محتويات
الخطبة
هي فن أدبي نثري، يتناول فيه الخطيب موضوعًا معينًا ويلقيه أمام حشد من الناس في مناسبة ما، وتتكون الخطبة من المقدمة التي تحتوي على تمهيد للموضوع، ثم العرض وفيه تُسرد الأفكار وتناقش مع المحافظة على ترابطها، وفي النهاية تكون الخاتمة التي يختم بها الخطيب الموضوع بكلمات ذات وقع على السامع، وتعد من أهم وأجمل الطقوس للمسلمين في حياتهم الأسبوعية، وخصوصًا في يوم الجمعة، إذ يجتمع الناس غالبًا في هذا اليوم المبارك في المساجد، وتحديدًا عند صلاة الظهر مع شيخ المسجد ليلقي عليهم خطبة الجمعة والتي تتنوع مواضيعها ومحاورها، من الممكن أن تتمحور حول مكارم الأخلاق والدين وحب الوطن وقصص أنبياء والجهاد في سبيل الله وغيرها الكثير، وسنتناول في هذا المقال خطبة قصيرة عن حب الوطن[١].
خطبة عن حب الوطن قصيرة جدًّا
الخطبة لها أشكال وطرق وأساليب مختلفة، ولها العديد من الصياغات التي تختلف عن بعضها، وتُعدّ الخطبة أمرًا من الأمور التي تذكر الإنسان بدينه وخلقه وحبه لوطنه، وعندما تهدف الخطبة إلى حُب الوطن فهي تقتصر على الإخلاص والدفاع عن الوطن، لأن الوطن هو الأرض والهواء والمسكن والشرف ومكان الرزق، والوطن هو أساس معيشة الإنسان والذي يعرف عن هويته وجنسيته، والإخلاص للوطن يكون بالإخلاص لشعبه والعمل الاجتماعي، وعدم وجود العنصرية أو التمييز بين العرق أو اللون أو حتى الوضع الاجتماعي والمادي[٢]، فقد قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوْ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [سورة النساء: 66]، كما قال تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [سورة الحشر: 8].
عناصر الخطبة
تتكون الخطبة من ثلاثة عناصر رئيسية هي: المقدمة وتحتوي مقدمة بسيطة عن الحوار، ومحور الخطبة وتتمركز فيه جميع الأفكار التي تتعلق بالخطبة، والخاتمة وهي خلاصة الخطبة، ويتم تقسيمها كما يأتي:
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الوَطَنُ مَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ونبيه، والحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الوطن وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى من اتبعهم بالإحسان والبر والإيمان إلى يوم البعث[٣].
محور الخطبة
إن بناة الوطن والمخلصين له، يبقى ذكرهم بالخير ويخلد بين الناس، ويبقى أجرهم حتى يوم القيامة، ولمن يساهم في بناء وطنه وازدهاره سواء أكانت مساهمة حسية أم معنوية أم في توزيع الصدقات الجارية فله الأجر والثواب العظيم، لطالما عدّ الوطن أمانة في أعناق أهله، أما إذا كان البناء حسيًّا فيكون في بناء المرافق الخدمية والأوقاف النفعية ومشاريع البناء والإعانة على توفير العيش الكريم في الطيب والرخاء، والعيش في طيب ورخاء يقع على عاتق الجميع وليس مسؤولية الحكومة وحدها، إذ تقع تلك المسؤولية على عاتق جميع شرائح المجتمع وخصوصًا أصحاب الأموال والمؤسسات والذين من واجبهم إعمار بلادهم وتطويرها، أما في حال كان البناء معنويًّا فيكون بتنشئة أجيال صالحة وتربيتهم تربية حسنة، لأن الولد الصالح ذكرٌ حسنٌ لأبيه، ولطالما كانت الأجيال القادمة هي بناة المجتمع المستقبلي، فتربيتهم على الأخلاق الفاضلة والطيبة يساهم في ازدهار المجتمع وتحسين إنتاجه[٣]، وحب الوطن والوفاء له منه أشكال وصور متعددة ومختلفة، ومن أهم وأجل هذه الصور هي المساهمة في نهوض وتطور المؤسسات العلمية ومرافقها الخدمية، فإن على أصحاب الأموال العمل على إنشاء بنيته التحتية، ويجب على ذوي العلم والكفاءات، وأصحاب الدراسات، وحرفيي المهن التعلم ونشر العلم والإرشاد لمصلحة العباد، فإن وجود المال وأصحاب الأموال يجب أن يصاحبه نهضة علمية تنير الوطن وتزهره، فقال تعالى: {وَإذ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} [ سورة آل عمران: 187]، وإن على أهل العلم مسؤولية كبيرة في المساهمة في بناء الوطن وتطوره، وهذه مهمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهي اليوم مهمة العظماء الذين يطبقون دينهم ويساعدوا على تنشئة المجتمع وإعادة هيكلته[٣].
وإحدى صور الإخلاص والوفاء للوطن هي تنمية مجالات التكافل الاجتماعي وتسهيل السبل الإنسانية، وعدم القيام بها يعد دليلًا كبيرًا على الأنانية، إذ يجب على المواطن الشعور بالوحدة الوطنية وتطبيقها في جميع صورها، ومساعدة الآخرين من الفقراء والمحتاجين وأي إنسان يحتاج إلى المساعدة، فالعمل الجماعي يُعد دائمًا من أسباب النجاح، إذ ورد في القرآن الكريم عن قصة رجل يملك جنة وكان يعطي الجميع من خيرها من أقارب وفقراء وغيرهم، وكان يطبق التكافل الاجتماعي بجميع معانيه السامية ولما مات تنكر وارثوه عن مبادئه وعزموا على تغيير نهجه في مساعدة المحتاجين والفقراء، فكانت عاقبتهم كما قال تعالى: {إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَونَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ، وَلا يَسْتَثْنُونَ، فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ، فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ، أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرثِكُمْ إن كُنتُمْ صَارِمِينَ، فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ، أَن لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ، وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إنَّا لَضَالُّونَ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون} [سورة القلم: 17-27][٣].
الخاتمة
يا عباد الله، اتقوا الله وأحبوا وطنكم وساعدوا على تطوره علميًّا وماديًّا ومعنويًّا، وربوا أطفالكم على التربية الصالحة وعلى المساهمة في ازدهار المجتمع وتطوره، وعلموهم أن يحبوا وطنهم ويخلصوا له، ورسخوا فيهم تحمل المسؤولية في بناء وطنهم وحسن العطاء له، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم ذنوبكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو السميع البصير[٣].
كما أن الإخلاص وحب الوطن والمجتمع والمساهمة في تنشئته وبنائه وتطويره والدفاع عنه هو أحد أهم الأساسيات الأخلاقية التي يرتكز عليها الإنسان، فكم من دولة لا تملك العتاد العسكري الحديث ولا تملك الأعداد الهائلة المدرّبة، ولكن بلُحمتها واتحادها تقاوم العدو حتى آخر رمق دون استسلام وتستعصي عليه أكثر من تلك التي تملك كل أسباب النصر المادية من أسلحة وجيوش مجهزة، لذلك تجب المحافظة على الوطن والإخلاص له وبناؤه والمساهمة في ازدهاره والدفاع عنه إن لزم الأمر[٤].
المراجع
- ↑ "الإسلام والوطنية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 2019-09-30. بتصرّف.
- ↑ حسان أحمد العماري (2012-11-28)، "خطبة عن الوطن وحبه"، khutabaa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-09-30. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "الوَطَنُ مَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ"، mara.gov.om، 2007-11-13، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-29. بتصرّف.
- ↑ "حب الوطن من دروس الهجرة النبوية"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-01. بتصرّف.