حكم مصافحة النساء

حكم مصافحة النساء

ما حكم مصافحة النساء؟

يرجعُ حكم مصافحة الرجل للمرأة إلى نوع العلاقة بينهما، فإن كانت المرأة من محارم الرجل المصافح كأمه أو أخته أو ابنته أو خالته أو عمته أو زوجته فإن ذلك يجوز ولا حرج فيه، أما إذا كانت المرأة ليست من محارم الرجل فلا يجوز ذلك، فقد مدت امرأة يدها لتصافح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إني لا أصافحُ النساءَ) [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إذَا هَاجَرْنَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النبيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ علَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ باللَّهِ شيئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أَقَرَّ بهذا مِنَ المُؤْمِنَاتِ، فقَدْ أَقَرَّ بالمِحْنَةِ. وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَقْرَرْنَ بذلكَ مِن قَوْلِهِنَّ، قالَ لهنَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: انْطَلِقْنَ، فقَدْ بَايَعْتُكُنَّ وَلَا وَاللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غيرَ أنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بالكَلَامِ، قالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ، ما أَخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى النِّسَاءِ قَطُّ إلَّا بما أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَما مَسَّتْ كَفُّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكانَ يقولُ لهنَّ إذَا أَخَذَ عليهنَّ: قدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما لا تجوز المصافحة ولو بحائل من تحت ثوب وما شابه ذلك، ولا يجوز أيضًا مصافحة العجائز، فهي حرام لعموم النصوص في ذلك، وما ورد في ذلك من الإباحة فهو ضعيف[١][٢].


ما الحكمة من تحريم مصافحة النساء؟

الأصل في تطبيق أوامر الله سبحانه وتعالى هو الاستسلام والانقياد لشرعه عزّ وجلّ قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، فإن أسباب بعض الأحكام ومقصادها قد تعرف أو لا تعرف، والمسلم مطالب بكل الأحوال بطاعة الله عز وجل فيما نهى وفيما أمر، ومن الحكم التي تذكر في تحريم مصافحة الرجل للنساء من غير محارمه هو أنّ التلامس بالأجساد له أثر كبير في إثارة الشهوة، لذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (لأَنْ يُطعَنَ في رأسِ أحَدِكُمْ بِمَخْيَطٍ من حَدِيدٍ خَيرٌ له من أنْ يَمسَّ امْرأةً لا تَحِلُّ لَهُ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد وزع استبيان في إحدى الجامعات المختلطة التي تضم أعدادًا كبيرةً من الطلاب والطالبات، وظهر من بين نتائج الدراسة أن أكثر من 95% من الطالبات قلن أن من صافحهن من الرجال عبثوا بأيديهن ولم تكن نيتهم طيبة، ولهذا لم يحرم الله سبحانه وتعالى الزنا فقط، بل حرم جميع مقدماته فقال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]، فالعين زناها النظر، ويمكن للأذن أن تعشق قبل القلب أحيانًا، واليد زناها اللمس فهو قد يوقظ شهوة الغافل؛ لما يجد من النعومة حتى وإن لم يكن قاصدًا[٣].


تعرّفي على حدود التعامل بين الرجل والمرأة

الشريعة الإسلامية تفيض بالأحكام والقواعد التي تنظم حياة الناس وترشدهم سبل العيش القويم، ومن هذه القواعد ما يتعلق بحدود التعامل بين الرجل والمرأة، إذ إن تعاملكِ مع الرجل لا يجوز أن يتعدى الضوابط الشرعية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لصون أعراض الناس، ومنع الفواحش وتحقيق العفة والطهارة ولسد جميع طرق الفساد الأخلاقي، فاجتماع الرجل والمرأة وتعاملهما مع بعضهما البعض جائز بشروط لا بد للرجل وللمرأة تحقيقها، فإليكِ هذه الشروط والحدود[٤][٥]:

  • غضّ البصر: قال الله سبحانه وتعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اضمنوا لي ستًّا من أنفسِكم أضمنُ لكم الجنَّةَ: اصدقوا إذا تحدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتُم، وأدُّوا إذا أوتمنتم، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُم، وغُضُّوا أبصارَكم، وَكفُّوا أَيْدِيَكُمْ" [جامع المسانيد والسنن| خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن]، وقد وجد النبي -صلى الله عليه وسلم- الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- ينظر إلى امرأة جاءت تستفتيه -صلى الله عليه وسلم- فمسك بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إلى تلك المرأة، وجعل غض البصر أيضًا من حقوق الطريق فقال عليه الصلاة والسلام: (إيَّاكُمْ والْجُلُوسَ بالطُّرُقاتِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ما لنا بُدٌّ مِن مَجالِسِنا نَتَحَدَّثُ فيها قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إذا أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قالوا: وما حَقُّهُ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • الحذَر من الخلْوة بالمرأة الأجنبيَّة: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صل الله عليه وسلم-: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح] والمَحرَمُ للنساء هو الرجل الذي يجوز له النَّظرُ إليها، والخَلْوةُ بها، والسفر معها، وهو كلُّ مَن يحرم عليه الزواج بها على وجهِ التأبيدِ، مثل: أبيها وابنها وابنِ أختها وعمها وخالها وما إلى ذلك.
  • عدَم مصافحة الرجل الأجنبيّ: لأنَّ المصاحفة محرمة كما ذُكر سابقًا.
  • عدم الخضوع في القول: أي عدم ترقيق الصوت أثناء الكلام مع الرجال، قال الله سبحانه وتعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]، فإن كان الرجل الذي تتعامل معه المرأة فيه قلبه مرض فإنه يتلفت إلى أدنى سبب يدعوه إليه؛ لذلك حذّر الله سبحانه وتعالى المرأة من ذلك.
  • القول المعروف: قال الله سبحانه وتعالى: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوْفاً} [الأحزاب: 32]، بعد أن نهى الله سبحانه وتعالى عن الحديث بنبرة فيها لين، أمر بجعل الحديث بين الرجل والمرأة بمواضيع معروفة، بعيدًا عن المزاح والدعابة والهزل.
  • الحِرْص على عدم الاختِلاط على وجْهٍ قد تترتَّب عليه فتنة.


المراجع

  1. "حكم مصافحة النساء", binbaz, اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.
  2. "مصافحة المرأة الأجنبية"، islamqa، 29-6-2002، اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.
  3. أحمد الفرجابي (2-8-2008)، "الحكمة من تحريم مصافحة المرأة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.
  4. "حدود التعامل بين الرجل والمرأة "، ar.islamway، 11-12-2009، اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.
  5. "غض البصر"، islamweb، 24-7-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :