الخوف من الرزق بعد الزواج

الخوف من الرزق بعد الزواج

توجيه عند الخوف من الرزق بعد الزواج

الزواج أحد الأمور التي شرعها الله تعالى لتلبي احتياجات الإنسان وتتلاءم مع فطرته، ومن خلال الزواج يحقِّق الأفراد الدور الأسمى في الحياة وهو خلافة الأرض وعمارتها، غير أنَّه في الوقت الحالي ونظرًا لارتفاع تكاليف الزواج من مهر وحفلة زفاف وغيره من الأمور، أصبح البعض يخاف من الإقبال على هذه الخطوة الكبيرة، بالتحديد من خطوة ما بعد الزواج وما يرافقها من مسؤوليات ونفقات متعددة.


وهنا يجيب الفقهاء المسلمين بأنَّ الرزق بيد الله سبحانه وتعالى، فهو من تكفَّل بالأرزاق جميعها، فالزوجة تأتي حاملةً معها رزقها، وكذلك الأطفال، علاوةً على أنَّ طعام الشخصين يكفي لأربعة، فالإنسان غير مكلف في الهم والخوف من الحصول على الرزق، فالله كتب أرزاق جميع الخلائق وهم في بطون أمهاتهم، لذا يجب إحسان الظن بالله تعالى والتوكُّل عليه[١].


الزواج سبب من أسباب الرزق

ورد في النصوص الشرعية التالية والعديد من أقوال الصحابة الكرام ما يؤكِّد أنَّ الزواج هو سبب من أسباب الرزق[٢]:

  • قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النور:32] .
  • قال السعدي -رحمه الله- في بيان دلالة الآية الكريمة السابقة: "قوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} أي الأزواج، {يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، فلا يمنعكم ما تتوهمون من أنه إذا تزوج افتقر بسبب كثرة العائلة ونحوه"، وفي ذلك حثٌّ على الزواج ووعدٌ من الله سبحانه وتعالى له بالغنى بعد الفقر والحاجة، إذ إنَّ الله تعالى {وَاللَّهُ وَاسِعٌ} كثير الخير واسع العطاء، و{عَلِيمٌ} بأولئك المستحقين لفضله الديني والدنيوي وغير المستحقين، فيمنح كلًا ما علمه واقتضاه حكمه.
  • قال أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ)[٣].
  • قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (رغبهم الله في التزويج ، وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى).
  • قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (التمسوا الغنى في النكاح).
  • قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تزوجوا النساء؛ فإنهن يأتينكم بالمال)[٤].


أسباب تأخر الرزق عند الزواج, وحلول لها

من أهم أسباب تأخر الرزق بشكلٍ عام ارتكاب المعاصي والمحرَّمات، بالأخص إذا كانت تلك المعاصي مرتبطة بحقوق الأفراد الآخرين في المجتمع كظلمهم أو أكل حقوقهم والتبخيس في أشيائهم، إذ ورد في حديث ثوبان -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إنَّ الرَّجُل ليُحْرَمُ الرِّزقَ بالذَّنْبِ يُصيبُه)[٥][٦]، وفيما يأتي أهم حلول الأسباب السابقة:

  • التوبة إلى الله تعالى توبةً نصوحًا، فالكثير من البلاء ينزل على العبد نتيجة ذنب أو معصية، ولا يرفع ذلك الذنب إلا بالتوبة الخالصة لله تعالى، فبها تُغفر الذنوب جميعها ما تقدَّم منها وما تأخر، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]، وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[طه:82].
  • الدعاء مع تيقُّن الاستجابة، وهنا وردت العديد من الأدعية بخصوص طلب العون والتوفيق من الله تعالى، منها ما ورد عن أنس بن مالك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلا ما جَعَلْتَهُ سهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ سهلاً إذا شِئْتَ)[٧]، ومنها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لِفاطمة -رضي الله عنها-: (ما يمنعُكِ أن تسمَعي ما أوصيكِ بِهِ أن تقولي إذا أصبَحتِ وإذا أمسَيتِ يا حيُّ يا قيُّوم بِرَحْمَتِك أسْتَغِيث، أَصْلِحْ لي شأْنِي كُلَّه، ولا تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَين)[٨].
  • كثرة الاستغفار، إذ قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]، وقال أيضًا: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}[هود: 3].


أدعية لتحصيل للرزق بعد الزواج

فيما يلي مجموعة من الأدعية لتحصيل الرزق بعد الزواج[٩]:

  • عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ)[١٠].
  • عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضي الله عنه-: (ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيناً لأداه الله عنك؟ قل يا معاذ: اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك)[١١].
  • عن علي -رضي الله عنه- أنَّ مكاتبًا جاءه فقال : إنِّي قد عجزت عن كتابتي فأعنِّي ؟! قال : ألا أُعلِّمك كلمات علَّمنيهنَّ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، لو كان عليك مثل جبل صير دينا أدَّاه الله عنك، قال: قل: (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ)[١٢].


المراجع

  1. د. أحمد الفرجابي (30/3/2013)، "أخاف من قلة الرزق والفراغ بعد الزواج.. ما توجيهكم؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  2. "هل يجلب الزواجُ الغنى ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 7/8/2009، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1655، حسن.
  4. رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2/356، صحيح أو حسن.
  5. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:3/294، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  6. "ما سببُ تأخُّر الرزق في الزواج وغيره"، طريق الإسلام، 21/2/2014، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:974.
  8. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1/313.
  9. "أدعية لتحصيل الرزق والغنى وقضاء الدين"، الإسلام سؤال وجواب، 9/12/2011، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  10. رواه ابن خزيمة، في التوحيد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:267/1.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1821.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:3563 .

فيديو ذو صلة :