محتويات
حكم إقامة العزاء
العزاء مباح ومشروع في الإسلام، بشرط أن يكون ضمن الحدود الطبيعية في مواساة أهل الميت، ومن السنة القيامُ بتعزيةٍ متواضعةٍ لأهلِ الميت من غير كيفيةٍ معينةٍ ولا شروطٍ محددةٍ، ويشرعُ لكل مسلمٍ أن يُعزّي أخاه بعد تعرّضه للفقد في البيت أو في المسجد أو في المقبرة، سواء كانت التعزية قبل الصلاة أو بعدها، وإذا قابله فعليه أن يصافحه ويدعو له بالدعاءِ المناسب، مثل أن يقول: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وجبر مصيبتك، وإذا كان الميتُ مسلمًا دعا له بالمغفرة والرحمة والسلوان، وحاول التخفيف عنه بكلماتٍ طيبة[١].
ما هي أحكام إقامة العزاء؟
هذا الوقت الذي نمضيه على الأرض ما هو إلا اختبار للإنسان، وحصادٌ للأعمال الخيّرة التي قام بها ويتوق للقاء الله بعدها، ومن معاني العزاء أنه تقديم المواساة لأهل الميت وتعزيتهم بمصابهم وإعانتهم والتخفيف عنهم ومشاركتهم في الدعاء للميت والكلام الطيب عن الميت؛ فهم في مثل هذا الوقت يحتاجون من يعينهم ويُخفّف عنهم شعورهم بالعجز والتعب، وعلينا أن نكون اليد التي لا تزيد الضغوطات عليهم، وفي الكثير من الأحيان تظهر بعض التجاوزات التي لا يرضى بها الله تعالى في العزاء، وسنُبيّنها وحكمها هنا[٢]:
- البذخ والإسراف في العزاء هو بدعة ومنكر، فلا يجوز إقامة الولائم في أي يوم من أيام إقامة العزاء، وهذه عادة جاهلية أُخذت واستمرّ الناس عليها إلى وقتنا هذا، إذ في مثل هذا اليوم يجب على الإنسان أن يسمع كلامًا يُذكّره بالله تعالى ويحمد الله على نعمه ويستغفره، ويقوم بالدعاء وقراءة القرآن على روح فقيده.
- البكاء والصراخ، فالمبالغة في هذا الأمر منهي عنه في الإسلام.
- ليس للعزاء وقت محدد أو طريقة محددة، فثلاثة أيام هو فقط حد للإحداد، ويمكن أن يتم تعزية أهل الميت في أي وقت وبعد أي مدة دون تحديد.
- يُعدّ حضور المسلم للعزاء أمرًا مستحبًا، فمن المهم محاولة التخفيف عن أهل الميت وتصبيرهم وجبر قلوبهم بكلماتٍ تعينهم وتقربهم لله تعالى، ولا بأس بشرب القهوة وغيره عندهم مع الزوار، وإذا كان في هذا العزاء أي نوع من أنواع البدع الظاهرة، يمكن للمسلم أن يُبيّن لهم ذلك، ومن الجميل أن يقدم لهم نصيحة، فهو لم يأتي فقط لزيارة أهل الميت والتخفيف عنهم، بل يمكنه كذلك أن يعطيهم بعض النصائح.
- يمكن التعزية في صاحب المعاصي، فلا مانع من أن يعزي أحدٌ من كان فقيدهم من أهل المعاصي.
أسئلة تجيب عنها حياتكِ
فيما يأتي بعض الأسئلة التي نسلط الضوء عليها وتجيب عنها حياتكِ بخصوص العزاء، وما يجوز على الإنسان المسلم أن يفعله وما لا يجوز فعله أو قوله في بيت العزاء ولأهل الميت[٣]:
هل يجوز تبخير البيت في العزاء؟
من الأسئلة التي تتكرر قبل كل عزاء وتختلفُ الأحكام بخصوصها هي تبخير بيت العزاء، ولكن هنا سنبين من خلال حديثٍ نبويّ شريفٍ ورد فيه حكم تبخير البيت في العزاء، وفُصِّل فيه ما يجوز وما لا يجوز فعله لأهل الميت، فمثلًا يجب على الزوجة أن تحدّ دون وضع الزينة لمدة 4 أشهر وعشرًا، وأما غيرها من الأقارب فلا يجب عليهم الالتزام بفعل هذا الأمر، ولكن يجوز لهم أن يحدوا ثلاثة أيامٍ دون زيادة على هذه المدة، وإذا ترك أحد الأقارب الطيب حدادًا، فعليه أن يقطع ذلك بعد ثلاثة أيام؛ لأنّه قد ورد في الصحيحين عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، أنها دعت بطيبٍ فدهنت منه وقالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن باللّه، واليوم الآخر أن تحد على ميتٍ فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهرٍ وعشرًا" [٤]؛ ومما يمكن أن نلخص به الكلام كله من خلال شرح هذا الحديث هو أنّه يجوز لأهل الميت رجالًا ونساءً أن يستعملوا الطيب ومن الأفضل عدم تركه بسبب العزاء، وإذا تركه أحدهم حدادًا فلا يجوز أن يتجاوز تركه له ثلاثة أيام.
ماذا يقال في العزاء في الإسلام؟
إنّ التعزية في معناها هي أن يقوم الناس بحث الفاقد على الصبر والتحمل، ومواساة المصاب بمصابه، ولا يوجد ألفاظٌ معينة يمكن استخدامها بالتحديد، ولكن من الأفضل أن يعزي المرء أهل الميت بألفاظٍ حسنة كالتي قالها الرسول صلى الله عليه وسلم حينما عزّى أصحابه وأهله ومن عرفهم؛ فللكلام الحسن تأثيرٌ عجيب على المستمع ووقعٌ كبيرٌ في نفوس الأخرين، وفيه تخفيف وتصبير لأهل الميت؛ فهذه مصيبةٌ كبيرةٌ عليهم وتأثيرها شديد، وفي كثير من الكتب والأقوال للعلماء بينوا أنه لا وجود لوقتٍ محدد لتقديم العزاء ولا يوجد عدد أيامٍ محددة للعزاء؛ فيمكن أن يقوم الفرد بتقديم التعزية في أي وقتٍ مناسب، ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "من الألفاظ المناسبة مثل أن يقول: أحسن الله عزاءك، وجبر مصيبتك، وغفر لميتك" "مجموع الفتاوى" وهذا ما اشتهر استخدامه بين الناس.
وذُكر في العديد من الكتب والسنة النبوية الشريفة أنه من الأفضل تعزية أهل الميت ببعض الألفاظ التي وردت في كتاب الجوهرة النيرة مثلًا: "عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وألهمك الصبر، أجزل لنا ولك بالصبر أجرًا"، وأخيرًا تُوجد قصةٌ للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقوم بتعزية إحدى بناته بعد أن مات لها ولد وحزنت عليه فقال لها حينها: (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى)[٥]، فما أعظم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي الألفاظ التي كان يعزي بها النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه وعائلته عند وفاة أحد عزيز عليهم[٦].
المراجع
- ↑ "حكم إقامة مراسم العزاء"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-01. بتصرّف.
- ↑ "أحكام التعزية"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020.
- ↑ "هل يجوز لأهل الميت استعمال الطيب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-01. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زينب أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5335.
- ↑ رواه ابن كثير، في تفسير القران، عن ابن كثير، الصفحة أو الرقم:4.
- ↑ "أفضل ما يقال في التعزية"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2021.