محتويات
مسح الرأس في الوضوء
مسح الرأس في الوضوء هو من الفروض لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، وفي السنة ما يدل أيضًا على وجوب مسح الرأس ولكن اختلف العلماء في المقدار الواجب مسحه من الرأس، أما قول مذهب الحنفية أنه يكفي في مسح الرأس مقدار الناصية ودليلهم حديث (عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَوضَّأَ، فمَسَحَ بناصيَتِه، ومَسَحَ على الخُفَّينِ والعِمامةِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط مسلم]، ومقدار الناصية عند الحنفية هو ربع الرأس، أما قول الماكلية والمشهور عند الحنفية أنه الواجب مسح جميع الرأس ودليلهم هو (أنّ رجلًا قال لعبدالله بن زيد: أتَسْتَطِيعُ أنْ تُرِيَنِي، كيفَ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عبدُ اللَّهِ بنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، فَدَعَا بمَاءٍ، فأفْرَغَ علَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بيَدَيْهِ، فأقْبَلَ بهِما وأَدْبَرَ، بَدَأَ بمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حتَّى ذَهَبَ بهِما إلى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُما إلى المَكَانِ الذي بَدَأَ منه، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ)، أما القول الثالث وهو لمذهب الشافعية أن المفروض أقل ما يتناوله اسم المسح ولو شعرة ودليلهم يرجع إلى تفسير قول الله تعالى: {وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فهم يقولون أن مسح الرأس يتحقق بمسح جزء من أجزائه، كقولنا مثلًا: ضربت رأسه، وضربت برأسه، فمن قال: إنه لا يكون ضاربًا لرأسه حقيقة إلا إذا وقع الضرب على كل جزء من أجزائه، فهذا مخالف لما يفهمه أهل اللغة[١].
كيف تمسح المرأة رأسها في الوضوء؟
إذا كان على رأس المرأة شيء مما يوضع للزينة، من أربطة أو قطع بلاستيكية ونحوها، يجب عليها أن تنزعها إذا كانت تغطي جزءًا من رأسها، وهذا حسب الرأي الذي يقول بوجوب مسح جميع الرأس، فقد قال الباجي رحمه الله: وإذا كثّرت المرأة شعرها بصوف أو شعر لم يجز أن تمسح عليه لأنه لا يصل الماء إلى شعرها من أجله وإن وصل فإنما يصل إلى بعضه وهذا مبني على وجوب الاستيعاب". أمّا الإمام أحمد رحمه الله فقد خفف في مسح المرأة رأسها فقال: "يجزئ أن تمسح مقدم رأسها" ويجزئ أي يكفي، ولا حرج على المرأة في لف شعرها أو جعله ضفائر ومسحها عليه في الوضوء كيفما كان[٢].
هل يجزئ مسح جزء من الرأس عند الوضوء؟
اتفق الفقهاء على أن الأفضل استيعاب الرأس بالمسح أي مسحه كله، غير أنهم اختلفوا هل هذا الاستيعاب واجب أم لا، فقال المالكية والحنابلة بوجوب مسح الرأس كله، وقال الحنفية والشَّافعية أنه يكفي مسح بعض الرأس، واستدل المالكية والحنابلة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يثبت عنه أنه اقتصر على مسح بعض الرأس، وقال الأحناف والشافعية أن الباء في قول الله تعالى: {وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} هي باء للتبعيض، فرُد عليهم أن الباء ليست للتبعيض وإنما للإلصاق أي أنه يجب أي يلتصق الماء الذي نمسح به بالرأس، واستدل أيضًا من قال بأن مسح جزء من الرأس يكفي أن (الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله عنه قال أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مسح بناصيتِه ومسح على عِمامتِه وعلى خُفَّيْه) [التمهيد| خلاصة حكم المحدث: صحيح] فقالوا بأن الحديث يدل على اقتصاره صلى الله عليه وسلم على مسح الناصية، فرُد عليهم أن النبي مسح على ناصيته ولكنه أكمل المسح على العمامة، والعمامة تقوم مقام مسح الرأس، وقال ابن عثيمين: "إجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح على العمامة معه ، فلا يدلُّ على جواز المسح على الناصية"، فقط وبهذا يظهر أن الراجح من القولين هو القول بوجوب مسح الرأس كله في الوضوء وعدم الاقتصار على جزء منه[٣].
ماذا يقال قبل الوضوء وبعده؟
من الجميل أن تلتزمي بما سنّ الرسول صلى الله عليه وسلم من أذكار ومنها الأذكار التي تقال قبل الوضوء وبعده مثل[٤]:
- قبل الوضوء: يسن للمتوضِئ أن يبسمل قبل وضوئه، (فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا صلاةَ لمن لا وضوءَ لَهُ، ولا وضوءَ لمن لم يذكرِ اسمَ اللَّهِ تعالى عليهِ) [صحيح أبي داوود| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، فالبسملة قبل الوضوء هي سنة وذلك عند جمهور العلماء، أي أن ترككِ لها أو نسيانها لا يعني أنّ وضوءكِ غير صحيح.
- بعد الوضوء: مما ذكر من الأحاديث حول ما يقال بعد الوضوء هو حديث رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه: (عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ما مِنْكُمْ مِنْ أَحدٍ يتوضَّأُ فَيُبْلِغُ أَو فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: أَشْهدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريكَ لهُ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرسُولُه، إِلاَّ فُتِحَت لَهُ أَبْوابُ الجنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّها شاءَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح] وعن عمر بن الخطاب أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن توضَّأَ فأحسنَ الوُضوءَ، ثم قالَ: أشهدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهمَّ اجعَلني منَ التوَّابينَ، واجعَلني منَ المتطهِّرينَ فُتِحَت لَهُ ثمانيةُ أبوابٍ من الجنَّةِ، يدخلُ من أيِّها شاءَ) [لأحكام الصغرى| خلاصة حكم المحدث: صحيح الإسناد].
ومن الجدير ذكره أن بعض الناس اعتادوا على أن يدعوا دعاءً معينًا مع غسل كل عضو في الوضوء مثل اللهم ناولني كتابيني بيميني عند غسل اليد اليمنى، وعند غسل الوجه يقولون اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه وتبيض الوجوه وغير ذلك من الأدعية، ولكن هذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ابن تيمية رحمه الله أنه لا يجوز لأحد أن يسن أذكارًا غير مذكورة عن النبي عليه الصلاة والسلام ويجعلها عبادة ويدعو الناس على أن يواظبوا عليها.
المراجع
- ↑ ديبان الديبان (7-4-2011)، "من فروض الوضوء مسح الرأس"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "كيف تمسح شعرها في الوضوء وعليه أربطة وأقمشة للزينة؟"، islamqa، 11-2-2010، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء؟"، islamqa، 20-6-2005، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.
- ↑ محمد الشوبكي (13-11-2015)، "ما يقال قبل الوضوء وبعده"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2020. بتصرّف.