مفهوم الذكاء
يعدّ الذّكاءُ واحدًا من السياقات المدروسة التي يتناولها علم النفس، إذ لا يوجد تعريف قياسي لما يشكل بالضبط مفهومه، لكن بعض الباحثين عرّفوا الذكاء بأنه القدرة العامة للفرد، بينما اعتقد آخرون أن الذكاء يشمل مجموعة من القدرات والمهارات والمواهب المختلفة، وأنه بصورة عامة يتضمن تمكّن الفرد من القدرات العقلية المختلفة بما في ذلك المنطق، والحساب، والتحليل، والحفظ، وحل المشكلات، والاكتشاف، والتوقّع، والتخطيط، والاستيعاب.[١]
طريقة قياس الذكاء
في أوائل القرن العشرين تم صياغة مصطلح "نسبة الذكاء" من قِبل عالم نفسيّ ألمانيّ يُدعى ويليام شتيرن بناءً على مستوى تحصيل الأفراد، ثم طوّر عالم النفس ألفريد بينيه أول اختبارات ذكاء لمساعدة الحكومة الفرنسية في تحديد ذكاء أطفال المدارس الذين يحتاجون إلى مساعدة أكاديمية إضافية، وكان العالم بينيت أول من قدّم مفهوم العمر العقلي أو مجموعة من القدرات التي يتمتع بها الأطفال في سن معينة، ومنذ ذلك الوقت، برز اختبار الذكاء كأداة تستخدم على نطاق واسع أدت إلى تطوير العديد من اختبارات المهارات والكفاءات الأخرى، ومع ذلك، ما يزال الجدل قائمًا حول استخدام مثل هذا الاختبار،[١] كما تتعدّد التساؤلات حول كيفية تحديد الذكاء بالضبط، وإذا كان يُمكن إجراء قياسات دقيقة أم لا لدرجة الذكاء وأنواعه، ومع مرور الوقت وضح الباحثون أن تعريف الذكاء يختلف من منظور إلى آخر، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن طريقة قياس الذكاء تتضمن مستوى القدرة على القيام بما يلي:[١]
- التعلم: ويعني القدرة على اكتساب المعرفة والاحتفاظ بها، واستخدامها، وهو أهم عنصر من عناصر في الذكاء.
- التعرّف على المشاكل: وذلك لاستغلال المعرفة التي يمتلكها الفرد، فعليه تحديد المشاكل التي تحتاج معالجة في بيئته.
- حل المشاكل: إذ يجدر بالفرد الذكيّ التوصل إلى حلول مفيدة للمشاكل التي يواجهها.
أنواع الذكاء
وصف عالم النفس التنموي الأمريكي هوارد غاردنر في عام 1983 للميلاد تسعة أنواع من الذكاء وهي:[٢]
- الذكاء الطبيعي: ويعني قدرة الفرد على التمييز بين موجودات البيئة بأنواعها، وأشكالها، وألوانها، وأحجامها، وأبعادها.
- الذكاء السمعي: ويعني القدرة على تمييز الأصوات والنبرات والنغمات والتفريق بينها والتفاعل معها، وكلما زاد هذا النوع من الذكاء ازداد تفاعل الفرد وتأثره مع الأصوات المختلفة مثل صوت العصافير، أو صوت البحر، أو غيره من الأصوات المؤثرة.
- الذكاء المنطقي الحسابي: وهو القدرة على أداء ما يلي :
- حساب المقاييس والفرضيات والنظر فيها، والقيام بعمليات رياضية كاملة بطرق متعددة وناجحة.
- إدراك العلاقات والروابط.
- استخدام الفكر التجريدي والرمزي.
- إتقان مهارات التفكير المتسلسل، وأنماط التفكير الاستقرائي والاستنتاجي.
- التميز بشكل واضح في عالم الرياضيات والعلوم الطبيعية، والانجذاب نحو حل المعادلات الحسابية والتجارب العلمية.
- الذكاء الوجودي: وهو القدرة على طرح الأسئلة العميقة حول الوجود الإنساني، كسؤال عن مفهوم الحياة والموت، ثم محاولة وضع إجابات لها.
- الذكاء الاجتماعي: وهو القدرة على أداء ما يلي :
- التفاهم والتفاعل مع الآخرين بنجاح وحكمة، وإجادة التواصل اللفظي وغير اللفظي.
- القدرة على ملاحظة الفروق بين الآخرين، وفهم مزاجهم، والقدرة على تقريب وجهات النظر، وحل الخلافات.
- معرفة الطريقة الصحيحة للإقناع والتأثير.
- التميز في المجال التعليمي أو الاجتماعي، كالمعلمين والأخصائيين الاجتماعيين والسياسيين، فالشباب الذين يملكون هذا النوع من الذكاء يعدون قادة بين أقرانهم، ويجيدون التواصل، ويفهمون مشاعر ودوافع الآخرين بسهولة.
- الذكاء الجسدي: وهو القدرة على التعامل الحسّي مع الأشياء بمهارة بدنية عالية، ويتضمن هذا الذكاء أيضًا الإحساس بالتوقيت والالتزام به، وإتقان المهارات الحركيّة من خلال اتحاد العقل والجسم، وهذ النوع من الذكاء يتوفر عند الناجحين من الرياضيين والراقصين والجراحين والحرفيين، وأصحاب الأداء الجسدي.
- الذكاء اللغوي: وهو القدرة على أداء ما يلي:
- فهم الكلام وقوة التعبير، وإنشاء الخطابات، وتذوق المفردات وسهولة توظيفها.
- فهم السياق ومعناه، والقدرة على الرد بمهارة وتوصيل الأفكار بسلاسة وبأسلوب يتناسب مع المتلقّي والظروف مهما كانت صعبة.
- التمكن من المهارات اللغوية المتقدمة.
- دمج القدرات المشتركة؛ لذا يعتبر أصحاب هذا النوع من الذكاء أهم الكفاءات البشرية، ومنهم: الشعراء والروائيون والصحفيون والمتحدثون الرسميون المميزون.
- انجذاب الصغار للكتابة والقراءة وسرد القصص وحل ألغاز الكلمات المتقاطعة.
- الذكاء الشخصي الداخلي: وهو القدرة على أداء ما يلي:
- فهم الفرد لذاته، ولأفكاره، ومشاعره، ومعرفة مواطن الضعف والقوة لديه، ثم استخدام هذه المعرفة في تخطيط حياته، وتوجيهها.
- تقدير الذات، والتمكّن من تفهم الحالة النفسية للآخرين، لذا يبدع أصحاب هذا النوع من الذكاء في مجال علم النفس، والتميز كمعلمين روحيين أو كفلاسفة، وقد يتصف بعضهم بالخجل لكنهم يدركون مشاعرهم الخاصة، كما أن لديهم دوافع ذاتية.
- الذكاء المكاني: وهو القدرة على أداء ما يلي:
- التفكير في ثلاثة أبعاد.
- التمكن من القدرات الأساسية للإحساس بالمشهد، فيتقن الصور الذهنية، والتفكير المنطقي، ومعالجة الصور وربطها بالخيال والواقع.
- الإبداع في تصميم الأشكال المرسومة والقطع الفنية.
- توظيف الخيال النشط، وأصحاب هذا النوع هم عادةً البحارة والطيارون والنحاتون والرسامون والمهندسون المعماريون.
- االاستمتاع في القدرة على حل المتاهات، والألغاز البصرية، وقضاء وقت الفراغ في الرسم أو تخيل أحلام اليقظة.
طرق تطوير الذكاء
تتعدد الطرق التي يوصي بها خبراء علم النفس وعلم الاجتماع والتي من دورها تطوير الذكاء ومنها :[٣][٤]
- التعلم والمتابعة: فمهما بلغ الإنسان من العمر عليه أن يستمر في تعلم التاريخ، والعلوم، والفن، واللغات، والرياضيات، والموسيقى وغيرها، كما عليه أن يدرك كيف يعمل هذا العالم ليضيف عمقًا لعقله وشخصيته، وقد يكون ذلك عن طريق قراءة كتاب واحد على الأقل في الأسبوع، وأن يطيل التأمل والملاحظة، فالذكاء كله يتلخص في التعرف على الأشياء ثم فهمها.
- ممارسة الألعاب التي تثير التفكير: كحل الألغاز والتذكر والتحليل، وحل المسائل الحسابية، ولعبة الكلمات المتقاطعة فهي تحفز الذكاء وتساعد في تطوره.
- ممارسة الرياضة: إذ يكون ذلك بشكل يومي لأنّ العقل السليم يحتاج إلى جسم سليم.
- تحديد الأهداف: لأنها تخلق أساسًا يبني عليه الفرد حياته، ويمكن من خلالها تحفيز الذكاء.
- التأمل: لأنه يهدّئ الأعصاب، ويمنحها السلام وهو أمر حاسم في بناء الفكر.
- التركيز: إذ يعتمد الذكاء إلى حد كبير على مقدار التركيز في وقت واحد، فممارسة التركيز على المهام تزيد نسبة نجاحها وتعوّد العقل على القدرة على النجاح.
- تدوين الملاحظات: فهو ينشط العقل على التذكر، فيتعوّد على ذلك ويزيد من قوّة الذاكرة.
- تناول الغذاء الصحي المتوازن وشرب الماء: وذلك للضرورات التالية:
- عمل الدماغ بشكل صحيح يتطلب توازنًا دقيقًا بين شرب الماء بكثرة، وتناول العناصر الغذائية الأخرى لتعمل بكفاءة عالية لا سيما وجبة الإفطار.
- زيادة قوة الدماغ ونمو الخلايا العصبية عن طريق تناول اللبن نتيجة وجود البكتيريا اليافعة فيه.
- تقوية الذاكرة بتناول المأكولات الموصى بها لتنشيط التفكير مثل الخضروات الخضراء والسمك والمكسرات، وتجنب الإكثار من تناول السكريات.
- التقليل من مشاهدة البرامج غير الهادفة: فهي لا تحفز التفكير، بل يفضل مشاهدة فيلم وثائقي أو تعليمي حتى لو كان أقل متعة.
- تبسيط المشكلات: وذلك بتطبيق مهارات لفهم الأمور ببساطة و ترتيب الأفكار كل مرة، إذ ستزيد من قدرات الفرد الإنتاجية والعقلية.
- الحصول على ما يكفي من الراحة: يحتاج دماغ الإنسان إلى الراحة لا سيما في ساعات الليل، إذ تجعل الفرد أكثر ذكاءً.
- التنفس: فالأكسجين ضروري للدماغ، لذا يجب على الفرد ممارسة تقنيات التنفس الجيدة وإعطاء دماغه القدر الذي يحتاجه من الأكسجين.
- بناء المفردات اللغوية: فهذا يمكّن الفرد من فهم الكثير مما يسمعه ويقرأه، ويزيد من قدرته على التعبير بتوظيف ما تعلمه.
- تكرار المحاولة: فيجب على الفرد عدم الاستسلام لفكرة أنه محدود الذكاء، وأنه لا يملك مهارات عالية لأن معظم المهارات تتطور بالطرق الصحيحة والاستمرار في تطبيقها.
- الإيمان بالذكاء:على الفرد أن يؤمن بقدراته وأن يطورها، وأن لا يحدّ ما يسمعه من تعليقات سلبية حول تحصيله أو قدراته من إيمانه بذكائه، لأن الله استودع في كل كائن على وجه الأرض قدرة تميزه عن غيره، فيقول العالم آينشتاين أنّ كلّ كائن عبقري في مجال ما، لكن إذا حكمت على سمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فستقضي حياتها كلها تعتقد أنها غبية.
المراجع
- ^ أ ب ت Kendra Cherry (8-10-2019), "Theories of Intelligence in Psychology"، verywellmind, Retrieved 5-11-2019. Edited.
- ↑ Mark Vital (17-3-2014), "9 Types Of Intelligence"، blog.adioma, Retrieved 5-11-2019. Edited.
- ↑ Preston Ely (22-5-2015), "5 Smart Ways to Increase Your IQ (Because It’s Not Set in Genetic Stone)"، success, Retrieved 5-11-2019. Edited.
- ↑ ALISON R (1-2-2019), "30 Easy Ways to Increase Your Intelligence"، codeofliving, Retrieved 5-11-2019. Edited.