كيفية دفن الميت في الاسلام

كيفية دفن الميت في الاسلام

الموت

كتب الله تعالى الموت على جميع الأنفس؛ إذ يقول في محكم التنزيل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، فهو سبحانه من وهب عباده الحياة، وهو المتصرّف في شؤونها، كما أن الموت لم يُكتب علينا عبثًا بل إن له حكمةٌ بالغة، إذ إن الحياة الدنيا محط الابتلاء، ومكان الاختبار، وفي ذلك قوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور} [الملك: 2]؛ أما عن تفسير الموت فإن البشر على مرّ تاريخهم عجزوا عن بيان أسراره والتعرف على أحواله، الأمر الذي بيّنه القرآن الكريم بأن الروح بأمر الله وحده؛ فلا متصرف بها غيره، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، أما ما يحتاج البشر معرفته حول الموت فقد بينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، بما في ذلك كيفية دفن الموتى، وهذا هو محور حديثنا في هذا المقال[١].


دفن الميت في الإسلام

للدفن في الدين الإسلامي العديد من الشروط والآداب التي يجب على المسلمين الأخذ بها، وفيما يأتي ذكرُها[٢][٣]:

  • من الواجب حمل الجنازة إلى القبر، وهو من حقوق المسلمين على بعضهم البعض، وفي ذلك أجر عظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من شَهدَ جنازةً حتَّى يصلَّى عليها فلَه قيراطٌ ومن شَهدَ حتَّى تدفنَ فلَه قيراطانِ قيلَ: وما القيراطانِ يا رسولَ اللَّهِ قالَ مثلُ الجبلينِ العظيمينِ) [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، فضلًا عن ذلك فلا يجوز أن تُتبع الجنازة بما يُخالف الشرع؛ كرفع الصوت بالبكاء، أو اتباعها بالبخور، كما لا ينبغي رفع الصوت بالذكر؛ وذلك لأن الصحابة كانوا يكرهون ذلك، ففيها تشبه بالنصارى.
  • من الواجب ألا يُدفن المسلم مع الكفار أو العكس، ويُدخل الميت من مؤخرة القبر على جنبه الأيمن، ويجب أن يكون متوجَّهًا للقبلة، كما يُسنُّ لمدخله أن يقول كما قال الرسول الكريم، إذ يروي عبد الله بن عمر فيقول: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا أدخلَ الميِّتُ القبرَ، قال: بسمِ اللَّهِ، وعلى ملَّةِ رسولِ اللَّهِ وقالَ أبو خالدٍ مرَّةً: إذا وُضعَ الميِّتُ في لحدِهِ قال: بسمِ اللَّهِ، وعلى سنَّةِ رسولِ اللَّهِ، وقالَ هشامٌ في حديثِه: بسمِ اللَّهِ، وفي سبيلِ اللَّهِ، وعلى ملَّةِ رسولِ اللَّهِ) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويسن أن يسند من خلفه، ويُحل عقد الكفن عنه، ثم ينصب اللبن عليه نصبًا، ويسد الخلل بالطين، ثم يهال عليه التراب، ويستحب لمن عند القبر أن يَحْثُو من التراب ثَلاثَ حَثَوات بيديه بعد الفراغ من سَدِّ اللّحد.
  • من الواجب أن يرفع القبر عن الأرض بقدر شبر، ولا يُسوّى بالأرض؛ ليتميز، وليُعلم أنه قبر فيُصان ولا يُهان، ويمكن أن يوضع عليه حجر أو نحوه، ويُرش بالماء ليتماسك ترابُه ولا يتطاير؛ إذ يروي أبو هريرة -رضي الله عنه- فيقول: (أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- صلَّى على جِنازةٍ فكبَّر عليها أربعًا، ثمَّ أتَى القبرَ من قِبلِ رأسِه فحثَى فيه ثلاثًا) [الأحكام الصغرى| خلاصة حكم المحدث: أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد].
  • من واجبات الدفن أن يُلقّن الميت، وهو أن يقف الواعظ عند القبر ويدعو ويستغفر له مع جمع الحاضرين، وفي ذلك ما يرويه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فيقول: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا فَرَغَ من دَفْنِ الميتِ وقف عليه فقال: استَغْفِرُوا لِأَخِيكُم، وسَلُوا له التثبيتَ، فإنه الآنَ يُسْأَلُ) [أحكام الجنائز| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • من الأمور التي يجب التقيد بها؛ ألا يُجصص القبر أو يُبنى عليه، وألا يُكتب عليه، فكل ذلك محرّم، وفيه ما روى جابر بن عبد الله قال: (نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن تُجصَّصَ القبورُ، وأن يُكْتَبَ عليها، وأن يُبنَى عليها، وأن توطأَ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


التعزية في الإسلام

إن للتعزية آدابًا وأمورًا يجب التخلّق بها، كما يجب الابتعاد عن البدع وما لا يجوز، وعن مشروعية التعزية فهي من حقوق الأخوة في الإسلام؛ وذلك لما فيها من المواساة وجبر الخاطر، وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عزّى أصحابه، وأن الصحابة كانوا يُعزّون بعضهم البعض، ويجري في التعزية أنها من مد يد العون بين المسلمين؛ إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نفَّسَ عن أخيهِ المُسلِمِ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا؛ نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ الآخِرةِ، ومَن ستَرَ على أخيه المُسلِمِ؛ ستَرَهُ اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيهِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم]، أما عن مدة العزاء فلا حصر لها، وما قال البعض أنها ثلاثة أيام فقد استندوا في ذلك على كراهة الحزن على الميت فوق ثلاث، ومن النهي للمرأة أن تحد على زوجها فوق ثلاث، ولا بأس في الاجتماع للعزاء، ولكن ينبغي ألا يكون بتكلّف وأمور غير مشروعة.

أما عن صيغ التعزية ففي هذا المجال ترد العديد من المخالفات الشرعية المحرمة، كأن يُقال: (البقية في حياتك)؛ فهذا اللفظ من الألفاظ المحرمة شرعًا، فكل إنسان كُتب له أجله، أما عن التعزية المشروعة ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه أسامة بن زيد قال: (كُنَّا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ جَاءَهُ رَسولُ إحْدَى بَنَاتِهِ، يَدْعُوهُ إلى ابْنِهَا في المَوْتِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْجِعْ إلَيْهَا فأخْبِرْهَا أنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وله ما أعْطَى، وكُلُّ شيءٍ عِنْدَهُ بأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِبْ، فأعَادَتِ الرَّسُولَ أنَّهَا قدْ أقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَامَ معهُ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، ومُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إلَيْهِ ونَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأنَّهَا في شَنٍّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقالَ له سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما هذا؟ قالَ: هذِه رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ، وإنَّما يَرْحَمُ اللَّهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما أن من الواجب التقيد بسنة رسول الله في العزاء؛ فلا يصنع أهل الميت الطعام للمعزين بل الواجب أن يُصنع الطعام لأهل الميت وفي ذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اصنَعوا لآلِ جعفرٍ طعامًا، فإنَّهُ قد أتاهُم أمرٌ شغلَهُم) [الاقتراح| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما يُمكن التعزية بما يمكن أن يُسليهم، ويواسيهم في مصابهم، ويربط على قلوبهم من التذكير بأمر الله وحكمته[٤].


المراجع

  1. "الموت .. في التصور الإسلامي"، almoslim، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.
  2. "طريقة دفن الميت وتعزية أهله"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.
  3. "كيفيَّةُ الدَّفْنِ"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.
  4. "التعزية المشروعة وآدابها النبوية"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :