كيف يكون ذكر الله

كيف يكون ذكر الله

نعمة ذكر الله تعالى

أمرنا الله سبحانه وتعالى بترطيب اللسان بذكره عزّ وجلِّ، فهو نعمة من الله لما له من فوائد جمّة وعظيمة؛ فالذكر يرضي الله تعالى، ويزيل الهمّ والغمّ والحزن، ويمنح القلب الفرح والسرور والسعادة، ويطرد الشيطان، ويقويّك في قلبك وجسمك، وتنعكس آثاره بنورٍ يشِّع من الوجه والقلب، كما أنّ الذكر يجلب الرزق والمحبّة والنجاة للذاكر، ويجعله يشعر بمراقبة الله له، فيعبد الله كأنّه يراه[١].


كيف يكون ذكر الله؟

حثّنا الله سبحانه وتعالى على ذكره دائمًا، قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]، وقال أيضًا: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَ} [العنكبوت:45]، ولكن كيف يكون ذكر الله؟


درجات ذكر الله

ويُوجد للذكر ثلاث درجات تُحدد كيف يكون ذكره عزَّ وجلّ، وجميعها تمنح الذاكر الأجر والثواب، وفيما يلي أهمها[٢][٣]:

  • الذكر بالقلب واللّسان: وهو أفضل وأعلى درجات الذكر، ويعني استحضار القلب واللسان معًا عند ذكر الله عزّ وجلّ؛ إذ يجب على المسلم تدّبر ما يقوله عند ذكر الله سبحانه وتعالى، لذلك عليه إحضار قلبه إضافةً للسانه، فالتدّبر في الذكر ضروري كما هو في قراءة القرآن الكريم، فالمقصود التعبّد لله تعالى بتدّبر، فلو كان لا يتحرّك إلّا لسانه، فهو لا يتدّبر أو يستشعر لما يقول، فلو تحرّك القلب أيضًا لرّق وزاد إيمانًا.
  • الذكر بالقلّب؛ ويأتي في الدرجة الثانيّة بعد الذكر بالقلب واللّسان؛ فذكر القلب يمنح صاحبه مخافة الله عزّ وجلّ، وبالتالي يولّد لديه الشعور بمراقبة الله له، ليكون وازعًا له عن التقصير في عبادة الله تعالى وطاعته، ويمنعه من التهاون في فعل المعاصي والسيئات، ويهيّج محبّة الله في القلب، ويُبرز الحياء.
  • الذكر باللّسان؛ وهو الدرجة الثالثّة للذكر، ويُعدّ أقل من الدرجتين السابقتين، وينال ثواب الله سبحانه وتعالى على الذكر فقط، لكن يُحقق العديد من الفوائد، ومنها: تعويد المُسلم على ذكر الله، ورد عن عبدالله بن بسر أنّه قال: (أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال: لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما أنّه تعويد للجوارح على فعل الخير لتُصبح طبعًا، وإشغال اللسان بالذكر لإبعاده عن الباطل والغيبة والنميمة واللغو، فالنفس لو لم تُشغل بالذكر، لشُغلت بالباطل، إضافةً إلّا أنّ الذكر طارد للشيطان.


أنواع الذكر من حيث الموضع

وللذكر نوعان من حيث الموضع والمكان، وهما ما يلي[٤]:

  • الذكر المُقيّد: وهو الذكر الذي يكون قد قُيِّدَ بمكانٍ أو وقت أو حال؛ فأذكار ما بعد الصلاة أو الأذان مُقيّدة بوقتهما، إضافةً لتلك الأذكار التي تكون في مكان مُعيّن أو في حالٍ مّعيّن فتُعدّ أذكار مّعيّنة مقيدة، فقد أخبرنا رسولنا الكريم عن بعض الأوقات والأماكن التي يُستحب ذكر الله فيها، فكان رسول الله صلى الله عليه ويسلم يكثر من الذكر بعد الصلاة المفروضة، وعلينا اتّباع سنته وذكر الله بعد كلّ صلاة، ويُعدّ الذكر المقيّد أفضل من المُطلق وهو النوع الثاني؛ لأنّ فيه تأسّي واتّباع لسنّة نبينا الكريم.
  • الذكر المُطلق: وهو الذكر الذي يُمكن أي يكون في أيّ وقتِ وزمان وحال؛ فهو غير مُرتبط بأي شيء، وقد يكون في سائر اليوم.


أفضل أنواع الذكر

فيما يلي بيان لأفضل الذكر عند الله[٥]:

  • قراءة القرآن الكريم؛ فيُكثر المُسلم من قراءة ما يحفظه من كتاب الله الكريم بتدّبر، ولو كان لا يحفظ الكثير منه، عليه بتلاوته ما تيّسر منه، أو الإكثار من القراءة من المصحف الشريف، ويُمكنه أن يُكثر من تكرار سورة الفاتحة؛ فهي أفضل وأعظم سورة في القرآن الكريم، فالحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويقرأ ما يحفظ معها أيضًا من السور القصيرة، ويكرر ذلك مرارًا وتكرارًا في الليل والنهار، وأمّا إذا كان يقرأ من المصحف الشريف فيقرأ من أوله لآخره، ثم يعود مجددًا من الفاتحة لآخره.
  • قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حيٌ لا يموت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير)؛ فهو أفضل الذكر بعد القرآن الكريم، فقد روي عن أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ..) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وينبغي على المسلم الإكثار من ذكره، ويُفضّل أن يقوله مائة مرة كل يوم.
  • ذكر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال (أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


فضائل ذكر الله

لقد حثنا الله سبحانه وتعالى على ذكره؛ فالذكر منزلة القوم الكبرى، فهو قوت القلوب بها تحيا القلوب، وإذا فارقها عاش الإنسان بقيّة حياته جسدًا خاويًّا، فالبيت الذي لا يُذكر فيه الله كالجسد الميت، وقد ورد الدليل على ذلك في السنة النبوية الشريفة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ) [صحيح البخاري خلاصة حكم المحدث: صحيح][٤].


من حياتكِ لكِ

الأطفال هم قادة المُستقبل وأساس المجتمع؛ لذلك عليكِ تربيتهم وتأسيسهم على الشريعة الإسلاميّة، للمشاركة في دعم المجتمع، وبناء شخصيّة أطفالكِ بناءً صالحًا، فدوركِ كأمّ دور عظيم في تربيّة أطفالكِ، إذ احرصي على غرس محبة عبادات التقرّب من الله سبحانه وتعالى في أطفالكِ منذ الصغر، لتبقى عادة تلازمهم كلّ الوقت، وتكبر قلوبهم على ذكر الله وطاعته، وتتجنّب المعاصي والآثام؛ إذ تُوجد العديد من الطرق التي يُمكنكِ من خلالها تعليم طفلكِ للذكر، ومنها: تحفيز أطفالكِ على حفظ الأحاديث النبوية سهلة الحفظ والتي تتعلّق بالذكر، أو أذكار الصباح والمساء، وتعويدهم على الذكر المطلق أثناء اليوم كاملًا، ويُمكنكِ تحفيزهم من خلال تقديم الهدايا أو الحلوى أو الجوائز عند حفظهم للأحاديث والأدعيّة والأذكار، بذلك تجعليهم يحبّون الذكر ويسعون لذلك، فينشأ أطفالكِ على الذكر، ويكسبون الأجر والثواب، ويتجنّبون المعاصي[٦].

  1. "ذكر الله عز وجل"، إسلام ويب، 2002-11-18، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
  2. "الموسوعة الحديثة، شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
  3. "أحوال الذكر الثلاث"، إسلام ويب، 2003-02-09، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (2016-02-19)، "ذكر الله تعالى: أنواعه وفضائله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
  5. "أفضل أنواع الذكر وكيفية الشكر"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
  6. "تربية الأطفال على حب ذكر الله تعالى "، طريق الإسلام، 2016-03-08، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :