محتويات
ما هو حلم اليقظة في علم النفس؟
عرّف علماء النفس أحلام اليقظة بأنّها هروب مؤقت من الواقع عن طريق تخيّل صور ذهنيّة، وفيها يرسم الشخص في ذهنه صور لمواقف وتجارب سابقة أو مواقف لم يمر بها من قبل واقعيًّا، ويختصر بعض علماء النفس لوصف حالات اليقظة الرمز (TUIT) وهو يعني صور وأفكار غير مرتبطة بالواقع، ويُقدّر علماء النفس أنّ ثلث إلى نصف أفكار الأشخاص أثناء يقظتهم هي أحلام يقظة ولا يستمر حلم اليقظة إلّا بضع دقائق أو أقل، وقد يلجأ حالم اليقظة إلى هذه العمليّة للهروب المؤقت من الواقع أو للتغلّب على موقف محبط أو لإشباع رغبات خفيّة في داخله ويدخل جميع الناس تقريبًا في أحلام اليقظة لكن ليس بنفس النسبة[١].
ما هو حلم اليقظة في علم الفلسفة؟
وصفَ علم الفلسفة أحلام اليقظة على أنّها حالة شرود ذهني تلقائي تحدث دون أي قيود فعليّة أو عواقب لا رجعة فيها، وفيها يبدأ الشخص بتأليف موقف مليء بالتفاصيل التي تتوفّر لها جميع الأدوات بلا حدود، دون وجود أي معيار منطقي يحكمها[٢].
كيف يحدث حلم اليقظة؟
تحدث أحلام اليقظة في أوقات التوتر أو الإحباط أو الملل؛ فعندما يشعر الشخص بالإحباط من واقعه الحقيقي فإنّه يذهب بنفسه إلى واقع آخر أكثر مثاليّة ويسرف في تخيّلاته دون حدود، ويُمكن لأحلام اليقظة أحيانًا أنْ تُغيّر المزاج، وتُساعد الشخص على الشعور بالأمان أو السعادة، كما أنّها تكشف عن آماله ورغباته ومخاوفه وهي أيضًا وسيلة للتواصل مع الذات.
لا يوجد نمط كلاسيكي لأحلام اليقظة؛ نظرًا لأنّها تتعلّق بأهداف شخصية دائمًا، لذلك فهي تختلف من شخص إلى آخر، وفي أثناء حلم اليقظة يكون الشخص منفصل بعض الشيء عن وضعه الحالي، ومنسجم مع الأفكار المتولدة داخل العقل الباطن، لكن رغم اختلاف محتوى أحلام اليقظة كثيرًا، إلّا أنّها تدور دائمًا حول موضوعين مشتركَين وهما دور البطل الخارق ودور الضحية المظلومة، وتعكس أوهام النوع الأول حاجة الفرد إلى أنْ يكون مسيطرًا، ويستطيع تجاوز مشاكل الحياة جميعها، والنوع الثاني مرتبط بمشاعر سوء الفهم وعدم التقدير، لذلك يتخيّل الشخص الحالم مواقفًا يندم فيها الآخرون على سوء معاملتهم وخذلانهم له، وعادةً ما يتخيّل الشخص حبيبًا سابقًا يعتذر منه، ويرجوه ليصالحه.
تختلف أحلام اليقظة على حسْب المرحلة العمرية؛ إذ أنّ الأطفال والمراهقون تراودهم أحلام اليقظة أكثر من الأشخاص البالغين، فهي بالنسبة للأصغر سنًّا طريقة لتخيل بعض المواقف والتجارب في بيئة آمنة، لكن مع التقدّم في السن تكون الأهداف عامةً أكثر وضوحًا وقابليّة للتحقّق، لذلك فإنّ البالغين يلجأون أقل إلى الدخول في أحلام اليقظة، كما تقل أحلامهم حول الرومانسية والمواقف البطوليّة والسيناريوهات العدوانيّة، ولا تُعدّ أحلام اليقظة مضيعةً للوقت إذا لم تفصل الشخص فعليًّا عن واقعه وتمنعه من التكيّف معه، فهي تُساعد في تحقيق الاستفادة من قوة العقل، كما أنّها وسيلة أساسيّة للتأقلم أكثر مع الحياة[٣].
ما هي أسباب أحلام اليقظة؟
ترتبط جميع أحلام اليقظة عند الأشخاص عادةً بأهدافهم الأساسيّة طويلة أو قصيرة المدى، وقد يفعل ذلك عند قيامه ببعض المهام مثل قراءة كتاب أو حل أُحجية ما، ويلجأ الأشخاص إلى أحلام اليقظة لسببين أساسيّين، وهما ما يأتي[٤]:
- الحلم بالمستقبل؛ إذ تُركّز معظم أحلام اليقظة على أحداث قد تقع في المستقبل، لذلك فإنّ الشخص الحالم يرغب تلقائيًّا في التخطيط مُسبقًا لهذه الأحداث، ثمّ يُحلّل نتائج قراراته، فمثلًا قد يُفكّر الشخص في ما سيفعله في عطلة نهاية الأسبوع، أو في ما سيقوم به في الأيّام القليلة المقبلة، وقد يُفكّر أيضًا في حياته المستقبليّة بعيدة المدى، مثل تخطيطه للزواج وتبعاته، ويُمكن أنْ تساعده هذه العمليّة في التخطيط فعليًّا للأحداث سواء كانت قريبة المدى أو بعيدة، فهي تحضير عفوي وتلقائي يلعب دور في التمهيد للمستقبل.
- الهروب من الواقع؛ إذ يلجأ الشخص إلى أحلام اليقظة كلما كان الواقع الذي يعيشه أكثر صعوبة ويفوق قدرته على التعامل معه بسهولة، ممّا يدفعه للّجوء تلقائيًّا إلى أحلام اليقظة بعيدًا عن الصعوبات التي يواجهها في حياته اليوميّة، وقد يؤدي شرود الذهن المتكرّر أثناء أداء المهام إلى جعل الشخص أقل استجابة لما يجري حوله وأكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، فمثلًا إذا كان يدرس فمن المرجّح أنّه لن يستوعب المعلومات التي يدرسها تمامًا، كما يؤثّر هذا الشرود على تخزين المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد وهذا يدل على أنّ أحلام اليقظة قد تُؤثر أحيانًا على التعلّم والذاكرة.
إيجابيات وسلبيات أحلام اليقظة
أحلام اليقظة هي انفصال قصير المدى للشخص أثناء استيقاظه عن واقعه المحيط، وفيها يقل تركيزه على ما يجري حوله ويعيش داخل أحلام خياليّة مليئة بالأفكار، أو الآمال، أو الطموحات السعيدة والممتعة، ولأحلام اليقظة جوانب إيجابيّة وأخرى سلبيّة، ومن أبرزها ما يأتي[٥]:
إيجابيات أحلام اليقظة
- ملئ وقت الفراغ؛ إذ يُمكن للشخص الحالم ملئ لحظات فراغه أو خموله مثل الوقت الذي يقضيه في الاستحمام أو محاولة النوم في الدخول لبضع دقائق في أحلام اليقظة، ممّا يجعل اللحظات تمر بسرعة بسبب انشغال العقل، كما يُمكن أنْ تُخفّف أحلام اليقظة من الشعور بالقلق والتوتر.
- توليد أفكار جديدة؛ يُمكن لأحلام اليقظة أنْ تولّد لدى الشخص الحالم أفكار ووجهات نظر جديدة، ممّا قد يجعله يجد حلولًا لبعض مشاكله الحياتيّة ويجد أفكارًا لمشاريع جديدة.
- تعزيز الإبداع؛ تُساعد أحلام اليقظة الشخص الحالم في تعزيز إبداعه وتُحافظ على نشاطه الإبداعي، فإذا فكّر الشخص أثناء حلم اليقظة بتركيزٍ عالٍ فإنّ آفاقه الإبداعيّة ستتّسع بطريقة غير محدودة.
سلبيات أحلام اليقظة
- تقليل الانتباه؛ فالدخول في أحلام اليقظة في أوقات غير مناسبة قد يسرق الوقت ويُقلّل من الانتباه، فعلى سبيل المثال قد تؤدي أحلام اليقظة أثناء الطهي أو القيادة إلى حدوث مخاطر كبيرة للغاية، لذلك يجب أنْ يختار الشخص اللحظات المناسبة للدخول في أحلام اليقظة في الوقت الذي لا يكون لديه عمل يتطلّب كامل انتباهه وتركيزه حتى تكون أحلامه وسيلة للاسترخاء وليس للإلهاء.
- لا يُمكن التحكّم بالمظهر الجسدي أثناء الدخول في أحلام اليقظة، فإذا انغمس الشخص بالفعل في أحلام اليقظة فإنّ تحكّمه بسلوكه وبمظهره الجسدي يُصبح أقل، فقد يبتسم الشخص الحالم أو يعبس دون أنْ يشعر، ممّا يجعله يبدو لمن حوله بأنّه مضطرب، فيحاولون إخراجه من أحلام يقظته ليعود إلى الواقع، وعادةً يكون من الصعب إخراج الشخص من أفكاره الخياليّة برفق أو بصوت لطيف، بل قد يحتاج ذلك إلى التلويح باليد أمام وجهه أو مناداته باسمه أكثر من مرة أو النقر على كتفيه.
أسئلة تجيب عنها حياتكِ
هل يحاسب الإنسان على أحلام اليقظة؟
لا يُحاسب الإنسان على أحلام اليقظة حتّى لو كانت تتضمّن القيام بمعصية دون قصد ما لم يصدر منه قول أو فعل يُطبّق فيه تلك المعصية[٦].
هل حلم اليقظة دليل على مرض نفسي؟
لا تُعدّ أحلام اليقظة دليل على مرض نفسي، إلّا إذا أثّرت على تكيّف الشخص مع واقعه وأدّت إلى صعوبة في إتمام مهامّه اليوميّة وإلى مضاعفات أخرى، مثل: صعوبة في النوم والدخول لفترات طويلة جدًّا في هذه الأحلام، وأداء حركات متكرّرة أثناء أحلام اليقظة عندها يعد الشخص أنّه يُعاني من مرض نفسي يحتاج إلى علاج فوري[٧].
- ↑ "Daydreaming", psychology.jrank, Retrieved 4/3/2021. Edited.
- ↑ "DAYDREAMING, PHILOSOPHY AND THE LOGICS OF THE IMAGINATION", junkyardofthemind, 11/12/2019, Retrieved 4/3/2021. Edited.
- ↑ "What your daydreams reveal about you", psychologies, 3/3/2018, Retrieved 4/3/2021. Edited.
- ↑ Dyani Lewis (6/5/2014), "Why do we daydream?", abc, Retrieved 4/3/2021. Edited.
- ↑ "The Art of Daydreaming (Pros & Cons)", needyartistry.wordpress, Retrieved 4/3/2021. Edited.
- ↑ "أحلام اليقظة... رؤية شرعية"، إسلام ويب، 18/2/2003، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2021. بتصرّف.
- ↑ Erica Cirino (13/12/2018), "What are the symptoms of maladaptive daydreaming?", healthline, Retrieved 4/3/2021. Edited.