حكم الصلاة على الكرسي

حكم الصلاة على الكرسي

حكم صلاة الفريضة على الكرسي

أجمع العلماء المسلمين أن صلاة الفريضة لا تصح من المُسلم إلا أن يصليها قائمًا ما دام كان قادرًا على ذلك؛ لأن القيام ركن من أركان الصلاة التي لا تصح إلا به، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، وورد في الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال:(كانت بي بواسيرُ فسألتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الصَّلاةِ فقالَ صلِّ قائمًا، فإن لم تستَطِع فقاعدًا، فإن لم تستَطِع فعلى جَنبٍ فإن لم تستطِع فمُستَلقٍ لا يُكَلِّفُ اللَّه نَفسًا إلَّا وُسعَها) [تحفة المحتاج| خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن]، وبناءً على هذه الأدلة فإن من صلى الفريضة جالسًا مع قدرته على القيام فصلاتُهُ باطلة.

وأجمع علماء الأمة أن المريض الذي منعه مرضه من القيام فله أن يصلي وهو جالس ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك، فإن لم يقدر على الركوع والسجود فيجوز له أن يومئ بهما إيماءً ويجعل سجوده أخفض من ركوعه؛ كما هو معروف فإن رفع الحرج ودفع المشقة عن العباد هي من قواعد هذا الدين الحنيف وأكدت على ذلك أدلة كثيرة منها قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وحديث النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (ذَروني ما ترَكتُكم، فإنَّما هلَكَ مَن كان قَبلَكم بكَثرَةِ سُؤالِهم أنبياءَهم، واختِلافَهم عليهم، وإذا نهَيتُكم عن شيءٍ فانتَهوا، وإذا أمَرتُكم بأَمْرٍ فَأْتوا مِنه ما استطَعتُم [تخريج المسند|خلاصة حكم المحدث: صحيح].

ويجب أن يعلم المسلم أن حد المرض الذي يبيح له أن يصلي قاعدًا هو أن يخاف من به مرض من زيادة مرضه، أو حصول مشقة شديدة، أو تَأخر شِفائه، وبرأي بعض أهل العلم أن ضابط ذلك يتعلق بالمشقة التي تُذهب خشوع المُصلي، إذ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: أن الخشوع هو حضور القلب وطمأنينته، فإذا قام المسلم في صلاته وقلق قلقًا كبيرًا ولم يطمئن قلبه وتجده ينتظر بفارغ الصبر أن يصل لآخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله للألم، فمن كان كذلك فإنه شق عليه القيام فليصلي قاعدًا.

ومما ورد عن الإمام النووي أن من عجز عن القيام في الصلاة المفروضة صلاها جالسًا ولا إعادة عليه، ودون أن ينقص ثوابه عن صلاة من صلاها قائمًا لأنه معذور، كما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ العبدَ المُسلِمَ إذا مَرِضَ أو سافَرَ كُتِبَ له مِن الأجْرِ كما كان يَعمَلُ مُقيمًا صَحيحًا) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط البخاري][١].


حكم صلاة النافلة على الكرسي

يجوز للمصلي في صلاة النافلة أن يصلي على كرسي أو جالسًا على الأرض؛ لأن القيام في النافلة مُستحب وليس واجب، ولكن أجر القيام أفضل لمن استطاع الصلاة قائمًا، وقد روى البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: (من صلَّى قائمًا فَهوَ أفضلُ ومن صلَّى قاعدًا فلَه نِصفُ أجرِ القائمِ ومن صلَّى نائمًا فلَه نِصفُ أجرِ القاعدِ) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

وإن أراد المسلم صلاة النافلة جالسًا فله أن يقوم قبل الركوع ليركع من قيام، وهذا ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: (انَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهو جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ) [ صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. فإن صلى المسلم النافلة جالسًا سواء على الأرض أو على كرسي ولم يكن به مرض فله نصف أجر الصلاة، أما إن كان به مرض منعه عن القيام فله الأجر كاملًا، ولكن الأحوط أن يأتي المُصلي بالركوع والسجود ولا يفرط فيهما.

لكن من الأمور الغريبة التي انتشرت في المساجد وجود أشخاص نشطاء بكامل صحتهم يصلون وهم جالسين مع مقدرتهم على الصلاة وهم قيام، فنجد أحدهم صلى جالسًا ثم خرج من المسجد ووقف وقتًا طويلًا وهو يتشارك الحديث مع أصدقائه ولم يؤثر به القيام، كما نجد بعض المسلمين يصلي الفريضة جالسًا، وعند حضوره صلاة الجنازة يصليها قائمًا، مع أن صلاة الفرض فرض عين على كل مسلم وصلاة الجنازة فرض كفاية[٢][٣].


من حياتكِ لكِ

لا بدّ أنّكِ تتسائلين كيف يمكنكِ الجلوس في الصلاة، إذ إنّ من السنة أن يصلي المسلم متربعًا في الصلاة، والمقصود بالتربع هو أن تكفِ ساقيكِ إلى فخذيكِ؛ لأن هذه الوضعية تضمن أن يكون الساق والفخذ في اليمنى والساق والفخذ باليسرى كلاهما ظاهران، على خلاف الافتراش الذي تختفي فيه الساق في الفخذ. ولكن إن جلستِ للصلاة مفترشةً الأرض أو حتى محتبية فلا بأس في ذلك؛ وذلك لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (صلِّ قائمًا فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنبٍ فإن لم تستطعْ فمستلقيًا) [فتاوى نور على الدرب لابن باز| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

وقد تتساءلين هل هناك ما دل على أن المسلم يصلي متربعًا؟ والجواب أن الدليل هو ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: (رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يصلي مُتَرَبِّعًا) [صحيح ابن خزيمة| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، ولأن التربع يكون عادةً أكثر طمأنينة وارتياحًا من الافتراش، كما يعد التربع أولى بسبب فائدتين الأولى: أنه من المعروف أن القيام يحتاج لقراءة طويلة لذلك فالتربع فيه أولى، والسبب الثاني: هو التفريق بين القيام والقعود الذي في محله؛ لأنه في حال افترشتِ الأرض في القيام لا يعد هناك فرق بين الجلوس في مكانه وبين الجلوس البدلي أي الجلوس الذي يحل مكان القيام.

أما في حال الركوع قال بعض العلماء أن يكون المصلي مفترشًا الأرض، والصحيح أن يكون متربعًا؛ وذلك لأن الراكع قائم ينصب ساقيه وفخذيه ولا ينحني منه إلا ظهره، ففي هذه الحالة نقول أن المتربع يبقى متربعًا ويركع وهو متربع وهذا هو القول الصحيح والراجح[٤].


المراجع

  1. "حكم الصلاة جلوساً على الكرسي"، islamway، 16_10_2008، اطّلع عليه بتاريخ 11_7_2020. بتصرّف.
  2. "حكم الصلاة على كرسي في الفريضة والنافلة "، islamweb، 23_11_2016، اطّلع عليه بتاريخ 11_7_2020. بتصرّف.
  3. الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي (24_9_2019)، "الصلاة على الكرسي"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 11_7_2020. بتصرّف.
  4. "متى يجوز للإنسان أن يصلي قاعدا في الفريضة ؟ "، islamqa، 20_3_2005، اطّلع عليه بتاريخ 11_7_2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :