقراء من الجوع والحاجة، ويستشعرون أن هذا الشيء يلازمهم دائمًا وليس فقط في شهر رمضان ويتجلى لهم معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين فيه الصورة التي يجب أن يكون عليها المسلمون، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


عند فهم الأغنياء للب الصيام سيقدمون على التصدق وأعمال الخير التي تثمر في المجتمع المحبة والتآلف وتقلل من الحسد والأحقاد وبهذا تتحقق السعادة العامة للجميع، بالإضافة إلى ذلك فإن التزام الملسمين بالإمساك والإفطار في وقت واحد يساعد في تقوية معاني الوحدة والترابط بينهم، كما يدرك أفراده قيمة النعم التي بين أيديهم فالإنسان غالبًا لا يستشعر القيمة الحقيقية لما بين يديه إلا حين يفقده، وفي الصيام تعويد للنفس على تحمل المكاره والصبر وعدم الجزع عند فقدان النعم، وهذه الصفات العظيمة هي أساس السعادة والرضى في حياة الناس، كما أن الصيام يقلل من النفقات الزائدة في البيوت ويساعد الأفراد على الإنتاج كي لا ينقطع عنهم للأكل أو الشرب[٢][٣][٤].


ما حكم صيام رمضان إذا كنتِ حاملًا أو مرضعةً؟

قد يأتي عليكِ شهر رمضان وأنتِ حامل، وحكم الصيام عندها يرجع إلى حالتكِ وحالة جنينكِ الصحية، فإذا كنتِ قويةً نشيطةً وتقوين على الصيام وكنتِ متأكدةً أن الصيام لن يضرّ بصحتكِ أو صحة جنينكِ فعندها يجب عليكِ الصيام لأنه لا عذر لكِ بتركه، أما إذا كان جسدكِ ضعيفًا وخشيتي على صحتكِ وصحة جنينكِ فيجب عليكِ الإفطار في شهر رمضان ولا يجوز أن تصومي ويجب عليكِ قضاء الأيام التي تفطرينها عندما يزول عذركِ أي بعد أن تلدي مولودكِ وتنهي فترة النفاس، وإن كنت لا تقوين على الصيام أيضًا في فترة الرضاعة، لأن المرضعة قد تحتاج إلى الأكل والشرب خصوصًا في أيام الصيف الطويلة فلا حرج في أن تفطري حتى تتمكني من تغذية طفلكِ بحليبكِ وتقضي أيام إفطاركِ عند قدرتكِ على ذلك[٥].


المراجع

  1. انجوغو السنغالي (7-4-2009)، "العبادة وأثرها في إصلاح الفرد والمجتمع"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد النيفر (2-9-2008)، "الصيام وآثاره في الفرد والمجتمع"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمود سعدات (28-6-2016)، "أثر الصيام على السلوك الإنساني"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2020. بتصرّف.
  4. "أثر الصيام في تماسك المجتمع", islamweb,25-6-2007، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2020. بتصرّف.
  5. "حكم صيام المرضع والحامل"، islamqa، 7-11-2003، اطّلع عليه بتاريخ 17-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :