دعاء الضيق والهم قصير

دعاء الضيق والهم قصير

الضيق والهم

تكاد حياتنا الدنيا لا تصفو لأحد، فهي على اسمها (دنيا) لا ثبوت فيها لحالٍ من الأحوال، بل إنها دائمة التقلب ما بين هم وفرح، ومحبوبٍ ومكروهٍ، لكن لا بد لكل مسلمٍ عاقلٍ أن ينظر إليها بعين الحكمة، ليرى ما كان فيها إيجابيًا ويبتعد عن نواقضها، الأمر الذي من شأنه أن يُبدد الشعور بالهم والضنك، علاوةً على ذلك لا بد لكل مسلمٍ أن يعلم أن ما ألمّ به من ضيقٍ وهم، ما هو إلا من مفرحات العدو الأول للبشرية جمعاء، لذا فالانطواء على النفس بما فيها من الهموم والأحزان لن يُقدم شيئًا، كما أنه لن يحلّ مشكلةً، لذا فالواجب أن يُبادر بكل ما أمكنه من قوة للحياة بسعادة، ونيل سُبل الراحة والبعد عن المآسي، كما أن عليه النظر بالاتجاه المشرق والأشياء الإيجابية، وأن يُطغي هذا الجانب على ذاك الوجه القبيح الذي يمتلئ بالألم والأحزان، وفوق هذا وذاك فإن المسلم له في شريعته الإسلامية ما يمكّنه من التخلّص من كلّ ما يُنغّص عيشه، بما في ذلك الدعاء والرجاء، وهو محور حديثنا في هذا المقال[١].


أدعية لفك الضيق والهم

في مستهلّ حديثنا عن الدعاء لكشف الهم والضيق، لا بدّ لنا من تبيان نقطة مهمة، وهي أن الباب في هذا المجال واسع، فلا يظن البعض أن الدعاء حكرٌ على بعض الصيغ المأثورة، بل هو مجالٌ فسيح يستطيع القلب أن يلجأ إلى الله بما شاء من أدعية، لكن عند النظر إلى الجانب الأعظم من هذا الأمر نجد أن الله تعالى ذكر في العديد من الآيات الكريمة أن كشف الضر بيده وحده، إذ يقول عزّ وجل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا العديد من الأدعية النبوية الشريفة في كشف الهم والضيق، وفيما يأتي ذكر بعضها[٢][٣][٤]:

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصابَ أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزنٌ فقال: اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي. إلَّا أذهبَ اللهُ عزَّ وجلَّ همَّهُ، وأبدلَه مكانَ حَزنِه فرحًا. قالوا: يا رسولَ اللهِ، يَنبغي لنا أَن نتعلَّمَ هؤلاءِ الكلماتِ؟ قال: أجَلْ، ينبغي لمَن سمِعَهنَّ أن يتَعلمَهنَّ) [صحيح الترغيب| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • روى أبو بكر نفيع بن حارث: (عَن رسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ -، أنَّهُ قالَ: دَعواتُ المَكْروبِ: اللَّهمَّ، رحمتَكَ أرجو، فلا تَكِلني إلى نَفسي طرفةَ عَينٍ وأصلِحْ لي شأني كُلَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ) [تخريج مشكاة المصابيح| خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن].
  • روى أنس بن مالك: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ بك مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجزِ والكسَلِ، والبُخلِ والجُبنِ، وضَلَعِ الدَّينِ، وغَلَبةِ الرِّجالِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ. وفي رواية: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كانَ يَدْعُو بهِنَّ ويقولُهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ، فَذَكَرَ بمِثْلِ حَديثِ مُعَاذِ بنِ هِشَامٍ، عن أَبِيهِ، عن قَتَادَةَ، غيرَ أنَّهُ قالَ: رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ. وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَانَ، إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، قالَ: فَذَكَرَ بمِثْلِ حَديثِ مُعَاذٍ، عن أَبِيهِ. وَزَادَ معهُنَّ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ) [صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِذَا نَزَلَ بِكُمْ كَرْبٌ أَوْ جَهْدٌ أَوْ لَأْوَاءُ فَقُولُوا: اللَّهُ رَبُّنَا لَا شَرِيكَ لَهُ) [الجامع الصغير | خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • عن عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: (إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ كَرْبٌ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي، لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)[صحيح ابن حبان | خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه].
  • عن ثوبان أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَاعَهُ شَيْءٌ، قَالَ: (اللهُ، اللهُ رَبِّي لاَ شَرِيكَ لَهُ) [الفتوحات الربانية |خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

هذه الأدعية وغيرها نصوص واردة عن النّبي صلى الله عليه وسلم، كان يدعو بها إذا ألمَّ به الحزن أو الضيق وكان يذَّكر بها أصحابه، وإلى جانب الدعاء على الإنسان أن يبحث في الأسباب الحقيقة الكامنة وراء حزنه وألم قلبه، ليسعى إلى علاجها والتخلص منها للقضاء على حزنه تمامًا.


كيف تتخلصينَ من الضيق والهم؟

إليكِ النصائح الآتية[٥]:

  • الجئي إلى الله تعالى بالدعاء والرجاء، فهو من أكثر ما يُحقق آمالكِ، ويقضي حاجاتكِ، ويُيسر الصعاب عليكِ.
  • أخلصي في عملكِ، وابتغي الأجر والثواب من الله تعالى، إذ إن هذا من أعظم ما يورث السعادة في القلب، والرضى في النفس.
  • تفكّري في النعم التي تمتلكينها، إذ إن التفكر فيها من أكثر ما يُهوّن عليكِ الشدائد والكروب.
  • فكّري بحاضركِ وكفّي نفسكِ عمّا مضى، فالأمس لن يعود، لذا في كل إشراقة صباح عليكِ أن تستغلي كلّ لحظةٍ من هذا اليوم الجديد.
  • توكّلي على الله وثقي به سبحانه، إذ يقول تعالى: {ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ * فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174].
  • آمني بالله تعالى، فهو من الأسباب الشارحة للصدر، قال تعالى: {فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ مِنُونَ} [الأنعام: 125].
  • اصبري على المصائب وبادري بصالح الأعمال، كطلب العلم، وملازمة الذكر، والصلاة على النبي عليه السلام، والتدبر في تلاوة القرآن، والاستغفار الدائم، كما أكثري من النوافل والصدقات.
  • تدبري بصفات الله تعالى، وصلي أرحامكِ.
  • اعفي واصفحي عمّن أساء إليكِ، وأقلعي عن الذنوب.
  • أحسني الظن بالله تعالى دائمًا.
  • أيقني بأن المصائب من دلائل حب الله تعالى لكِ.
  • انشغلي بالأمور النافعة للدارين، كما جالسي الصالحين من الناس، واقتدي بأخلاق النبيين والمرسلين.


المراجع

  1. "شاب مستقيم يعاني من تسلط الهم والضيق فما العلاج ؟"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
  2. "أدعية تبعد الهم والغم وتشرح الصدر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
  3. الشيخ طارق عاطف حجازي (4-5-2016)، "تخريج أدعية الهم والحزن والكرب"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  4. فريق الألوكة (10-1-2015)، "دعاء الهم والحزن"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  5. "علاج الهم والحزن في ضوء الكتاب والسنة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :