اسباب الضيق والاكتئاب

مفهوم الضيق والاكتئاب

يُعرف الضيق لغةً بأنه مصدر مشتق من الفعل الثلاثي ضاق بمعنى شد وخنق، فنقول ضيق الوقت أيّ عدم اتساعه، وضيق النفس أيّ اختناقها، وضيق الأفق عدم اتساع التفكير، وكلها تُشير إلى سوء الحال^[١]، أما الاكتئاب من الفعل اكتأب أيّ حزن حزنًا شديدًا ويئس؛ وهو مرض نفسي أو اضطراب عصبي عاطفي، مصحوب بأعراض واضحة أبرزها؛ الضيق، والوهن، والعزلة، وانعدام الرغبة في التواصل، والأكل، والنوم، وكلها تُؤدي إلى سوء الحال أيضًا، ومن خلال هذا المقال سنتناول مشكلة الضيق المستمر والاكتئاب، وأهم الأسباب التي تُؤدي إليها، والاقتراحات التي يمكن أن تُساعد على تجاوزها وحلها، أو التخفيف منها^[٢].

أسباب الضيق والاكتئاب

توجد العديد من الأسباب التي تُسبب المشاعر النفسية السلبية، ويمكن إجمالها فيما يأتي^[٣]:

• أحداث مفاجئة في الحياة: فالمرء معرض لانتكاسات مختلفة على الصعيد المادي؛ كخسارة صفقة تجارية أو فقدان وظيفة مهنية، وعلى الصعيد الاجتماعي؛ كمفارقة محبوب بسبب الموت أو الطلاق أو الإصابة بمرض معين يحول دون القدرة على ممارسة النشاطات كالمعتاد، وتزداد المشكلة سوءًا في حالة الانتكاسات الأبدية مثل؛ الإعاقة طويلة الأمد التي يترتب عليها عجز حقيقي وحاجة ماسة إلى الآخرين، أو الموت وهو أمر حتمي لا رجعة فيه، فنجد البعض غير قادرين على تحمل خبر وفاة أحبائهم.
• التفكير السيئ: ممّا لا شك فيه أنّ لكل امرئ في هذه الحياة وجهة نظر وطريقةً يُعاين بها حياته، فنجد البعض متفائلًا بمستقبل زاهر وحياة وردية سعيدة، فيما نجد البعض الآخر، متشائمًا سلبيًا ينظر إلى النصف الفارغ من الكأس، أو لا يرى الكأس كله أصلًا، وهذه الفئة أكثر عرضةً للضيق والاكتئاب بسبب طريقة تفكيرهم التي تحد من فرص نجاحهم وتزيد إخفاقهم.
• بعض الأمراض الجسدية: توجد أمراض معينة تترك أثرًا سلبيًا على الجسم مثل؛ مرض باركنسون، والتصلب المتعدد، كما أنّ الأمراض الخطيرة قد تُؤثر على نفسية الإنسان كالسرطان مثلًا.
• الجينات الوراثية: اكتشف العلماء مؤخرًا أن العديد من الجينات مسؤولة عن الاكتئاب، ففي حال أنّ أحد أفراد الأسرة كان مصابًا بالاكتئاب سيزداد احتمال ظهور الأعراض ذاتها لدى فرد آخر من العائلة مستقبلًا، علمًا أنّ دور هذه الجينات قد يقل أو ينعدم تمامًا في حالات الاكتئاب الخفيف.
• عوامل اجتماعية: ويقصد بها الأحداث والظروف التي تمر على المرء طوال حياته فنجد أنّها تؤثر سلبًا عليه، ومنها؛ سوء معاملة الطفل كالعنف الجسدي أو النفسي، أو التسلط عليه من قبل الأب أو أي قوة حاكمة أخرى.
• الجنس البشري: أثبتت الدراسات أنّ النساء يعانين من الاكتئاب والضيق أكثر مقارنةً بالرجال، وفي تبرير هذه الظاهرة فقد اعتقد البعض أن طبيعة الضغوط الاجتماعية المفروضة على المرأة كأنثى كفيلة بذلك.

علاج الضيق والاكتئاب

ينطوي الشعور بالضيق والاكتئاب على نتائج خطيرة لا تُحمد عقباها، وبالتالي فمن الضروري مواجهة هذا المرض النفسي والتعامل معه بجدية تامة حتى لا يقع المرء ضحية نفسه فيكون الجاني في ذات الوقت، لأنّ العلاج يبدأ من الداخل أولًا، وفيما يأتي مجموعة من الوسائل المساعدة^[٤]:

• وضع خطط حياتية مرنة مليئة بالنشاطات والزيارات والواجبات المنوعة؛ لكسر الروتين والحد من استمرار الحياة على نفس النمط فتغدو الأيام مشابهةً لبعضها البعض، وينبغي في هذه الحالة الالتزام بإنهاء الجدول على الوجه الأكمل.
• تحديد أهداف حقيقية واضحة على المدى القريب والبعيد، فقد يكون الاكتئاب بسبب شعور المرء أنه عالة على الأيام أو لا ينجز شيئًا في حياته.
• ممارسة التمارين الرياضية المتنوعة؛ كالسباحة، والركض، وركوب الدراجات الهوائية، كما يُمكن الاستعانة بالأندية لما لها من دور واضح في تعزيز العلاقات الاجتماعية، فتغدو الرياضة متعةً حقيقيةً، فقد أثبت العلم الحديث أنّ التمارين الرياضية تُفرز في الجسم مواد تُحسن المزاج.
• الحرص على تناول طعام صحي يحتوي على الأحماض الدهنية أوميجا 3 مثل؛ سمك التونة والسلمون، وحمض الفوليك مثل؛ السبانخ والأفوكادو، مع الحذر من الإفراط في تناول الأطعمة عمومًا لما لها من دور سلبي في هذا المقام.
• الحصول على ساعات نوم كافية، مع ضرورة تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ.
• تعويد النفس على تحمل المسؤولية، فالبعض يشعر بالاكتئاب نتيجة حمل معين ملقى على كاهله، لكنّ النفس القادرة على تحمل المسؤولية تُعزز الشعور بالثقة في نفس صاحبها.
• تجنب العزلة ما أمكن، ويمكن في هذه الحالة المشاركة في أعمال تطوعية، أو صلة الرحم، وزيارة الأقارب لا سيما من المحبين، وذوي التأثير الإيجابي على النفسية، والتسجيل في دورات لتعلم لغة جديدة أو محاولة بدء شيء جديد وتجربته.
• المحافظة على أداء الصلاة، فقد أمرنا الله جل وعلا بأداء الفرائض على الوجه الأكمل، بما في ذلك؛ الخشوع الذي يُعد ركنًا أساسيًا فيها، وقد أثبتت الدراسات دوره في طرد الطاقة السلبية الكامنة في الجسم^[٥].
• حصر أسباب الضيق والاكتئاب في نقاط واضحة ثم تدوينها على ورقة ثم حرقها أو تمزيقها، فهي وسيلة للتخلص من الكبت والمشاعر السلبية أيضًا^[٥]
• التحدث مع أصدقاء مقربين ممن يملكون طاقة إيجابية، فيغدو حديثهم بلسمًا يريح النفس، ويعطيها شعورًا بالطمأنينة والسلاسة.^[٥].
• البكاء المنفرد؛ إذ يُسهم في التخلص من الكآبة والضيق^[٥].
• ممارسة تدريبات الوعي الآني، وأحد أنواع تدريبات التأمل، ويكمن الهدف منها في توجيه الانتباه بعيدًا عن الأفكار السلبية العشوائية التي تستنزف مشاعر المرء، وتجعله أكثر عرضةً للضيق والاكتئاب، مقابل جعله أكثر اندماجًا مع العالم من حوله، ومن الأمثلة عليها الانتباه جيدًا عند مقابلة شخص ما بالتركيز معه، والاستماع له ولكلماته، بما ينمي مهارة فهم الآخرين، وتأخير الحكم عليهم، وأيضًا تمرين اكتشاف الأشياء المألوفة من جديد بالتركيز على تفاصيلها لجعل المرء أكثر وعيًا بعالمه الذي يعيشه، وأكثر حبًا لما حوله من الأشياء، ومن تدريبات الوعي الآني أيضًا؛ التركيز على التنفس بالجلوس بوضعية الظهر المستقيم، ومتابعة النفس بالشهيق والزفير^[٦].

أعراض الاكتئاب

• الشعور بالحزن والتعاسة، وتقلّب المزاج بطريقة سريعة وملحوظة.
• انعدام الرغبة تجاه القيام بأي شيء، حتى تلك الأمور التي كانت تبعث الفرح والحيوية.
• ضعف أو انعدام الشهية تجاه تناول الطعام؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الوزن، وسوء التغذية.
• الشعور بالتوتر والقلق باستمرار، مما يؤدي لعدم القدرة على الاسترخاء، يرفق ذلك كسل وخمول نتيجة ثقل الجسد الذي يشعر به المُكتئب.
• جلد الذات والشعور بالذنب لأتفه الأمور، والشعور بعدم الثقة بالنفس، والانتقاص منها.
• التشتت وعدم التركيز، مما يؤدي إلى صعوبة التفكير بطريقة سليمة واتّخاذ القرارات اللازمة تجاه الأمور.
• التفكير في التخلّص من الحياة أو ما يُسمّى بالانتحار، ويوجد الكثير من الأشخاص الذين سيطرت عليهم تلك الفكرة وطبّقوها.
• الصداع الشديد، والشعور بالتعب نتيجة القيام بأي مجهود ولو كان خفيفًا.
• اضطرابات في النوم، مثل السهر لساعات طويلة من الليل، والاستيقاظ في وقتٍ متأخر، أو الاستيقاظ لأكثر من مرة خلال النوم.

المراجع

1. ↑ "تعريف و معنى ضيق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
2. ↑ "تعريف و معنى اكتئاب في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
3. ↑ "10من أسباب الاكتئاب - وهل الاكتئاب مرض وراثي؟"، hopeeg، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
4. ↑ Nada Kamal ، "التخلص من الاكتئاب نهائيا .. بـ 10 نصائح بدون أدوية وعلاج الاكتئاب"، كل يوم معلومة طبية، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
5. ^ ^{أ ب ت ث} "3 طرق للتخلص من الضيق المفاجئ"، الكوييتية، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
6. ↑ أ.د. سحر طلعت (5-3-2018)، "4 تدريبات تخلصك من القلق والتوتر والاكتئاب"، صحتك، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.