الأفكار المزعجة
لدى كل شخص أفكار متطفلة ومزعجة خارجة عن إرادته، وغالبًا ما تكون ذات محتوًى غريب أو منافٍ للعقل أو ينذر بالخطر، وتأتي تلك الأفكار بعد المرور بأوقات عصيبة، وتثير المخاوف بشأن ما قد يحدث للشخص، أو لشخص يهتم به، أو بشأن الخطأ الذي ارتكبه، أو الفعل المروع الذي يمكن أن يُرتكب.
تشكّل الأفكار المتطفلة جزءًا لا يتجزأ من الذعر أو القلق الشديد؛ إذ تعد من نتائجه وأسبابه، وهذه الأفكار تبقي القلق مستمرًا وتحافظ على دوام إنتاج مشاعر الخوف، إذ يشعر الكثيرون بالخجل والقلق من الأفكار المزعجة غير المرغوب فيها ويبقونها سرية؛ فيعتقدون أنها تدل على سوء فيهم، ويخشون ارتكابها، كما أنّ الجهد المبذول في مقاومتها والتفكير بها هو السبب وراء عودتها باستمرار، والطريقة الوحيدة للتعامل بفعالية مع هذه الأفكار هي تقليل الحساسية تجاهها والتغاضي عنها، وتحتوي العديد من الأفكار المزعجة غير المرغوب فيها على الشكوك المتكررة حول العلاقات الشخصية والهوية، أو القرارات الصغيرة والكبيرة، أو المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمان، أو الدين، أو الموت، أو المخاوف بشأن الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها بثقة، وغالبًا ما تُسبّب أحداثًا عنيفة أو غير مقبولة اجتماعيًّا مثل إيذاء شخص، أو تعذيب حيوان أليف، أو الانتحار، أو السرقة، أو التحرش بطفل، أو خلع الملابس في الأماكن العامة وغيرها الكثير.[١]
كيف تتولد الأفكار المزعجة
يجري العقل باستمرار مسحًا للبيئة المحيطة بحثًا عن الخطر، إذ إنّه مبرمج للحفاظ على سلامة مالكه، ويستشعر جميع المخاطر المحتملة المحيطة به أو بالآخرين من حوله، وأثناء ذلك تتولد الآلاف من الأفكار الجديدة والغريبة والتي لا علم لصاحبها بها إذ إنّها تحدث في منطقة اللاوعي، وتُدفع الأفاكر من منطقة اللاوعي إلى منطقة الوعي عند المرور بلحظة أو موقف يثير استجابة عاطفية كالخوف مثلًا، إذ يتنبّه الدماغ للتهديدات المحتملة المسببة للخوف، ويتبعها بأفكار أخرى لحل المشكلة، ويتسبب هذا الأمر بحدوث أشياء سلبيّة، إذ إن الدماغ لا يفرق بين التهديدات الحقيقية للموت والحياة والتهديدات المتخيلة أو المفترضة ويعاملها كلها بالطريقة نفسها بإثارة الاستجابة للمواجهة أو الجري، ويعزز الشعور بالرهبة والكفاح من أجل الحياة، ويُظهر كثيرون استجابة لهذه الأفكار مع العلم بأنها عشوائية ولا تعني شيئًا كشعورهم بالذنب والخوف والعار، ويتحملون مسؤولية التفكير بها، ويحاولون دفعها ومحاربتها بكل الطرق الممكنة، إذ يعطي ذلك تنبيهًا للدماغ بأنها شيء خطير ويجب الاستمرار في محاربتها ويكون ذلك بعرضها مرارًا وتكرارًا لإيجاد حل لها.[٢]
التخلص من الأفكار المزعجة
الأفكار المتطفلة هي الأفكار التي تدخل في الوعي أو الإدراك على الرغم من إنها غير مرغوبة وتسبب الضيق، وتعد أمرًا مزعجًا إذ لا يمكن السيطرة عليها وإيقافها لأنها سيئة نتيجة لطبيعتها، والجميع لديه أفكار مزعجة بدءًا من فكرة ورقة الاختبار إلى الجدال مع شريك الحياة أو حادث مزعج بشع المنظر، وعلى الرغم من أنه لا يمكن منعها إلا أن بعض الأساليب يمكنها التقليل من مرات حدوثها والتخفيف من تأثيرها:[٣]
- السماح لها بالتحرّر: الأفكار المتطفلة تصبح أكثر إزعاجًا كلما حاولنا إيقافها، إذ إن محاولة منعها تجعلها متاحة ضمن أفكار الدماغ وبالتالي تسهل عودتها مرة أخرى، والسماح للأفكار بالتدفق يتيح لها الذهاب في طريقها دون العودة إذ يعطيها وزنًا أقل بالنسبة للدماغ.
- التركيز على شيء آخر: تأتي الأفكار المزعجة عندما يكون الدماغ هادئًا أو مشغولًا جدًّا في أمور تثير التوتر، ويفيد الانخراط عقليًّا في أمر آخر والعثور على نشاط يجتاح التركيز بالكامل في تلاشي الأفكار وعودتها إلى الخلف، مثل المحادثة مع شخص آخر أو ممارسة الرياضة أو مشاهدة فيلم.
- معرفة محفز الأفكار: الأفكار المتطفلة ليست عشوائية تمامًا وغالبًا ما يكون سببها الوضع البيئي أو الحالة المزاجية، وتفيد معرفة محفزات الأفكار في تجنب تبك المحفزات لمحاولة إيقافها، سواء كان ما يحفزها الأماكن المغلقة مثل الغرف، أو الأماكن المفتوحة، أو قيادة السيارة، أو نتيجة حالة نفسية مثل التعب أو الجوع أو الحزن.
- الحديث مع النفس: التحدث مع النفس بخصوص الأفكار وسيلة للاعتراف بوجودها والسيطرة عليها، إذ إن محاولة دفعها بعيدًا تزيد من قوتها وفرصة رجوعها.
- الاعتراف بأنها مجرد أفكار: تخطر على بال الجميع يوميًّا آلاف الأفكار غير الملحوظة، إذ إنّها تأتي وتذهب بسرعة، وتكون الأفكار المزعجة قوية لأنها تثير المشاعر المحزنة، لذا يحاول الجميع دفعها بعيدًا، ويمكن دفعها دون التغيير في السلوك من خلال تذكر أن الفكر بحد ذاته لا يملك قوة إذ إنّه سريع الزوال ولا يمكن أن يؤذي، وأنه من الطبيعي جدًّا التفكير بأفكار مزعجة أحيانًا، لذا يجب التركيز على أنها مجرد أفكار ولا تمثل الواقع.
- ممارسة أسلوب اليقظة: اليقظة حالة ذهنية تتحقق من خلال تركيز الوعي في الوقت الحاضر، وتجربة الأفكار والمشاعر والأحاسيس والاعتراف بها وقبولها دون إطلاق حكم مسبق عليها، وتعرف أيضًا بحالة من الوعي التام أو الإدراك لشيء ما، وتستخدم كطريقة علاجية[٤]، وتفيد في استعادة السيطرة العقلية بعد مواجهة الأفكار المزعجة، إذ إنّ مراقبة المكان والتركيز فيه واكتشافه يُبقي العقل مشغولًا في الوقت الحاضر ويهدئ الفكر المزعج.
- تقدير النفس: أحد العناصر الرئيسية لقهر الأفكار المتطفلة هو تطوير الثقة التي لا تتزعزع في النفس، إذ يوجه العقل غالبًا رسالة لإخبار صاحبه بأنه سيئ بسبب ما فعله أو ما يفكر فيه ويعد هذا فخًّا لتدمير الذات، ويمكن التغلب على هذا الأمر بتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية في النفس يوميًّا، مثل كتابة نقاط القوة، والسمات الشخصية الإيجابية، وأخلاقيات العمل، وحتى الجمال الجسدي، إذ يفيد ذلك في تعزيز الثقة القوية بالنفس والشعور بالأهمية، كما يخفف ذلك من الاهتمام المعطى للأفكار المزعجة بالتركيز على الجوانب الإيجابية للنفس بعيدًا عن القلق والخوف الناتج عنه، ويقلل فرص ظهور تلك الأفكار إذ يتبرمج الدماغ على التفكير الإيجابي.[٥]
- الحديث مع صديق: يتجنب الجميع التحدث عن الأفكار المزعجة مع المقربين، إذ تعد من الأمور المنبوذة أحيانًا، لذا من المفيد العثور على شخص يمكن الوثوق به ومشاركته الحديث عنها، إذ إن القدرة على الانفتاح والجرأة على المشاركة تساعد على التخلص منها، كما تعد وسيلة للسيطرة عليها.
- استشارة المختصين: يعد الحصول على مساعدة أحد المختصين أمرًا مهمًّا إذا كانت الأفكار المزعجة تؤثر سلبًا على الحياة اليومية، ويمكن أن يكون التأثير ناتجًا عن صدمات لم تحلّ، أو اضطرابات القلق، أو استجابة لحزن لم يُعالج، ويعد من الصعب إدارة الفرد للفكر العميق والسلبي وحده لذا يجب اللجوء لمحترف جيد يساعد في علاج الأعراض والأسباب.
المراجع
- ↑ Martin Seif Ph.D. ABPP and Sally Winston Psy.D. (1-7-2019), "Unwanted Intrusive Thoughts"، psychologytoday, Retrieved 14-11-2019. Edited.
- ↑ "What are intrusive thoughts? Why do we have them and what should we do about them?", drsoph,7-8-2019، Retrieved 15-11-2019. Edited.
- ↑ EVA TAYLOR GRANT (17-4-2018), "How To Actually Deal With Intrusive Thoughts, According To Experts"، bustle, Retrieved 14-11-2019. Edited.
- ↑ PHOEBE WALLER (30-9-2015), "7 Tips To Practice Mindfulness & Reasons Why You Should"، bustle, Retrieved 14-11-2019. Edited.
- ↑ Toni Hoy (7-11-2019), "How To Stop Intrusive Thoughts And Live Your Life"، betterhelp, Retrieved 15-11-2019. Edited.