محتويات
أقدم الحضارات في العالم
في حين أنّ أقدم سلالات البشر ظهرت لأول مرة منذ حوالي مليوني سنة، فإنّ الإنسان الحديث الصغير نسبيًا في الحجم، ظهر لأول مرة في أفريقيا منذ حوالي 200 ألف عام، ووضع الإنسان الأول الأسس لما أصبح في نهاية المطاف حضارة إنسانية، من خلال تطوير أساليب الزراعة، والأسلحة، والفن، والبنية الاجتماعية، والسياسة، وعلى الرغم من أن بلاد ما بين النهرين تعدّ أول حضارة في العالم، إلا أن العديد من الشعوب السابقة طوّرت مجتمعات وثقافات معقدة يمكن أيضًا تصنيفها على أنّها حضارات[١].
تعرّفي على أقدم 8 حضارات وجدت في العالم
تشكّلت الحضارات نتيجة تجمّع مجموعات صغيرة، كوّنت مجتمعات أكبر، ومع مرور الوقت أصبحت هذه المجتمعات تشكّل حضارة، ومن أقدم الحضارات التي وجدت في العالم ما يأتي[٢]:
- حضارة الإنكا: ظهرت هذه الحضارة في الفترة ما بين 1438 م - 1532 م، إذ كانت إمبراطورية الإنكا أكبر إمبراطورية في أمريكا الجنوبية في حقبة ما قبل كولومبوس، وازدهرت هذه الحضارة في مناطق الإكوادور وبيرو وشيلي الحالية، وكان مركزها الإداري والعسكري والسياسي في كوسكو التي تقع في بيرو الحديثة، وقد كوّنت هذه الحضارة مجتمعًا قويًّا ومزدهرًا، وكان شعب الإنكا أتباعًا لإله الشمس إنتي، وكان يلقب ملكهم باسم "سابا إنكا"، أي طفل الشمس، وحوّل إمبراطور الإنكا الأول باتشاكوتي العاصمة من قرية متواضعة إلى مدينة عظيمة، وواصل توسيع تقليد عبادة الآباء والأجداد، وعندما يموت الملك يحصل ابنه على الحكم من بعده، ولكن توزّع ثروته على أقاربه الذين سيحتفظون في المقابل بموميائه، ويحافظون على نفوذه السياسي، وأدى هذا النظام إلى زيادة كبيرة في قوة الإنكا الذين أصبحوا بناة عظماء، إذ قاموا ببناء عدة حصون ومواقع، مثل مدينة كوسكو التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
- حضارة الأزتك: ظهرت حضارة الأزتك في الفترة ما بين 1345 م - 1521 م، إذ نشأت هذه الحضارة في المنطقة الجنوبيّة الوسطى من المكسيك، في وقت قريب من ظهور حضارة الإنكا، في حوالي القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، وعاش الناس في المكسيك الحالية في ثلاث مدن كبرى متنافسة، وأنشأ هؤلاء المتنافسون تحالفًا، مهّد ظهور دولة جديدة سيطرت على وادي المكسيك، وفي ذلك الوقت كان الناس يفضلون اسم مكسيكا على الأزتيك، وكان ظهور الأزتك في خلال قرن من سقوط حضارة أخرى مؤثرة في المكسيك وأمريكا الوسطى وهي حضارة المايا، كما لم يحكم إمبراطور الأزتك كل المدن والمناطق بشكل مباشر، بل كان هناك حكومات محلية تفعل ذلك نيابةً عنه، وفي أوائل القرن السادس عشر، كانت حضارة الأزتك في أوج قوتها، إلى أن وصل الغزاة الإسبان، الذين خاضوا معركة ضخمة مع الأزتك، بمساعدة حلفاء من السكان الأصليين، وذلك في عام 1521م، وأدت في النهاية إلى هزيمة الأزتك، وسقوط إمبراطوريتهم.
- الحضارة الرومانية: ظهرت الحضارة الرومانية في حوالي القرن السادس قبل الميلاد، في الفترة ما بين 550 ق.م - 465 م، وتعد الحضارة الرومانية أقوى حضارة قديمة، وسيطرت على مساحة واسعة من الأرض، وكانت جميع دول البحر الأبيض المتوسط الحالية جزءًا من روما القديمة، وحكم سبعة ملوك روما في بدايتها، ولكن سيطر الناس على الحكم في ما بعد، وحكموا مدينتهم بأنفسهم، عن طريق مجلس عرِف باسم مجلس الشيوخ، وشهدت روما صعود وسقوط بعض أعظم الأباطرة في تاريخ البشرية، مثل يوليوس قيصر وتراجان وأغسطس، ولكن في النهاية أصبحت الإمبراطورية شاسعة لدرجة أنّه لم يكن من الممكن إخضاعها لحكم واحد، مما أدى إلى اجتياحها من قِبل ملايين البرابرة الغزاة من شمال وشرق أوروبا.
- الحضارة الفارسية: ظهرت في الفترة 550 ق.م - 331 ق.م، وموقعها الأصلي من مصر في الغرب، إلى تركيا في الشمال، وعبر بلاد ما بين النهرين إلى نهر السند في الشرق، أمّا موقعها الحالي في إيران الحديثة، وقد عُرفت الحضارة الفارسية القديمة في ذلك وقت كأقوى إمبراطورية في العالم، وبقيت هذه الحضارة قائمة لما يزيد قليلاً عن 200 عام، غزا خلالها الفرس الأراضي التي تغطي أكثر من مليوني ميل مربع، من الأجزاء الجنوبية من مصر إلى أجزاء من اليونان، ومن الشرق إلى أجزاء من الهند، واشتهرت الإمبراطورية الفارسية بقوتها العسكرية وبحكمة حكامها، وقبل أن تنشأ إمبراطورية فارس كانت البلاد مقسّمة إلى عدة مناطق، بين عدد من القادة، إلى أن جاء الملك كورش الثاني، الذي عُرف فيما بعد باسم كورش العظيم، ووحّد المملكة الفارسية بأكملها قبل أن يمضي في غزو بابل القديمة، وكان غزوه سريعًا لدرجة أنه بحلول نهاية عام 533 قبل الميلاد، كان قد غزا الهند بالفعل التي تقع في أقصى الشرق، وحتى بعد وفاته واصل نسله التوسع الحازم للإمبراطورية الفارسية، وحكمت بلاد فارس القديمة كلّ آسيا الوسطى ومصر، ولكن تغيّر كل هذا على يد جندي أسطوري مقدوني، الذي سمّي فيما بعد الإسكندر الأكبر، والذي استطاع إركاع الإمبراطورية الفارسية بأكملها، وإنهاء الحضارة فعليًا في عام 330 قبل الميلاد.
- الحضارة اليونانية القديمة: ظهرت هذه الحضارة في الفترة ما بين 2700 ق.م - 479 ق.م، وكان موقعها الأصلي في إيطاليا، وصقلية، وشمال أفريقيا، وأقصى الغرب في فرنسا، أما موقعها الحالي فهو اليونان الحديثة، وبالرغم من أن حضارة الإغريق لم تكن هي الحضارة الأقدم، إلا أنها تعد واحدة من أكثر الحضارات تأثيرًا، ومن أهم إنجازات هذه الحضارة اختراع الألعاب الأولمبية القديمة، وتشكيل مفهوم الديمقراطية ومجلس الشيوخ، كما وضع الإغريق أسس الهندسة، والبيولوجيا، والفيزياء الحديثة، ومن أبرز علمائهم فيثاغورس، وأرخميدس، وسقراط، وإقليدس، وأفلاطون، وأرسطو، والإسكندر الأكبر، والتي مُلئت الكثير من كتب التاريخ باختراعاتهم ونظرياتهم، ومعتقداتهم.
- الحضارة الصينية: ظهرت هذه الحضارة في الفترة ما بين 1600 ق.م - 1046 ق.م، وكان موقعها الأصلي النهر الأصفر ومنطقة اليانغتسى، وموقعها الحالي دولة الصين الحديثة، ويقال أنّ حضارة النهر الأصفر هي بداية الحضارة الصينية بأكملها؛ إذ إنّ هذا هو المكان الذي استقرت فيه السلالات المبكرة، وفي حوالي عام 2700 قبل الميلاد، بدأ الإمبراطور الأصفر الأسطوري حكمه، مما أدى لاحقًا إلى وجود العديد من السلالات التي استمرت في حكم الصين، وحكمت الحضارة الصينية لأكثر من أربعة آلاف عام، وبعد انتهاء حكمها كان الصينيون القدماء قد اخترعوا العديد من الأشياء والمنتجات مثل البارود، والورق، والطباعة، والبوصلة، والكحول، والمدافع، وغيرها الكثير.
- حضارة المايا: ظهرت في الفترة 2600 ق.م - 900 م، إذ ازدهرت حضارة المايا القديمة في أمريكا الوسطى، واستمرت في التقدّم وأصبحت متطورة للغاية، إذ بلغ عدد سكانها حوالي 19 مليون نسمة، واخترع شعب المايا نظام الكتابة الخاص بهم والذي استخدموه لإنشاء تقاويم شمسية منحوتة في الحجر، وكانت حضارة المايا القديمة غنية ثقافيًا مقارنة بالعديد من الحضارات المعاصرة لهم، وقد بنى كل من المايا والأزتيك الأهرامات، وكثير منها أكبر من تلك الموجودة في مصر، لكن النهاية المفاجئة لحضارة المايا لطالما كانت أحد أكثر الألغاز إثارة للاهتمام في التاريخ القديم، إذ كانت هناك تساؤلات كثيرة حول سبب انهيار حضارة متطورة ومكونة من أكثر من 19 مليون شخص بشكل ملحوظ، إلا أن شعب المايا لم يختفِ تمامًا، فأحفادهم لا يزالون يعيشون في أجزاء من أمريكا الوسطى.
ما هي أهمية دراسة تاريخ الحضارات القديمة؟
قد تتسائلين عن أهمية دراسة تاريخ الحضارات القديمة، والجواب الأساسي هو توفير أساس من المعرفة عن الحضارات القديمة التي ستُساهم فيما يأتي[٣]:
- ربط الحضارة القديمة بالحضارة الحديثة: تعدُّ معرفة بدايات الحضارات، بالإضافة إلى العناصر الأساسية التي تتكون منها الحضارات أمرًا ضروريًا، وهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحضارة الحالية، فعلى سبيل المثال، بعض عناصر العالم الحالي مثل التقسيمات الطبقية، والحكومة، والقوانين الاقتصادية، والدين والجغرافيا، كلها مرتبطة بطريقة ما بالحضارة القديمة، لذلك فالبدء من القدم وحتى القرن الحالي، ذو فائدة كبيرة من عدة نواحي، منها ربط التاريح بالحضارة.
- فهم العالم الذي نعيش فيه: إنّ دراسة تاريخ الحضارات القديمة يساعدكِ على فهم العالم بشكل أفضل، فعلى سبيل المثال، فإن ربط الحضارات القديمة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية يساعد على فهم القواسم المشتركة الاقتصادية والسياسية والاختلافات بين الثقافات والأشخاص والبيئة، ومن خلال فهمكِ للتطور، سيتحسّن فهمكِ للعالم وللأشخاص الذين يعيشون فيه، ولكن من أصعب الأمور في تعليم الحضارة القديمة هو كيفية إنشاء برنامج يجعل دراسة التاريخ ممتعة، إذ يعاني العديد من الطلاب والأشخاص من صعوبة القدرة على تلقي قدر هائل من المعلومات التي تتضمن تاريخ الحضارات القديمة، ولكن مع تطور طرق دراسة التاريخ القديم، مثل استخدام أدلة الدراسة المرئية، أصبح من السهل استيعاب هذا التاريخ الضخم، ومع ذلك يجب أن يبدأ تعلّم تاريخ الحضارات القديمة من الذات ثم من الأسرة، والمجتمع، فالدولة، مما يساعد الجميع على فهم كيفية تطور التاريخ لتحسين العالم الذي يعيشون فيه.
المراجع
- ↑ "7 Oldest Civilizations in the World", www.oldest.org, Retrieved 2020-08-21. Edited.
- ↑ Saugat Adhikari (2019-11-20), "The 10 Oldest Ancient Civilizations That Have Ever Existed", www.ancienthistorylists.com, Retrieved 2020-08-21. Edited.
- ↑ "Why is it Important to Study Ancient Civilization?", www.visualbrandlearning.com, 2020-07-14, Retrieved 2020-08-21. Edited.