محتويات
تفسير آية "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
نزلت الآية من سورة المائدة، إذ قال تعالى: {وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[١]، في أهل الكتاب وفي غيرهم، وسواءً كانت الآية في المسلمين أو اليهود أو النصارى، فهي تشريع عام وكل من دخل في الإسلام يجب أن يلتزم بحكم الإسلام وبما أمر به الله سبحانه، ويجب على ولاة الأمة تطبيق شرع الله والحكم على كل أحد من العرب بالعدل وبسواء شريفهم وضعيفهم وغنيهم وفقيرهم في حكم الديات أو في حكم الزنا وغيرها من الأمور، ومن جحد بحكم الله سبحانه ولم يقر به فهو كافر دون كفر وفاسق دون فسق، ومن جحد حكمه واستحلَّ عمله فهو كافر كفرًا أكبر[٢].
سبب نزول هذه الآية
اختلف العلماء فيما بينهم في سبب نزول آية: {وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[١]، فكانت هناك عدة تفاسير وأسباب لها، وهي[٢]:
- أنَّ الله سبحانه أنزل الآية في قبيلتين من اليهود، فقد كانتا في الجاهلية لا تحكمان في العدل بينهما في دفع الفدية وذلك بسبب اصطلاح قد تم بينهما بعد أن قهرت إحدى القبيلتين الأخرى، فكانت القبيلة العزيزة إذا قتلت أحدًا من القبيلة الذليلة تدفع نصف ما تدفعه القبيلة الذليلة إذا قتلت أحدًا من القبيلة العزيزة، فعندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة قُهرت وذلت القبيلتان بقدومه، وعندما قتلت القبيلة الذليلة أحدًا من القبيلة العزيزة أبت إلّا أن يحكم الرسول عليه السلام بينهم، لكن القبيلة العزيزة علمت بأنَّ الرسول لن يحكم بدفع الضعف لهم، فدسوا منافقين ليخبروا الرسول إذا أعطاهم الرسول الضعف أحكموه بينهم وإذا لم يعطهم لن يحكموه، فأنزل الله سبحانه إلى الرسول هذه الآية.
- أنَّ الله سبحانه وتعالى أنزل الآية في يهود بني قريظة ويهود بني النضير، إذ كانت دية قتلى بني النضير تُؤدَّى كاملة لأنَّ قتلهم لهم شرف، بينما دية قتلى بني قريظة تُؤدَّى نصفها، وعندما حكَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وجَّههم نحو الحق والعدل، وأنزل الله سبحانه بهم هذه الآية.
- أنَّ الله سبحانه أنزل الآية في اليهوديين اللذين قاما بفاحشة الزنا، وقد بدَّلوا حكم الله في تطبيق حكم الزنا وحرَّفوه فأنزل الله سبحانه هذه الآية فيهم.
هل الحكم بغير شريعة الله كفر أكبر أم أصغر؟
يُعدُّ الحكم بغير شريعة الله سبحانه كفرًا أكبر يُخرج عن ملة الإسلام أو كفرًا أصغر وذلك حسب الحالة، فيكون شركًا أكبر لمن شرع من الدين بما لم ينزل ويأذن الله به، ومن جحد وأنكر ما أنزل الله به وجحد أحقية حكمه، ومن فضَّل وساوى حكم الطاغوت بحكم الله سبحانه، ومن صدَّ وأعرض وامتنع عن الحكم بما أنزل الله سبحانه، ومن ظنَّ أنَّه مُخيَّر بالحكم بما أنزل الله واستباح الحكم بما يخالفه وظن أنَّه غير واجب، ويكون التشريع بغير ما أنزل الله سبحانه كفرًا أصغر إذا حكم الحاكم بأمر ما بغير ما أنزل الله سبحانه، وذلك عن شهوة أو هوىً أو لأجل رشوة، ويعتقد اعتقادًا جازمًا بوجوب الحكم بما أمر الله سبحانه، وأنَّ ما عمله إثم ومعصية[٣].
هل يجوز التحاكم بغير شريعة الله بالحكمة؟
إنَّ التحكيم بتشريع الله سبحانه واجب على المسلمين، ومن لم يستخدم الشريعة في حكمه ويستبدلها بقوانين دنيوية وضعية فهو عمل منكر، لذلك واجب على الدعاة والعلماء أن يُبيِّنوا حرمة التحاكم بغير شريعة الله سبحانه بأسلوب خطاب حسن وبحكمة[٤].
- ^ أ ب سورة المائدة، آية:44
- ^ أ ب "17 من قوله: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "كفر من يحكم بغير ما أنزل الله"، الإسلام سؤال وجواب، 21/11/2000، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "وجوب بيان حرمة التحاكم بغير شرع الله بالحكمة"، إسلام ويب، 12/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.