بحث عن الأخلاق

بحث عن الأخلاق

مفهوم الأخلاق

يحمل مفهوم الأخلاق عدة معاني في اللغة والاصطلاح والشرع، وهي[١]:


الأخلاق لغةً: مأخوذة من الطبع والسجية لأن صاحبها قد قُدِّر عليه؛ وقيل المروءة والدِّين كما قيل الخليقة أي الطبيعة، وهي مأخوذ من قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[٢]، والأخلاق تعبر عن صورة الإنسان الباطنة، وهي نفس الإنسان بأوصافها ومعانيها المختصَّة بها، ولهذه النفس أوصاف حسنة وقبيحة.


الأخلاق اصطلاحًا: الهيئة الموجودة في نفس الإنسان وتتصف بالثبات والرسوخ، فهي بمثابة العادة لصاحبها تتكرر كلما أتيح ذلك، وهذه الهيئة تصدر تلقائيًا من غير تكلف بعفوية وبلا كثرة في إعمال الفكر أي بدون تأمل، والأخلاق نوعان منها القابل للمدح ومنها القابل للذم.


الأخلاق شرعًا: جاءت لفظة الخلق (مفرد الأخلاق) في القرآن في موضعين، أولهما في قوله تعالى على لسان قوم هود: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ[٣]، أي بمعنى دينهم وعادتهم وأخلاقهم ومذهبهم، وثانيهما في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[٤]، أي يا محمد إنكِ متصف بالآداب العظيمة، وهي آداب القرآن ومنهجه والإسلام وشرائعه، فمحاسن الأخلاق تؤخذ من الكتاب والسنة النبوية وما تحويان من المكارم والمحاسن والألطاف، وقيل: (إن الدين كله خُلُق).


أقسام الأخلاق

تقسم الأخلاق إلى عدة أقسام تبعًا لبعض الاعتبارات، نذكر منها[٥]:


الأخلاق حسب مصدرها

  1. أخلاق جِبِليَّة غريزية: وهي التي خلقها الله مع الإنسان وفُطر عليها، وما يدل على هذا المعنى الحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (إنَّ فيك خَصلتيْنِ يُحبُّهُما اللهُ: الحِلمُ والأَناةُ، قال يا رسولَ اللهِ: أنا أتخلَّقُ بهما أمِ اللهُ جَبَلَني عليهما؟ قال: بلِ اللهُ جَبَلَك عليهما، قال: الحمدُ للهِ الذي جَبَلَني على خَلَّتيْنِ يُحبُّهُما اللهُ ورسولُهُ)[٦].
  2. أخلاق مُكتَسبة: وهي التي تنطبع في الإنسان بالتعلم والتدريب والتعود عليها، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما العلمُ بالتَّعلُّمِ، وإنما الحِلمُ بالتَّحلُّمِ، ومن يتحرَّ الخيرَ يُعطَهْ، ومن يتَّقِ الشرَّ يُوَقَّه)[٧].


الأخلاق حسب من تُمارس معه

  1. الخلق مع الله: تعني علاقة العبد بربه، وما ينظمها من قواعد وأسس وما يتفرَّع عنها من آداب وممارسات ظاهرة وباطنة، ومثال ذلك صلاة المسلم وصيامه لله.
  2. الخلق مع النفس: هي كل السلوكيات والآداب التي يلتزم بها المسلم أمام نفسه ومع غيره كأثر لالتزام النفس، وكل ما يقوم به الشخص من جهود في تزكية وتهذيب نفسه لجعلها تلتزم بالدين وأخلاقه، ومثال ذلك حسن ظن المسلم بالآخرين.
  3. الخلق مع الآخرين: ينتج هذا القسم عن القسمين السابقين فهو أثر لهما، وهي كل السلوكيات والآداب والأخلاق التي يلتزم بها المسلم في تعامله مع الآخرين، وما يضبطها من أسس وقواعد أخلاقية، ومثال ذلك صدق المسلم مع الآخرين، ويمكن تقسيمها إلى عدة أقسام منها:
  1. الخلق مع الأنبياء والرسل.
  2. الخلق مع الوالدين.
  3. الخلق مع الأرحام.
  4. الخلق مع المؤمنين.
  5. الخلق مع الكافرين.


أهمية الأخلاق للفرد والمجتمع

يتخطى أثر حسن خلق المرء نفسه ليؤثر على المجتمع ككل، وسنأتي فيما يلي على ذكر أهميته[٨][٩]:

  1. جذب الناس إلى الإسلام.
  2. مساعدة الفرد على النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، لأن الأخلاق عندما تزرع في النفس تزكيها فتستقيم على أوامر الله، ثم يظهر أثرها في سلوكياته، أي الأخلاق تمنع من الانحراف.
  3. بناء مجتمع متماسك متفاهم، حيث يساعد أفراده بعضهم في الالتزام بأوامر الله ونواهيه، وتحفظه من كل ما يمكن أن يسقطه أو يهدم مبادئه.
  4. نشر الانسجام بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يسهم في حماية المجتمع من الصراعات والتفكك الذي يليه الانهيار، فللأخلاق أعظم الأثر في الحفاظ على السلام والأمن والمودة بين الناس.
  5. إضفاء السعادة على حياة الفرد والمجتمع، لأن الخلق مرتبط بالإيمان بالله والعمل الصالح، فعلى قدر امتثال المسلم لتعاليم الإسلام في أخلاقه وسلوكه تكون سعادته.


مكانة الأخلاق في الإسلام

للأخلاق مكانة عظيمة في الإسلام تتجلى في وجوه كثيرة، نذكر منها[١٠]:

  1. تفسير سبب وجود الرسالة الإسلامية، ألا وهو تقويم الأخلاق التي انحرفت عن الفطرة خلال الجاهلية.
  2. تعريف البر، فعن النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: (البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ، والإِثْمُ ما حاكَ في صدْرِكَ، وكرِهْتَ أنْ يَطلِعَ عليه الناسُ)[١١].
  3. ترجيح كِفة حسنات المرء وتثقيل ميزانه يوم القيامة.
  4. تقريب مجلس المرء من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهذا ما يتمناه كل مسلم.


10 أمور تُعين على اكتساب الأخلاق

كثيرة هي الوسائل التي تساعد الإنسان على اكتساب الأخلاق، نذكر منها[٨]:

  1. سلامة العقيدة: السلوك مرتبط ارتباط وثيق بأفكار الإنسان ومعتقداته، لذا فإن صحت العقيدة تنبع من حسن الأخلاق.
  2. الدعاء: لا يخفى على أحد أهمية الدعاء وأثره في الحياة، لذا يدعو المرء ربه أن يعينه على التحلي بحسن الخلق.
  3. المجاهدة: صبر الإنسان على نفسه هو بحد ذاته من حسن الخلق.
  4. المحاسبة: يكون بنقد النفس عند ارتكابها أمور تتنافى مع حسن الخلق.
  5. التفكير في الآثار المترتبة على حُسن الخُلق: من خلال التمعن في ما يحمله سوء الخلق من عواقب.
  6. الحذر من اليأس: يكون ذلك بالانتباه من وساوس الشيطان وحديث النفس الذي يثبط العزيمة على إصلاح النفس.
  7. علو الهمة: وهو الذي يتطلب الجد وعدم التراخي.
  8. الاعتدال: يمكن أن يطبق الاعتدال على كل جزئية من جزئيات الدين الإسلامي بما فيها الأخلاق، فيجب ألا يكون حال المسلم ما بين إفراط أو تفريط.
  9. التغاضي: من خلال التغافل عن تصرفات الآخرين.
  10. الصفح عن كل من يسيء: من خلال تطبيق مبدأ العفو ومقابلة الإساءة بالإحسان.


8 طرق لتعليم الأطفال الأخلاق الحميدة

توجد عدة طرق يمكن من خلالها تعليم الأطفال الأخلاق الحميدة، نذكر منها[١٢]:

  1. مصارحته عندما يرتكب خلقًا سيئًا ومناقشته في أثر سلوكه، وهنا يجب الحذر من تخويف الطفل حتى لا يلجأ إلى الكذب على والديه.
  2. إعطاءه مالًا يتبرع به للفقراء بنفسه، لتعليمه خلق الكرم بشكل عملي بعيدًا عن المحاضرات النظرية.
  3. تعليمه الأخلاق بلطف وبطريقة سهلة، من خلال تحين الفرص المناسبة.
  4. إخباره بعض القصص عن الخلق المراد تعليمه إياه، وبالأخص تلك القصص التي تتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
  5. تعليمه الإيثار وتدرّيبه عليه بتقاسم الأشياء معه، عندها سيقلد الطفل هذه الفعل.
  6. تعليمه الشجاعة، من خلال مكافأته على موقف تحدى فيه نفسه.
  7. تنبيهه على أخطائه وتعليمه كيف يعترف بها، لزرع خلق التواضع فيه.
  8. تدريبه على خلق الصبر والتأني وعدم الاستعجال في الأمور، وذلك بمساعدته في التعرف على آثار الاستعجال السيئة.


المراجع

  1. إيهاب كمال أحمد (22/4/2014)، " تعريف الأخلاق في اللغة والشرع والاصطلاح"، شبكة الالوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  2. سورة القلم، آية:4
  3. سورة الشعراء، آية:137
  4. سورة القلم، آية:4
  5. إيهاب كمال أحمد (25/3/2014)، " أقسام الأخلاق"، شبكة الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  6. رواه شعيب الأرناؤوط ، في رياض الصالحين، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1/217، إسناده صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة وأبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:2328، إسناده حسن.
  8. ^ أ ب "الأخلاق أهميتها وفوائدها"، طريق الإسلام، 20/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  9. " أهميَّة الأخلاق"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  10. إيهاب كمال أحمد (6/5/2014)، " مكانة الأخلاق في الإسلام"، شبكة الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن النواس بن سمعان الأنصاري، الصفحة أو الرقم:2880، إسناده صحيح.
  12. د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري (21/2/2016)، " تعليم الطفل الأخلاق الحسنة والآداب الرفيعة"، شبكة الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

775 مشاهدة