محتويات
ما هي أهمية الخشوع في الصلاة؟
يُعرّف الْخُشُوعُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ بأنه الِانْخِفَاضُ وَالذُّلُّ وَالسُّكُونُ، والخشوع لله يعني قيام القلب بين يدي الله عز وجل بالخضوع والذل، والخشوع محله القلب وتظهر ثماره على الجوارح[١]، ومن ذلك فإن الخشوع في الصلاة يعني حضور القلب أثناء الصلاة؛ وتأتي أهمية الخشوع في الصلاة على وجهين أولهما أن الخشوع هو روح الصلاة ولبها، ولا كمال للصلاة إلا به، وثانيهما أنّ ثواب الصلاة يزداد بازدياد الخشوع فيها؛ إذ يكتب للمصلي ثواب صلاته بقدر خشوعه فيها بعد إتمامه لشروط الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها وآدابها[٢].
كيف يمكنكِ الخشوع في الصلاة؟
يُعرف الخشوع في الصلاة على أنّه إقبال المسلم على الصلاة بقلبه، مستحضرًا عظمة الله تعالى، ومتدبرًا في معاني آيات القرآن الكريم، ومتفكرًا في جميع الأقوال والأفعال المشروعة في الصلاة، مع المحافظة على شروط الصلاة وأركانها وسُننها، والخشوع محله القلب؛ فإذا خشع القلب خشعت الجوارح كلها معه، وقرن الله فلاح المؤمنين بالخشوع في الصلاة؛ لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1-2]، وتأتي أهمية الخشوع في الصلاة تبعًا لمنزلة الصلاة العظيمة في الإسلام؛ إذ إنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ونذكر لكِ فيما يأتي أبرز الوسائل التي تساعدكِ على الخشوع في الصلاة[٣]:
- اعرفي أن الخشوعَ هو رُوح الصلاة: إذ إنّ الخشوع في الصلاة مثل الروح في الجسد، فإذا فُقِدت الروح مات الجسد، وكذا الخشوع إذا ذهب فقدت الصلاة روحها ومُبتغاها.
- استعيذي بالله من الشيطان: تُعرف الاستعاذه بأنها الالتجاءُ إلى الله، والاعتصام به مِن شرِّ كل ذي شرٍّ؛ وتُعدّ الاستعاذة من الشيطان أفضل الأسباب المؤدية لخشوع المسلم في صلاته، وكان النبي عليه السلام يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا قام إلى الصلاة؛ فعن أبي داود عن أبي سعيدٍ الخدري قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا قام من الليلِ كبَّر ثمَّ يقولُ: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ، ثمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثلاثًا ثمَّ يقولُ: اللَّهُ أَكْبرُ كبيرًا ثلاثًا أعوذُ باللَّهِ السَّميعِ العَليمِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ مِن هَمزِهِ، ونَفخِهِ ونَفثِهِ ثُمَّ يقرأُ) [نخب الأفكار| خلاصة حكم الحديث: صحيح]، فالاستعاذة من الشيطان تساعد على الخشوع في الصلاة؛ إذ تبعد وساوس الشيطان عن المصلي؛ لقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36].
- لا تنظري إلى كل ما قد يُشغلكِ أثناء الصلاة: إذ إنّ الابتعاد عن الأمور التي تشغل النظر أثناء الصلاة يزيد من خشوع المصلي، فعن عائشة -رضي الله عنها-: (صَلَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَمِيصَةٍ له لَهَا أعْلَامٌ، فَنَظَرَ إلى أعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قالَ: اذْهَبُوا بخَمِيصَتي هذِه إلى أبِي جَهْمٍ، فإنَّهَا ألْهَتْنِي آنِفًا عن صَلَاتِي، وأْتُونِي بأَنْبِجَانِيَّةِ أبِي جَهْمِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ غَانِمٍ، مِن بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم الحديث: صحيح]، ومعنى (خَمِيصَةٍ له لَهَا أعْلَامٌ) أي كساء من صوف رقيق له خطوطٌ بألوانٍ مختلفةٍ، أما (أَنْبِجَانِيَّةِ) فتعني كساء لا خطوط فيه، منسوبٌ إلى مكانٍ يسمى أنبجان.
- اعلمي أن الصلاة صلةٌ العبد بربه: إذ إن الصلاة صلةٌ ولقاءٌ كريمٌ مع الله تعالى الذي له ما في السموات وما في الأرض، وبالتالي يجب أن يتميز هذا اللقاء بالخشوع والخضوع لله سبحانه؛ عن أنس بن مالكٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ أحَدَكُمْ إذَا قَامَ في صَلَاتِهِ فإنَّه يُنَاجِي رَبَّهُ، أوْ إنَّ رَبَّهُ بيْنَهُ وبيْنَ القِبْلَةِ، فلا يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، ولَكِنْ عن يَسَارِهِ أوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فيه ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ علَى بَعْضٍ، فَقالَ: أوْ يَفْعَلُ هَكَذَا) [صحيح البخاري| خلاصة حكم الحديث: صحيح]، وكلمة (يناجي) تدل على ضرورة إخلاص القلب وتفريغه لذِكر الله تعالى، وتلاوة كتابه وتدبره.
- تفكّري في معاني آيات القرآن الكريم: حث الله تعالى على التدبر عند تلاوة القرآن؛ إذ إن التفكُّر في معاني آيات القرآن الكريم في الصلاة أو عند سماعها من الإمام يزيد من الخشوع في الصلاة؛ قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، كما ذمَّ اللهُ تعالى الكافرين لعدم تدبُّرِهم لآياتِ القرآن الكريم؛ قال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
- تذكَّري الموتَ دائمًا: يجب على المسلم أن يبقي الموت وسكراته وفكرة أنه يأتي بغته من غير موعد في ذهنه دائمًا؛ إذ إن ذلك يزيد من الخشوع والخضوع في الصلاة، فيدخل على صلاته كأنها آخر صلاة يصليها في الدنيا؛ عن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اذكر الموتَ في صلاتِك، فإنَّ الرجلَ إذا ذكر الموتَ في صلاتِه لحريٌّ أن يُحسنَ صلاتَه، و صلِّ صلاةَ رجلٍ لا يظنُّ أنَّه يُصلِّي صلاةً غيرَها، و إيَّاك وكلُّ أمرٍ يُعتذَرُ منه) [صحيح الجامع| خلاصة حكم الحديث: حسن].
- اعلمي أن خشوعكِ في الصلاة سبب لمغفرة الذنوب: إنّ علم المسلم أن الخشوع في صلاته سبب لمغفرة ذنوبه، وحصوله على مرضاة الله تعالى في الدنيا والآخرة يزيد من خشوعه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسولَ الله قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم الحديث: صحيح].
- اقتدي بأفعال النبي عند إقامة الصلاة: فإنّ علم المسلم بأفعال النبي وأقواله أثناء إقامة الصلاة يعد أفضل الوسائل التي تساعده على الخشوع في الصلاة، وكما أمر الله تعالى بالاقتداء بالنبي في عدة مواضع بالقران الكريم؛ فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، والآية الكريمة تدعو إلى تحري أقوال النبي وأفعاله وأحواله والتأسي بها.
- تدبري وتفكّري في أفعال الصلاة وأقوالها، يعد تفكُّر المسلم وتدبُّره في مغزى أفعال الصلاة وأقوالها سببًا في زيادة خشوعه في صلاته، ونذكر بعض المعاني أدناه:
- القيام في الصلاة: إذ إنّ القيام في الصلاة يذكر المسلم بالوقوف بين يديِ الله تعالى يوم القيامة للحساب.
- الركوع والسجود: إذ إنّ الركوع والسجود يذكران المسلم بكبرياء الله تعالى وعظمته؛ فيسبح الله ويشهد له بالعظمة في الركوع، ثم يحمده ويشكره على نعمه عند القيام من الركوع، ويذل وجهه لله في السجود على الأرض، ويستشعر عظمة لله بلسانه وقلبه ثم يؤكد التواضع لله بتكرار السجود مرة ثانية.
- التشهد: إذ إن التشهد يذكر المسلم بأن كل ما يفعله من أخلاق طاهرة وصلوات هو لله عزّ وجل، كما يذكر المسلم بالنبي ويصلي عليه، وأيضًا يذكره بالتحصن بالشهادتين دائمًا.
- اجتنبي العبث بالثياب أو بأعضاء الجسم أثناء الصلاة، إذ إن انشغال المصلي بالعبث بأعضاء جسمه أو ثيابه يقلل من خشوعه في الصلاة، فإن العبث مكروه كما قال ابن عثيمين -رحمه الله- لما فيه من مفاسد عديدة، منها:
- انشغال القلب؛ إذ إن حركة البدن لا تكون إلا بحركة القلب وفي هذا انشغال عن الصلاة وتقليل من الخشوع.
- العبث واللغو ينافي الجدية المطلوبة من المسلم في حال الصلاة.
- حركة الجوارح دخيلةٌ على الصلاة؛ إذ إنّ الصلاة لها حركات معينة مِن قيام وقعود، وركوع وسجود، والعبث حركة دخيلة غير موجودة بالصلاة.
- حافظي على أداء السنن الرواتب: تساعد صلاة السنة على الخشوع في صلاة الفرض، كما أن سنن الصلاة تجبر النقص والخلل في الخشوع أثناء أداء صلاة الفرض.
- تخلصي من كل ما يَشغَل قبل الصلاة: إذ إنّ التخلص من مشغلات الصلاة قبل البدء بها يزيد من الخشوع أثناء أداء الصلاة، مثل الذهاب لقضاء الحاجة قبل الصلاة، وتناول الطعام قبل الصلاة إذا كان المصلي جائعًا؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يقومُ أحدُكم إلى الصَّلاةِ وهو بحضرةِ الطَّعامِ ولا هو يُدافِعُه الأخبثانِ: الغائطُ والبولُ) [صحيح ابن حبان| خلاصة حكم الحديث: أخرجه في صحيحه].
- توجّهي إلى الله بالدعاء للحصول على الخشوع: يجب على المسلم أن يتضرع إلى الله تعالى بالدعاء وسؤال التوفيق للخشوع الذي يحبه في الصلاة؛ فالدعاء هو دأب الصالحين، ولقد وعد الله سبحانه بأن يجيب دعاءَ مَن دعاه؛ فقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
- تذكري أن الصلاةَ هي أول ما يُحاسِب عليه العبد يوم القيامة: من الأسباب التي تجعل المسلم يخشع في صلاته، أن يعلم أن الصلاة هي أول ما يحاسبه الله تعالى عليه من العبادات يوم القيامة؛ قال رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ فإن انتقصَ من فريضة شيئًا قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلَ بِها ما انتقصَ منَ الفريضةِ ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِه علَى ذلِك) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم الحديث: صحيح].
- أسبغي الوضوء: إذ يُعد الوضوء معينًا على الخشوع في الصلاة؛ إذا أحسن المسلم الوضوء بأداء فرائضه وسننه كاملة من غير نقصان، قال رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم الحديث: صحيح].
- ضعي اليد اليمنى فوق اليسرى على الصدر: يزيد وَضْع اليد اليمنى فوق اليسرى على الصدر أثناء الصلاة من الخشوع، إذ قال العلماء إن الحكمة من هذه الهيئة منع العبث، كما تعد صفة السائل الذليل وهي أقرب للخشوع.
- تذكري أن ثواب الصلاة يكون بمقدار الخشوع فيها: فإن علم المسلم أنّ ثواب صلاته مرتبط بمقدار خشوعه أثناء الصلاة يزيد من مقدار الخشوع لديه، إذ يختلف ثواب الصلاة بين الأشخاص بحسَب اختلافهم في الخشوع والتدبُّر فيها.
- انظري إلى موضع السجود: يزيد النظر إلى موضع السجود من الخشوع في الصلاة.
ما هو حكم الصلاة دون الخشوع؟
ينبغي للمسلم إذا دخل في الصلاة أن يستحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ خلالها؛ لقوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1-2]، وقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وكلمة قانتين تعني خاشعين ذليلين مستكينين بين يدي الله عز وجل، ومن الجدير بالذكر أن للمرء من صلاته ما عقل منها فقط، فإذا انشغل فكره بأمور الدنيا ينقص من أجره بقدر ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الرَّجلَ لينصَرِفُ وما كُتِبَ لَهُ إلَّا عُشرُ صلاتِهِ تُسعُها ثُمنُها سُبعُها سُدسُها خُمسُها رُبعُها ثُلثُها نِصفُها) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم الحديث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]، وقال ابن عباس: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها)[٤]، لكن السؤال الأهم هو هل تبطل الغفله كالتفكر في أمور الدنيا وشواغلها الصلاة وتجب إعادتها؛ يوجد رأيان لأهل العلم في ذلك، هما[٤]:
- إذا غلب حضور القلب والتعقل في الصلاة على الغفلة والتفكر في أمور الدنيا فلا تجب إعادة الصلاة وإن كان أجرها ناقصًا.
- إذا كانت الغفلة في الصلاة والتفكر في أمور الدنيا غالبة على حضور القلب والتعقل فيها، فهناك قولان هما:
- أن الصلاة لا تصح في الباطن وإن صحت في الظاهر؛ إذ إنّ المقصود من الصلاة لم يحصل، فأصبحت شبيهة بصلاة المرائي، وإليه ذهب الغزالي رحمه الله.
- أن تبرأ ذمة المصلي فلا تجب عليه الإعادة، وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة؛ إذ إنّ النصوص والآثار دلت على أنّ الأجر والثواب مشروط بالحضور، ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنًا ولا ظاهرًا، والله أعلم.
مواقف في خشوع السلف الصالح أثناء الصلاة
نذكر لكِ بعض الصور لصفة صلاة السلف الصالح وخشوعهم خلالها، ومنها[٣]:
- كان عليُّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب إذا توضأ اصفَرَّ لونُه، فيقول له أهلُه: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟! فيقول: تدرون بين يدَيْ مَن أريد أن أقوم؟.
- قال ثابتٌ البُنانيُّ: كنت أمرُّ بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبةٌ منصوبةٌ لا تتحرَّكُ.
- قال ميمون بن حيان: ما رأيتُ مسلم بن يسارٍ ملتفتًا في صلاته قط خفيفةً ولا طويلةً، ولقد انهدمَتْ ناحيةٌ من المسجد ففزِعَ أهل السوق لهَدْمه، وإنه لفي المسجد في الصلاة فما التفَتَ.
- قال القاسم بن معنٍ: إن أبا حنيفةَ قام ليلةً يردد قوله تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46)] ويبكي ويتضرَّعُ إلى الفجر.
- قال عبدالله بن شدادٍ: سمعت نشيج عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا في آخر الصفوف، يقرأ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، النَّشِيج: صوتٌ معه توجُّعٌ وبكاء.
من حياتكِ لكِ
لا بدّ أنّكِ تتساءلين عن إمكانية إغماض عينيكِ أثناء الصلاة استجابة للخشوع، وإليكِ الجواب: يمكنكِ إغماض عينيكِ أثناء الصلاة استجابة للخشوع فلا يُنقِص ذلك من صلاتكِ شيئًا، فالسنّة عدم الإغماض، وإذا أغمضتِ العين لعلة من العلل فلا حرج في ذلك، ويُعد الخشوع من كمال الصلاة وليس شرطًا فيها أيضًا، إنمّا الشرط هو الطمأنينة؛ إذ يعد ركنًا من أركان الصلاة، ويعني أن تطمئني حتى يرجع كل جزء من جسمكِ إلى مكانه في الركوع والسجود وبين السجدتين والاعتدال أيضًا بعد الركوع[٥].
المراجع
- ↑ "الخشوع.. معناه.. محله.. وثمرته"، islamweb، 24-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "أهمية الخشوع في الصلاة"، islamweb، 27-3-2018، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ صلاح نجيب الدق (31-5-2016)، "وسائل الخشوع في الصلاة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "ترك الخشوع في الصلاة وحكمه."، islamweb، 25-9-2000، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "حكم إغماض العينين في الصلاة استجلاباً للخشوع"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.