محتويات
أجر الصبر على وفاة الزوج
إنّ الموت وفقد الأحبّة مِن أعظم المصائب التي يواجهها الإنسان في حياته، لذا كان للصبر على ذلك ثوابٌ عظيم عند الله -تعالى-، والمرأة التي تصبر على وفاة زوجها لها أجرٌ عظيمٌ لا يعلمه إلا الله، ولا يكفي لذكر ذلك مقالٌ، وإليك عزيزتي القارئة بيان جزءٍ من الثواب والأجر الذي بيّنته النصوص الشرعية:
الأجر العظيم الذي لا يعلمه إلا الله
يقول الله -سبحانه-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[١] فقد جعل الله -تعالى- لكلّ شيءٍ ثواباً معلوماً يوم القيامة، أمّا أهل البلاء فيُصبّ عليهم الأجر والثواب صبَّاً صبَّاً، حتى يتمنّى أهل العافية لو أنّهم كانوا أكثر الناس بلاءً في الدّنيا.[٢]
بشارة الله للصّابرين
قال الله -سبحانه-: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)،[٣] فماذا بعد أنْ بشّر الله الصابرين بنفسه! والصلوات في الآية تعني المغفرة والرأفة والثناء الحسن، فالصابرون في رحمةٍ بعد رحمة، ورأفةٍ بعد رأفة.[٤]
سببٌ لدخول الجنّة
وأيُّ غايةٍ بعد هذه الغاية! فالجنة هي مطمح كلّ إنسانٍ فينا، وفيها ما لا عينٌ رأت ولا خطر على قلب أي بشر، فانظري -عزيزتي القارئة- لقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربّه: (يقولُ الله سبحانَه: ابنَ آدمَ إن صبرتَ واحتسبتَ عندَ الصَّدمةِ الأولى لم أرضَ لَك ثوابًا دونَ الجنَّةِ).[٥]
العِوَض العظيم وجبر الخاطر من الله
وعد الله -تعالى- مَن يصبر على بلائه ويحتسبه عند الله بجبر خاطره وتعويضه، وهذا يُذكّرنا بقصّة أمّ سلمة -رضي الله عنها-، حيث توفّي عنها زوجها، فصبرت واحتسبت الأجر عند الله، وقالت: ((إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ)،[٦] اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها).[٧]
ولكِ أن تتخيّلي -عزيزتي القارئة- كيف كان جبر الله لقلبها، فبعد أن دعَت بذلك تساءلَت: "مَن خيرٌ مِن أبي سلمة"؟! ولم تكن تعلم أنّ الله سيعوّضها بخير البشرية محمّد -صلى الله عليه وسلم-، تقول -رضي الله عنها-: (فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ).[٧][٨]
وهذا حال الصابرين على البلاء، وحال مَن تصبر على وفاة زوجها، سيعوّض الله صبرها خيراً، وأيُّ خيرٍ هذا وأيُّ عِوضٍ وكيف ذلك؟! هذا كلّه في علم غيب الله -عزّ وجلّ-، فهو العليم بمكامن القلوب، ويعلم ما يُفرح هذا الإنسان الصّابر وما يحقّق له البشارة التي لا يتوقّعها -بإذن الله-.
معيّة الله وحبّه للصابرين
وهذه بشارةٌ تؤنس القلوب وتُطمئنها، وتنشر فيها الراحة والسّكينة، فهنيئاً للصابر بحبّ الله -عز وجل- ومعيّته له، فقد قال -سبحانه-: (وَاللَهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ)،[٩] وقال في موضعٍ آخر: (إنّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ).[١٠]
ربط الخير والحظّ العظيم بأهل الصبر
حيث ربط الله -تعالى- بين حصول الخيرات والثواب الكبير والحظوظ العظيمة وبين الصّابرين على البلاء المحتسبين الأجر له -سبحانه-، فقال -تعالى-: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).[١١][١٢]
الحكمة من عدة المرأة بعد وفاة زوجها
شرع الله العدّة للمرأة بعد وفاة زوجها للعديد من الحِكَمِ العظيمة، وهو -سبحانه- لا يأمر إلا بما فيه الخير، ولا ينهى إلا عمّا فيه شر، ولعلّ من أبرز الحِكَم المتعلّقة بعدّة المرأة بعد وفاة زوجها:[١٣]
- الوفاء للزوج، حيث تقضي المرأة عدّتها في بيت الزوجيّة وتتذكّره وتترحّم عليه كلما تذكّرته، وتُسامحه وتدعو له، وهذا فيه من الوفاء والخير ما الله به عليم.
- التعبّد لله وامتثال أوامره والتقرّب إليه -سبحانه-.
- زيادة أجر المرأة وثوابها عند الله -عز وجل-.
المراجع
- ↑ سورة الزمر، آية:10
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 195، جزء 19. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:155-157
- ↑ صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 320، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:1308، حسنه الألباني.
- ↑ سورة البقرة، آية:156
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:918، صحيح.
- ↑ الشيخ خالد الرفاعي، "نصيحة إلى امرأة توفي زوجها"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:146
- ↑ سورة البقرة، آية:153
- ↑ سورة فصلت، آية:35
- ↑ "في بستان الصابرين .. آيات الصبر"، الإسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 8/11/2022. بتصرّف.
- ↑ محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5-8، جزء 324. بتصرّف.